إدانة فلسطينية أردنية لرفع العلم الإسرائيلي بالمسجد الأقصى
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
أدانت أوساط رسمية وغير رسمية، فلسطينية وأردنية، رفع مستوطنين العلم الإسرائيلي خلال اقتحاماتهم للمسجد الأقصى الشريف، في وقت سابق اليوم الثلاثاء.
وجاءت الإدانات من الخارجية الأردنية ومنظمة التحرير الفلسطينية والمجلس الإسلامي الأعلى في المدينة المقدسة المحتلة.
ووفق دائرة الأوقاف الإسلامية فإن 526 مستوطنا اقتحموا المسجد الأقصى على فترتين، ونشرت دائرة الأوقاف صورا تظهر قيام بعض المستوطنين بارتداء العلم الإسرائيلي أو رفعه بداخل المسجد المبارك.
وأعربت الخارجية الأردنية -في بيان- عن إدانتها "اقتحام متطرفين اليوم للمسجد الأقصى ورفعهم للعلم الإسرائيلي داخل ساحاته تحت حماية شرطة الاحتلال الإسرائيلية، إضافة إلى إعاقة دخول المصلين للمسجد".
واعتبرت أن ذلك "يمثل خرقا فاضحا ومرفوضا للقانون الدولي وللوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها".
وشددت الوزارة الأردنية على أن "المسجد الأقصى بكامل مساحته البالغة 144 دونما هو مكان عبادة خالص للمسلمين لا سيادة لإسرائيل عليه أو على القدس الشرقية المحتلة ومقدساتها الإسلامية والمسيحية".
وطالبت الخارجية إسرائيل "بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، بالكف عن جميع الممارسات والانتهاكات بحق المسجد الأقصى، واحترام حرمته" وفق البيان الأردني ذاته.
وتحتفظ الأردن بحقها في الإشراف على الشؤون الدينية في القدس بموجب اتفاقية "وادي عربة" للسلام التي وقعها مع إسرائيل عام 1994.
وفي مارس/آذار 2013، وقع الملك عبد الله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفاقية تعطي المملكة حق "الوصاية والدفاع عن القدس والمقدسات" في فلسطين.
وفلسطينيا، اعتبرت اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس أن رفع أعلام الاحتلال في الأقصى "سابقة خطيرة، ومحاولة لتغيير الوضع التاريخي والقانوني والسياسي لمدينة القدس المحتلة، ومقدساتها الإسلامية والمسيحية".
وقالت اللجنة العليا -في بيان صدر عن رئيسها عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رمزي خوري- إن تلك الانتهاكات المتكررة "تمثل محاولة جديدة لخلق واقع جديد في المسجد الأقصى، وعدواناً على المكانة الدينية العظيمة له".
كما رأت في الخطوة "تحدياً للأمتين العربية والإسلامية، وخرقاً صارخا للقانون الدولي، وانتهاكاً للأعراف والاتفاقيات التي تحمي المقدسات والأماكن الدينية".
وشددت اللجنة العليا لشؤون الكنائس على أنه "لا سيادة على مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى وباقي المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها إلا للشعب الفلسطيني".
وناشدت "المؤسسات الدولية ذات الصلة، وكنائس العالم أجمع، اتخاذ مواقف جادة تجاه ما يقترفه هؤلاء المستعمرون المتطرفون، وحكومتهم، بحق المقدسات الإسلامية والمسيحية، وتوفير الحماية لها باعتبارها أماكن عبادة محمية من وجهة نظر القانون الدولي، حفاظاً على حرمتها وقدسيتها، ورفضاً لمحاولات تغيير وضعها القانوني والتاريخي القائم".
أدى مستوطن طقوس "السجود الملحمي" أثناء اقتحامه للمسجد الأقصى صباح اليوم الثلاثاء متوشحا العلم الإسرائيلي تحت حماية شرطة الاحتلال. والسجود الملحمي عبارة عن طقس توراتي ينبطح فيه المصلي أرضا. pic.twitter.com/IaI0bOk3nc
— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) May 14, 2024
بدوره أدان مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في القدس "بأشد العبارات (..) إبراز العلم الإسرائيلي، وأداء طقوس تلمودية علنية، والغناء والرقص بصوت مرتفع داخل باحات المسجد" الأقصى.
وأضاف في بيان أن تلك "الاستفزازات تمت وسط حماية مشددة من قبل شرطة الاحتلال التي عمدت إلى عسكرة المسجد ومحيطه وساحاته والطرق المؤدية إليه، بهدف منع زوار المسجد والمصلين من الوصول إلى مسجدهم المبارك".
ودعا مجلس الأوقاف والمقدسات الإسلامية بالقدس جميع دول العالم العربي والإسلامي إلى "تحمل مسؤوليتها تجاه أحد أهم مساجد المسلمين، والضغط على حكومة الاحتلال لوقف انتهاكاتها بحق المسجد" الشريف.
