بغداد اليوم- متابعة

أعطى الاتحاد الأوروبي، اليوم الثلاثاء، (14 ايار 2024)، الضوء الأخضر النهائي لإصلاح تاريخي لسياساته المتعلقة بالهجرة واللجوء، وذلك بعد نحو عقد من الجدل بشأنها.

وأقرّ الوزراء الأوروبيون بشكل رسمي في اجتماع في بروكسل، نحو 10 قوانين تشكّل ميثاق الهجرة واللجوء، سيبدأ العمل بمعظمها في العام 2026.

وبذل مؤيدو الإصلاحات جهودًا حثيثة للدفع من أجل الموافقة عليها قبل الانتخابات الأوروبية المقررة في يونيو، إذ من المتوقع صعود أحزاب اليمين المتطرّف، مما قد يدفن حزمة الإصلاحات.

وبموجب التشريعات الجديدة، ستحتجز مراكز حدودية مستحدثة المهاجرين غير النظاميين أثناء دراسة طلبات لجوئهم، على أن تُسرّع كذلك عمليات ترحيل المرفوضين من دخول الاتحاد الأوروبي.

وتُلزم الحزمة دول التكتّل باستقبال آلاف من طالبي اللجوء من دول "الخطوط الأمامية" مثل إيطاليا واليونان، أو في حال رفضها ذلك بتقديم الأموال وموارد أخرى للدول التي تتعرض لضغوط من جراء استقبال اللاجئين.

وانتقدت منظمات حقوق المهاجرين الإصلاحات. واعتبرت منظمة العفو الدولية أنها "ستؤدي إلى مزيد من المعاناة الإنسانية".

يرتقب أن يحقق الشعبويون اليمينيون مكاسب غير مسبوقة في انتخابات المؤسسة التشريعية الأوروبية المقررة الشهر المقبل، وبينما يستعد المسؤولون الأوروبيون لبرلمان  بمظهر جديد، تتزايد المخاوف من أن التكتل المكون من 27 دولة قد يصبح أكثر عرضة للدول المناوئة التي تسعى إلى إلحاق الضرر بالاتحاد، وفقا لشبكة "سي ان ان".

وتزامنًا مع توقيع الإصلاحات الجديدة، يكثّف الاتحاد الأوروبي استخدامه لصفقاته مع دول العبور والمنشأ، التي تهدف إلى الحدّ من عدد الوافدين، بحيث أبرم في الأشهر الأخيرة اتفاقات مع تونس وموريتانيا ومصر.

وأبرمت إيطاليا على انفراد اتفاقًا مع ألبانيا لإرسال المهاجرين الذين تنقذهم روما في المياه الإيطالية، إلى ألبانيا، حتى معالجة طلبات لجوئهم.

علاوة على ذلك، تستعد مجموعة من الدول على رأسها الدنمارك وجمهورية تشيكيا لإرسال رسالة للضغط من أجل نقل مهاجرين يتم إنقاذهم في البحر إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي.

وبموجب قانون الاتحاد الأوروبي، يمكن إرسال المهاجرين إلى دولة خارج الكتلة حيث يمكنهم تقديم طلب اللجوء، شرط أن يكون لديهم صلة كافية بتلك الدولة.

ولا ينطبق ذلك حتى الآن على اتفاقات مثل الذي أبرمته المملكة المتحدة مع رواندا لإرسال الوافدين إلى الدولة الإفريقية.


المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی

إقرأ أيضاً:

المحو واللجوء

تكتسب مفردتا المحو واللجوء حيزا متصاعدا في وقتنا الحاضر. في الأزمنة السابقة كان ينتشر تعبير (اليهودي التائه)، ثم تطور الوضع السياسي مع التحولات المتغيرة إلى تعبير (العربي اللاجئ). بعد اعتلاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سدة الحكم والعودة إلى حضن البيت الأبيض، جرت قرارات سياسية ترامبية تحاول تحقيق الوعود والخروج بأكبر صفقة مالية ناجحة. إنه حال أقرب إلى الفوضى ونظام التفاهة المنتظم المرصود للإنسان.

