تتضاءل آمال اليمنيين بحلول سلام وشيك في البلاد رغم التحركات الدولية والإقليمية لإحياء العملية السياسية والتوصل إلى اتفاق يوقف الحرب وينهي حالة اللاسلم واللاحرب السائدة منذ أكثر من سنتين.

وتحاول القوى الدولية والإقليمية الضغط باتجاه تحقيق وقف لإطلاق النار أكثر تماسكا من ذلك الذي أعقب هدنة أبريل 2022، فيما يطوف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس جروندبرج عواصم الدول الفاعلة في الملف اليمني لإحياء مسار العملية السياسية.

لكن تصعيد مليشيا الحوثي الذي لم يقتصر على الجبهات الداخلية فقط، بل امتد أيضا إلى فتح جبهات قتال بحرية مع الولايات المتحدة وبريطانيا، تسبب بتعقيدات إضافية لمسار السلام والتسوية السياسية، ووضع المجتمع الدولي والإقليمي أمام اختبار صعب، بما في ذلك دول التحالف العربي نفسها.

السبت حطت طائرة المبعوث الأممي جروندبرج في العاصمة عدن في زيارة التقى خلالها بقادة الحكومة الشرعية في إطار مساعيه لإحياء العملية السياسية المتعثرة بتعنت مليشيا الحوثي وداعمها الإقليمي إيران.

وفي هذا السياق التقى جروندبرج الأحد، رئيس الحكومة الشرعية أحمد عوض بن مبارك، وأطلعه على نتائج الجولات واللقاءات التي أجراها خلال الفترة الماضية ضمن مساعيه الجديدة من أجل استئناف مسار العملية السياسية.

وحسب وكالة الأنباء الحكومية "سبأ" بنسختها الشرعية، فإن اللقاء استعرض المسارات التي يعمل من خلالها المبعوث الأممي للتعامل مع الوضع الراهن "خاصة مع استمرار تصعيد مليشيا الحوثي وحربها الاقتصادية ضد الشعب اليمني، واستهداف السفن التجارية والملاحة الدولية، ورفضها لكل الحلول والمبادرات في تحد صريح للجهود الأممية والإقليمية والدولية والإرادة الشعبية".

ونقلت "سبأ" عن بن مبارك قوله للمبعوث الأممي: إن "الحرب الاقتصادية التي تنفذها مليشيا الحوثي ضد الشعب اليمني من استهداف منشآت تصدير النفط أو في الجوانب المصرفية واستنزاف قدرات القطاع الخاص والجبايات على المواطنين لا يمكن القبول بها أو السكوت عنها".

ولفت إلى أن "التدهور المعيشي والخدمي الذي يعيشه المواطنون وتفاقم الوضع الإنساني الكارثي هي نتائج مباشرة لهذه الحرب الحوثية، ما يتطلب موقفا دوليا رادعا وحازما تجاه ذلك".

وقالت الوكالة: إن المبعوث الأممي قدم لرئيس الوزراء استعراضا لنتائج زياراته وجولاته الأخيرة، والقلق القائم من استمرار التصعيد الذي يدفع إلى مسارات أخرى لا تساعد على تحقيق السلام الذي ينشده الشعب اليمني.

وأضافت إن غروندبرغ أعرب عن تفهمه الكامل لنتائج الحرب الاقتصادية وتأثيراتها على الشعب اليمني، والحرص على الحفاظ على فرص السلام، ومواصلة العمل من أجل إعادة الحوثيين نحو مسار السلام والتخلي عن خيار الحرب الذي لن يجلب إلا المزيد من الأزمات لأبناء الشعب اليمني.

ويرى مراقبون أنه منذ بدء الهجمات الحوثية على السفن التجارية في البحرين الأحمر والعربي، يتعامل المجتمع الدولي بتساهل ملحوظ مع تصعيد المليشيا الحوثية لهجماتها ضد السفن، فيما يبدو متجاهلا تصعيدها على الجبهات الداخلية مع قوات الحكومة الشرعية والأطراف الممثلة في مجلس القيادة الرئاسي.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: العملیة السیاسیة المبعوث الأممی ملیشیا الحوثی الشعب الیمنی

إقرأ أيضاً:

السلام البارد أو التصعيد العسكري.. إلى أين تسير العلاقات المصرية الإسرائيلية؟

تصاعدت التوترات السياسية بين مصر وإسرائيل مؤخرا بسبب الانتشار العسكري المصري في شبه جزيرة سيناء، في تطور أثار انزعاج تل أبيب.

