أنقرة– يناقش البرلمان التركي مشروع قانون قدّمته الجهات القضائية، يهدف إلى منع أنشطة الاستخبارات الأجنبية في البلاد، وذلك بحسب صحيفة "يني شفق" المقربة من الحكومة، وعلى خلفية عمليات أمنية كشفت عن نشاط مكثف لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" في تركيا.

وتشمل التعديلات المقترحة في قانون العقوبات التركي، والتي ستُعرض قريبا ضمن الحزمة القضائية التاسعة، تغييرات جوهرية في المادة 339 المتعلقة بقضايا التجسس.

ووفقا لمصادر الصحيفة، سيتم فرض عقوبة السجن لمدة تتراوح بين 3 و7 سنوات على "من يقوم بإجراء أبحاث حول المواطنين الأتراك أو المؤسسات والمنظمات أو الأجانب الموجودين في تركيا لصالح دولة أجنبية، أو تنظيم بناءً على مصالح إستراتيجية أو تعليمات تلك الدولة أو التنظيم"، وهو ما سيعرف بـ"التجسس التأثيري"، أي ذاك الذي لا يكون بشكل مباشر.

وفي حالة وقوع الجريمة أثناء الحرب أو خلال استعدادات الدولة للحرب، مما يعرض فعالية الحرب أو التحركات العسكرية للخطر، ستتراوح عقوبة السجن بين 8 و12 عاما. كما سيتم تطبيق عقوبات مزدوجة في حال ارتكاب جريمة أخرى بجانب جريمة التجسس.

وتتضمن الحزمة القضائية الجديدة إضافة "مواد وقائية" تهدف إلى تسهيل التحقيق والملاحقة القضائية الفعّالة لهذه الجرائم، بما يتماشى مع التهديدات الأمنية الحديثة.

ولم تبدِ أي من الأحزاب التركية حتى الآن اعتراضًا على مشروع القانون الذي لا يزال قيد الدراسة، مما يشير إلى توافق واسع حول أهمية تعزيز الإجراءات الأمنية والتصدي لمحاولات التجسس التي تستهدف البلاد.

تمكنت الاستخبارات التركية مؤخرا من كشف عدة خلايا تجسسية للموساد الإسرائيلي (وزارة الداخلية التركية) مضاعفة العقوبة

تتضمن مسودة القانون تنظيما حاسما يتعلق بالعاملين في الوحدات الإستراتيجية والمرافق الخاصة والعامة التي تتمتع بأهمية أمنية ووطنية، حيث سيتم مضاعفة العقوبة المفروضة على المتورطين في هذه القطاعات.

وكشف جهاز الاستخبارات التركية، في مايو/أيار العام الماضي، عن تورط المحقق التركي سلجوق كوجوكايا و17 آخرين، بتهمة التعاون مع الموساد وتقديم معلومات من شأنها أن تضر بالأمن القومي التركي.

كما ألقت القبض في مارس/آذار الماضي، على حمزة تورهان آيبرك، وهو مدير أمن سابق متهم بوقوفه على رأس خلية يُشتبه بارتباطها بجهاز الاستخبارات الإسرائيلي.

وتعمل أجهزة الاستخبارات الأجنبية في تركيا بشكل مستمر على استغلال الثغرات داخل جدارها الأمني، مما يعكس معركة مستمرة مع جهاز الاستخبارات في البلاد، حيث نجحت الجهات الأجنبية في تجنيد طلاب أجانب ومواطنين وحتى موظفين في الدولة.

وفي هذا السياق، قال الرئيس السابق للمخابرات الجوية التركية غورسال توكماك أوغلو، للجزيرة نت، إن "الوكلاء المؤثرين قد لا يدركون أحيانا موقعهم بشكل كامل، على الرغم من كونهم موجودين بيننا بصفاتهم المشروعة، يتواصلون مع الأجانب في سياقات مشروعة، ويقومون بتوجيهات يمكن أن تخدم مصالحهم".

وأوضح توكماك أوغلو أنه "يتم استغلال المناطق الرمادية من قبل "التنظيمات الإرهابية" والاستخبارات الأجنبية، حيث يمكن لأنشطة مثل العمليات الإعلامية، والهجمات السيبرانية، وأشكال الدعاية المختلفة، أن تُنفذ بطرق تؤدي إلى زعزعة الاستقرار والتأثير على الرأي العام.

وأشار إلى أن التعديلات الجديدة تمثل تحركا جادا من الحكومة التركية لمنع العمليات الاستخبارية، لا سيما تلك التي يقوم بها الموساد، خاصة بعد الوضع المتأزم الذي بدأ مع أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي وتهديد رئيس الشاباك باغتيال قادة حماس في عدة دول، بما فيها تركيا.

