مودرن دبلوماسي: حركة مقاطعة إسرائيل فعّالة من أجل السلام
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
نشر موقع "مودرن دبلوماسي" مقالا للكاتبة الباكستانية رامين صديقي حول حركة مقاطعة إسرائيل (بي دي إس-BDS)، شمل تعريفا بأهدافها وكيفية عملها والمصادر التي استلهمت منها وجودها، ونموها وتمددها، وأمثلة على نجاحاتها، ودعوة لتعزيز نشاطها.
وقالت صديقي، المتخصصة في الاقتصاد السياسي، إن حركة مقاطعة إسرائيل هي حملة شعبية عالمية تهدف إلى ممارسة الضغط الاقتصادي والسياسي على إسرائيل، ردا على احتلالها الأراضي الفلسطينية، وانتهاكها حقوق الإنسان، وتعني "المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات".
وفي مقالها بالموقع الأوروبي، قالت صديقي إن "بي دي إس" في أبسط صورها حركة احتجاجية سلمية في جميع أنحاء العالم، تسعى إلى استخدام المقاطعة الاقتصادية والثقافية والمالية، وسحب الاستثمارات والعقوبات الحكومية ضد إسرائيل لإجبارها على الامتثال للقانون الدولي، ووقف سياسة الفصل العنصري تجاه الفلسطينيين.
وأوضحت أن هذه الحركة تستمد إلهامها مباشرة من النضال ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وحركة الحقوق المدنية في الولايات المتحدة، إذ استخدم كلاهما المقاطعة لتحقيق أهدافهما.
تأثير المقاطعةوعن تأثير حركة المقاطعة لإسرائيل، أشارت الكاتبة إلى أن مجموعة الشايع، صاحبة امتياز "ستاربكس" في الشرق الأوسط، على سبيل المثال، كشفت عن خطط لخفض عدد عمالها بحوالي 2000 موظف، وهو ما يمثل حوالي 4% من إجمالي موظفيها.
وترجع هذه الخطوة إلى ظروف العمل الصعبة في أعقاب المقاطعة على المستويين الإقليمي والعالمي، التي تستهدف شركات بارزة مثل "ماكدونالدز" و"أمازون" و"كوكا كولا" و"ديزني" وغيرها من الشركات التي لها علاقات مع إسرائيل أو جيشها.
وقالت صديقي إنه بالنسبة لقدرة المقاطعة على إحداث التغيير، هناك أخبار مشجعة، حيث تشير الأبحاث التي أجرتها عالمة السياسة بجامعة "هارفارد إيريكا تشينويث" إلى أن ما يقرب من 3.5% فقط من السكان مطالبون بدفع التحولات السياسية، ويشير هذا إلى أنه حتى عندما يكون دعاة التغيير من الأقلية، فإن أفعالهم من الممكن أن يكون لها تأثير كبير.
وأكدت الكاتبة أن التاريخ يقدم أمثلة عديدة لنجاح المقاطعة الناجحة، مثل الحملة التي جرت في إنجلترا عام 1791 للحث على مقاطعة السكر الذي ينتجه تجار العبيد، وأدى ذلك إلى انخفاض الأرباح وتحول في المشاعر العامة ضد تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي، مما أدى إلى إلغائها بعد بضعة عقود.
كما لعبت حركة المقاطعة المناهضة للفصل العنصري ضد جنوب أفريقيا دورا محوريا في تفكيك نظام الفصل العنصري في نهاية المطاف عام 1994.
جهد عالمي
وأوضحت الكاتبة أن حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات ضد إسرائيل بدأت رسميا عام 2005، بعد أن أعلنت محكمة العدل الدولية أن الحواجز الأمنية الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة تنتهك القانون الدولي، وأدى هذا القرار إلى إطلاق جهد عالمي لجذب الانتباه إلى القضية الفلسطينية والضغط من أجل وضع حد لسياسات الفصل العنصري الإسرائيلية.
