نشر موقع "مودرن دبلوماسي" مقالا للكاتبة الباكستانية رامين صديقي حول حركة مقاطعة إسرائيل (بي دي إس-BDS)، شمل تعريفا بأهدافها وكيفية عملها والمصادر التي استلهمت منها وجودها، ونموها وتمددها، وأمثلة على نجاحاتها، ودعوة لتعزيز نشاطها.

وقالت صديقي، المتخصصة في الاقتصاد السياسي، إن حركة مقاطعة إسرائيل هي حملة شعبية عالمية تهدف إلى ممارسة الضغط الاقتصادي والسياسي على إسرائيل، ردا على احتلالها الأراضي الفلسطينية، وانتهاكها حقوق الإنسان، وتعني "المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات".

وفي مقالها بالموقع الأوروبي، قالت صديقي إن "بي دي إس" في أبسط صورها حركة احتجاجية سلمية في جميع أنحاء العالم، تسعى إلى استخدام المقاطعة الاقتصادية والثقافية والمالية، وسحب الاستثمارات والعقوبات الحكومية ضد إسرائيل لإجبارها على الامتثال للقانون الدولي، ووقف سياسة الفصل العنصري تجاه الفلسطينيين.

وأوضحت أن هذه الحركة تستمد إلهامها مباشرة من النضال ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وحركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، إذ استخدم كلاهما المقاطعة لتحقيق أهدافهما.

تأثير المقاطعة

وعن تأثير حركة المقاطعة لإسرائيل، أشارت الكاتبة إلى أن مجموعة الشايع، صاحبة امتياز "ستاربكس" في الشرق الأوسط، على سبيل المثال، كشفت عن خطط لخفض عدد عمالها بحوالي 2000 موظف، وهو ما يمثل حوالي 4% من إجمالي موظفيها.

وترجع هذه الخطوة إلى ظروف العمل الصعبة في أعقاب المقاطعة على المستويين الإقليمي والعالمي، التي تستهدف شركات بارزة مثل "ماكدونالدز" و"أمازون" و"كوكا كولا" و"ديزني" وغيرها من الشركات التي لها علاقات مع إسرائيل أو جيشها.

وقالت صديقي إنه بالنسبة لقدرة المقاطعة على إحداث التغيير، هناك أخبار مشجعة، حيث تشير الأبحاث التي أجرتها عالمة السياسة بجامعة "هارفارد إيريكا تشينويث" إلى أن ما يقرب من 3.5% فقط من السكان مطالبون بدفع التحولات السياسية، ويشير هذا إلى أنه حتى عندما يكون دعاة التغيير من الأقلية، فإن أفعالهم من الممكن أن يكون لها تأثير كبير.

وأكدت الكاتبة أن التاريخ يقدم أمثلة عديدة لنجاح المقاطعة الناجحة، مثل الحملة التي جرت في إنجلترا عام 1791 للحث على مقاطعة السكر الذي ينتجه تجار العبيد، وأدى ذلك إلى انخفاض الأرباح وتحول في المشاعر العامة ضد تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي، مما أدى إلى إلغائها بعد بضعة عقود.

كما لعبت حركة المقاطعة المناهضة للفصل العنصري ضد جنوب أفريقيا دورا محوريا في تفكيك نظام الفصل العنصري في نهاية المطاف عام 1994.

جهد عالمي

وأوضحت الكاتبة أن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضد إسرائيل بدأت رسميا عام 2005، بعد أن أعلنت محكمة العدل الدولية أن الحواجز الأمنية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة تنتهك القانون الدولي، وأدى هذا القرار إلى إطلاق جهد عالمي لجذب الانتباه إلى القضية الفلسطينية والضغط من أجل وضع حد لسياسات الفصل العنصري الإسرائيلية.

وذكرت أنه في باكستان، أقر كبار المسؤولين في سلاسل المتاجر الكبرى في البلاد بحدوث تحول في تفضيلات المستهلكين نحو الخيارات المحلية للمشروبات، مثل المشروبات الغازية والعصائر والمياه المعبأة والحليب المعبأ ومنتجات الألبان، بما في ذلك الزبدة والجبن والكريمات، وعلى مدى الأشهر الستة الماضية، كان هناك اتجاه ملحوظ لإغلاق حوالي 12 منفذا لشركات غربية معروفة، مع انخفاض المبيعات المعلن عنه بنسبة تتراوح بين 20% إلى 30%.

واستجابة لهذا التحول، قامت العلامات التجارية المحلية بتوسيع تواجدها في السوق بسرعة، وفي الوقت نفسه، يقال إن العلامات التجارية غير الناجحة مثل "ماستر كولا" الباكستانية تستعد لإعادة فتح مصانعها المغلقة للاستفادة من الطلب المتزايد على المشروبات المحلية.