ويبدو أن المحددات الضابطة لواحدة من أهم العلاقات الشائكة في الإقليم قد اعتراها التغير، وبالتالي يتعين فهم التغيرات الدولية والإقليمية والثنائية بسياقاتها السياسية والأمنية والعسكرية لاستشراف مستقبل العلاقات التي ظلت محورا للجدل لسنوات طوال.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2سوريا ولبنان.. من الجوار الصعب إلى التعاونlist 2 of 23 انسحابات من المنظمة الفرنكفونية.. خطوة جديدة للقطيعة مع فرنساend of list

وحول التوتر المتصاعد واحتمالات تطوره في المستقبل وسبل تفاديه، نشر مركز الجزيرة للدراسات ورقة تحليلية بعنوان "العلاقات المصرية الإسرائيلية: حدود التغير وآفاق المستقبل" ناقش فيه الباحث محمد رمضان بشندي التغير في العلاقات المصرية الإسرائيلية، وأسباب التوتر الراهن، والسيناريوهات المستقبلية.

انتشار الجيش المصري في شبة جزيرة سيناء أثار المخاوف الإسرائيلية (الفرنسية) وطأة التغيرات الإقليمية

جاء تدهور العلاقات المصرية الإسرائيلية مناقضا للسياق الإقليمي المتجه نحو التطبيع مع دول عربية أخرى منذ عام 2020، فيما سمي بـ"اتفاقيات أبراهام"، التي تميزت عن اتفاقية كامب ديفيد بين القاهرة وتل أبيب عام 1978 بمقايضة السلام بالاقتصاد بدل السلام بالأرض، وكانت فيها الدول المطبعة هي الطرف الداعي والساعي للسلام على عكس ما هو الحال مع مصر.

ويكمن التأثير الإقليمي على العلاقات بين مصر وإسرائيل في التنافس العربي المحموم للتطبيع بلا ثمن سياسي واضح من إسرائيل، ما جعل تقديراتها لرد فعل إقليمي لاعتداءاتها على الفلسطينيين والدول المجاورة أقل حدة، وخفض توقعاتها من دعم الدول العربية للقاهرة في حال واجهت تهديدا لأمنها القومي، وهو ما يحفز إسرائيل على تقوية علاقاتها مع دول أخرى لموازنة احتياجاتها مع مصر كوسيط، وإشغال القاهرة بحماية أمنها القومي.

وتنظر القاهرة لعلاقاتها مع تل أبيب بوصفها بوابة لتحسين مكانتها في واشنطن، التي كان لها دور محوري في كامب ديفيد، وبدأ اليوم في الأفول شيئا فشيئا.

إعلان

وترغب الولايات المتحدة في الانسحاب من صراعات الشرق الأوسط، خاصة بعد تصاعد الخطر الإيراني في عدد من الدول العربية وتوسع الشراكة الإسرائيلية مع دول المنطقة، وهو ما يُشعر القاهرة بغياب الطرف الثالث المحافظ على توازن المصالح في اتفاقيات السلام.

يعني ذلك فيما يعنيه، أن على مصر تقليل الاعتماد على التدخلات الأميركية لاحتواء المطالب المصرية والضغط على إسرائيل، وتنويع أدوات المواجهة والردع مع الكيان الإسرائيلي، خاصة مع التركيز الإسرائيلي على العلاقات مع السعودية على حساب مصر.

ويمكن النظر إلى الهجوم الإسرائيلي على لبنان واغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله والقضاء على القدرات العسكرية السورية وتواصل الاعتداءات الإقليمية بوصفها تغيرا جذريا في التوازن الإقليمي يمس دور القاهرة ويهدد أمنها القومي.

