خلال الحرب العالمية الأولى، احتل البريطانيون فلسطين بموجب شروط معاهدة سايكس بيكو لعام 1916، التى تهدف إلى تقسيم الشرق الأوسط بين بريطانيا وفرنسا، ثم أصدروا وعد بلفور فى عام 1917، متعهدين بدعم إنشاء وطن قومى للشعب اليهودى فى فلسطين.

بحلول عام 1935، زادت الهجرة اليهودية إلى فلسطين بشكل كبير، بتسهيل من السلطات البريطانية، وارتفع عدد السكان اليهود من 3٪ فقط فى ثمانينات القرن التاسع عشر إلى ما يقرب من 27٪، مما جعل المستوطنين اليهود يحصلون على الأراضى من الملاك الفلسطينيين الغائبين، مما أدى إلى تشريد المستأجرين من أصحاب الأرض، لتتأجج المشاعر القومية بين الفلسطينيين، بسبب تدفّقات الهجرة الكاسحة وتخلق مناخاً من التوتر.

أعلنت الحكومة البريطانية قرارها بتسليم قضية فلسطين إلى الأمم المتحدة، فى 29 نوفمبر 1947، والتى تبنّت القرار رقم 181، الذى أوصى بتقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وعربية منفصلتين، حيث فضّلت الخطة السكان اليهود عن العرب، وخصّصت لهم 55٪ من الأرض، رغم أنهم يشكلون ثلث السكان فقط ويمتلكون أقل من 6٪ من إجمالى مساحة فلسطين التاريخية، لتبدأ العصابات حملة تطهير عرقى تجاه العرب لطرد الفلسطينيين من قراهم، لعل أبرز تلك المذابح «دير ياسين» فى أبريل 1948، التى أدّت إلى زيادة تشريد الفلسطينيين أصحاب الأرض، وزيادة معاناتهم. يرى الدكتور نعمان فيصل، الكاتب والمؤرخ الفلسطينى، أنه على مدى 79 عاماً لم يكن الشعب الفلسطينى مخيراً بين الصواب والخطأ؛ ولكنه كان مضطراً إلى أن يختار ما بين السيئ والأسوأ، وما بين الأسود والأشد قتامة، ولقد صبَّ الباحثون جهودهم فى النظر إلى ما آل إليه المجتمع الفلسطينى، بعد أن تمكنت منه آفات الانقسام وأزمات المواطنين بطريقة غير مسبوقة وتصرّفات غريبة عن تراثه الوطنى، بحيث أعطينا للعالم كله المثال بأننا وطن منقسم، وأن الموجود واقع هشّ، وأصبح كل طرف من طرفى الانقسام يسعى إلى توظيف جغرافيا الوطن لحماية مصالحه فى السيطرة على الأرض والهيمنة على البشر، وهو مرض تتآكل تحت وطأته مقومات الوطن.

وأضاف «فيصل» لـ«الوطن»: «الوضع الفلسطينى الداخلى نتيجة القطيعة والانقسام، والذى يذكّرنا بما كان واقعاً قبل النكبة، خاصة فى حقبة العشرينات والثلاثينات من القرن العشرين، ومَن يستعرض تلك الفترة الزمنية يرى ذلك بوضوح من خلال الصراع بين الزعامات والعائلات الفلسطينية التى استحوذت على القيادة منذ الانتداب البريطانى على فلسطين، مما كان له أبعد الأثر فى اتجاهات الحركة الوطنية، حيث لم يكن الهم الوطنى وإنهاء الانتداب البريطانى من أولوياتهم، بل أصبح الخلاف على السيادة والسيطرة على إدارة الشأن الفلسطينى هو السمة البارزة وقتئذ، مما عزّز الانقسام، وجعل البريطانيين يمضون فى إملاءاتهم وتمرير سياستهم على الفريقين من منظور السياسة الإنجليزية المعروفة (فرق تسد) عبر اقتسام السلطة».