حال الانتقال والفوضى غير الخلاّقة في العالم، فوضى يقف خلفها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ماذا حدث بالضبط؟ الذي حدث هو تصدر مجموعة من العناوين الرئيسة تقاسمتها الصحف العالمية والعربية ومواقع التواصل الافتراضي على النحو التالي:

- (بعد جوجل... أبل تغير اسم خليج المكسيك إلى «خليج أمريكا» بناء على أمر من ترامب - اليوم السابع)

- (فوضى على خرائط جوجل.. كيف تعاملت التطبيقات مع قرار ترامب بتغيير اسم خليج المكسيك؟)

وغيرها من العناوين التي يسهل البحث عن تفاصيلها على شبكة النت العالمية. في الحقيقة ليس ترامب هو البطل الذي تدور حوله الأخبار، من وجهة النظر الخاصة أن الخبر الفعلي الخفي هو المحو. إن ما يجعل للعناوين السابقة سرعة في انتشارها، هو صدورها أولا من أكبر دولة تقود العالم هي أمريكا، وأن مَا يسرّع من سرعة وتيرة تناقلها، هو اتصالها برئيس تلك الدولة؛ دونالد ترامب.

فهل من السهولة قبول المحو؟ هل من اليسر تقبّل أن يجري تغير اسم مكان له تاريخ وذاكرة وحياة وبشر وعادات وتقاليد وهوية ثقافيّة، ونقله إلى اسم جديد ليكتسب هوية ثقافية مختلفة عن التي كان يعرفها؟ بالطبع ليس الأمر بسيطا أو سهلا أو متيسرًا. فالإنسان العادي المولود باسم يحمله له صفاته وعلاماته، يصعب عليه تقبّل فكرة الانتقال إلى مجتمع آخر، ويحمل اسما جديدا. لا أحد يقبل الفكرة. لكن الواقع السياسي يفرض ذلك، ويريد أن يتقبّل الناس والعالم الأمر برحابة عالية، والتعامل معه كأمر غير قابل للجدال.

تأتي استعمالات لفظة «محو» في قاموس (المُنجد في اللغة والأعلام-ط 37، 1998) على النحو التالي: «محو: مَحَا يمحو ويَمحي محوا الشيء: أَذهبَ أثره وأزاله، فهو مَمحيّ، ومَمحوّ». «وامحى وامتحى الشيء: ذهب أثره وزال-ص 750».

في خلفية القرارات الترامبية الفجّة والمتغطرسة، هناك ملف ساخن بدأ ولم ينته. ففي خلال حرب 1948م «حدث تهجير الفلسطينيين عندما نزح أو طُرد أكثر من 7000,000 فلسطيني- قرابة نصف سكان فلسطين العرب- من بيوتهم. كان التهجير عاملا مركزيا في تشتيت المجتمع الفلسطيني والاستيلاء على ممتلكاته، وإبعاده عن أرضه، وهو ما يُعرف باسم النكبة - نقلا عن جوجل».

انطلق موضوع تهجير الفلسطينيين من أرضهم بهدف الاستيلاء على الأرض، وتوطين غيرهم من المطرودين في الأرض الجديدة المحتلة. اكتسب المُهّجِر الفلسطيني مع مرور الزمن صفة لاجئ، ولم يستقر وضعه منذ عام النكبة إلى العام 2025م. فماذا يعني أن تكون لاجئا؟

تدور معاني كلمة لجأ في قاموس (المُنجد...) على النحو التالي: لجَأ- لجْأً ولُجُوءًا ولَجِئَ، والتجأ إلى الحصن أو غيره: لاذ إليه واعتصم بهِ. ولَجَّأ تلْجِئَة فلان: اضطره وأكرههُ. الَّلاجِئ جمعها لاجئون: الذي هَرب من بلاده لأمر سياسي أو غيره، ولجأ إلى بلاد سواها-ص 713».

