الموت والمرض واليأس يحاصرون الفاشر السودانية مع اقتراب القتال منها
تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT
قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، إن حوالي سبعة مصابين يصلون يوميًا إلى مخيم أبو شوك للنازحين على الطرف الشمالي من مدينة الفاشر في شمال دارفور، نتيجة الاشتباكات بين مقاتلين من قوات الدعم السريع شبه العسكرية والجماعات المتحالفة مع الجيش السوداني.
وتحاصر قوات الدعم السريع مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، منذ أشهر، وتحاصر مليون شخص في آخر مركز سكاني كبير في منطقة دارفور الشاسعة في السودان التي لا تخضع لسيطرة القوات شبه العسكرية، بحسب تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية.
وفي الأشهر الأولى من الحصار، كانت المدينة محمية بسلام هش، ولكن منذ نيسان/ أبريل تصاعدت أعمال العنف على مشارفها بعد أن تعهدت أقوى مجموعتان مسلحتان بالقتال إلى جانب الجيش. ويحتدم القتال بشكل خاص بالقرب من أبو شوك حيث تهاجم الجماعات المتحالفة مع الجيش مقاتلي قوات الدعم السريع المتمركزين في الشمال، وقد سقطت قذائف داخل المخيم مما أدى إلى مقتل العشرات.
وأفادت الصحيفة بأن الوفيات والإصابات كنتيجة مباشرة للعنف ليست التحدي الوحيد الذي يواجه هارون آدم هارون، الطبيب الوحيد الذي يعمل في أبو شوك.
ولقي مئات الأشخاص حتفهم في الأشهر الأخيرة بسبب سوء التغذية الحاد، وتعرضت النساء للإجهاض، ويتم تسجيل العشرات من حالات الإصابة بالملاريا كل يوم، كما أنه منزعج من مرض تنفسي غريب اجتاح المخيم، ويشتبه في أنه مرتبط بالتلوث الناتج عن القصف. وقد عبّر هارون عن حزنه الشديد على وفاة الناس لأسباب يمكن الوقاية منها بسبب النقص الحاد في الأدوية والتمويل. ويقول الخبراء إن البلاد معرضة لخطر التفكك. ووفقا للأمم المتحدة فإن السودان "يشهد أزمة إنسانية ذات أبعاد أسطورية"، مع تهديد المجاعة وتشريد أكثر من 8.7 مليون شخص.
وأوضحت الصحيفة أن الفاشر تعتبر مركزًا إنسانيًا لدارفور وتستضيف عددًا كبيرًا من النازحين داخليًا، بما في ذلك مئات الآلاف من النازحين بسبب العنف العرقي في دارفور على مدى السنوات العشرين الماضية. وهناك مخاوف جدية بشأن التأثير على المدنيين إذا قررت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها شن غزو واسع النطاق، ليس فقط بشأن القتال نفسه، وإنما أيضًا بشأن احتمال وقوع فظائع إذا سيطرت قوات الدعم السريع. وتستهدف قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها أعضاء من جماعة المساليت العرقية في جميع أنحاء دارفور، بما في ذلك مدينة الجنينة حيث تعتقد الأمم المتحدة أن ما يصل إلى 15 ألف شخص قُتِلوا السنة الماضية في مجزرتين.
وتمثل الجماعات المتحالفة مع الجيش الوجود الرئيسي في وسط المدينة، وتحرس نقاط تفتيش لا تعد ولا تحصى، وقاموا مؤخرًا بحفر خندق حول المدينة في محاولة لمنع أو على الأقل تأخير توغل قوات الدعم السريع. وقام الجيش مؤخراً بإرسال جسر جوي للمجموعات لعدم إمكانية إرسال المساعدة عن طريق البر.
وناشدت جماعات الإغاثة الدولية والحكومات الغربية قوات الدعم السريع لعدم مهاجمة الفاشر، ويبدو أنه قد تم الاستجابة لهذه النداءات حتى الآن. ومع أن قوات الدعم السريع لم تقل أي شيء علنًا حول هذه المسألة، إلا أنه من الممكن أن يأتي الهجوم من قبيلة المحاميد المتحالفة مع قوات الدعم السريع، التي تسيطر على جزء كبير من شمال دارفور، في حالة لجوء قيادة قوات الدعم السريع للقبيلة.
وأشارت الصحيفة إلى أن قوات الدعم السريع استولت على مدينة مليط في منتصف نيسان/ أبريل، وسيطرت معها على آخر طريق إلى الفاشر لم يكن في أيدي الجيش، وكانت العواقب مدمرة. فقد توقفت عمليات تسليم المساعدات، وانسحبت الأمم المتحدة من المدينة، وخفضت المنظمات الإنسانية الأخرى عدد موظفيها، وابتعد التجار، مما أدى إلى ارتفاع تكلفة المواد الغذائية والسلع الأخرى.
