نافذ الرفاعي يكتب: ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني
تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT
تعود الذكرى السادسة والسبعون لنكبة الشعب الفلسطينى، بما شملت من التشريد والتهجير والتشتيت فى أقطار العالم، وحالة الفقر والجهل فى تلك الحقبة من الزمن، حيث كان يرزح العالم العربى تحت الاستعمار والجهل، وحدثت الكارثة، وكان العالم نائماً فى عام 1948.
تعاطف الغرب وبعض الدول مع دولة الاحتلال تحت مسمى «الهولوكوست» وما واجهه اليهود من المذابح النازية.
كان العالم مباحاً خلال السنوات الست والسبعين أمام سماع حقيقة أن هذه الأرض ليس لها شعب، والآن تعود الذكرى، وراهن الحال عدوان إجرامى ومجابهة عنيدة، والمذابح والإبادة والهدم، ولكن نوايا الترحيل فشلت من خلال وقفة حقيقية من الدولة المصرية.
لقد فضحت الدولة المصرية الأهداف المعلنة للعدوان على غزة وأهمها التهجير، الذى تم بترحيل سكان منطقة شمال غزة نحو رفح، والتى يسكنها فى الوضع الطبيعى 300 ألف مواطن، ولكن وصل العدد إلى ما يزيد على مليون ونصف المليون.
موقف مصر منذ اللحظة الأولى كشف هذه الأهداف الخبيثة، ورفضها علناً وقال لا للتهجير ورفض كل الأثمان، التى عرضها الاحتلال والولايات المتحدة، وهى نحو 160 مليار دولار فوراً وشطب ديون مصر.
إلا أن الموقف الصلب والمؤتمر الذى عقدته مصر ومواقفها التى تؤكدها بعدم السماح باجتياح رفح وعدم الدفع بقوة القصف والموت والإبادة للفلسطينيين، للهرب نحو صحراء سيناء، وعليه فإن هذه النكبة الحالية تختلف عن نكبة 1948، حيث فشل التهجير، وفرضت مصر معطيات جديدة.
وتعود الذكرى الأليمة وما صاحبها من مجازر وحروب وتعسف.
ولكن يوجد موقف عالمى متغير، وتعود الذكرى والعالم يستيقظ وتشارك 200 مدينة عالمية بالمظاهرات المندّدة بجرائم الاحتلال، وتصل إلى عقر أمريكا، وتنفجر الثورة الطلابية فى عشرات الجامعات الأمريكية، وتتداعى عدوى حراك طلابى عالمى فى أوروبا، خاصة الدول المناصرة للعدوان مثل جامعات فرنسا، وأهمها السوربون وغيرها.
تعود الذكرى وتكسر الرقابة التى تمنع الصوت الفلسطينى والعربى ولا تسمح إلا للصوت الصهيونى عبر احتكار الولايات المتحدة «فوكس نيوز وسى إن إن ونيوزويك» والسيطرة على وسائل الإعلام، التى تركز على الرواية الصهيونية.
والآن ثورة الإعلام وانتشار وسائل التواصل الاجتماعى تقتحم مجدداً الوعى الأمريكى وحتى اليهودى فى نيويورك، وتشتعل المظاهرات المؤيدة لفلسطين وتدين العدوان وتطالب بقطع علاقات الجامعات مع مؤسسات الكيان. هذه التطورات تقود إلى نهايات متوقعة، سواء رغبنا أم لم نرغب، وهى تسوية شبه دائمة، أرادت أمريكا أم لم ترد، وهى التى تخطط لليوم التالى ما بعد الحرب، والذى لن يكون أمريكياً، بل سيكون فلسطينياً وعربياً وعالمياً، لأن أمريكا أمامها 57 دولة عربية وإسلامية غير معادية لها، بل تتوافق فى مصالحها مع ما تفرضه أمريكا والغرب.