وذكرت أنه في باكستان، أقر كبار المسؤولين في سلاسل المتاجر الكبرى في البلاد بحدوث تحول في تفضيلات المستهلكين نحو الخيارات المحلية للمشروبات، مثل المشروبات الغازية والعصائر والمياه المعبأة والحليب المعبأ ومنتجات الألبان، بما في ذلك الزبدة والجبن والكريمات، وعلى مدى الأشهر الستة الماضية، كان هناك اتجاه ملحوظ لإغلاق حوالي 12 منفذا لشركات غربية معروفة، مع انخفاض المبيعات المعلن عنه بنسبة تتراوح بين 20% إلى 30%.
واستجابة لهذا التحول، قامت العلامات التجارية المحلية بتوسيع تواجدها في السوق بسرعة، وفي الوقت نفسه، يقال إن العلامات التجارية غير الناجحة مثل "ماستر كولا" الباكستانية تستعد لإعادة فتح مصانعها المغلقة للاستفادة من الطلب المتزايد على المشروبات المحلية.
ويحث جانب سحب الاستثمارات في حركة المقاطعة الشركات على تجنب التعامل مع الشركات الإسرائيلية، ويشجع المستثمرين على الامتناع عن الاستثمار في إسرائيل، وينصح البنوك وصناديق التقاعد بعدم استخدام أموال العملاء لدعم الاقتصاد الإسرائيلي.
وفي السابق، أثرت حركة المقاطعة بشكل فعّال على صناديق التقاعد الحكومية في لوكسمبورغ ونيوزيلندا والنرويج لحملها على سحب استثماراتها من إسرائيل، وتدعو إلى فرض عقوبات عليها تنطوي على فرض حظر على الأسلحة ووقف المساعدات العسكرية، فضلا عن وقف العلاقات التجارية والدبلوماسية مع إسرائيل.
تتجاوز مشتريات المستهلكينوبيّنت الكاتبة أن المقاطعة، التي تستهدف إسرائيل، تتجاوز مجرد التدقيق في مشتريات المستهلكين، بل تدعو مناصريها إلى تجنب التعامل مع الكيانات الثقافية الإسرائيلية، وتجنب التعاون مع الجامعات والعلماء الإسرائيليين المتهمين بإدامة الروايات اللاإنسانية عن الفلسطينيين والأراضي الواقعة تحت الاحتلال.
وتتمتع التكتيكات التي تستخدمها حركة المقاطعة بسجل جيد باعتبارها من أكثر الأدوات فعالية في الترسانة السلمية، بدءا من مقاطعة الحافلات وصولا إلى سحب الاستثمارات في الوقود الأحفوري، وإن تبني هذه التكتيكات واستخدامها في هذا المنعطف الحرج للبشرية يعد ضرورة أخلاقية.
ونقلت صديقي عن عمر البرغوثي، أحد الشخصيات الرئيسية في تأسيس وقيادة حركة المقاطعة، تأكيده أن "الالتزام الأخلاقي الأعمق في هذه الأوقات هو العمل على إنهاء التواطؤ، وبهذه الطريقة فقط يمكننا أن نأمل حقا في إنهاء القمع والعنف".
