حكمت محكمة أسترالية بالسجن لأكثر من خمس سنوات على محامي سابق بالجيش الأسترالي، بعد أن سرب وثائق سرية للصحفيين تكشف تفاصيل جرائم ارتكبتها القوات الخاصة الأسترالية في أفغانستان، وهو حكم انتقده المدافعون عن حرية الصحافة، قائلين إنه يبعث برسالة مرعبة إلى من يفكر أن يبلغ عن المخالفات.

دوت صيحات كلمة «عار» في قاعة المحكمة

وبحسب موقع «سي إن إن» فإنه عندما أصدر القاضي ديفيد موسوب الحكم على ديفيد ماكبرايد في عقوبة وصفها محاميه بأنها خارجة عن المخططات ورادعة لأي شخص يشعر بالدافع لفضح المخالفات، دوت صيحات كلمة «عار» في قاعة المحكمة بالعاصمة الأسترالية كانبيرا.

وقال محامي المهتم: «ننصح أي شخص لاحظ ما حدث لمكبرايد أن يصمت ويخفض رأسه ويعود إلى مكان العمل.. كانت هذه إلى حد كبير لهجة الحكم اليوم»، مضيفًا أن موكله كان في صدمة كاملة من الحكم وأنه ينوي الاستئناف عليه.

 وينهي الحكم الصادر يوم الثلاثاء، معركة قانونية طويلة بين محامي الجيش السابق والمدعين العامين في الكومنولث الذين وجهوا اتهامات ضد ماكبرايد بشأن وثائق دفاع سرية اعترف بسرقتها بين مايو 2014 وديسمبر 2015.

وأعطى ماكبرايد المادة إلى هيئة الإذاعة الأسترالية (ABC)، التي نشرت في عام 2017 سلسلة من سبعة أجزاء بعنوان الملفات الأفغانية، والتي تناولت بالتفصيل سلسلة من جرائم الحرب، بما في ذلك قتل الأفغان العزل على يد جنود أستراليين في أفغانستان.

أثبتت التحقيقات أن التقارير التي سربها المحامي ديفيد ماكبرايد صحيحة

تم إثبات صحة التقرير لاحقًا من خلال نتائج التحقيق الذي أجرته قوات الدفاع الأسترالية، والذي وجد أدلة موثوقة على أن أعضاء الخدمة الجوية الأسترالية الخاصة ارتكبوا جرائم حرب في أفغانستان بين عامي 2005 و2013.

وخلص تقرير التحقيق في أفغانستان، المعروف باسم تقرير بريريتون، إلى أن أعضاء  قاموا في بعض الحالات بزرع أسلحة ومواد أخرى بالقرب من جثث المدنيين للإشارة إلى أنهم قُتلوا بشكل قانوني.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: سجن محامي التحقيق استراليا جرائم حرب فی أفغانستان

إقرأ أيضاً:

مصر في مرآة أفغانستان.. الأفغاني فيلسوفا

بعد مرور ما يربو على الثلاثة أعوام من آخر إصداراتنا في مشروع نشر اﻵثار الكاملة للسيد جمال الدين الأفغاني(1)، ها نحنُ نوفَّق بحول الله وحده؛ لاستئناف النشر بكتابٍ فذ هو: "تتمة البيان في تاريخ الأفغان". وعلى هذا، يصيرُ هذا النص المركَّب المتين هو ثالث ما تُصدره تنوير للنشر والإعلام في هذا المشروع المحوري(2)، رغم أن المجلَّد الذي نتناوله اليوم كان أسبق زمنيّا في الصدور من سابقيه؛ إذ صدرت جريدة "العروة الوثقى" في پاريس على مدى عام 1884م، وصدرت "الخاطرات" للمرة الأولى في بيروت عام 1931م؛ أي بعد وفاة السيد بخمسة وثلاثين عاما تقريبا، بينما صدر كتابنا هذا في الإسكندريَّة عام 1878م(3)؛ أصدرته مطبعة جريدة "مصر" -لصاحبها أديب إسحق- قبل نفي السيد من مصر بعام واحد.

ولا نُريد الإثقال على القارئ بكلام مُكرر عن مستوى النشرات السابقة وتفاصيل تلاعُبها بكلام السيد إلى درجة التزييف أحيانا، فهذا مما فصَّلنا بعضه في مقالاتنا وفي مُقدمتي الكتابين السالفين، ويسع المهتم العودة إليه في النشرَتين المذكورتين. بيد أننا لا يُمكننا عرض هذه الطبعة بغير أن نسلُكها في ذات السلك، بوصفها استمرارا لمهمة استنقاذ تُراث السيد تمهيدا لإعادة قراءته وتقييمه، بعيدا عن التلاعُب والتزوير، مما سيجعلها أول قراءة فعليَّة لنصوص الرجل -على صورتها الأصليَّة- منذ وفاته، أو منذ انعطافة القرن العشرين.