وحذر البيان من "حجم الاستخفاف وتفاقم الانتهاكات بحق المسجد الأقصى المبارك، والتي تقود المنطقة والعالم بأسره إلى مزيد من الاحتقان وإرساء حالة من عدم الاستقرار والتي آن الأوان لوضع الحد لها ورفضها ورفض كل سياسة أو نهج يستهين بمقدسات المسلمين وحقوقها".
اقتحام وتفاخر
وإضافة إلى رفع العلم الإسرائيلي، جرى خلال الاقتحام أداء صلوات علنية في الساحة الشرقية من المسجد الشريف، وترديد ما يسمونه النشيد الوطني الإسرائيلي "هاتيكفا" أمام "البائكة الغربية" الفاصلة بين مصلى قبة الصخرة المشرفة وباب السلسلة أحد أبواب المسجد الأقصى.
وتأتي هذه الانتهاكات في ذكرى النكبة، تلبية لدعوة جماعات الهيكل المتطرفة لاقتحام المسجد الأقصى فيما يسمى "يوم الاستقلال" الإسرائيلي الموافق 14 مايو/أيار كل عام، وحثها لأنصارها على رفع مئات الأعلام الإسرائيلية بهذه المناسبة "في أقدس مكان لأمة إسرائيل" وفق تعبيرها.
ولتأمين اقتحام هادئ للمتطرفين في المسجد المبارك، صعّدت الشرطة الإسرائيلية المتمركزة على الأبواب من انتهاكاتها بمنع معظم المصلين من الدخول إليه، كما أغلقت باب العامود أحد أشهر أبواب القدس القديمة.
وعلى صفحاتها تفاخرت جماعات الهيكل بنشر مقطع فيديو لمستوطن اقتحم المسجد ورفع العلم الإسرائيلي أمام "البائكة الغربية" في حين بدأ ومعه آخرون بإنشاد "هاتيكفا".
ومنذ 2003، سمحت إسرائيل أحاديا لمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى دون موافقة دائرة الأوقاف الإسلامية (تابعة للأردن) التي طالبت منذ ذلك الحين بوقف الاقتحامات.
وتجري الاقتحامات للأقصى يوميا ما عدا الجمعة والسبت من كل أسبوع، بينما تزداد وتيرتها في الأعياد والمناسبات اليهودية.
وتحتفل تل أبيب -الاثنين والثلاثاء- بما يسمى "يوم الاستقلال" والذي يؤرخ لنكبة فلسطين وإقامة إسرائيل عام 1948 على أرض فلسطين، إلا أن ذكرى هذا العام تأتي على وقع حرب مدمرة يشنها جيش الاحتلال منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على قطاع غزة الفلسطيني المحاصر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الإسلامیة والمسیحیة العلم الإسرائیلی المسجد الأقصى
إقرأ أيضاً:
كيف رمضان بدون الأقصى؟ سؤال ينكأ جراح فلسطينيي الضفة
انتصف شهر رمضان المبارك، ومرت الجمعة الثانية في المسجد الأقصى بحضور 80 ألف مصل فقط، في انخفاض واضح مقارنة بالسنوات الماضية، حيث سجلّت الجمعة الثانية عام 2023 حضور 250 ألف مصل، وذلك بفعل تضييقات الاحتلال غير المسبوقة للعام الثاني على التوالي على دخول فلسطينيي الضفة الغربية المدينة الفلسطينية المقدسة المحتلة.
ورغم أن الدخول لم يكن متاحا وسهلا قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، فإنه لم يكن بهذه الصعوبة، حيث حصر الاحتلال دخول فلسطينيي الضفة إلى القدس في رمضان بيوم الجمعة، وحدد عدد المسموح لهم أسبوعيا بـ10 آلاف فقط.
كما اشترط توفر تصريح دخول وبطاقة ممغنطة (بطاقة ذكية تصدرها سلطات الاحتلال) سارية المفعول، ومغادرة القدس قبل حلول المساء، وحدد أعمار الداخلين بمن تجاوزت أعمارهم 55 عاما للرجال و50 عاما للنساء وأقل من 12 عاما للأطفال، مما يعني حظرا تاما لدخول عنصر الشباب، وانتقاء 10 آلاف من أصل نحو 3 ملايين و400 ألف نسمة هم سكان الضفة المحتلة.
#صابرون: اعتقال 11 شاباً من عمال الضفة الغربية غرب القدس المحتلة بحجة الدخول دون تصاريح. pic.twitter.com/76DgBkCn72
— صابرون (@SabronPS) February 25, 2025
إعلان من صعب إلى أصعبخلال السنوات الماضية، كان السبيل أمام الممنوعين من دخول القدس عدة طرق للوصول إلى الأقصى: القفز من فوق جدار الفصل العنصري ، أو المرور من ثغرة فيه، أو دفع مبالغ كبيرة والاختباء داخل مركبة تمر من الحاجز العسكري وسط مخاطر عالية قد تصل حد الاعتقال والسجن أو الأذى الجسدي.
