تحديات كبيرة لدعم الصناعات الصغيرة!
تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT
> يجب أن ندرك أن التحول الإقتصادى الأهم فى الكثير من بلدان العالم، وأهمها الصين، بدأ بالصناعات الصغيرة والمتوسطة.
> فى شبه القارة الصينية تعمل كل قرية فى صناعة واحدة، قد تكون صناعة المسامير، أوالصواميل، أوالصناعات التكميلية لمنتج كبير، وهذه الطريقة تحقق نظرية«الندرة النسبية»التى يُعرفها الاقتصاديون بأنها الوسيلة الأهم لتحقيق أكبر منفعة موجودة للمنتج بأرخص تكلفة فى أقل زمن!!
> الدرس الصينى مهم، وهو النموذج الأمثل لنا، لأن ظروفنا متشابهة، سواء كانت الظروف السكانية والإجتماعية، مع الفارق فى المساحة وعدد السكان، فإذا اعتبرنا مصر نموذجًا لولاية صينية، نستطيع تحقيق نجاحًا ملموسًا فى إطار الصناعات الصغيرة!!
> ولكن كيف يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة فى مصر أن يكون لها مكانة فى الأسواق الدولية؟ هذا السؤال تجيب عليه الدكتورة رغدة الإبراشى، أستاذ الإدارة الاستراتيجية رئيس قسم الإدارة والتنظيم بالجامعة الألمانية بالقاهرة، من خلال دراسة محدودة ومهمة تم نشرها فى الموقع الرسمى لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، قالت فيها: رغم أن الشركات الصغيرة والمتوسطة فى مصر تواجه تحديات عديدة، فإن حالة صادرات الشركات الصغيرة والمتوسطة أفضل مقارنة بالسنوات السابقة، ووفقًا لأخر إحصائيات، فقد زادت الصادرات المصرية فى عام 2021 بأكثر من 20% مقارنة بعام 2017، واحتلت مراتب متقدمة فى العشر الأوائل لتصدير العديد من المنتجات الزراعية فى جميع أنحاء العالم، وقد قامت مصر بتصدير ما يقرب من ربع واردات أفريقيا من البتروكيماويات والأسمدة فى عام 2020، أدت جهود الحكومة الوطنية إلى دعم صادرات المشروعات الصغيرة والمتوسطة المصرية إلى تقدم مؤشر التنافسية العالمي، حيث احتلت مصر المرتبة 82 من بين 141 دولة فى عام 2020 وذلك يمثل صعودًا لـ20 مركزًا مقارنة بعامين سابقين.
> ووفقًا للبنك المركزى المصرى فى عام 2020، فإن الشركات الصغيرة والمتوسطة هى تلك التى توظف أقل من 200 فرد، ولكن أكثر من 10 موظفين، وتعتبر تلك الشركات التى يتراوح حجم أعمالها بين مليون جنيه مصرى وحتى 50 مليون جنيه مصرى شركات صغيرة الحجم، بينما يتم تصنيف الشركات التى يبلغ حجم أعمالها من 50 مليون جنيه مصرى حتى 200 مليون جنيه مصرى كمؤسسات متوسطة الحجم، وطبقا للإحصائيات فإن 8% فقط من إجمالى مؤسسات القطاع الخاص فى مصر شركات صغيرة ومتوسطة وكبيرة، بينما 91% من القطاع الخاص مشروعات متناهية الصغر ومعظمها غير رسمى، وعليه فإن الشركات الصغيرة والمتوسطة فى مصر تواجه تحديات فى التصدير ونقصًا فى الشبكات فى الأسواق الدولية، فضلًا عن البيروقراطية فى الحصول على الدعم المؤسسى اللازم للتدويل؛ بما فى ذلك المعرفة بالسوق وقنوات التصدير وبناء القدرات.
> وقالت رئيس قسم الإدارة والتنظيم بالجامعة الألمانية، إن العلاقات مع الحكومة ومجالس التصدير والجمعيات ذات الصلة ضرورية للنمو الدولى للشركات الصغيرة والمتوسطة فى الأسواق النامية، وبذلك تعتبر الشبكات المؤسسية غير الحكومية فى مصر الأهم فى تقديم وتوفير الدعم المطلوب للشركات الصغيرة والمتوسطة للتدويل، وذلك عن طريق قيادة مبادرات حكومية لإنشاء التكتلات التصديرية وبذلك يمكن إتاحة الفرص للشركات الصغيرة والمتوسطة للتنافس دوليا وعدم إقصائها أمام الشركات الكبيرة، لا سيما إنشاء سلاسل القيمة بين الشركات الكبيرة والصغيرة والمتوسطة للتصدير دوليا، حيث أن الحكومة المصرية بالفعل تملك الرؤية والقدرة الإدارية والتنظيمية لدعم بعض الشركات الزراعية والبتروكيماوية والصناعية للتدويل تحديدا فى السنوات الخمس الأخيرة، فإن وضع أولوية لإنشاء تلك التكتلات وسلاسل القيمة بين الشركات الكبيرة ونظيرتها المتوسطة والصغيرة لن تساعد فقط الأخير على التدويل، بل أيضا ستعمل على تحسين المنتجات والخدمات المقدمة من الشركات الصغيرة والمتوسطة بعد التعلم من خبرات وقدرات الشركات الكبيرة محليًّا ودوليًّا، الشيء الذى يعزز مكانة مصر الدولية فى الصادرات ويطور من مراكزها العالمية فى التصدير للمنتجات المختلفة فى شتى الدول.
