أهلا وسهلا بالأمين العام للأمم المتحدة في مسقط
تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT
صالح الحارثي *
نُرحِّب بزيارة معالي أنطونيو غوتيرش الأمين العام لمنظمة الامم المتحدة، في زياراته المتتابعة لسلطنة عُمان، باحثا عن الحلول ومفاتيح السلام لمعضلات المنطقة، فلقد جاءها من قبل مرات عديدة ولقي مبتغاه وقد نجح.
فعُمان -ولا نزكي أنفسنا- لديها من الخبرة التراكمية والمعرفة العميقة والنظرة الفاحصة والمقدرة على حلحلة مشكلات المنطقة، ما يجعلها قِبلة للذين ينشدون السلام في العالم.
يأتينا اليوم هذا الرجل الشجاع، الذي لم يخشَ هجمة الغرب عن قول الحق، فوقف كالطود العظيم وهو يقول: "إن الشعب الفلسطيني يخضع لاحتلال خانق على مدى 56 عاماً". مشيراً إلى أن "هجوم حماس لم يأت من فراغ"، ومعربا عن قلقه حول "الانتهاكات الواضحة للقانون الدولي الإنساني في غزة"، منتقدا بذلك السياسات الغربية بشكل عام، والعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة على وجه الخصوص، ومُوجِّها رسالة غير مسبوقة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن هذه الحرب، ومُحذِّرا من مغبَّة انهيار النظام العام العالمي وتداعياته على العالم، ولافتا انتباهه إلى أن ذلك قد يُهدد السلم والأمن الدوليين".
يأتينا هذا الرجل الأمين المخلص الذي سبق وقال: "إن الموت والدمار والتشريد والجوع والخسارة والحزن في غزة على مدى الأيام المائة والعشرين الماضية، نَدْبَة على إنسانيتنا وضميرنا المشتركين".
يأتينا ليسمع منا الكلام ذاته الذي قاله من قبل معالي السيد بدر بن حمد بن حمود وزير الخارجية: "إنَّ الأجيال القادمة ستنظر بدهشة واشمئزاز إلى الخيانة التي يتعرَّض لها أهل غزة، وأنَّ كل الدول ملتزمة التزامًا قانونيًّا وأخلاقيًّا باحترام القانون الدولي، وأنَّ فشلها في القيام بذلك بمثابة تهديد خطير للسلام والاستقرار".
عُمان كما عرفها العالم المتحضِّر بيت الحكمة، والحكمة ضالة "الدبلوماسي"، وغوتيرش دبلوماسي مُحنَّك ومستمع جيد، وما ستقوله له الدبلوماسية العُمانية بلا شك سيخدم الأمن والسلم الدوليين، وسيجنِّب المنطقة ويلات الحروب والصراعات التي لا طائل منها سوى الدم والدمار.
القضية الفلسطينية هي سيدة الموقف الآن، وهي مفتاح الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وقد بدت الآن أكثر وضوحا عن ذي قبل، للذين لم يكونوا يؤمنون بذلك.
فالفلسطينيون أصحاب حق مشروع، وهو الاعتراف بدولتهم المستقلة على حدود ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، وما عدا ذلك فهو مزيد من المعاناة والحروب وعدم الاستقرار في المنطقة، وانعكاسات ذلك على العالم الذي عايش الغطرسة الإسرائيلية بسبب الدعم العسكري الأمريكي-الغربي اللا محدود، ومن بينه استخدام الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض "الفيتو" ضد الاعتراف بدولة فلسطين.
يأتينا هذا الرجل وفي جُعبته الكثير من القضايا، ناشدًا صوت العقل الذي سيجده هنا في مسقط. ويأتينا كذلك ومعه الملف القديم المتجدِّد بعد الملف الفلسطيني، وهو ملف إصلاح الأمم المتحدة ومراجعة آليات العمل فيها، ومن بينه: إعادة النظر في طريقة عمل مجلس الأمن الدولي ليكون أكثر عدالة وأكثر حرصا على حفظ وصون الأمن والسلم الدوليين، وأكثر بُعدا عن ازدواج المعايير، وأكثر شفافية في تناول قضايا دول العالم الثالث والدول النامية، وهو أمرٌ يستوجب من المجتمع الدولي كذلك العمل معًا هذه المرة بجدية أكبر وتعاون أوسع وأوثق لإصلاح هذا الخلل العميق في هذه المنظمة الدولية العجوز.
نقول للسيد غوتيرش: أهلا وسهلا بك في بلد الأمانة والأمن والسلام، فلن تسمع مِنَّا غير الصِّدق، ولن نقول لك غير الحقيقة، ولن تَرَى مِنَّا غير ذات المبادئ، ولو زُرتنا بعد ألف عام.
** سفير سابق
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: استخدام ممنهج للاغتصاب كسلاح في حرب السودان
حذرت هيئة تابعة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء من أن الاغتصاب يستخدم بشكل ممنهج كسلاح في حرب السودان المستمرة منذ سنتين، وقالت آنا موتافاتي المديرة الإقليمية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في شرق وجنوب أفريقيا للصحفيين في جنيف عبر رابط فيديو من بورتسودان “شهدنا زيادة بنسبة 288 بالمئة في الطلب على الدعم المنقذ للحياة لضحايا الاغتصاب والعنف الجنسي. بدأنا نشهد استخداما ممنهجا للاغتصاب والعنف الجنسي كسلاح حرب”.
وأضافت “تحولت أجساد النساء إلى ساحة حرب”، دون أن تُحدد الطرف المسؤول عن ذلك في حرب السودان.
واندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في أبريل نيسان 2023، مُبددة الآمال في الانتقال إلى حكم مدني.
ومنذ ذلك الحين تسبب الصراع في نزوح الملايين ودمّر أقاليم مثل دارفور حيث تُقاتل قوات الدعم السريع للحفاظ على معقلها وسط تقدم قوات الجيش في الخرطوم.
وقالت موتافاتي “ما خفي كان أعظم، هناك كثيرات لا يبلغن خوفا من العار وتحميل المسؤولية للضحايا الذي يُلازم كل امرأة تتعرض للاغتصاب والاغتصاب الجماعي”.
ووصفت بعثة لتقصي الحقائق تابعة للأمم المتحدة العام الماضي مستويات الاعتداء الجنسي، بما في ذلك اغتصاب الأطفال، بأنها “صاعقة”. وقالت البعثة إن غالبية الحالات المعروفة ارتكبها أفراد من قوات الدعم السريع وحلفاء لها، مشيرة إلى صعوبة الإبلاغ عن مثل هذه الجرائم في المناطق التي يسيطر عليها الجيش.
وقال ممثل لوكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة يوم الثلاثاء إنه التقى بنساء في الخرطوم أخبرنه بتعرضهن لاعتداءات جنسية أمام أزواجهن المصابين وأطفالهن الذين كانوا يصرخون.
وقال محمد رفعت، رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في السودان “هذه أول مرة في حياتي أرى نساء يتعرضن لاعتداءات إلى هذا الحد”.
وتشارك بريطانيا في استضافة مؤتمر في لندن يوم الثلاثاء، بهدف تحسين تنسيق الاستجابة الدولية للأزمة.
وانتقد وزير الخارجية السوداني حضور الإمارات وكينيا في المحادثات، وقال إنه كان ينبغي دعوة السودان.