وقال البرغوثي إن هذا الالتزام ملح بشكل خاص بالنسبة للذين تصر حكوماتهم على تزويد إسرائيل بالأسلحة الفتاكة، والاتفاقيات التجارية المربحة، وتدعمها بحق النقض في الأمم المتحدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الفصل العنصری حرکة المقاطعة
إقرأ أيضاً:
حوار مع صديقي ال ChatGPT الحلقة (75)
د. أحمد جمعة صديق
جامعة الزعيم الازهري
حوار اليوم:
• قرار تغيير العملة وقرار إجراء إمتحانات الشهادة السودانية وعدم إستطاعة قطاعات واسعة من الشعب السوداني إستخراج الأوراق الثبوتية ( أرقام وطنية، جوازات سفر الخ) هل ستشكل هذه بداية لصوملة السودان؟
• كيف سيؤدي التقسيم المالي والإقتصادي إلى فوضى اقتصادية، وكيف سيعزز ذلك التصورات الانفصالية؟
*************************
يقول الاستاذ بابكر فيصل بابكر ان قرار إجراء إمتحانات الشهادة السودانية في الولايات وعدم إستطاعة قطاعات واسعة من الشعب السوداني إستخراج الأوراق الثبوتية ( أرقام وطنية، جوازات سفر الخ) وقرار تغيير العملة الذي فرض واقعاً على الأرض تمثل في تقسيم النظام المالي بالبلاد بحيث صارت الولايات التي تقع تحت سيطرة الجيش تتعامل بعملة مختلفة عن تلك التي يتم تداولها في مناطق سيطرة الدعم السريع. هل تشكل هذه الخطوات بداية لصوملة السودان؟
في رأيي، هذه الخطوات التي ذكرها الأستاذ بابكر فيصل بابكر قد تكون مؤشراً على تصاعد الأزمة في السودان، لكنها لا تشكل بالضرورة بداية لصوملة السودان بمعنى الكلمة. لكن في السياق السياسي والاقتصادي الراهن، يمكن أن تمهد هذه الإجراءات نحو انفصال فعلي بين المناطق المختلفة، وهو ما قد يؤدي إلى تفتيت وحدة البلاد بشكل تدريجي.
الأسباب التي قد تدعم هذا الطرح:
1. التقسيم المالي والإقتصادي:
o قيام الولايات التي تقع تحت سيطرة الجيش بالتعامل بعملة مغايرة عن تلك المتداولة في مناطق سيطرة الدعم السريع يعكس وجود نوع من الانقسام الاقتصادي. هذا يشير إلى أن كل طرف قد بدأ يتحكم في اقتصاده الخاص بشكل منفصل، وهو أمر يساهم في خلق نوع من التفكك المالي بين المناطق. وهذا قد يؤدي إلى فوضى اقتصادية، مما يعزز التصورات الانفصالية.
2. صعوبة الوصول إلى الوثائق الثبوتية:
o إذا كانت قطاعات واسعة من الشعب السوداني غير قادرة على استخراج الأوراق الثبوتية، فإن هذا يعكس نوعاً من التقسيم الجغرافي والإداري الذي قد يعقد قدرة الدولة على توحيد سكانها وإدارتهم. تزداد هذه الصعوبة في ظل النزاع بين الأطراف المسلحة المختلفة التي قد تحد من قدرة الحكومة على توفير الخدمات للمواطنين بشكل موحد.
3. التوترات السياسية والعسكرية:
o وجود قوتين عسكريتين متصارعتين، الجيش والدعم السريع، قد يؤدي إلى حالة من التفكك السياسي. عندما تسيطر هذه القوى على مناطق جغرافية مختلفة، وتفرض كل واحدة منها قواعدها الخاصة، يمكن أن يؤدي هذا إلى تعزيز الأبعاد الفيدرالية أو الانفصالية، خاصة إذا كان هناك انقسام في السياسات الاقتصادية والمالية.
الفرق بين "صوملة السودان" والحالة الحالية:
"صوملة السودان" يشير إلى سيناريو مشابه لما حدث في الصومال بعد انهيار الدولة المركزية في عام 1991، حيث نشأت مناطق منفصلة ذات حكومات محلية أو سلطات خارج السيطرة المركزية، مما أدى إلى حرب أهلية طويلة وصراعات مستمرة. في حالة السودان، قد تكون هناك محاولات لتقسيم الدولة بشكل غير رسمي، لكن هناك فرق بين الحالة الصومالية وحالة السودان الحالية في ظل وجود مؤسسات دولية وإقليمية أكثر تدخلًا، وأيضا المجتمع الدولي الذي قد يتدخل للحد من تفكك البلاد.
من جهة أخرى، إذا استمر الوضع في التدهور وكان هناك تقسيم عميق في المؤسسات والحكم، فقد نجد أن السودان يتجه إلى نموذج مشابه من التشرذم، حتى وإن لم يصل إلى مرحلة الصوملة بالكامل.