إن استمرار المواجهة لا يعنى سوى أن هذا المعسكر سيتفتّت وتتغير الولاءات والمعادلات والمعسكرات، ولن تعود أمة العرب مرهونة لأمريكا وللتطبيع. بل إن معسكر التطرف الصهيونى، الذى يرى فى المسجد الأقصى مكاناً للهيكل سيُفجر المنطقة ويتم استدعاء الموروث الدينى، وبذلك فإن الخيارات أمام هذه الذكرى خطيرة جداً، ولا بديل عن منح الفلسطينيين دولة وأماناً وأمناً واقتصاداً وحياة، وغير ذلك، حتى لو انتهت الجولة الحالية فيها إلى الدمار والهدم، ولكن كما قال الروائى العالمى «إرنست هيمنجواى»: «الإنسان قد يحطم ولكنه لن يُهزم».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: فلسطين غزة الاحتلال النكبة إسرائيل
إقرأ أيضاً:
حررت جزء من أراضيه.. الشعب المغربي يخلد الذكرى التاسعة والأربعين للمسيرة الخضراء
خلد الشعب المغربي الذكرى التاسعة والأربعين لإعلان الملك الراحل الحسن الثاني، عن تنظيم المسيرة الخضراء كحدث غير مسبوق على المستوى الدولي، والذي اعتبر منعطفا كبيرا لاستكمال الوحدة الترابية للمملكة واسترجاع أقاليمها الجنوبية بطريقة سلمية.
ويمثل هذا الحدث المتجذر في تاريخ المغرب تحولا حاسما في مسار الكفاح من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية للمملكة المغربية، ومناسبة للتأكيد الجماعي المتجدد لكل أطياف الشعب المغربي على مغربية الأقاليم الجنوبية للمغرب، ومحطة مشرقة ومفصلية في تاريخ المملكة، حيث تمكن الشعب المغربي من تحرير جزء من أراضيه السليبة، ووضع حد لنحو 75 سنة من الاحتلال لجزء مهم من أرضه.
يرجع حدث المسيرة الخضراء لتاريخ 16 أكتوبر من سنة 1975، حين أعلن الملك الحسن الثاني، رحمه الله، عن تنظيم مسيرة لاسترجاع أراضيه بطريقة سلمية أبهرت العالم أجمع، وشكّلت سابقة في تاريخ التحرر من الاستعمار، وقد تزامن الإعلان عن المسيرة مع إصدار محكمة العدل الدولية بلاهاي لرأيها الاستشاري حول الصحراء، والذي أكدت فيه، في اعتراف دولي لا يقبل الاجتهاد أو التأويل، شرعية مطالب المغرب في استرجاع أراضيه، وأوضحت في هذا القرار التاريخي أن الأقاليم الجنوبية جزء من تراب المملكة ولم تكن يوما أرض خلاء، وأن هناك روابط قانونية وأواصر بيعة مثبتة كانت تجمع بين سلاطين المغرب وبين سكان الصحراء.
شكّل رأي المحكمة المذكورة بداية للتحرك المغربي لاسترجاع أراضيه من إسبانيا، حيث أعلن الملك الحسن الثاني في خطابه الموجه للأمة بهذه المناسبة ما يلي: "بقي لنا أن نتوجه إلى أرضنا، الصحراء فتحت لنا أبوابها قانونيا، اعترف العالم بأسره بأن الصحراء كانت لنا منذ قديم الزمن. واعترف العالم لنا أيضا بأنه كانت بيننا وبين الصحراء روابط، وتلك الروابط لم تقطع تلقائيا وإنما قطعها الاستعمار (...) لم يبق شعبي العزيز إلا شيء واحد، إننا علينا أن نقوم بمسيرة خضراء من شمال المغرب إلى جنوبه ومن شرق المغرب إلى غربه".
وقد جسدت المسيرة الخضراء، التي انطلقت في السادس من نونبر عام 1975، مبادئ تشبث المغاربة بترابهم الوطني والتحام الشعب بالعرش، وإجماع كافة فئات وشرائح المجتمع المغربي على الوحدة، ومثالا يحتذى عن نبذ العنف والتشبع بقيم السلام، كما حرص الملك الحسن الثاني، مهندس المسيرة الخضراء، على تجنيب المغرب والمنطقة حربا مدمرة، فكان أن اتخذ قراره باللجوء إلى مسيرة سلمية ونهج الحوار لتسوية هذا النزاع في سبيل تحرير أقاليمه الجنوبية.