ويحث جانب سحب الاستثمارات في حركة المقاطعة الشركات على تجنب التعامل مع الشركات الإسرائيلية، ويشجع المستثمرين على الامتناع عن الاستثمار في إسرائيل، وينصح البنوك وصناديق التقاعد بعدم استخدام أموال العملاء لدعم الاقتصاد الإسرائيلي.

وفي السابق، أثرت حركة المقاطعة بشكل فعّال على صناديق التقاعد الحكومية في لوكسمبورغ ونيوزيلندا والنرويج لحملها على سحب استثماراتها من إسرائيل، وتدعو إلى فرض عقوبات عليها تنطوي على فرض حظر على الأسلحة ووقف المساعدات العسكرية، فضلا عن وقف العلاقات التجارية والدبلوماسية مع إسرائيل.

تتجاوز مشتريات المستهلكين

وبيّنت الكاتبة أن المقاطعة، التي تستهدف إسرائيل، تتجاوز مجرد التدقيق في مشتريات المستهلكين، بل تدعو مناصريها إلى تجنب التعامل مع الكيانات الثقافية الإسرائيلية، وتجنب التعاون مع الجامعات والعلماء الإسرائيليين المتهمين بإدامة الروايات اللاإنسانية عن الفلسطينيين والأراضي الواقعة تحت الاحتلال.

وتتمتع التكتيكات التي تستخدمها حركة المقاطعة بسجل جيد باعتبارها من أكثر الأدوات فعالية في الترسانة السلمية، بدءا من مقاطعة الحافلات وصولا إلى سحب الاستثمارات في الوقود الأحفوري، وإن تبني هذه التكتيكات واستخدامها في هذا المنعطف الحرج للبشرية يعد ضرورة أخلاقية.

ونقلت صديقي عن عمر البرغوثي، أحد الشخصيات الرئيسية في تأسيس وقيادة حركة المقاطعة، تأكيده أن "الالتزام الأخلاقي الأعمق في هذه الأوقات هو العمل على إنهاء التواطؤ، وبهذه الطريقة فقط يمكننا أن نأمل حقا في إنهاء القمع والعنف".

وقال البرغوثي إن هذا الالتزام ملح بشكل خاص بالنسبة للذين تصر حكوماتهم على تزويد إسرائيل بالأسلحة الفتاكة، والاتفاقيات التجارية المربحة، وتدعمها بحق النقض في الأمم المتحدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الفصل العنصری حرکة المقاطعة

إقرأ أيضاً:

بلومبيرغ: كييف تسعى لضمانات للاستثمارات الأميركية وتتخوف من تحويلها إلى ديون

تسعى أوكرانيا إلى تعديل مسودة اتفاق اقتصادي واسع النطاق مع الولايات المتحدة، وذلك من خلال المطالبة بضمانات لاستثمارات أميركية إضافية، في ظل مخاوف متزايدة من فقدان السيطرة على الاستثمارات المستقبلية في البنية التحتية والموارد المعدنية، وفقًا لتقرير نشرته وكالة بلومبيرغ نيوز الأميركية.

وبحسب مسودة الاتفاق، التي اطلعت عليها بلومبيرغ نيوز في 29 مارس/آذار 2025، فإن واشنطن تسعى إلى فرض سيطرة كاملة على الاستثمارات المستقبلية في أوكرانيا، بما يشمل قطاعات التعدين والنفط والغاز والمعادن النادرة، إضافة إلى الموانئ والطرق والسكك الحديد، من دون تحديد أي إطار زمني لانتهاء هذه السيطرة.

قلق أوكراني من تحويل الدعم إلى "ديون"

ووفقًا لما نقله مصدر مطّلع لـبلومبيرغ، عقد المسؤولون الأوكرانيون مكالمة بالفيديو يوم الجمعة مع نظرائهم الأميركيين، بمن فيهم خبراء قانونيون، سعيًا لتوضيح بعض النقاط في مسودة الاتفاق التي تمتد لنحو 60 صفحة. وأكد المصدر أن الأميركيين لم يعارضوا بشكل مباشر التحفظات الأوكرانية، وذلك يشير إلى احتمال قبول تعديلات من جانب واشنطن.

الاتفاق الأصلي انهار في فبراير/شباط الماضي بعد مشادة علنية بين زيلينسكي والرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض (الفرنسية)

ومن النقاط الأكثر إثارة للجدل، اعتبار الولايات المتحدة أن الدعم المالي والعسكري المقدم لأوكرانيا منذ بدء الحرب الروسية في فبراير/شباط 2022 بمنزلة "مساهمة" في صندوق إعادة الإعمار، الذي سيكون خاضعًا للإدارة الأميركية، وذلك يعني ضمنًا مطالبة أوكرانيا بسداد هذا الدعم.

