نزار القريشي الشعب المغربي حائر وهو أمام وقائع حياة زادت من قسوتها عليه الزيادات المهولة والمتكررة في أثمنة المواد الاستهلاكية الأساسية أضعافا مضاعفة، لتطرح أسئلة كثيرة حول حكومة عزيز أخنوش  -هل سياسة الحكومة الاجتماعية تستهدف كل فئات المجتمع؟  -هل هي غير مضطلعة بالاحتقان الاجتماعي المحتمل؟ هل تستطيع المضي حتى آخر الشوط في مهمتها؟ –  -هل هي حقا حكومة هذه المرحلة؟ إلى ذلك، فإن عدم الاستعجال بطرح نتائج الحوار الاجتماعي والاستجابة لمطالب المركزيات النقابية، بات أمرا يهدد السلم الاجتماعي على المدى المتوسط أمام الوضعية المزرية للمواطنين، إذ بات الأمر يتطلب الاستعجال بإقرار زيادة عامة في الأجور لا تنقص عن مبلغ 600 درهم على أقل تقدير من وجهة نظرنا الخاصة.

هذا، ونحن آخذين بعين الاعتبار الإكراهات الماكرو-اقتصادية الدولية التي تواجهها الحكومة، والاعتمادات المالية المتوفرة لها، ذلك لأن الأوضاع الاجتماعية التي أصبحت تعيشها فئات عريضة من الشعب المغربي أضحت أوضاعا مأساوية إذا ما أخذنا بعين الاعتبار مستوى دخل هذه الفئات وأجورها مقارنة بمستويات المعيشة التي رفعت من حدتها زيادات أثمنة المواد الاستهلاكية الأساسية، وتعدد حاجات ومستلزمات الحياة اليومية بالنسبة لتلك الفئات التي تحولت إلى أغلبية مغلوبة داخل نسيج المجتمع. أمام هذا الواقع، لم يبق للحكومة من بد غير القيام بمهام منوطة بها ضرورة، بحكم موقعها وطبيعة أدوارها الفعلية والحقة والمتمثلة في الاستجابة لمصالح الشغيلة المغربية، ما دام الأمر يتعلق بممارسة ذات بعد عميق وصادق في السعي إلى تنمية الوطن والمواطن على حد سواء، بكل ما تعنيه التنمية وتقتضيه في مختلف الجوانب الاجتماعية والاقتصادية وغيرها من المستويات المرتبطة ببنية المجتمع المغربي ككيان متكامل . فمن واجب الحكومة امتلاكها القدرة على مواكبة تطور المجتمع المغربي، وأن تكون على مستوى القدرة في كسب عطف المواطن المغربي وجعله يشعر بانتمائه إلى الوطن عبر ميثاق المواطنة الذي يتأسس من خلال تعاقد بين الدولة والمواطن مبني على الالتزام، أما أن نجد المواطن يشكو يوما بعد يوم، ولا مسؤولية له في إيجاد مخرج من مشاكله، فإن الأمر بات خطيرا ويتطلب حلولا استعجالية، وهذا ما ننتظره من حكومة أخنوش على ضوء النتائج القادمة لمخرجات الحوار الاجتماعي بين الحكومة والمركزيات النقابية. لذلك، ندعو المركزيات النقابية إلى عدم الدعوة لإضرابات وطنية، وننبهها واستنادا على تقارير استخبارية وطنية، أن جهات أجنبية معادية للبلاد، تريد العبث بالسلم الاجتماعي للمغرب والمغاربة مستغلة هزالة المواسم الفلاحية الأخيرة الناتجة عن قلة التساقطات المطرية، وذلك لعرقلة التطور السريع والنهضة التي تشهدها البلاد، ولا يسعنا في هذا الإطار إلا الاستشهاد بالحديث النبوي الشريف عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من كره من أميره شيئا فليصبر، فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة جاهلية”، وفي حديث آخر إسناده صحيح، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من أطاع الأمير فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله ومن عصى الأمير فقد عصاني ومن عصاني فقد عصا الله”. صحافي مغربي