هذا الاستنقاذ نفسه يُعَدُّ كذلك استنقاذا لتُراث الرجل وأصالته وتفرُّده، من الاختلاط بآثار "تلميذه" محمد عبده، وهي الجريمة التي شاع ارتكابها بأثرٍ من الوهم الذي بثَّهُ رشيد رضا؛ إذ نقل عن "شيخه" قوله: "إن الأفكار في العروة الوثقى كلها للسيد [جمال الدين الأفغاني] ليس لي منها فكرة واحدة، والعبارة كلها لي ليس للسيد منها كلمة واحدة"، فكأن فكر المفكِّر يَنفَصلُ عن لُغته ومُعجمه، بل وكأن محمد عبده نفسه كان شيئا مذكورا قبل لقائه بالسيد؛ حتى يتنحَّى له الأخير ليفْعَلَ فعلته! هذه الخرافة الشنيعة هي التي حَدَت بـ"الأمين" على تراث محمد عبده إلى الإمعان في التلاعُب بتراث الأفغاني؛ ليتلاءم مع تلك الصورة المختلَقَة الزائفة للسيد و"تلميذه"، وسار على نهجه أصحاب النشرات التالية -لآثار السيد- في تغيير ترتيب كتاباته، ونزعها من سياقاتها، وتغيير عناوينها، والعبث بتركيبها، وحذف ما لا يُعجبهم منها، أو ما قد تقعُد أذهانهم عن استيعابه -ولا أقول تأويله- فقد كان لهم في رشيد رضا الأسوة الأسوأ، التي يُمكن أن يرنو إليها إنسان في أداء أمانة الدعوة إلى الله وأمانة الكلمة التي يُنصَر بها دينه.

وكما سبق منَّا القول؛ فقد كانت جريمة "المحققان" السابقان -بحق آثار السيد وفكره- تبعٌ لجريمة رشيد رضا وفرع منها. صحيح أنه كان يُفترَض بهما الدرس والتحقيق والتدقيق قبل قبول شهادات رضا، أو قبل الاعتماد على الصورة التي رسمها الأخير للسيد ولعلاقته بـ"تلميذه"، علاوة على التأكُّد من سلامة نسبة النصوص إلى أصحابها. وصحيح أن تقصيرهما هذا سببه الأساس هو ضعف أدواتهما، بيد أن هذا القعود والاستسهال راجعٌ -في القسم الأعظم منه- إلى ثقتهما الموروثة في رشيد رضا، وقبولهما رواياته بغير تمحيص، وذلك بوصفه "الأمين" على تُراث السيد وتلميذه: "الأستاذ الإمام"!

وقد بيَّنّا في مواطن شتَّى أن أول وأخطر مَطْعَن في روايات رضا، وفي الصورة الزائفة التي رسَّخها في أذهان الباحثين -عن الأفغاني- هي خاطرات السيد نفسها، التي قيَّدها المخزومي، ونُشرَت للمرَّة الأولى قبل وفاة رشيد رضا بأربعة أعوام. ففي هذه الخاطرات -التي تجاهلها محمد عمارة كأن لم تكُن، وعبَثَ خسروشاهي بمحتواها حذفا وإضافة، ونشرناها نشرة كاملة- يتجلَّى لنا مُعجم السيد جمال الدين الأفغاني ولغته؛ إذ كان محمد المخزومي يُقيِّد ما يقوله السيد بغير تصرُّف، ومن ثم؛ تصير هذه الخاطرات نفسها مفتاحا لتمييز أسلوب السيد اللغوي ونسقه الفكري عمَّا عداه. ولم يكتف المخزومي بذلك، ولا باستطرادات السيد في الكلام أحيانا عن استعمالاته اللغوية ومنهجه فيها، بل إنه يُخصص بعض هوامشه لتجريد نموذج السيد في الاشتقاق اللغوي؛ فكأنه يُعين الباحث الجاد على بناء نسق لغوي مُتفرِّد للأفغاني، وهو النسق المطَّرد الذي يتجلَّى بارزا في الكتاب الذي نقدمه اليوم، كما تجلَّى في صفحات "العروة الوثقى" قبله؛ كاشفا -لأول وهلَة- زُور ما نُسبَ لمحمد عبده من دورٍ في "صياغة" فكر السيد!

وقد كان القاسم الأعظم من التصحيفات الكثيرة التي واجهتنا في "تتمة البيان في تاريخ الأفغان"، ومن قبل في "العروة الوثقى"، واستغرقنا تصويبها استغراقا؛ كاشفا عن كونها أخطاء مُستملي لا يعرف الأسماء أو الأعلام الأعجمية التي تُملى عليه، ولا يعرف لغتها؛ بل يكتُبها كما وقعت في أذنه وأدركها ذهنه. وذلك بالإضافة إلى بعض التصحيف الناجم حينا عن نسخ مخطوط صعب القراءة، خصوصا نسخ الأعلام الأعجمية غير الشائعة في الدائرة العربية. ولعلَّ الاطراد المستَمِر لاستعمال أعلام فارسيَّة -لا عربية ولا حتى پشتونيَّة- في كتاب عن أفغانستان؛ يزيدنا يقينا أن السيد كان يُملي حرفا حرفا، أو يكتُب أحيانا فيُنسخ نصه حرفا حرفا؛ فإن اللغة الفارسيَّة كانت هي اللغة الأصليَّة (الأم) لمن يُملي، إذ تُهيمن على معارفه الأولية هيمنة واضحة؛ فتنضح بها عربيته الجزلة الفصيحة في كل حين. وهو ما لا يُمكن بحال نسبته إلى "التلميذ" محمد عبده، الذي لم يكن يعرف سوى العربيَّة، حتى تعلَّم بعض الفرنسيَّة آخر عمره بإلحاحٍ من نازلي فاضل.