الخلاصة:
إجراءات مثل تغيير العملة، صعوبة استخراج الوثائق، والانقسام الجغرافي والسياسي يمكن أن تكون خطوات نحو مزيد من التفكك، لكنها لا تشكل بداية لصوملة السودان بشكل كامل. يمكن أن يؤدي هذا إلى تقسيم واقعي بين مناطق سيطرة الأطراف المتصارعة، مما يعقد عملية الوحدة الوطنية في البلاد، ولكن الوصول إلى مرحلة مشابهة للصومال يتطلب تدهورًا أكبر في الاستقرار السياسي والأمني.
• كيف سيؤدي التقسيم المالي والإقتصادي إلى فوضى اقتصادية، وكيف سعزز ذلك التصورات الانفصالية؟
التقسيم المالي والاقتصادي في السودان يمكن أن يؤدي إلى فوضى اقتصادية ويعزز التصورات الانفصالية بطرق عدة. لفهم هذه الديناميكية بشكل أفضل، يجب أن نأخذ في الاعتبار عدة عوامل تتعلق بكيفية تأثير التقسيم المالي على استقرار الاقتصاد وعلى وحدة الدولة بشكل عام:
1. تعدد العملات وتجزئة النظام المالي:
• خلق اقتصادات منفصلة: عندما تفرض السلطات العسكرية في مناطق معينة استخدام عملة مختلفة عن تلك التي يتم تداولها في مناطق أخرى، فهذا يعني أن هناك اقتصادات "منفصلة" تعمل في فقاعة معينة. على سبيل المثال، إذا كان الجيش في المناطق الخاضعة لسيطرته يستخدم عملة مغايرة عن تلك التي يتم تداولها في مناطق الدعم السريع، فإن هذه العملات ستكون غير قابلة للتداول بحرية بين المناطق. وبالتالي، سيصعب على الأفراد والشركات التعامل بين هذه المناطق، وسيضطر الناس إلى إغلاق الأنشطة التجارية التي تحتاج إلى التفاعل بين هذه المناطق.
• تذبذب وتضخم العملة: تقسيم العملة يمكن أن يؤدي إلى حالة من التضخم المرتفع أو تذبذب في قيمة العملة، خاصة إذا كانت بعض المناطق تعتمد على عملة ضعيفة أو غير مستقرة. مثل هذه التذبذبات في قيمة العملة ستؤدي إلى تقليص القدرة الشرائية للسكان، مما يزيد من مستويات الفقر ويعزز حالة الانقسام بين المناطق الغنية والفقيرة. مع مرور الوقت، قد يتولد شعور لدى السكان في كل منطقة أن استقلالهم الاقتصادي والمالي هو الحل للحد من معاناتهم.
2. القيود على الحركة والتجارة بين المناطق:
• فقدان السوق الموحد: السودان كان يعتمد على نظام اقتصادي مركزي نسبياً، حيث كانت التجارة والتبادلات الاقتصادية تتم عبر الأقاليم المختلفة باستخدام نفس العملة. بتقسيم النظام المالي، ستصبح التجارة بين المناطق أكثر صعوبة، حيث ستظهر حدود اقتصادية فعلية بين المناطق. هذه الحدود ستزيد من تعقيد حركة البضائع والخدمات بين المناطق التي تسيطر عليها الأطراف المختلفة، مما سيؤدي إلى تضخم الأسعار في بعض الأماكن ونقص في السلع الأساسية في أماكن أخرى.
• تدهور العلاقات التجارية: إذا كانت المناطق المختلفة تتعامل بعملات مختلفة، فقد يؤدي ذلك إلى انعدام الثقة بين التجار والمستهلكين. في الوقت الذي يتوقع فيه الناس أن تكون التبادلات التجارية سهلة، قد يجدون أنفسهم مضطرين للتعامل مع عملات غير قابلة للتحويل بسهولة أو تعرضهم لمخاطر مالية بسبب تقلبات قيم العملة، مما يؤدي إلى تفكك شبكة التجارة الوطنية.
