أنكافئ الاسلاميين على حربهم أم ننهي اختطافهم للدولة؟

هل بامكاننا وقف وإنهاء الحرب واستمرار أجندة الثورة؟

ياسر عرمان

في الأسبوع الأول من مايو الجاري امضيت اسبوعا في أديس أبابا للقاء نافذين اقليميين ودوليين لمعرفة موقفهم من مكافأة الاسلاميين على حربهم ومشاركتهم في العملية السياسية، وكيفية الربط بين المسار العسكري والعملية السياسية بالتزامن أم بالتتالي؟ هل نعمل على تصميم عملية سياسية واحدة ذات مراحل مترابطة وببعدين عسكري ومدني أم تكون العملية بالتوازي؟

تمت دعوات شخصية في عدة عواصم لعدد من الفاعلين السودانيين، ما جدوى الدعوات الشخصية ولاي شىء تهدف؟ الإتحاد الأفريقي كاد أن يبدأ العملية السياسية بالدعوة لها في ٩ مايو ولكنه أجلها لما بعد مؤتمر(تقدم) في نهاية هذا الشهر!.

وتم تجديد الدعوة لاستئاف مباحاثات جدة، فهل هنالك رابط بين كل هذه الاشياء؟ أم هو تنافس بين اللاعبين الاقليميين والدوليين؟ هذه اسئلة تحتاج لاجابات جماعية وتستحق الانتباهة.

تريثت في كتابة هذه المقالة لمعرفة ما جرى في مؤتمر جبهة الميثاق في القاهرة وقد كفاني أحد المشاركين عناء البحث فقد لخص مؤتمر جبهة الميثاق أمام (سرداق الميثاق) وأطلق عليه رصاصة الرحمة ووصفه بانه رجس من عمل الكيزان، هذا ما قاله الاستاذ سيد ابو آمنة في كلمات موجزة وسديدة من داخل (سرداق الميثاق)، وهذا كافي ووافي.

حسن فعل الاستاذ بابكر فيصل في تقييمه لجبهة الميثاق بأنها ترمي لاغراق العملية السياسية والانتقال.

*المسار العسكري والسياسي علاقة متوازية أم عضوية؟*

وقف الحرب هو المدخل للعملية السياسية ولانهاء المعاناة الإنسانية وحماية المدنيين والعودة إلى المنازل والحياة الطبيعية ويتطلب ذلك اتفاق بين الجيش والدعم لوقف النزيف اولا في اتفاق انساني طويل الامد ومراقب على الأرض يفتح المسارات الإنسانية ويضع آليات لحماية المدنيين وارجاع ملايين النازحين للقري والمدن والحوش الكبير كمرحلة اولى وبجدول زمني يرتبط بالمرحلة الثانية وهي مرحلة إنهاء الحرب بمعالجة جذورها واسبابها والرجوع لمنصة التغيير والثورة وهي اعمق من مجرد الانتقال المدني الديمقراطي فاجندة الثورة عملية شاملة للبناء الوطني في انتقال متتابع وعضوي، وإنهاء الحرب ووقفها عملية سياسية قلبها قوى الثورة والتغيير تستعيد الانتقال المدني الديمقراطي وتعترف بقوى الثورة واساسها الإعتراف بقوى الثورة ودورها لا الإعتراف بقوى الحرب.

الحرب ترمي للقضاء على ثورة ديسمبر المجيدة ووقفها يعني الرجوع إلى أجندة الثورة والانتقال في عملية معقدة تصورها بعض الدوائر بأنها مستحيلة و تعمل على إرجاع قوى الثورة إلى بيت طاعة الاسلاميين ومشاركتهم الحوار والسلطة. والنجاح لقوى تقدم وقوى الثورة يكمن في إفساد تدابير الاسلاميين بصبر و عقلانية وحنكة ورفض مكافأتهم والإصرار على تحرير الدولة من سيطرتهم باعادة بناء مؤسساتها وفي مقدمتها جيش مهني متصالح مع الديمقراطية والتنمية والمواطنة والاستقرار والا سننتهي عند حلول هشة غير مستدامة وهي تكرار لما جرى في لبنان والصومال وليبيا واليمن والعراق.

الأولوية لوقف الحرب وربطها بالعملية السياسية في مناخ يحمي المدنيين، ووقف الحرب والعملية السياسية مرحلتين لعملية سياسية واحدة ومترابطة وعضوية، ومن المفيد لنا وللاتحاد الأفريقي أن يدفع الإتحاد الأفريقي ببعثة سلام ومراقبة وقف إطلاق النار على الأرض ويكرس طاقاته لهذه المهمة في المرحلة الأولى ومن ثم الدخول في المرحلة الثانية بالدعوة للعملية السياسية بعد وقف الحرب، وفي ربط تام للمرحلتين وفي استبعاد لقوى نظام الإنقاذ فهو الطريق الوحيد لاستدامة السلام وعدم السماح باختطاف الدولة من اي تيار سياسي كان والتداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات.