تحذيرات رسمية

نشرت الاستخبارات التركية -الأسبوع الماضي- فيديو على موقعها الرسمي تحذر فيه المواطنين الأتراك من "المساعدة غير المقصودة" في أنشطة التجسس، وحذّرت من الأنشطة المحتملة لعملاء الاستخبارات الأجنبية في البلاد، داعية للإبلاغ عن الأشخاص الذين يطرحون "أسئلة مشبوهة".

وأشارت إلى أن أعضاء الاستخبارات المعادية يقيمون اتصالات بالمواطنين من خلال طرق مختلفة، ويستهدفون مصالح البلاد ووحدتها وسلامتها وقيمها، مما يمكنهم من تجنيد المواطنين كجواسيس.

وأضافت أن خدمات الاستخبارات قد تطلب من المجندين إجراء تحليلات أو إعداد تقارير من المعلومات المتاحة بمصادر مفتوحة، أو الحصول على عناوين أهدافهم أو إجراء استطلاعات على المباني أو المنشآت المهمة.

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح المحلل الأمني والضابط السابق في الاستخبارات التركية مراد أصلان، أن أجهزة الاستخبارات الإيرانية والإسرائيلية نفذت العديد من العمليات في تركيا سابقا، وكانت إسرائيل تجند أشخاصا أتراكا أو أجانب بدلا من أفراد استخباراتها الخاصة.

وأوضح أن بعض هؤلاء الأشخاص كانوا يديرون شركات أبحاث أو تحقيقات، مما سمح لهم بتقديم خدمات استخباراتية من خلال عقود أو خدمات استشارية.

وأشار إلى أن التعديلات القانونية الجديدة تهدف إلى فرض رقابة أشد على هذا النوع من الأنشطة، وأن الاقتراح القانوني الجديد يتضمن شرطا يستدعي وجود طلب أو توجيه من دولة أجنبية، مما يدفع نحو اتخاذ إجراءات لضمان شفافية أكبر للشركات أو الأفراد الذين يقدمون خدمات استشارية أو تحقيقية. فعلى سبيل المثال، بدلا من تحصيل رسوم الخدمات المقدمة مباشرة، تم التركيز على إجراءات أكثر شفافية مثل الدفع عبر البنوك.

وأضاف أصلان أن الفيديو الذي نشرته الاستخبارات التركية الأسبوع الماضي، إلى جانب البيان الذي أصدرته في بداية شهر يناير/كانون الثاني الماضي لتحذير المواطنين من الوقوع في فخ الأنشطة التجسسية المحتملة، يعدان دليلين على جدية جهاز الاستخبارات التركية في التعامل مع هذه التهديدات وضرورة إدراكها كواقع يجب التعامل معه بجدية.

تضاعف التعديلات المقترحة العقوبة على العاملين في المرافق والمنشآت الإستراتيجية (رويترز) الذكاء الاصطناعي والتجسس

وذكرت وكالة "الأناضول" في أبريل/نيسان الماضي، أن الخبراء الأتراك يعملون على تطوير مشروع لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مكافحة أنشطة التجسس ضد البلاد.

وبحسب الوكالة، "يمكن تعقب الأجسام التي تحلق فوق تركيا، بما في ذلك المركبات الفضائية والأقمار الصناعية، باستخدام الذكاء الاصطناعي، مما سيساعد في تحديد أنشطة التجسس".

وقال نائب رئيس "الجامعة التركية للملاحة الجوية" البروفيسور تحسين تشاغري شيشمان، للوكالة، إن الجامعة تجري بحثا حول تحديد مدار الأقمار الصناعية باستخدام الذكاء الاصطناعي، وخاصة التعلم العميق، للمساعدة في زيادة الوعي بالوضع الفضائي في تركيا وتوسيع قدراتها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الاستخبارات الأجنبیة الاستخبارات الترکیة الذکاء الاصطناعی أنشطة التجسس الأجنبیة فی فی ترکیا

إقرأ أيضاً:

5 بنود أساسية.. شكل العقد الجديد في مشروع قانون العمل الجديد

يأتي مشروع قانون العمل الجديد ليحدد معايير واضحة لعقود العمل، إذ يلزم أصحاب الأعمال بضرورة توثيق البنود الأساسية التي تضمن حقوق العمال وتحفظ حقوق أصحاب العمل، بما يحقق التوازن في العلاقة التعاقدية بين الطرفين.

وحدد مشروع القانون الجديد 5 بنود رئيسية يجب أن يتضمنها عقد العمل؛ لضمان وضوح العلاقة التعاقدية وعدم وقوع خلافات مستقبلية.

