«القفال 33» يجسد لوحة الماضي بسواعد 2500 بحار
تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT
دبي (الاتحاد)
قررت اللجنة العليا المنظمة لسباق القفال للسفن الشراعية المحلية 60 قدماً الذي يقام برعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، اعتماد يوم الجمعة موعداً لانطلاق سباق النسخة الثالثة والثلاثين، وتستعد 123 سفينة على متنها ما يزيد على 2500 نوخذة وبحار لرسم لوحة الماضي الزاهي والجميل عندما ترفع أشرعتها البيضاء على صفحة مياه الخليج العربي الزرقاء في الموعد المرتقب لتجدد ذكريات الآباء والأجداد في مشهد العودة من رحلات الغوص إلى الديار، بعد موسم مضنٍ وشاق، بحثاً عن لقمة العيش.
وأخطرت اللجنة الملاك والنواخذة المشاركين، وجميع شركاء النجاح المساهمين في تنظيم الحدث من الدوائر والهيئات الحكومية والمؤسسات الوطنية بالموعد الجديد، ووجهت المشاركين واللجان بالتحرك نحو جزيرة صير بونعير لاستكمال إجراءات المشاركة التي تتضمن الفحص الفني، وفحص السلامة على السفن المشاركة.
ويبدأ السباق من جزيرة صير بونعير في عمق مياه الخليج العربي نحو جزيرة القمر التي تمثل خط النهاية الأول ونقطة العبور الإجبارية للوصول إلى خط النهاية قبالة شواطئ دبي، وتبحر السفن لمسافة تزيد على 50 ميلاً بحرياً سعياً لمعانقة (ناموس) النسخة الثالثة والثلاثين.
وكان وفد المقدمة في قافلة اللجنة المنظمة للسباق قد وصل، بحمد الله، إلى جزيرة صير بونعير، وباشر مهامه في التجهيز لاستقبال طلائع السفن، وينتظر أن يكمل اليوم بوصول فريق التغطية الإعلامية على متن الباخرة الشندغة وأيضاً اليخت دباوي الذي يقل كبار الشخصيات، وممثلي وسائل الإعلام العالمية التي تحرص كل عام على التغطية ومتابعة الحدث.
وحرص محمد عبدالله حارب الفلاحي، عضو اللجنة العليا المنظمة، مشرف الحدث على توجيه الشكر الجزيل إلى شركاء النجاح من الدوائر والهيئات الحكومية والمؤسسات الوطنية على تعاونهم الكبير وتفهمهم لدواع تعديل الموعد بسبب حالة البحر وتقلبات سرعات واتجاه الرياح في عمق مياه الخليج العربي هذا الأسبوع.
وقال محمد عبدالله حارب الفلاحي: عملت اللجنة العليا المنظمة على الاستجابة للتوجيهات الخاصة من المسؤولين لضمان أمن وسلامة الجميع، من منظمين ومشاركين في السباق، حيث شكل اختيار الموعد التحدي الأبرز ليجيء الاختيار على هذا الموعد مشيداً في حديثه بالتعاون المستمر من قبل الملاك والنواخذة والبحارة الذين رحبوا بالقرار.
أخبار ذات صلة تنظيمية «القفال 33» إلى جزيرة صير بونعير 121 سفينة تؤكد مشاركتها في عرس «القفال 33»
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: سباق القفال صير بونعير نادي دبي الدولي للرياضات البحرية
إقرأ أيضاً:
كأس الخليج: الظاهرة الاجتماعية
يحفل الشارع الخليجي هذه الأيام بالحديث وتوجيه النظر نحو بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم، وذلك في نسختها الـ 26 والتي تستضيفها دولة الكويت العزيزة، وتجتمع فيها منتخبات الخليج العربي الـ 8 لتعيد إلى الأذهان صورًا ومشاهد امتدت عبر تاريخ هذه المنطقة من التنافس على البطولة التي يعتبرها سكان منطقة الخليج العربي ذات رمزية مهمة في سياق الاجتماع الخليجي. البطولة التي انطلقت منذ عام 1970 واستضافت نسختها الأولى مملكة البحرين رسخت في الذاكرة الخليجية أسماء ومواقف وسطرت مجد أعلامٍ في مختلف المجالات سواء في الرياضة أو الإدارة أو الإعلام، وكانت كل نسخة من نسخها شاهدًا على اتصال شعبي ومجتمعي أقوى وأكبر بين مجتمعات المنطقة، رغم الظروف والمتغيرات السياسية والاقتصادية والعسكرية التي توالت عبر خمسة عقود، لتضل أحد ثوابت العمل الخليجي واللحمة الخليجية، ويراهن عليها في الوقت ذاته - بعيدًا على الجوانب الفنية - أنها الحدث الذي تخلع معه المجتمعات قبعتها السياسية، لترتدي زيًّا خليجيًّا موحدًا عنوانه التنافس المحمود، والقربى، وتعميق الأواصر.