3. زيادة البطالة والفقر في المناطق المتأثرة:
• تأثيرات سلبية على قطاع العمل: إذا كان نظام الدفع والمكافآت في بعض المناطق يعتمد على عملة ضعيفة أو غير مستقرة، فإن ذلك سيؤدي إلى تدهور مستوى المعيشة في تلك المناطق. الأعمال التجارية قد تجد صعوبة في جذب الاستثمارات أو توفير وظائف ثابتة بسبب الأزمة المالية، مما يزيد من معدلات البطالة ويعمق الفقر. في هذا السياق، قد يبدأ المواطنون في هذه المناطق في التفكير في الانفصال السياسي لتحقيق استقرار اقتصادي محلي.
• الاختلالات في توزيع الموارد: مع تقسيم الاقتصاد بشكل غير متساوٍ، يمكن أن تحدث اختلالات في توزيع الثروات والموارد بين المناطق. من الممكن أن تجد بعض المناطق غنية نسبيًا بسبب تحكمها في بعض الموارد أو الأنشطة الاقتصادية الحيوية، بينما تعاني مناطق أخرى من فقر مدقع نتيجة لتوقف الاقتصاد أو انهيار العملة.
4. فقدان الثقة في النظام المركزي:
• زيادة الشعور بالتمزق السياسي والاجتماعي: إذا أصبحت المناطق تحت سيطرة أطراف مختلفة تتعامل بعملات مختلفة، ستزداد الهوة بين المواطنين في كل منطقة. هذه الفجوة قد تؤدي إلى تصورات مفادها أن الدولة المركزية غير قادرة على توحيد البلاد وتحقيق العدالة الاقتصادية لجميع المواطنين. وبالتالي، سينمو شعور بالاستقلالية في المناطق المختلفة، مما يعزز تصورات الانفصال السياسي والاقتصادي.
• فشل في تقديم الخدمات الأساسية: مع فقدان السيطرة المركزية على الاقتصاد، ستواجه الحكومة صعوبة في تمويل وتقديم الخدمات العامة مثل التعليم، الصحة، والنقل، مما سيؤدي إلى زيادة مشاعر الاستياء بين المواطنين. الناس في المناطق التي تشهد تدهوراً اقتصادياً قد يفكرون في أن بقاءهم ضمن إطار الدولة المركزية لن يحقق لهم أي فائدة، مما يعزز الدعوات للاستقلال.
5. تعزيز التفكك الاجتماعي والسياسي:
• تضييق الهوة بين الأقاليم: عندما يعاني الاقتصاد من تقسيم، تتضخم التوترات الإقليمية، حيث تبدأ كل منطقة في تكوين هوية اقتصادية خاصة بها بعيداً عن المناطق الأخرى. هذا يمكن أن يؤدي إلى تعزيز المواقف الانفصالية، حيث يعتقد السكان أن لهم مصالح اقتصادية خاصة تبرر المطالبة بالاستقلال عن باقي الدولة.
• انعدام الرغبة في التعاون الوطني: مع تزايد المشاكل الاقتصادية المحلية وصعوبة التفاعل التجاري والمالي بين المناطق، سيتضاءل الشعور بالوحدة الوطنية. هذا قد يعزز من رغبة البعض في تأسيس كيانات مستقلة على مستوى الأقاليم.