البنود الأساسية لعقد العمل

وفقًا لمشروع قانون العمل الجديد، يجب أن يشمل عقد العمل البنود التالية:

1. تاريخ بداية العقد.. وهو التاريخ الذي يبدأ فيه العامل أداء مهامه بشكل رسمي وفقًا للاتفاق المبرم بينه وبين صاحب العمل.


2. اسم صاحب العمل وعنوان محل العمل.. لضمان وضوح الجهة التي يتبعها العامل، ما يسهل الرجوع إليها في حالة نشوب أي نزاع قانوني.


3. اسم العامل ومؤهلاته ومهنته أو حرفته إلى جانب رقمه التأميني ومحل إقامته، وما يلزم لإثبات شخصيته.. مما يساعد في ضمان الشفافية وتوثيق بيانات العامل بدقة.


4. طبيعة ونوع العمل محل العقد.. لتحديد المهام والمسؤوليات التي سيقوم بها العامل داخل المؤسسة.


5. الأجر المتفق عليه.. وهو أحد أهم البنود التي ألزم بها القانون أصحاب الأعمال؛ لضمان عدم استغلال العمال أو التلاعب في مستحقاتهم المالية.

حماية حقوق العمال وتعزيز التوازن بين الطرفين

يهدف مشروع قانون العمل الجديد إلى إحداث نوع من التوازن في العلاقة بين أصحاب العمل والعمال، بحيث يحفظ حقوق الطرفين بشكل عادل يضمن مصلحة العمل واستقرار بيئة العمل، ولذلك، جاء القانون ليضع بنودًا غير مسبوقة تضمن توثيقًا رسميًا لهذه الحقوق، وهو ما يعزز الاستقرار الوظيفي ويحد من النزاعات العمالية.

ومن أبرز البنود التي تعكس اهتمام مشروع القانون بحقوق العمال، إلزام أصحاب العمل بتوثيق الأجر المتفق عليه في العقد، وهو ما يحد من التلاعب بحقوق العمال المالية.

كما يمنح القانون الجديد، العاملين، وضوحًا حول طبيعة وظائفهم ومسؤولياتهم منذ البداية، مما يساعد على تقليل المشكلات التي قد تنشأ نتيجة عدم تحديد الأدوار بدقة.

إجازة الوضع للمرأة في مشروع قانون العمل الجديد

في إطار دعم حقوق المرأة العاملة، نص مشروع قانون العمل الجديد على منح المرأة العاملة إجازة وضع لمدة 4 أشهر، وهي مدة تزيد عما كان متبعًا في القوانين السابقة، مما يعكس اهتمام المشرّع بحقوق الأمهات العاملات.

أهمية مشروع قانون العمل الجديد

مشروع قانون العمل الجديد خطوة مهمة نحو تطوير بيئة العمل في مصر، حيث يضمن للعاملين حقوقهم بشكل أكثر وضوحًا، ويوفر إطارًا قانونيًا أكثر تنظيمًا للعلاقة بين صاحب العمل والعامل. 

كما يسهم في الحد من المشكلات العمالية الناجمة عن العقود غير الموثقة أو غير الواضحة، مما يساعد على تحقيق بيئة عمل مستقرة وعادلة للجميع.

وجاء مشروع قانون العمل الجديد؛ ليضع أسسًا واضحة لعقود العمل، تلزم أصحاب الأعمال بتوثيق حقوق العمال بشكل دقيق، مع إرساء قواعد عادلة تحمي حقوق جميع الأطراف، وهو ما يعزز استقرار سوق العمل المصري ويدعم الإنتاجية داخل المؤسسات المختلفة.

مقالات مشابهة

  • 3 إجراءات عاجلة لمكافحة ظاهرة التنمر في المدارس | قرارات عاجلة من التعليم
  • "قانونية الدولة" تناقش مشروع قانون "مكافحة الاتجار بالبشر"
  • مناقشة مشروع قانون مكافحة الاتجار بالبشر بمجلس الدولة
  • إغلاق موسم الصيد البري في تركيا
  • أعلى الطرق تكلفة في البلاد.. تركيا تقترب من إنهاء أحد أهم مشاريعها
  • إسرائيل تعتقل مواطنا بتهمة التجسس لصالح إيران
  • لـ 59.17 مليار دولار.. الودائع بالعملة الأجنبية في بنوك مصر ترتفع بنهاية يناير الماضي
  • 5 بنود أساسية.. شكل العقد الجديد في مشروع قانون العمل الجديد
  • مشروع سعودي لمكافحة وباء الملاريا في اليمن
  • مشروع قانون إسرائيلي يفرض على القدس الكبرى ويوسع مناطق نفوذها