76 عاماً مرّت على «نكبة فلسطين»، الحدث الأكثر قسوة على الشعوب العربية فى التاريخ الحديث، حين تم إجبار أكثر من مليون فلسطينى على الرحيل عن أراضيهم وبلدانهم ووطنهم، بعد طرد غالبيتهم من المناطق التى سيطرت عليها العصابات الصهيونية، إما بالترهيب وإما بقوة السلاح، إذ نزح نحو 280 ألف فلسطينى إلى الضفة الغربية من نهر الأردن، بينما عبر 70 ألف فلسطينى إلى الضفة الشرقية لنهر الأردن، وغادر نحو 190 ألف فلسطينى إلى قطاع غزة، فيما لجأ أكثر من 200 ألف آخرين إلى عدد من البلدان العربية.

ووفقاً للموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية، فقد جرت أكبر عملية تطهير عرقى عرفتها البشرية فى التاريخ، على 4 مراحل، بدأت المرحلة الأولى فى عام 1947، أى قبل عام من النكبة، حين صدر قرار من الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين، فى 29 نوفمبر 1947، لتبدأ العصابات الصهيونية «الهاجاناه» و«الإرجون» فى تنفيذ عمليات إجرامية عشوائية، ضد سكان البلدات والقرى الفلسطينية، بغرض ترويعهم وإجبارهم على مغادرة أراضيهم ومنازلهم، أما المرحلة الثانية فكانت بداية من 10 مارس 1948، إذ بدأت خطة التطهير التى عُرفت باسم «الخطة د»، أو «الخطة دالت»، حسب التسمية العبرية.

بدأت المرحلة الثالثة من خطة التطهير العرقى للفلسطينيين والاستيلاء على الأراضى العربية فى شهر مايو 1948، بعد أيام من إعلان قيام دولة إسرائيلية، وقبل بدء سريان الهدنة الثانية فى 18 يونيو من العام نفسه، حيث تمكنت العصابات الصهيونية وقوات الاحتلال من الاستيلاء على المزيد من البلدات والمدن الفلسطينية، فيما جاءت المرحلة الرابعة بين أكتوبر 1948 ومطلع سنة 1949، ومع نهاية «حرب 1948»، تبين أن قوات الاحتلال قامت بهدم أكثر من 400 قرية فلسطينية، بعد تفريغها من سكانها، كما بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين الذين أقدمت العصابات الصهيونية على قتلهم، أكثر من 13 ألف شهيد، حتى تمكّن الاحتلال الإسرائيلى من فرض سيطرته على أكثر من 77% من مساحة فلسطين تحت الانتداب البريطانى، بعد تهجير ما يقرب من 90% من سكانها العرب الأصليين، ليبدأ الاحتلال فى تقطيع أوصال البلدات الفلسطينية، واستئصال الطابع العربى عن الجزء الأكبر منها. بعد انتهاء «نكبة 1948»، والإعلان عن قيام دولة الاحتلال الإسرائيلى، فى 15 مايو، وقعت معظم المناطق الفلسطينية تحت سيطرة الاحتلال الإسرائيلية، باستثناء بعض المناطق التى بقيت محتفظة بهويتها الفلسطينية، إذ أطلق عليها مصطلح الضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس الشرقية، فى إشارة إلى الأماكن المقدّسة بالمدينة، كما كان لتلك النكبة آثارها الاجتماعية على المجتمع الفلسطينى، حيث أدّت إلى تمزيقه وتقطيع أوصاله، وفى عام 1967، سيطرت قوات الاحتلال الإسرائيلى على الضفة الغربية وعلى مدينة القدس، إثر انسحاب القوات الأردنية وعودتها إلى شرق نهر الأردن، كما عملت على تقليص حدودها مع الأردن، وعمل الاحتلال الإسرائيلى على نهب الكثير من ثروات الضفة الغربية، لاسيما الموارد المائية، وباشر عمليات تهويد بمدينة القدس بطريقة مخطّطة وممنهجة.

وفى السابع من أكتوبر من عام 2023 الماضى، شنّت الفصائل الفلسطينية عملية «طوفان الأقصى»، على عدد من مستعمرات الاحتلال الإسرائيلى القريبة من قطاع غزة، مما أدى إلى شنّ الاحتلال الإسرائيلى عدوانه المستمر على قطاع غزة، الذى أسفر حتى الآن عن استشهاد أكثر من 35 ألف مواطن فلسطينى، ونحو 80 ألف جريح، معظمهم من النساء والأطفال.

وفى محاولة للمقارنة بين «النكبتين»، يستعيد المؤرخ والباحث الفلسطينى عبدالقادر ياسين، ذكريات ووقائع النكبة الأولى، مشيراً إلى أن الصهاينة حين خاضوا «حرب 48» كانوا يحاصرون المدن والبلدات الفلسطينية والقرى على شكل «حدوة حصان»، بحيث يتركون جانباً مفتوحاً يسمح بخروج الأهالى والسكان العرب من بلدانهم، أما الآن فالأمر مختلف تماماً، حيث يقوم الاحتلال الإسرائيلى بسحق الشعب الفلسطينى بالدبابات والطائرات، التى تقتلهم بعشرات الآلاف.