وخلافًا لما حدث في أبو شوك حيث يعمل هارون دون مساعدة من منظمات الإغاثة الدولية، فقد حافظت منظمة "أطباء بلا حدود" على وجودها في مخيم زمزم جنوب الفاشر حيث قامت بمعالجة المرضى المصابين وتقديم المساعدة الطبية للأطفال والنساء الحوامل الذين يعانون من سوء التغذية.
تعيش بدرية أحمد (23 سنة) في زمزم منذ تسع سنوات بعد أن تعرضت قريتها لهجوم من قبل ميليشيا الجنجويد، التي تحولت فيما بعد إلى قوات الدعم السريع، وقالت وهي تجلس مع ابنها نور الدين أحمد عيسى في المخيم: "إنه لا يمشي ولا يأكل، إنه على هذا النحو لمدة 12 شهرًا".
كالومة آدم خاطر، 37 سنة، موجودة في المخيم منذ سبع سنوات، وهي تكافح من أجل إطعام أصغر أطفالها الستة الذي يعاني من الإسهال، وقالت: "ليس لدي حليب في ثديي، وأعاني من الصداع طوال الوقت".
وحسب منظمة "أطباء بلا حدود" فإن الفحص الشامل الذي أجري في آذار/ مارس ونيسان/ أبريل لأكثر من 63 ألف طفل دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضعات أكد وجود "أزمة سوء تغذية كارثية تهدد الحياة" في المخيم.
ووفقًا لجادو محمدو، مدير منظمة أطباء بلا حدود في شمال دارفور، فإن طفلًا يموت كل 24 ساعة في المخيم، وبلغت نسبة سوء التغذية الحاد 7.4 بالمئة، وهي نسبة "مرتفعة للغاية"، وسوء التغذية العام 23.7 بالمائة "مرتفع جدًا جدًا"، وسوء التغذية المعتدل 70 بالمئة. وأكد محمدو أن إمدادات المساعدات الإنسانية والغذاء هي المشكلة الكبيرة، فبعض الناس غير قادرين على الزراعة، والقادرون على الزراعة لا يستطيعون الخروج من المنزل والحصول على طعامهم بسبب انعدام الأمن.
وحسب بيان لكلي نيكوليه، رئيس الاستجابة الطارئة لمنظمة "أطباء بلا حدود" في السودان، فإن الوضع حرج، ومستوى المعاناة هائل، وهناك قلق بالغ من أن ذلك سيجعل وصول الدعم الدولي الذي تشتد الحاجة إليه أكثر صعوبة.
وأفادت الصحيفة بأن الجماعات المتحالفة مع الجيش في الفاشر تبدو واثقة من أن قوات الدعم السريع لن تشن هجومًا واسع النطاق، وحسب أحد متحدثيهم، فإنهم يعرفون أن طريقة قتالهم تستخدم نفس التكتيكات التي تستخدمها قوات الدعم السريع. وكان ربيع علي دينار، زعيم قبيلة الفور المحلية، واثقًا أيضًا من أن المدينة لن تسقط في أيدي قوات الدعم السريع. وقال دينار إن الجيش قام مؤخرًا بتجنيد آلاف الرجال، مؤكدًا أنه سيكون من الصعب عليهم الفوز بالفاشر.
ونقلت الصحيفة عن توبي هاروارد، نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، أن المدينة موطن لمجتمعات عربية وأفريقية، وأي معركة شاملة من أجل السيطرة عليها من شأنها أن تتسبب في إراقة دماء مدنية على نطاق واسع، وتؤدي إلى هجمات انتقامية في جميع أنحاء دارفور وخارجها. إلى جانب القتال المباشر، يقوم مقاتلو قوات الدعم السريع باصطياد الجنود باستخدام نيران القناصة من مواقعهم على أطراف المدينة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الفاشر الدعم السريع السوداني السودان الدعم السريع الفاشر صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قوات الدعم السریع أطباء بلا حدود شمال دارفور سوء التغذیة فی المخیم أبو شوک
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يحاصر الدعم السريع بالخرطوم والسلطات تكتشف مقبرة جماعية
أعلن الجيش السوداني، الأحد، سيطرته على مواقع استراتيجية وسط الخرطوم، ليضيق الحصار على قوات الدعم السريع في القصر الرئاسي والمؤسسات الحكومية وسط العاصمة، في حين كشفت السلطات بالخرطوم عما قالت إنها مقبرة جماعية بحي الفيحاء.
وقال الجيش السوداني في بيان، إن قوات سلاح المدرعات دحرت الدعم السريع في محور نادي الأسرة (في حي الخرطوم 3)، وجسر المسلمية وأبراج النيلين وموقف شروني (محطة مواصلات) وسط الخرطوم.