وكانت العصابات اليهودية فى فلسطين يتسلحون ويتحصّنون فى مواقعهم، إذ كانت كل مستعمرة يهودية موقعاً حصيناً، واستطاعت الوكالة اليهودية السيطرة وتنظيم اليهود فى فلسطين وفتح باب الهجرة للمزيد من المهاجرين الجدد، خاصة الشباب، الذين كانوا يخدمون فى صفوف الجيوش الأوروبية خلال الحرب العالمية الثانية، وشكّل اليهود قيادة موحّدة لهم، وعند صدور قرار التقسيم كان لليهود قوات عسكرية وشبه عسكرية ساعدهم على تشكيلها الاحتلال البريطانى، حيث يُعد المؤسس الأول لقوات الهاجاناه هو الضابط البريطانى «أورد وينجنت»، الذى أحضرته بريطانيا لقمع الثورة العربية الكبرى فى فلسطين، والتى كانت بين عامى 1936 و1939، وساعد على تشكيل العصابات اليهودية مثل شتيرين والإرجون، وعمل اليهود على تهريب الأسلحة وتخزينها خلال فترة الانتداب البريطانى.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: فلسطين غزة الاحتلال النكبة إسرائيل فى فلسطین

إقرأ أيضاً:

شعبة المستوردين: يجب تسعير المنتجات في الأزمات بالتكلفة الحقيقية

قال عماد قناوي، عضو مجلس إدارة اتحاد الغرف التجارية ورئيس شعبة المستوردين بغرفة القاهرة التجارية، إن التسعير العادل للمنتجات خلال الأزمات والكوارث الاقتصادية يمثل ضرورة ملحة للحفاظ على استقرار السوق والتوازن المجتمعي. 

وأوضح أن أشهر معادلة للتسعير هي تلك القائمة على العرض والطلب، إلا أنها لا يمكن أن تحقق العدالة إلا في ظروف اقتصادية مستقرة وطبيعية.

وأكد قناوي أن استخدام هذه المعادلة في أوقات الأزمات يتحول إلى أداة غير عادلة، حيث يؤدي إلى زيادة حدة الأزمة وتفاقم آثارها، نظرًا لاعتمادها في تلك الحالة على حماية الاحتكار ومنع المنافسة بدلاً من تحقيق العدالة السعرية.

وأشار إلى أن الأزمات تتسبب عادةً في نقص سلاسل الإمداد والإنتاج عالميًا ومحليًا، مما يؤدي إلى تقليل الكميات المعروضة في الأسواق. ومع ندرة السلع وضبابية المستقبل بالنسبة للمستهلك والمنتج، يحدث تزايد مفاجئ في الطلب، ما يدفع البعض إلى التهافت والتكالب على شراء سلع محدودة الكمية. وفي ظل هذه الظروف، يرى بعض التجار أن من حقهم رفع الأسعار بشكل كبير لتلبية الطلب المتزايد، وهو ما يفاقم الأزمة.

وشدد قناوي على أهمية تجاوز هذه النظرية تمامًا في أوقات الأزمات، مع تحمل كل فرد في المجتمع لمسؤولياته. وأوضح أن الحل يكمن في تسعير المنتجات بناءً على التكلفة الحقيقية، وليس التكلفة المتوقعة، مع إضافة هامش ربح طبيعي يتوافق مع ما كان معمولًا به قبل الأزمة وفي ظروف السوق المستقرة.

وأبرز أهمية هذا النهج، خاصةً في ما يتعلق بالسلع الغذائية الاستراتيجية، مشددًا على ضرورة عدم حجبها أو تأخير توزيعها لضمان تماسك المجتمع وإشاعة قيم الأمانة والتراحم بين المنتجين والمستهلكين والمستوردين.

مقالات مشابهة

  • مفترق طرق حاسم.. متى يصل القطار الأخير للسلام الإسرائيلى الفلسطينى إلى محطته النهائية؟
  • كل ما تريد معرفته عن اعتقال أوميت أوزداغ: الأسباب والتهم الموجهة إليه
  • غارديان: تنصيب ترامب.. الخوف والانقسام وواجهة الشعبوية القومية
  • عشرات اليهود يدنسون الأقصى المبارك
  • طينة اليهود مطيبات وبهارات وحبة حلوة
  • كأس ليكورجوس.. قصة القطع الأثرية الغامضة من عصر الرومان
  • بعد أكثر من عقد من القطيعة.. تركيا تُعيد فتح قنصليتها في حلب
  • تقارير دبلوماسية: تونس تريد عودة العلاقات الدبلوماسية مع المغرب بعد سنوات القطيعة
  • بين الوحدة والانقسام.. بايدن يغادر وترامب يبدأ عهده الجديد
  • شعبة المستوردين: يجب تسعير المنتجات في الأزمات بالتكلفة الحقيقية