تبدو اليوم، أزمة الإنسان في العالم أنها أزمة تتصل بجوهر الحداثة. فإذا كان كل من يَملك القوة والمعلومات والمعرفة والسلطة والأموال يمكنه بجرة قلم محو بلدة أو دولة أو شعوب من على الخارطة، فإن المتبقي أمام هذه الشعوب أو الدول أو البلدان هو بناؤها من جديد، ثقافيا، واجتماعيا، وسياسيا. إن جرة قلم تمحو وتبيد وتزيل، وجرة قلم آخر تنقل وتتنقل من مكان إلى آخر، كحال الإنسان اللاجئ في المجتمعات الجديدة فعليه تكوين نفسه وفق ثقافة الاندماج.

تشترط الحداثة والوعي بمفاتيحها تأسيس بناء ثقافة جديدة ومحو ثقافة قديمة. هل معنى ذلك أن الثقافة القديمة كانت هشّة وضعيفة وقاحلة وغير متماسكة؟ هذا ما يجري في الواقع، عندما يتصدر حوار ما أو موقف أو تغريدة على وسائط التواصل الافتراضي يُعارض قناعات أو رؤية ما، أن تهتز مواقف بعض المحللين، أو السياسيين، أو المثقفين، أو الرعاع، للدفاع عن دولهم ومجتمعاتهم، أمام كلمة قالها مغرّد، أو قصيدة قالتها شاعرة، أو رواية! من زاوية نظر هؤلاء يجب كما يقولون الدفاع عن المجتمع والدولة. الظاهر أن مثل هذه المواقف من الطرفين، تحتاج إلى فهم أعمق، وأوضح ليس للظاهرة السياسية التي تتعامل معها، وتسعى إلى تقييمها، بل فهم الظاهرة الإنسانية بأبعادها المعقدة. إن تراث وتاريخ أي دولة متحضرة في العالم ولها وجود على الخارطة ليس مجرد هواء! منذ طوفان الأقصى في يوم السبت، الموافق 7 من أكتوبر 2023م، والعالم أخذ يتغير!

في الحالة الترامبية ما يحدث هو سعي إلى تجاوز فكرة تفكير العالم حول لعنة اليهود في كل مكان يذهبون إليه. لا يقتصر الأمر على وضعية اليهود - وأنا هنا أقصد بهم السياسيين والاقتصاديين الذين يتحكمون في السوق العالمية بأموالهم وعسكرهم - هذه المحاولة تريد تهجير الشعب الفلسطيني من غزة، ومحو خليج المكسيك من الخارطة. كلاهما أي الملفين (غزة والمكسيك) محاولة لتثبيت أسطورة سياسية همجية، استعلائية، ليس من بينها التطور الحداثي الواعي للإنسان والمجتمع والدولة، التطور المبني على احترام حقوق الإنسان، وعلى التسامح والعدل، وعلى التوزيع الصحيح لموارد الطبيعة، بل هدفه العودة إلى ما قبل الإنسانية والتحضر، إنها عودة تكشف عن الوجوه السلفية للقوى الإمبريالية الطاغية والاستبدادية للسلطة والوحشية والاستشراس. ما المثال الثقافي والأخلاقي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي سينزع إليه العالم؟ أطرح هذا السؤال ليس حصرا على العالم المتقدم الذي يصف نفسه بذلك، بل يشمل أيضا عالمنا العربي، الذي ظن أنه يحيا في الحداثة، وأنه على وعي بها، كالآخر (العالم المتقدم في التكنولوجيا والمعرفة والسلاح).