ونشر الجيش مقاطع مصورة عبر صفحته على فيسبوك، لقواته وهي تنصب كمينا لعناصر من قوات الدعم السريع.
وقال إن العناصر كانت تحاول الهروب من حصار وسط الخرطوم، وتمكنت قوات الجيش من تحييد كل العناصر الهاربة حيث لم ينج منهم أحد.
محور ولاية الخرطوموبتقدم الجيش وسط الخرطوم، يضيق الخناق ويفرض على قوات الدعم السريع التي تسيطر على القصر الرئاسي والمؤسسات الحكومية بوسط الخرطوم حصارا من جميع الاتجاهات.
وبسيطرة الجيش على محطة شروني وأبراج النيلين وجسر المسلمية، تكون قواته قد أغلقت الطرق المؤدية إلى وسط الخرطوم جنوبا، واقتربت من القصر الرئاسي بمسافة لا تتجاوز 1.4 كيلو متر، وفق وكالة الأناضول.
وكانت قوات الجيش سيطرت في الأيام الماضية على محطة جاكسون وجسر الحرية عند المدخل الجنوبي الغربي لوسط الخرطوم.
إعلانكما اقتربت قوات الجيش من الوصول إلى قيادة الجيش من الناحية الغربية لوسط الخرطوم، حيث باتت تبعد عنها مسافة كيلو متر.
مقبرة جماعيةوكشفت السلطات بولاية الخرطوم عما قالت إنها مقبرة جماعية بحي الفيحاء بمنطقة شرق النيل، التي استعادها الجيش السوداني مؤخرا من قوات الدعم السريع.
وأوضحت السلطات أن بئرا عميقة حوّلتها قوات الدعم السريع الى مقبرة جماعية، وألقت فيها جثث مدنيين بعد أن قضوا -وفق ذويهم- تحت التعذيب أو بالإعدام رميا بالرصاص.
وورصد مراسل الجزيرة انتشال الجثامين من موقع المقبرة الجماعية.
وقال مدير هيئة الطب العدلي بولاية الخرطوم هشام زين العابدين إن الجثامين الموجودة تعود لمواطنين من منطقة شرق النيل وبعض النازحين، بينهم رجال ونساء، ومعظمهم قُتلوا بإطلاق نار في الرأس كنوع من الإعدام، ثم تم إلقاؤهم في البئر التي يبلغ عمقها 18 مترا.
وتقول الحكومة السودانية إن هذا البئر ليس سوى واحد من عشرات الآبار التي استخدمتها قوات الدعم السريعِ للتخلص من ضحاياها، في مشهد يجسد حجم الثمن الإنساني الفادح لهذه الحرب.
محور ولاية سنار
وأعلن الجيش السوداني، الأحد سيطرته على منطقة أبو عريف المهمة بولاية سنار (جنوب شرق) بعد معارك مع قوات الدعم السريع.
وأفاد الجيش السوداني في بيان، بأن قواته استعادت السيطرة على منطقة أبو عريف بولاية سنار، ودحرت قوات الدعم السريع، وكبدتها خسائر كبيرة، وتطارد الفلول الهاربة.
واستطاع الجيش استعادة سيطرته على معظم ولاية سنار وعاصمتها سنجه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ومنذ أسابيع وبوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة الدعم السريع لصالح الجيش في ولايات الخرطوم والجزيرة، والنيل الأبيض وشمال كردفان وسنار والنيل الأزرق.
وفي ولاية الخرطوم المكونة من 3 مدن، بات الجيش يسيطر بالكامل على مدينة بحري شمالا، ومعظم أنحاء مدينة أم درمان غربا، و75% من عمق مدينة الخرطوم التي تتوسط الولاية وتحوي القصر الرئاسي والمطار الدولي، بينما لا تزال قوات الدعم السريع في أحياء شرق المدينة وجنوبها.
إعلان تحركات الدعم السريعفي المقابل، قالت قوات الدعم السريع إنها حققت انتصارات في منطقة النيل الأزرق.
وفي وقت سابق السبت، أكد قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) في تسجيل مصور، أن قواته لن تخرج من العاصمة الخرطوم أو من القصر الرئاسي الذي تسيطر عليه منذ اندلاع الحرب.
وقال وزير الخارجية السوداني علي يوسف إن تحركات قوات الدعم السريع، والجهات الدعمة لها، لإنشاء حكومة موازية بالبلاد تهدف إلى عرقلة الانتصارات الساحقة عليها، والتأييد الإقليمي والدولي المستمر لمواقف الحكومة.
وأضاف الوزير السوداني أن تلك الحكومة مرفوضة، ولن يكون لها دور وسط الشعب لأنها ولدت ميتة.