*مكافأة الإسلاميين*

الإسلامويين يستمدون قوتهم من الركوب على ظهر الجيش وبعض كبار ضباط الجيش يحتاجونهم سندا للدكتاتورية والقمع، والعلاقة بين الاسلاميين والجيش زواج مصلحة في السلطة ونهب الموارد، وهي علاقة حافلة بالمصالح والتناقضات. وقبول القوى الديمقراطية باستمرار تمكين الإسلامويين في الجيش هو بعينه السلام الهش، وفي كل الأحوال، إن اطراف الحرب الحالية لا تخوض الحرب من اجل النزهة أو مصلحة الشعب الذي تغتاله بنادقهم، فهي أطراف لا تقبل المحاسبة والشفافية والديمقراطية دون أن يعني ذلك أن ناخذهم ككتلة صماء. وهنالك بعض الدوائر الخارجية من أجل حل سريع حتي وإن ادي لمشاركة الاسلاميين. وقوى الثورة والديمقراطية عليها أن تقف بوضوح مع وقف الحرب وعدم مكافأة الاسلاميين وان تضع حدا للدعوات الشخصية التي تهدف للتطبيع الناعم مع دعاة الحرب من الاسلاميين.

*وقف الحرب والثورة وبناء الدولة:*

قامت الحرب لؤاد الثورة ووقفها أولوية لقوى الثورة وانهاء الحرب على هدي ميزان سليم يعني ايذانا بانتصار الثورة وعودة الحياة المدنية والناس إلى بيوتهم وسبل كسب عيشهم واستئاف الزراعة والرعي والتعليم والصحة وبناء اجهزة الدولة وتوفير السلام والطعام والمواطنة بلا تمييز واصلاح الريف والمدينة هو جوهر برنامج الثورة وشعارها الرئيسي (حرية سلام وعدالة). الانتصار على الحرب هو انتصار للثورة.

الثورة الفرنسية في جدولها الزمني مرت بالحرب كجزء من مؤامرات قتلها واستمرت هبوطا وصعودا حتي حققت مدنية الدولة، وحرب الفلول الحالية مثلها مثل الإنقلاب مرحلة من مراحل التآمر على الثورة، ووقف الحرب لابد أن يعني استمرار الثورة واجندتها الازمة  لبناء الدولة.

١٤ مايو ٢٠٢٤

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: العملیة السیاسیة وقف الحرب

إقرأ أيضاً:

البرهان يصل جدة وسط تكهنات بعودة الجيش والدعم السريع للتفاوض

قالت وكالة الأنباء السعودية إن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، وصل الجمعة، إلى مدينة جدة السعودية، وسط تقارير أشارت إلى عودة محتملة لطرفي القتال في السودان إلى طاولة التفاوض.

وتأتي الزيارة بعد يوم واحد من زيارة أجراها وفد سعودي لمدينة بورتسودان وهي المقر المؤقت للحكومة، بعد انسحاب "منظم" نفذته قوات الدعم السريع خلال اليومين الماضيين من عدد من مواقعها في العاصمة الخرطوم، مما عزز الاعتقاد بوجود ترتيبات مسبقة.

وتسارعت خلال الساعات الماضية تطورات الحرب المستمرة منذ منتصف أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع.

والتقى البرهان قبل يوم واحد من مغادرته إلى جدة بوفد سعودي بحث كيفية مساهمة المملكة العربية السعودية في إعادة الإعمار بحسب ما أورده الموقع الرسمي للحكومة، كما استقبل المبعوث الألماني الخاص للقرن الإفريقي هيكو نتشكا.

وفي سياق متصل أكد وزير الشئون الإفريقية في الحكومة البريطانية أمام البرلمان البريطاني يوم الخميس أن الحكومة البريطانية تجري مشاورات مع تنسيقية القوى المدنية "صمود" حول المؤتمر الوزاري الذي ستستضيفه لندن منتصف أبريل.

ويرتقب أن يشارك في المؤتمر 20 وزير خارجية ومسؤول من فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية والنرويج والسعودية ودولة الإمارات ومصر، إضافة إلى الإتحاد الإفريقي والإتحاد الأوروبي وممثلين للأمم المتحدة وعدد من المنظمات الدولية والاقليمية.

ويخصص المؤتمر لبحث الوصول إلى وقف الحرب ومعالجة الأوضاع الإنسانية في السودان.

مقالات مشابهة

  • برلمانى: الثقة المتبادلة بين القيادة السياسية والمصريين سر استقرار الدولة
  • السودان .. سيطرة الجيش على الخرطوم بداية لـ «الاستقرار» أم استمرار لـ «الحرب»
  • البرهان يصل جدة وسط تكهنات بعودة الجيش والدعم السريع للتفاوض
  • بشير العدل : القيادة السياسية تولى اهتماما كبيرا بالشفافية ومكافحة الفساد
  • تقرير فرنسي: عراقيل تواجه الجيش اللبناني لبسط سيطرته على الجنوب
  • الحكيم والعبادي يبحثان التطورات السياسية والأمنية في العراق
  • تطورات حاسمة: تشتيت كتل الغزاة الباغية.. مرحي أيها الجيش البطل!
  • هل الحرب الأهلية في إسرائيل قدر حتمي؟
  • السودان.. “الدعم السريع” تقلل من أهمية عودة البرهان للخرطوم، قالت إنها أعادت تموضع قواتها في أم درمان واعتبرت أن الجيش لم يحقق أي نصر عليها
  • الجيش السوداني ما بعد الحرب: مقاربات للتحول المؤسسي وتحديات إعادة بناء الدولة