في تقديرنا هناك خمسة أسباب تستوجب استمرار بطولة كأس الخليج كحدث أساسي ودوري في هذه المنطقة، ومع هذه الأسباب لابد للقيادات الخليجية أن تحرص على تطوير ودعم وتمكين هذا الحدث؛ الأول أن هذه البطولة عبر تاريخها أسهمت بشكل موسع في تطوير العديد من أشكال البنى الأساسية في دول المنطقة، فالدول في استضافاتها المتعددة سارعت لتجهيز أفضل المرافق الرياضية، وهيأت العديد من البنى الأساسية في مجال السياحة والضيافة، إضافة إلى المنشآت والمرافق اللوجستية الأخرى التي هدفت معها لتقديم أفضل الاستضافات والنسخ، وعلى مستوى المجمعات الرياضية فهناك ملاعب أصبحت اليوم من أبرز المرافق الرياضية على مستوى الإقليم والعالم كانت قد أنشأت لأغراض استضافة البطولة. وهي حالها - في أوقات سابقة - من تاريخ المنطقة كحال استضافة الأحداث الرياضية الكبرى، وهذا يقودنا للسبب الثاني لضرورة استمرار مثل هذا الحدث؛ وهو أن اليوم ومع تسابق دول المنطقة لاستضافة أحداث رياضية كبرى وعلى رأسها كأس العالم لكرة القدم، والأحداث الرياضية العالمية والإقليمية الأخرى فإنها تتكئ على إرث من خبرات التنظيم والتجهيزات وإدارة الفعاليات الذي كانت بطولة كأس الخليج رافدًا أساسيًّا له عبر عقود سابقة. لقد استطاعت هذه البطولة عبر ما تشهده من توافدٍ واسع من كافة الأقطار الخليجية للدول المستضيفة أن تشكل رصيدًا جيدًا لهذه الدول، سواء في مجال تصميم وإدارة التجارب الرياضية المتكاملة، أو تنظيم الاحتفالات الافتتاحية والختامية، أو إدارة الحشود والتجمعات، أو التسويق والإدارة الإعلامية، أو التنسيق الدولي للأحداث، ونسخة بعد نسخة كانت القوى البشرية في المنطقة تتعلم وتكتسب خبرات وتجارب جديدة في هذا السياق.
السبب الثالث الذي نراه لضرورة استمرارية مثل هذا الحدث هو أنه أبرز خبرات خليجية في مجالات مختلفة مرتبطة بـ Ecosystem المنافسة الرياضية في ذاتها؛ فلو أخذنا الإعلام على سبيل المثال يمكن العد في الكثير من أسماء الإعلاميين الرياضيين الذين ارتبط بزوغهم واستمرارهم وتأثيرهم من خلال بطولات كأس الخليج المتوالية، وعلى الجانب الآخر هناك من القنوات الإعلامية والبرامج المصاحبة التي بدأت وبعضها استمر حتى اليوم مرتبطًا بهوية البطولة، ومعبرًا عن التشاركية الخليجية - الخليجية في إبراز مشهدها، فالإعلاميون الرياضيون في المنطقة يعتبرون التجمع الخليجي فرصة بارزة للتعبير عن قدراتهم، ومشاركة أقرانهم في أقطار الخليج الأخرى تفاصيل الحدث، والتنافس في إبرازه بالصورة اللائقة. أما السبب الرابع والأهم في ضرورة استمرارية كأس الخليج العربي فهو أنها ظاهرة اجتماعية بامتياز، لدرجة أن بعض متابعيها يرون أن ما يحدث خارج الملعب من تفاعل اجتماعي وشعبي وهوياتي أهم وأكثر لفتًا مما يحدث داخله، شكلت كأس الخليج ما يُعرف في علم الاجتماع بنسق (الهويات التفاوضية Identity negotiation) يأتي المشجع من (س) من دول الخليج بزيه وأهازيجه وثقافته وكل الرمزيات المعبرة عن هويته الوطنية، وانتمائه القُطري، ليجد نفسه منصهرًا لاحقًا ضمن هوية خليجية أشمل، يتفاعل معها، ويعيد من خلالها تشكيل ذاته، وينسجم بطريقة تلقائية ضمن حيز مكاني، أو تجمع عام، أو مع مشهد معين في صورة الهوية الخليجية الأسمى. وهناك الكثير من السرديات في شكل أغنيات أو مشاهد أو مواقف تشكل الدلالة الرمزية لما نتحدث عنها، هذا الحدث في ذاته كما يقول جوفمان يجعل من «الهوية عملية تفاعلية»، ويجعل من الحدث بكل تفاصيله موقفًا تفاوضيًّا على الهوية ذاتها.
السبب الخامس الذي نسرده في هذا السياق هو أن هذه البطولة تستمد قيمتها في الأساس من اجتماع الفاعلين الاجتماعيين، أكثر من أي قيمة أخرى، فهي لا تحكمها في المقام الأول المرجعية لمعايير البطولات العالمية والاعتراف المؤسساتي بها، ولا تحكمها كذلك سطوة وقوة منتخبات بعينها، ولا تحكمها القيمة المادية لجوائزها ومكافآتها، بقدر ما يحكمها ما يمنحه المجتمع الخليجي ككل من قيمة وتفاعل وأهمية لكل تفاصيلها، وما تشكله عبر ذاكرتهم من أهمية قصوى لاستدامة الاجتماع الخليجي. في 2015 كنت قد أجريت دراسة وصفية شملت عينة من شباب دول الخليج العربي في الأعمار بين (18 - 45 عامًا)، وكانت تبحث في التأثيرات الاجتماعية لكأس الخليج العربي لكرة القدم على الهوية الخليجية، وما لفتني في النتائج أن النتيجة الوحيدة التي لم يكن للعوامل الاجتماعية تأثير فيها (أي أن هناك إجماعا مطلقا من مختلف عناصر العينة عليها) هي الشباب في المنقطة يرون بشكل مطلق بأن كأس الخليج يعزز من روح التعاون والتضامن بين الشباب الخليجي. وهذا في تقديرنا مكتسب مهم يجب البناء عليها والمحافظة على استدامته بعيدًا عن أي تفاصيل أخرى مرتبطة بالجوانب الفنية أو الجوانب المؤسساتية.
مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية فـي سلطنة عُمان