الخلاصة:
تقسيم الاقتصاد السوداني من خلال فرض عملات مختلفة بين مناطق سيطرة الجيش والدعم السريع يمكن أن يؤدي إلى فوضى اقتصادية بسبب تعقيد حركة الأموال والتجارة، وزيادة التضخم، وفقدان الثقة في النظام المالي. هذه الفوضى قد تساهم في تعزيز التصورات الانفصالية، حيث قد يشعر الناس في مناطق معينة أن الانفصال الاقتصادي قد يكون الحل الأفضل لتجنب الأزمات المالية والمعيشية المتفاقم
• تقسيم الاقتصاد السوداني من خلال فرض عملات مختلفة بين مناطق سيطرة الجيش والدعم السريع يمكن أن يؤدي إلى فوضى اقتصادية بسبب تعقيد حركة الأموال والتجارة. وضح
تقسيم الاقتصاد السوداني من خلال فرض عملات مختلفة بين مناطق سيطرة الجيش والدعم السريع يمكن أن يؤدي إلى فوضى اقتصادية، وذلك بسبب عدة أسباب تتعلق بتعقيد حركة الأموال والتجارة بين المناطق المختلفة، وكذلك تأثيرات هذا التقسيم على النظام المالي، بالإضافة إلى الأبعاد الاجتماعية والسياسية التي تنشأ نتيجة لذلك. إليك شرحاً مفصلاً لكيفية حدوث هذه الفوضى:
1. تعقيد حركة الأموال بين المناطق:
• العملات غير المتداولة دولياً: عندما تكون هناك مناطق مختلفة تتداول عملات مختلفة، يصبح من الصعب جداً تبادل الأموال بين هذه المناطق. على سبيل المثال، إذا كانت بعض المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش تتداول عملة محلية أو جديدة، بينما تستخدم مناطق أخرى تابعة للدعم السريع عملة مختلفة، فإن هذه العملات قد لا تكون قابلة للتحويل بسهولة بين بعضهما البعض.
• حاجة لتبادل العملات: لتسهيل التجارة بين هذه المناطق، سيكون من الضروري أن يتم تحويل العملة في نقاط التبادل أو الأسواق السوداء، مما يؤدي إلى تكاليف إضافية وعمليات غير رسمية. هذا يشكل عبئاً إضافياً على الأفراد والشركات التجارية، كما يعرضهم للتقلبات الكبيرة في أسعار العملات غير الرسمية.
• اختلاف قيمة العملة: إذا كانت قيمة العملة في أحد الجانبين منخفضة مقارنة بالجانب الآخر، فإن ذلك سيؤدي إلى عمليات تضخم في الأسعار في المناطق التي تعاني من العملة الضعيفة. هذا قد يعقد على المواطنين إمكانية الحصول على السلع والخدمات الأساسية.
2. تعطيل التجارة بين الأقاليم:
• ارتفاع تكاليف النقل والتبادل التجاري: فرض عملات مختلفة بين المناطق يعني أن الشركات التي تعتمد على التجارة بين هذه المناطق ستواجه صعوبة في تحديد أسعار موحدة أو ثابتة للسلع. التجار سيضطرون إلى دفع تكاليف إضافية لتحويل الأموال، مما يرفع أسعار السلع ويقلل من قدرة السوق السوداني على التفاعل والتكامل بشكل طبيعي.
• القيود على الحركة التجارية: إذا كانت هناك حاجة لتبادل العملة في كل مرة يتم فيها نقل سلع بين المناطق، فإن حركة التجارة بين الولايات تصبح أقل مرونة وأكثر تعقيداً. هذا يعني أن الكثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة قد تجد نفسها غير قادرة على التوسع أو التفاعل بين المناطق بسبب تكاليف التحويل المرتفعة.
3. تضخم الأسعار:
• التضخم في المناطق ذات العملة الضعيفة: إذا كانت إحدى العملات المعتمدة في مناطق معينة تعاني من ضعف شديد في قيمتها، فسيؤدي ذلك إلى زيادة الأسعار بشكل كبير في تلك المناطق. وهذا يعني أن المواطنين في تلك المناطق سيواجهون صعوبات كبيرة في شراء السلع الأساسية مثل الغذاء والدواء. التضخم المفرط يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية حيث يزداد الفقر وتصبح القدرة على العيش في بعض المناطق صعبة جداً.
• زيادة الأسعار بشكل غير متناسق: الأسعار ستختلف بين المناطق، مما يؤدي إلى خلل في الاقتصاد الكلي للبلاد. في النهاية، هذه الفجوات التضخمية قد تزيد من التوترات بين المناطق وتزيد من الفجوة الاقتصادية بين المناطق الخاضعة للجيش والدعم السريع.