ويشير كل ما سبق إلى أن مصر تواجه معضلة إعادة بناء صورتها في المخيلة الإسرائيلية كعدو قوي محتمل يستطيع حماية مصالحه الأمنية والإقليمية ويمتلك أدوات الضغط والقدرة على التأثير، وهو أثار ردا إسرائيليا بالتلويح بورقة تهجير سكان قطاع غزة.

هل تصمد كامب ديفيد؟

تنقسم أسباب التوتر الراهن بين مصر وإسرائيل إلى أسباب سياسية وإستراتيجية وأخرى عسكرية وأمنية.

من الناحية السياسية والإستراتيجية، حدث نوع من تخفيض مستوى العلاقات بشكل غير معلن بين البلدين، تجلى في:

تجاهل مصر الرد بالموافقة على ترشيح إسرائيل سفيرا جديدا لها في القاهرة، واستدعت سفيرها إلى القاهرة دون إعلان سحبه بشكل رسمي. انضمام مصر لدعوى جنوب أفريقيا في القضية المرفوعة في محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل. رفض الاتهامات الموجهة للمخابرات المصرية بتغيير بنود اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة عند تقديمه لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، والتهديد بالانسحاب من الوساطة. رفض الرئاسة المصرية التحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هاتفيا. إعلان

ويعود مرد البرود في العلاقات في جزء كبير منه إلى الاختلاف حول كيفية التعامل مع حماس، فبينما ترى مصر أن القضاء على حماس حل ساذج وقصير النظر وأن النتيجة ستكون إفساح المجال لفصائل أكثر حدة من حماس، تقترح بدلا من ذلك نسج علاقات مع وجهاء قطاع غزة ليحلوا محل حماس، وهي أيضا خطة غير قابلة للتنفيذ، وقد تمهد الطريق لمزيد من الفوضى والإرهاب العابر للحدود.

وهنا تبرز الأسباب العسكرية والأمنية لتراجع العلاقة بين الطرفين، فبعد ظهور تنظيم ولاية سيناء أصبح الملحق العسكري لمعاهدة كامب ديفيد غير موجود عمليا، بعد طلب القاهرة تعديله للسماح بوجود 3 أضعاف القوات المسموح بها في المعاهدة، لكن رغبة إسرائيل في تهجير الفلسطينيين وسيطرتها على محور صلاح الدين (فيلادلفيا) أعاد العلاقات إلى المربع الأول.

وترفض القاهرة وجود جنود إسرائيليين بالقرب من منشآتها الحساسة، أو سيطرتها على جميع المعابر على حدود غزة، ولا سيما بعد نشر دبابات وأفراد تجاوزوا حدود المنطقة "د" أثناء الهجوم على رفح.

وازداد التوتر مع إسرائيل بعد السيطرة على "محور موراغ" (ممر صوفا) جنوب القطاع، بغرض فصل خان يونس عن رفح، في تمهيد لتطبيق خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرئيل شارون المعروفة باسم "الأصابع الخمسة" والرامية إلى تقسيم غزة إلى 5 مناطق هي إيرز ونتساريم وكيسوفيم وموراغ وفيلادلفيا.

وهذا قد يمنع التواصل الجغرافي بين غزة وسيناء وإخلاء المنطقة الواقعة بين محوري موراغ وفيلادلفيا بعرض 5 كيلومترات، وتعزيزها بالقوات العسكرية وأسلحة الرصد والتنصت.

وتزيد هذه الخطة في حال تطبيقها من الضغط على القاهرة، التي تخشى حدوث خطأ عسكري من جانب إسرائيل قد يتسبب في رد مصري ينهار معه الملحق العسكري لاتفاقية كامب ديفيد.

وترفض مصر الخطة الإسرائيلية الأميركية لتهجير الفلسطينيين لعدة أسباب منها العبء الإنساني، وتصفية القضية الفلسطينية، ومخاوف تحول منطقة سيناء إلى منصة لانطلاق الهجمات على إسرائيل.