> ومن أهم ما جاء فى الدراسة أنه رغم ما يقع على كاهل الحكومة المصرية من ضرورة الدعم لصادرات الشركات الصغيرة والمتوسطة، فذلك لا ينافى دور الصناعات الوطنية فى مؤازرة الشركات الصغيرة والمتوسطة ورفع كفاءتها، يجب على الشركات الكبيرة فى مصر التى لها باع فى التصدير العمل مع الشركات الصغيرة والمتوسطة عن طريق إتاحة فرص لتوريد الخامات والتوزيع فى الأسواق المختلفة، كما يمكن للشركات الكبيرة نقل التكنولوجيا للشركات الصغيرة والمتوسطة لتطوير أدائها وعمليات الإنتاج، وسوف تستفيد الشركات الكبيرة من ذلك الدعم، حيث إنها ستستطيع الحصول على خامات بأسعار مخفضة والحصول على أفكار مبتكرة، وبالتالى سوف تعزز من صادرات الشركات الكبيرة فى الأسواق المختلفة.
تحديات الصناعات الصغيرة كبيرة ولكن مواجهتها ليست مستحيلة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نور البنك المركزي المصري للشرکات الصغیرة والمتوسطة الشرکات الصغیرة والمتوسطة الصغیرة والمتوسطة فى الصناعات الصغیرة الشرکات الکبیرة ملیون جنیه مصرى فى الأسواق فى مصر فى عام
إقرأ أيضاً:
الشركات الأمريكية وسيادة حُكْم القانون
حان الوقت لقادة الأعمال الأمريكيين كي يحددوا موقفهم تجاه حكم القانون مع تهديد إدارة ترامب برفض الامتثال للأحكام القضائية وتدخلها في سلطة الادعاء الخاصة بالحكومة الفيدرالية. هل يجهر هؤلاء القادة بوقوفهم الى جانب قوانين أكبر اقتصاد في العالم حين يتم التلاعب بها وتجنب الخضوع لها من أجل غايات سياسية وشخصية؟
تختار الشركات من كل أنحاء العالم التعامل مع الولايات المتحدة بالضبط بسبب سيادة حكم القانون. أي بالنظام المرتَّب بعناية والذي يضمن تنفيذ تعاقدات هذه الشركات والمقاضاة في نزاعاتها بحسن نية ودون رشاوى أو تدخل سياسي. لكن متخذ القرار الذي لا يردعه شيء عما ينوي فعله يمكنه تطويع القانون لخدمة أهدافه بطرائق عديدة من بينها تحويل الحكم بواسطة القوانين إلى حكم بواسطة الأفراد. ويبدو أن إدارة ترامب تمضي في هذا الدرب تماما.
فمثلا نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس جادل بأن «القضاة غير مسموح لهم بالسيطرة على السلطة الشرعية للجهاز التنفيذي». ومَثَّلَ لذلك بقضية «افتراضية» تحاول فيها المحكمة توجيه قائد عسكري بالطريقة التي ينفذ بها عملية عسكرية. هذا الزعم لا غبار عليه كحجة قانونية بشأن المجال النسبي للسلطة التنفيذية والقضائية. وفي الواقع أدركت المحاكم منذ أمد بعيد أن بعض المسائل التي تُرفع إليها ذات طبيعة سياسية وليست قضائية وبالتالي يجب البت فيها بواسطة الأجهزة السياسية.
المسألة هنا لا تتعلق بوجود حدود للسلطة القضائية أو التنفيذية أو التشريعية. المسألة هي أن على المحاكم تقرير هذه الحدود وعلى الفرعين الآخرين (التنفيذي والتشريعي) التقيد بأحكامها وفق الدستور. مع ذلك قال فانس علنا في مدوَّنة صوتية عام 2021 إن على الجهاز التنفيذي ببساطة رفض الامتثال للأحكام القضائية التي تحدّ من سلطته. وبدا أن الرئيس دونالد ترامب يمهِّد لِحُجَّة مماثلة. فقد كتب على منصَّة «أكس» وأيضا منصة «تروث سوشيال» أن «من ينقذ بلده لا ينتهك أي قانون».