منذ طوفان الأقصى صدر بيان عن المكتب الإعلامي الحكومي الفلسطيني نشر فيه تحديثا لأهم إحصائيات حرب الإبادة الجماعية التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 470 يوما، والأرقام شملت التالي: عدد المجازر والشهداء والمفقودين، وعدد المفقودين الذين لم يصلوا إلى المستشفيات حتى 18 من يناير 2025، وعدد الشهداء الذين وصلوا إلى مستشفيات وزارة الصحة، والمجازر التي ارتكبها الاحتلال ضد العائلات الفلسطينية، وعدد العائلات التي أبادها ومسحها من السجل المدني بقتل الأب والأم وجميع أفراد الأسرة، وعدد العائلات التي أبادها ولم يتبق منها سوى فرد واحد فقط، وعدد الشهداء من الأطفال والأطفال الرُّضع الذين ولدوا واستشهدوا خلال حرب الإبادة الجماعية، والأطفال الذين أعمارهم أقل من عام، والذين استشهدوا بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء وسياسة التجويع، والذين استشهدوا نتيجة البرد الشديد في خيام النازحين، وعدد الشهيدات والطواقم الطبية وشهداء من الدفاع المدني، وعدد الشهداء من الصحفيين، وشهداء من عناصر شرطة تأمين المساعدات، وعدد المقابر الجماعية التي أقامها الاحتلال داخل المستشفيات والشهداء الذين انتشلوا منها، وعدد الجرحى الذين بحاجة إلى عمليات تأهيل طويلة الأمد، وحالات البتر للأطفال والكبار، والمصابين الجرحى من الصحفيين والإعلاميين، وعدد مراكز الإيواء والنزوح والأطفال الذين يعيشون دون والديهم، أو دون أحدهما، وعدد النساء اللواتي فقدن أزواجهن، والأطفال المعرضين للموت؛ بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء، وعدد الجرحى الذين بحاجة إلى السفر للعلاج في الخارج، ومرضى السرطان الذين يواجهون الموت وبحاجة إلى العلاج، وعدد المرضى بأمراض مختلفة والحالات المصابة بأمراض معدية نتيجة النزوح، وحالات مصابة بعدوى التهابات الكبد الوبائي، والسيدات الحوامل المعرضات للخطر لانعدام الرعاية الصحية، والمرضى بمرض مزمن منع الاحتلال إدخال الأدوية إليهم وعدد حالات اعتقال الكوادر الطبية والصحفيين ممن عُرفت أسماؤهم، وحالات اعتقال عناصر الدفاع المدني ومقرات الحكومة التي دُمرت، والمدارس والجامعات والطلبة الذين قتلوا، والطلبة الذين حُرموا من التعليم، والمعلمين وموظفين في سلك التعليم، والعلماء والأكاديميين والأساتذة الجامعيين والباحثين الذين أعدمهم، والمساجد والمقابر والكنائس المستهدفة المدمرة بشكل كلي وجزئي، والجثامين التي سرقها الاحتلال من مقابر القطاع، والوحدات السكنية المدمرة كليا، وأطنان المتفجرات التي ألقاها، والمستشفيات التي حرقها أو اعتدى عليها، أو أخرجها عن الخدمة، والمراكز الصحية، وسيارات الإسعاف المستهدفة، والمواقع الأثرية والتراثية ومحولات توزيع الكهرباء الهوائية والأرضية، وشبكات المياه والصرف الصحي والطرق والمنشآت الرياضية وآبار المياه.

بإيجاز، تكشف الأرقام المخيفة، عن الذعر الذي يسكن الإنسان، وأن بحثه عن المثال الأخلاقي، يتطلّب تحولا نحو الإنسانية آخر، غير قابل للمحو أو اللجوء.

مقالات مشابهة

  • خبير: مصر تتجه نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام بفضل الإصلاحات
  • إصلاحات خط همايوني.. محاولة إنقاذ الدولة العثمانية من الانهيار.. ماذا حدث؟
  • تقرير: أوروبا رحّلت أكثر من 120 ألف مهاجر بشكل قسري في 2024
  • المحو واللجوء
  • فينيسيوس يثير الجدل بصورته مع قميص الاتحاد
  • لوموند: بين أوروبا وواشنطن.. الانقسام عميق والقطيعة تاريخية
  • سياسية ألمانية تتهم الاتحاد الأوروبي بلعب بدور سلبي في مفاوضات أوكرانيا
  • الاتحاد الأوروبي يحذّر: أمن أوروبا عند نقطة تحول
  • الذايدي يثير الجدل قبل مواجهة الهلال والاتحاد
  • صحيفة روسية: نائب الرئيس الأمريكي يمنح الاتحاد الأوروبي علامة سوداء