إعلان

وبينما أعلنت إسرائيل عن إنشاء هيئة متخصصة في تسهيل "المغادرة الطوعية" للفلسطينيين من قطاع غزة، اقترحت مصر خطة بقيمة نحو 50 مليار دولار لإعادة إعمار القطاع، في سعي منها لتوفير بديل عن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للاستيلاء على غزة وتحويلها إلى مركز سياحي.

من الجانب الآخر، تنظر إسرائيل بعين الريبة لتنامي القوة العسكرية المصرية، فلديها جيش كبير، وأسلحة وطائرات وغواصات وسفن وصواريخ وعدد كبير من الدبابات والقوات البرية المتطورة.

وقد عبّر عن تلك المخاوف كل من رئيس الأركان الإسرائيلي السابق هرتسي هاليفي والسفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون بالقول إن مصر تشكل تهديدا أمنيا مستقبليا بسبب تنامي قدراتها العسكرية.

ووصفت وسائل إعلام إسرائيلية إعلان قوات الجيش الثالث الميداني جاهزيته القتالية بأنه "مسار تصادمي"، بالنظر إلى أن مهام الجيش الثالث تتمثل في تأمين قناة السويس وشمال سيناء وحدود مصر المتاخمة لقطاع غزة.

إسرائيل تصر على السيطرة على محور فيلادلفيا (غيتي) سيناريوهات مستقبلية

ويمكن النظر إلى مستقبل العلاقات المصرية الإسرائيلية من خلال سيناريوهين محتملين:

سيناريو التصعيد العسكري في حال استمرت إسرائيل في استفزاز المصالح الأمنية والسياسية والاقتصادية لمصر، وهو ما قد يسبقه خفض التمثيل الدبلوماسي وتجميد التنسيق العسكري وإقامة الحواجز العسكرية، ونشر تشكيلات دفاعية وتجميد العمل بالمادة الرابعة من اتفاقية السلام، وليس انتهاء بالتخلي عن أدوار الوساطة. سيناريو استمرار السلام البارد وتواصل التنسيق الأمني والتعاون الاقتصادي، وهو ما قد تدعمه حاجة إسرائيل إلى دور الوساطة المصرية في صفقة تبادل الأسرى وضمان استقرار الوضع في غزة بعد الحرب والمصالح الاقتصادية المشتركة وحاجة إسرائيل للسمعة الطيبة مع مصر لاستكمال مسار التطبيع العربي. إعلان

وتظهر التحليلات النهائية أن السياق الدولي والإقليمي في تغير مستمر، وأن على الأدوات العسكرية والأمنية المصرية التكيف مع التغيرات بشكل سريع ومستمر واستباقي وفقا لمكانة مصر الإقليمية واحتياجاتها الأمنية والعسكرية والإستراتيجية.

[يمكنكم قراءة الورقة التحليلية كاملة عبر هذا الرابط]

مقالات مشابهة

  • ما هو القسم الجديد الذي أداه أئمة الأوقاف أمام السيسي في الأكاديمية العسكرية؟
  • السلام قادم : الرئيس اليمني يجتمع برئاسة هيئة التشاور وأمناء المكونات السياسية
  • الرئيس اليمني: مواجهة الحوثي تبدأ من الداخل.. ودور الشرعية شريك لا غنى عنه
  • تفاصيل مخيفة في واقعة خطف موظف ابن زوجته العرفية وإنهاء حياته بالسلام
  • بوعيه والتفافه حول قيادته.. الشعب اليمني أكثر تماسكا أمام حملات التضليل والأبواق الحاقدة
  • غضب يمني عارم إزاء تمادي العدو الأمريكي في استهداف المدنيين والأحياء السكنية:الفعاليات الوطنية تحمّل الأمم المجتمع الدولي مسؤولية صمتها على الانتهاكات الجسيمة بحق الشعبين الفلسطيني واليمني
  • المجتمع الدولي وإدمان الفشل حول السودان
  • السلام البارد أو التصعيد العسكري.. إلى أين تسير العلاقات المصرية الإسرائيلية؟
  • ذوو الأسرى: فرص إعادتهم تتضاءل ونتنياهو يطيل الحرب لمكاسب سياسية
  • والد أسير إسرائيلي: فرص إخراج الأسرى من غزة سالمين تتضاءل