4. تراجع الثقة في النظام المالي:
• عدم استقرار العملة: إذا كانت الحكومة أو الأطراف المتصارعة تفرض عملات جديدة أو غير مستقرة، فإن هذا يعزز حالة انعدام الثقة في النظام المالي السوداني. المواطنين والتجار قد يفضلون الاحتفاظ بالأموال في أشكال غير نقدية أو في عملات أجنبية (مثل الدولار الأمريكي أو الريال السعودي) للحفاظ على قيمة أموالهم. هذا يؤدي إلى زيادة التعاملات بالعملة الأجنبية في السوق السوداء ويزيد من الضغط على النظام المالي.
• التحويلات الدولية: تحويل الأموال بين المناطق المتمردة قد يصبح أكثر تعقيداً بسبب التباين في العملة، مما يقلل من القدرة على الحصول على الدعم المالي الدولي أو التحويلات التي تأتي من الخارج.
5. فقدان القدرة على تنسيق السياسات المالية:
• صعوبة في تطبيق السياسات المالية الموحدة: تقسيم النظام المالي يعني أنه لا يوجد تنسيق بين السياسات الاقتصادية بين المناطق المختلفة. على سبيل المثال، إذا كانت الحكومة المركزية (أو أي من الأطراف المتنازعة) تحاول تطبيق سياسة نقدية أو ضريبية معينة، فإنها قد لا تنجح في تنفيذها بشكل موحد، لأن كل منطقة قد تطبق سياسات مختلفة. هذا يجعل من الصعب على الحكومة توفير استقرار اقتصادي في البلاد بشكل عام.
• عدم قدرة الحكومة على توفير الدعم المالي للقطاعات المختلفة: فشل النظام في التنسيق المالي قد يعوق قدرة الحكومة على تقديم الدعم المالي أو الإعانات في المناطق المتضررة من النزاع، مثل تقديم المساعدات الإنسانية أو دعم القطاعات الاقتصادية الهامة مثل الزراعة أو الصناعة.
6. آثار اجتماعية على المواطنين:
• زيادة التفاوت الاجتماعي: المواطنون في المناطق التي تتعامل مع عملة ضعيفة قد يجدون أنفسهم في حالة من العجز المالي المستمر. هذا يوسع الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، مما قد يؤدي إلى زيادة في معدلات الفقر والبطالة. كما قد يترسخ شعور بالإحباط والاستياء لدى المواطنين الذين يشعرون أن الحكومة المركزية أو الأطراف المتصارعة لا تقدم لهم حلولاً اقتصادية.
• تصاعد النزعة الانفصالية: من خلال التفكك الاقتصادي الذي يصاحبه استخدام عملات مختلفة، قد تتعزز الرغبة في الانفصال عن الدولة المركزية، حيث يبدأ الناس في التفكير في أن الاستقلال المالي هو الحل الأمثل لتحسين أوضاعهم الاقتصادية. المناطق ذات العملة المستقرة قد ترى في الانفصال وسيلة لضمان استقرارها المالي.
7. زيادة الفوضى السياسية:
• نقص في التنسيق السياسي والاقتصادي: انقسام الاقتصاد إلى مناطق ذات عملات مختلفة يعكس عجز الدولة عن تقديم السياسات الموحدة. هذا قد يؤدي إلى حالة من الفوضى السياسية، حيث كل طرف من الأطراف المتصارعة يسعى لتعزيز سيطرته الاقتصادية وفرض هيمنته المالية، وهو ما يزيد من التوترات السياسية والاجتماعية.
الخلاصة:
تقسيم الاقتصاد السوداني من خلال فرض عملات مختلفة بين مناطق سيطرة الجيش والدعم السريع يؤدي إلى تعقيد حركة الأموال والتجارة بين هذه المناطق، مما يخلق بيئة اقتصادية مضطربة وفوضوية. يؤدي هذا إلى زيادة التكاليف التجارية، ارتفاع التضخم في المناطق ذات العملات الضعيفة، وتراجع الثقة في النظام المالي، مما يزيد من التوترات الاجتماعية والاقتصادية، ويعزز الشعور بالانقسام والتمزق بين المناطق المختلفة
aahmedgumaa@yahoo.com