وحتى تلك الطرق الخطيرة لم تعد متاحة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث شدد الاحتلال إجراءاته على الحواجز ومحيطها، وصاعد من تنكيله بحق من يتم القبض عليهم خلال محاولتهم دخول القدس أو بعد نجاحهم في الدخول.
كما عمدت شرطة الاحتلال -في انتهاك غير مسبوق- إلى اقتحام المسجد الأقصى ومصلياته خلال ساعات الفجر أو صلاة القيام، والبحث بدقة عن أي مصل من الضفة يحمل الهوية الفلسطينية، الأمر الذي أنهى حالة الأمان التي كان يعيشها الفلسطيني داخل المسجد ممن استطاع الوصول بشق الأنفس.
وفي ظل ذلك المنع والتقييد، سألت الجزيرة نت بعضا من فلسطينيي الضفة الذين اعتادوا الاعتكاف في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، وحرموا هذا العام. فأجابوا أن رمضان كان على الدوام فرصة ذهبية لوصال الأقصى الشريف، وسط تخوفات أن يصبح هذا المنع أمرا واقعا بسبب تمريره للعام الثاني، مستذكرين أهالي قطاع غزة الذين يحظرون تماما عن المسجد الأقصى.
"يوميا أشاهد الصور ومقاطع الفيديو التي كنت التقطتها في الأقصى، وأعيش على ذكرياتها، وأبكي شوقا" هذا ما قالته شذى حسن من مدينة رام الله شمال القدس، مضيفة أنها تنتظر رمضان سنويا بفارغ الصبر "لأنه كان الأمل الوحيد لدخول المسجد".
وتصف المواطنة رمضان الحالي والماضي بـ"الموحش" مضيفة أن المسجد الأقصى هو الدواء لقلبها. وأكملت "أكثر ما أشتاق إليه وأفتقده جدا هو اعتكاف العشر الأواخر، وبالرغم من كل التحديات التي كانت تواجهنا آنذاك إلا أن لتلك الأيام والليالي سعادة خاصة".
أما إباء شريدة من مدينة نابلس شمال الضفة، فقالت إنها تذهب إلى المسجد الأقصى برفقة عائلتها منذ عمر السادسة، ومنذ ذلك الحين حتى عمر الـ23 لم تقطع الصلاة في المسجد الأقصى في رمضان أبدا.
إعلانوأضافت بتأثر "بالنسبة لي رمضان هو المسجد الأقصى، والمسجد الأقصى هو رمضان، أنا بدون المسجد الأقصى حرفيا كالسمكة بدون ماء، وهذا أول رمضان يمر عليّ بدون الأقصى".
واختنقت العبرات في عيني براءة وأثرت على صوتها الذي ارتجف قائلا "أحاول أن أتناسى، وألا أشاهد أي مقطع متعلق بالأقصى.. لقد كان رمضان يشحننا لسنة كاملة، فوجودنا في الأقصى المبارك كان يشعرنا بقيمة الرباط ، كنا نُذل في الطريق ونتعب كثيرا لكن ذلك كان يزول بمجرد رؤية القبة الذهبية".
#شاهد | مسن فلسطيني يتحدث بحرقة عن منع الاحتلال دخوله إلى القدس للصلاة في المسجد الأقصى في الجمعة الثانية من رمضان pic.twitter.com/BE1ONss4jz
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) March 14, 2025
الأقصى حياة كاملةيستذكر محمد النتشة من مدينة الخليل (جنوب الضفة) رفقاءه في الاعتكاف وشد الرحال إلى الأقصى والذين غيّبتهم سجون الاحتلال أو استشهدوا برصاصه خلال الأشهر الماضية، ويقول "لم تكن الطريق يوما معبّدة إلى الأقصى، ومهما ضاعفوا العقبات سنحاول بعون الله ونأمل أن نصله ونعتكف فيه، كلما ذهبنا إلى الأقصى ازداد الشوق.. إنه حياة كاملة".
وفور أن سألنا "ب ش" التي فضلت عدم نشر اسمها: ماذا يعني رمضان بدون الأقصى؟ وانهمرت دموعها ودعت "يارب لا تحرمنا، يا رب رُدّنا إليه وأكرمنا" وكان التأثر واضحا على الشابة وهي ترى المستوطنين من جميع أنحاء الضفة يقتحمون المسجد الأقصى بكل سهولة، بينما تمنع هي بشكل كامل منذ عامين.
وقد وصفت صعوبة الوصول قائلة" كنا نتعرض لأعلى درجات القهر والذل والإهانة أثناء محاولتنا الوصول إلى المسجد الأقصى سابقا، وكنا ندفع مبالغ مالية وصلت إلى 140 دولارا على الفرد لقطع مسافة قصيرة نحو القدس".
وختمت قائلة "الأقصى بوصلة الأمة، فإذا ضاعت البوصلة ضاعت الأمة، كل الطوفان قام لأجل الأقصى، ووفاء للدماء النازفة يجب أن نحافظ عليه، وكلنا يقين بأن الله سيردنا إلى المسجد الشريف قائمين معتكفين بصحبة إخواننا في غزة".
إعلان