إعلان

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عبّر صراحة عن رفضه لهذا الطرح، وقال خلال مؤتمر صحفي في كييف يوم الجمعة "نحن ممتنون للدعم، لكن هذه ليست قروضًا، ولن نسمح بذلك". وأكد أن أوكرانيا تسلّمت نسخة جديدة من "اتفاق الموارد المعدنية" الذي كان قد تعثر سابقًا، واصفًا هذه النسخة بأنها "مختلفة تمامًا عن الإطار السابق، وتتضمن بنودًا سبق أن رفضناها".

خلافات سياسية ومخاوف أوروبية

وكان الاتفاق الأصلي قد انهار في فبراير/شباط الماضي، بعد مشادة علنية بين زيلينسكي والرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض. ووفقًا لتقارير نشرتها نيويورك تايمز وفايننشال تايمز إلى جانب بلومبيرغ، فإن إدارة ترامب زادت من مطالبها المالية من كييف، واشترطت ربط المساعدات العسكرية الأميركية بمنح واشنطن حق الوصول إلى المعادن النادرة الأوكرانية.

كما تنص المسودة الجديدة، بحسب بلومبيرغ، على أحقية الولايات المتحدة بالحصول على الأرباح الناتجة عن الاستثمارات الموجهة لصندوق إعادة الإعمار.

ويثير هذا البند، إلى جانب غياب أي ضمانات أمنية لأوكرانيا في الاتفاق، قلقًا واسعًا في الأوساط السياسية الأوكرانية، خاصة بين نواب المعارضة.

عدد من المسؤولين الأوكرانيين قلقون من أن بعض بنود الاتفاق قد تعيق مساعي أوكرانيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي (الفرنسية)

من جانبها، دعت النائبة الأولى لرئيس الوزراء ووزيرة الاقتصاد يوليا سفيريدينكو إلى إنهاء "النقاشات العلنية" حول الاتفاق، محذرة من أن ذلك قد يضر بسير المفاوضات. وكتبت على صفحتها في فيسبوك "أوكرانيا تريد الحفاظ على حوار بنّاء مع شركائنا الأميركيين".

الجدير بالذكر أن هذا الجدل يأتي في وقت حساس للغاية، بعد أن شهدت المحادثات السابقة بين زيلينسكي وترامب ونائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس خلافات حادة داخل المكتب البيضاوي أدت إلى انهيار الاتفاق السابق الذي كان أكثر غموضًا من الحالي.

إعلان

في سياق متصل، عبّر عدد من المسؤولين الأوكرانيين عن قلقهم من أن بعض بنود الاتفاق قد تعيق مساعي أوكرانيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهو هدف ينص عليه الدستور الأوكراني. وأكد الرئيس زيلينسكي مجددًا أن كييف لن تقبل بأي اتفاق من شأنه أن "يُقوّض مسار انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي".

في ظل هذه التطورات، من المتوقع أن تقدم أوكرانيا قريبًا مقترحاتها النهائية لتعديل الاتفاق، ساعية إلى إيجاد توازن بين الحفاظ على سيادتها الوطنية وضمان تدفق الاستثمارات الأميركية الحيوية لإعادة إعمار اقتصادها المنهك.

مقالات مشابهة

  • الكشف عن نمو الاستثمارات في العراق خلال الفترة القادمة - عاجل
  • دبلوماسي روسي: أمريكا لن تنسحب من «الناتو».. ولهجتها تهدف لـ«تحفيز» شركائها
  • دبلوماسي روسي: أمريكا لن تنسحب من "الناتو".. ولهجتها تهدف لـ"تحفيز" شركائها
  • لماذا تزايدت مقاطعة الفرنسيين للمنتجات الأميركية؟ وكيف علق مغردون؟
  • مصدر سياسي: إسرائيل مستعدة لمناقشة إنهاء الحرب على غزة شريطة موافقة حركة الفصائل الفلسطينية على خطة ويتكوف
  • بحث الاستثمارات الأجنبية.. ترامب يعتزم زيارة السعودية خلال مايو المقبل
  • هجرة عكسية من أميركا للمكسيك بسبب ضرائب ترامب والتمييز العنصري وتراجع الحقوق
  • توتر دبلوماسي ..الجزائر تمنع دبلوماسييها وأفراد عائلاتهم من السفر إلى فرنسا
  • بلومبيرغ: كييف تسعى لضمانات للاستثمارات الأميركية وتتخوف من تحويلها إلى ديون
  • الخارجية اليمنية تتحرك لإعادة دبلوماسي عالق في السودان بعد سنوات من الغموض!