دانييل ساسون، التي عيَّنها ترامب مدعية عامة بالإنابة للولايات المتحدة لمنطقة جنوب نيويورك ولا تشوب نزعتها المُحافِظة شائبة، استقالت في الشهر الماضي بعد توجيهها بإسقاط قضية فساد ضد عمدة نيويورك إريك آدمز. فعلت ذلك على أساس أن التوجيه الذي صدر لها من وزارة العدل ينتهك واجبها المهني «بعدم استخدام سلطة تطبيق القانون الجنائي للولايات المتحدة لغايات سياسية أو تحقيق أي أغراض أخرى غير سليمة» لذلك، لماذا لا يحتج قادة الأعمال على التهديدات التي تتعرض لها سيادة حكم القانون كما يفعل موظفو الخدمة العامة مثل ساسون؟
تبنى بعض الرؤساء التنفيذيين للشركات استراتيجية استباقية لاسترضاء ترامب بتغيير الأفراد والسياسات تماشيا مع قواعد حركة ماغا (أصحاب شعار لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى). ويتخلى آخرون عن برامج التنوع والمساواة والشمول الخاصة بشركاتهم. وعندما تحدثتُ إلى قادة الأعمال عن الفوضى التي ستترتب عن الرفض الرئاسي للتقيد بالأحكام القضائية كانت إحدى الإجابات التي سمعتها أن الأسواق في هذه الحال ستنهار على الفور وعندها سينتبه ترامب ويتراجع. في الواقع ستنهار الأسواق بالضبط لأن الولايات المتحدة ستتحول فجأة إلى بلد يقل كثيرا تفضيل رجال الأعمال له لممارسة أعمالهم.
لنفترض أن الأسواق تنهار وترامب لا يأبه لذلك وأن الطريق مُغْرٍ جدا إلى السلطة المطلقة بتدمير نظام الكوابح والتوازنات بأكمله (نظام الكوابح والتوازنات يعني نظام الفصل بين السلطات التنفيذية والقضائية والتشريعية - المترجم). ولنفترض أيضا أن إيلون ماسك أو رفيق آخر للرئيس يريد شراء شركات متنوعة بأثمان بخسة. حينها يمكن لمكتب الإيرادات الداخلية وأيضا الوزارات الحكومية الأخرى تقييد هذه الشركات بتدبير تحقيقاتٍ وفرضِ غرامات تخفِّض أسعار أسهمها. ويمكن أيضا مقاضاة الرؤساء التنفيذيين خصوصا أولئك الذين لا يؤيدون ترامب. ويمكن للقضاة الذين يُوَادُّون حركة «ماغا» ويستحسنونها النظر في قضايا تافهة مرفوعة ضد شخصيات وشركات بقصد استنزاف وقتها وأموالها على أتعاب المحاماة.
أو لنفترض أن الأسواق لم تشهد انهيارا. فعندما اقترح الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت (1933-1945) تعيين قضاة إضافيين في المحكمة العليا لكي يحكموا لصالحه تراجعت الأسواق. لم يكن تراجعها دراميا. لكن ما حدث كان فيضانا من الرسائل المعبرة عن الرأي العام والمعنونة إلى أعضاء الكونجرس الذين لم يكن باستطاعتهم قراءتها كلها لكثرتها إلى جانب اندلاع احتجاجات مختلفة في أرجاء الولايات المتحدة.
باختصار، قادة الأعمال يخاطرون كثيرا حين يلوذون بالصمت. اللحظة الراهنة هي الوقت المثالي للجهر بمناصرة حكم القانون خصوصا مع إلحاق المحكمة العليا أول هزيمة بإدارة ترامب. (أمر المحكمة الماضي بوقف إجراء تنفيذي اتخذه ترامب بتجميد نحو ملياري دولار من المساعدات الأجنبية - المترجم). سينضم قادة الأعمال بذلك إلى صف زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس الشيوخ جون ثون ورئيس لجنة القضاء تشاك جراسلي وعضوي مجلس الشيوخ جوش هاولي ومايك راوندز وكل هؤلاء من عتاة المحافظين الذين أصروا على وجوب امتثال الحكومة لقرارات المحاكم. أوضح جراسلي أنه تعلم «الفصل بين السلطات» بالمدرسة في مقرر التربية المدنية في الصف الثامن. ذلك صحيح. لذلك لا ينبغي أن تكون مناصرة الحرية تحت حكم القانون بمثل هذه الصعوبة.
آن ماري سلوتر الرئيسة التنفيذية لمركز الأبحاث نيوأمريكا (أمريكا الجديدة)
الترجمة عن الفاينانشال تايمز