ومن ثم، فإننا إذ نسلك هذا النص المركَّب في عين السلك الذي سلكنا فيه النصين السالفين؛ نقول: إن النصوص الكاملة للسيد -بترتيبها الأصلي- تُبين لنا إذ توضع جنبا إلى جنب؛ أن دور أي تلميذ لم يتعدَّ دور المستَمْلي أو المدقق اللغوي، وأن "قلَّة" اكتراث السيد بالكتابة لم يكن يعني تركه نسقه الفكري لغيره حتى يصوغه بألفاظ تلميذ روافده العلميَّة والعقليَّة محدودة نسبيّا. وأي باحث متوسط الموهبة في العلوم الإنسانية؛ يَعرِفُ أن اللغة والفكر صنوان لا يفترقان، بل إن اللغة هي نفسها أحد آفاق الفكر ومُحدِّداته.

* * *

إن هذا الكتاب "العجيب" الذي نضعه اليوم بين يدي القارئ ليس عن أفغانستان كما قد يبدو للوهلة الأولى بأثر من عنوانه، وموضوعه، وكم التفاصيل المبسوطة عن إقليم الأفغان ومعيشتهم؛ وإنما هو -على نقيض ظاهره تماما- الحلقة الأولى من عناية السيد "المدوَّنة" بالشأن المصري، وهو ما يبسطه لنا التصدير الماتع الذي استُهِلَّ به الكتاب، إذ يُدلل به المفكر والأكاديمي الدكتور محمد صفار على ذلك. فما الذي قد يدفع السيد -وهو السياسي المحنك البصير- إلى تأليف كتابٍ عن أفغانستان وهو مُقيم في مصر مشغول بحالها، إبَّان ما ستكشف الأيام أنه أخطر مُنعطف سياسي في تاريخها الحديث؟! وهل لهذا النمط من التأليف المركَّب -والأشبه بالمرآة- من سلف في التقاليد الفلسفيَّة الإسلاميَّة؛ يمكن من خلاله استيعاب طبيعة ما يفعله السيد؟! كل ذلك سيُجيب عنه هذا النص الفذ "الجديد"، إذ ينفتح بالتصدير الماتع الذي تَقَدَّمه. بيد أن ما يعنينا الإشارة إليه في عُجالة؛ هو أن السيد قد اتخذ من تاريخ الأفغان وجهادهم "القريب" ضد البريطانيين مرآة، أراد للمصريين أن يشهدوا فيها الحجم الحقيقي لأعدائهم البريطانيين بعيدا عن المبالغات الصارِفَة لهم عن المواجهة، وأن يُدركوا العيوب والإشكالات التي تتسلَّط على نفوسهم، وتعوق إيقافهم لزحف البريطانيين الطامعين في بلادهم. أما كيفيَّة تحقيق هذه المهمة الشريفة والمدهشة، من خلال نَصٍّ تَندُر فيه الإشارة إلى مصر؛ فهذا ما سيبوح لك به النص وتصديره الماتع.
__________
(1) آخر هذه الإصدارات: السيد جمال الدين الأفغاني، العروة الوثقى (تنوير للنشر والإعلام، 2021م).
(2) أول النصوص في رحلتنا هذه: خاطرات السيد جمال الدين الأفغاني، تقرير: محمد باشا المخزومي (تنوير للنشر والإعلام، 2020م).
(3) لمزيد من التفاصيل عن ظروف وملابسات نشر العملين؛ راجع مقدماتنا على الكتابين.


x.com/abouzekryEG
facebook.com/abouzekry

مقالات مشابهة

  • الحكم على محاميي منتقد بوتين اليكسي نافالني بالسجن لسنوات في مستعمرة جزائية روسية
  • مصر في مرآة أفغانستان.. الأفغاني فيلسوفا
  • الحكم على رئيس وزراء باكستان السابق عمران خان بالسجن 14 عامًا وزوجته 7 سنوات في قضايا فساد
  • الحكم بالسجن على عمران خان وزوجته في قضية فساد
  • اليوم.. الحكم على محاميي نافالني
  • انفجار في شمال أفغانستان
  • تفاصيل التحقيق مع عاطل بتهمة النصب على راغبى السفر فى مدينة نصر
  • تطوير تدوير المخلفات.. تفاصيل لقاء وزير الإنتاج الحربي وفدَ بابيريوس الأسترالية
  • بلغت عنه.. راندا البحيري تفضح جرائم طليقها من السرقة للتهديد (تفاصيل صادمة)
  • ضد روسيا.. أستراليا تلوّح بـأقوى إجراء ممكن إذا قُتل أسير حرب أسترالي قاتل من أجل أوكرانيا