وبينما يؤكد المؤرخ الفلسطينى أن «التاريخ لا يعيد نفسه»، فإنه يعتبر أن «النكبة الحالية أشد وأخطر»، وتتمثل خطورتها فى أن الاحتلال الإسرائيلى، فى النكبة الأولى، كان يريد الأرض دون السكان، أما الآن فيريد إبادة السكان والاستيلاء على الأرض، لأن السكان ظلوا موجودين بعد النكبة الأولى، وظلوا يمثّلون مشكلة بالنسبة للاحتلال، ولسان حال الصهاينة الآن يقول: «دعونا نفنيهم أو نُرحلهم ونأخذ الأرض ونُصفى القضية»، وإزاء ذلك، لا يرى المؤرخ والباحث الفلسطينى ضوءاً فى نهاية النفق يسمح بحل الوضع الراهن، إلا «صمود الشعب العربى الفلسطينى، وهو المعول عليه وعلى مقاومته الباسلة»، إلى جانب تعاطف الرأى العام العالمى، خاصة فى دول الغرب، الذى انتفض الكثيرون فيه تعاطفاً مع الشعب الفلسطينى، دون أى منطقة أخرى من العالم، حسب قوله. 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: فلسطين غزة الاحتلال النكبة إسرائيل الاحتلال الإسرائیلى العصابات الصهیونیة الضفة الغربیة أکثر من

إقرأ أيضاً:

مخرج فلسطيني: لم يعد ممكنا الحديث عن فلسطين في هوليوود بعد 7 أكتوبر

صفا

قال المخرج الهولندي من أصل فلسطيني هاني أبو أسعد، إنه لم يعد بإمكان أي فلسطيني الحديث عن فلسطين في هوليوود بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

جاء ذلك في ندوة أقيمت، يوم الأربعاء، على هامش برنامج التعريف بتقرير "موقف المجتمع الثقافي والفني تجاه الإبادة الجماعية الإسرائيلية" الذي أقيم في مكتبة رامي بإسطنبول، أعده اتحاد الأكاديميين والكتاب في الدول الإسلامية (AYBİR) بمشاركة أسماء عديدة من عالم الفن والثقافة.

وشملت فعالية التعريف بالتقرير معرضا فنيا فلسطينيا يحمل عنوان "يوما ما سنعود بالتأكيد" وضم 40 رسما للفنان حسن آيجن في إسطنبول.

وأوضح أبو أسعد، في كلمة خلال الندوة، أنه قبل تاريخ 7 أكتوبر كان يسمح له بالعمل في هوليوود رغم مواجهته بعض الصعوبات، "لكن بعد الحرب الإسرائيلية على غزة أدرك الصهاينة أن القضية الفلسطينية لم تكن قضية ميتة بل كانت حية بالفعل".

وأضاف أنه "منذ اللحظة التي شعروا فيها أن الانتفاضة لم تكن مجرد بيان، قرروا إيقاف كل أعمالي التي كنت أقوم بها في هوليوود".

وذكر أنه كان ينظر إلى القضية الفلسطينية قبل 7 أكتوبر على أنها صراع من أجل البقاء، لكنه اليوم ينظر إلى القضية من منظور مختلف.

ويرى أبو أسعد، أن القضية الفلسطينية ستكون في وضع مختلف كثيرا في المستقبل، وأن تاريخ 7 أكتوبر سيتحول في العقود المقبلة إلى واقع ثوري مثل الثورة الفرنسية.

بدوره، قال مؤلف التقرير الأستاذ في جامعة صقاريا مصطفى أصلان، في كلمته الافتتاحية للبرنامج، إن العديد من الشخصيات في المجتمع الثقافي والفني تعرضت لعقوبات مختلفة بسبب انتقادهم لـ"إسرائيل".

وشارك أصلان، منشورات حول الفنانين الذين يدعمون فلسطين ويتخذون موقفا ضد "إسرائيل".

وذكر أن التقرير ناقش كيفية انتقاد الفنانين في تركيا والعالم موقف الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تشن "إسرائيل" حربا على غزة خلفت أكثر من 125 ألفا بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين.

مقالات مشابهة

  • العدالة المائية.. كيف فقدتها فلسطين منذ 1948؟
  • قوات الاحتلال تعتقل أكثر من 9520 فلسطينياً خلال تسعة أشهر
  • مخرج فلسطيني: لم يعد ممكنا الحديث عن فلسطين في هوليوود بعد 7 أكتوبر
  • استشهاد شاب فلسطينى برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلى شمالى الضفة الغربية
  • ‏الصحة الفلسطينية: مقتل فلسطيني برصاص إسرائيلي في جنين
  • المجلس الوطنى الفلسطينى: ما يحدث فى أحياء شرق خان يونس والشجاعية مجازر وحشية
  • الاحتلال الإسرائيلى يقتحم مدينة طولكرم وضواحيها
  • السفير أبو علي: الشعب الفلسطيني يتعرض لأبشع عملية إبادة على مرأى ومسمع من العالم
  • انطلاق الدورة الـ96 لمؤتمر ضباط اتصال المكاتب الإقليمية لمقاطعة لإسرائيل بالجامعة العربية
  • دراسة: تسارع وتيرة ذوبان الجبال الجليدية في ألاسكا بخمسة أضعاف والتغير المناخي في دائرة الاتهام