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

د. نزار قبيلات يكتب: «فوات الأوان».. توسّل النصوص وتفلّت الإجابات

منذ البداية لم يجعل الشاعر محمد أبو زيد عنوان كتابه هذا لغزاً مؤرّقاً للقرّاء، فأجاب بأن كل ما فهمناه كان بعد «فوات الأوان»، غير أن حالة الفهم هذه جاءت بعد عِراك مع أسئلة طرحها الشاعر في فصل من ديوانه عنوانه «بعد» فيقول: لا أفهم لماذا يكتب الشعراء قصائدهم.. بهذه الطريقة العروضية المتكلّفة، فالتفاصيل التي لا تتوقف عن اللجلجة لا يمكن سبكها في المقاطع العروضية ومحسناتها البديعية، لذلك جاءت كتابته مُنداحة لا تقف عند أي إطار تقييدي صلب بما في ذلك الأيديولوجيا، التي تكلّف الشاعر -أي شاعر- الكثير من أجل حراسة المبدأ بالشعر، فالتفاصيل شائكة، والحل عنده جاء في تَضخيمها بمِجهَر الشعر، فتجدها تطفو في كل الحيوات والطبقات، التي يشغلها فكر شاعر سؤاله الوجودي مازال متاحاً.
 يقول الشاعر: «فالنيزك سيضرب الأرض بعد قليل»، وهنا من الجنون أن نطلب من شاعر أن يبرهن ما يقوله، فهو قادر على منح حتى الملاعق والسكاكين والحشرات والحيوانات حيزاً للتحدّث في نصوصه عن البشر الذين لم يُطِق الشاعر الحديثَ معهم قبلاً، في هذا الديوان عودة لترميم العلاقة بين الشاعر وفضاء المقهى، فالشعراء يجدون في المقهى معبراً جديداً لمحاورة الإنسانية عبر اعتزال قيمتها المادية، لذا جاءت المواضيع غير تقليدية في الديوان، وهي مفارقات يجب ألّا يتألم القارئ لها: كالموت والحياة، وشأو الكتابة وجديتها، والحديث مع الجمادات حولنا، ومواجهة الحداثة غير المجدية.

أخبار ذات صلة د. نزار قبيلات يكتب: هل الفكاهة مهارة أم فلسفة؟ د. نزار قبيلات يكتب: تأثيل الرّمسة الإماراتية وعام المجتمع

سوريالية المضمون الشعري هنا فَرضت شكلاً كتابياً عند أبي زيد، فمزجَه بالقليل من السخرية والكثير من الفلسفة الميتافيزيقية والعجيبة، كل ذلك جاء بشكل جَبري، فالشاعر يكشف بأنه لم يكن يحب الكلام كما أحبّ الصمت، لكن ثمة لجلجة قوية تحاصره بالكثير من الماورائيات المُتعِبة التي يمكن أن تكشف عنها في نصوص متعددة الأشكال لكنّها مؤرقة، فالنّص ذاته هائم بين أشكال القصيدة المعهودة وبين مضمونها غير المتعقل، يقول: «أستيقظ كل يوم على مجانين يمرون أمام السرير، على صاعقة تضرب رأسي لتضيء الطريق لأعدائي»، في الديوان تكثر الإشارات التي تحيل إلى خارج النص لكنها تلتقي مجدداً حين تعود لنقطة البدء في العنوان دون تشبيه أو مجاز تزويقي، لكن ما مصير الشعراء بعد فوات الأوان، كل هذا لا يقلق النصوص في هذا الديوان الشعري، إذ المقلق هو من سيجمع البَعثرة التي نظّمها هؤلاء الشعراء في فوضى العالم.
أبو زيد شاعر مسؤول، يحاول في هذا الديوان المتسع بالرؤى المديدة أن يُخيط دوائره بالمكاشفة تارةً وتارةً في اللّهاث مع الشهب التي تتقافز من حوله. يقول: «لأفهم نفسي، لأعرف ماذا تغيّر فيّ مع السنين التي ترتفع كجدران بئر حولي» هذه الحيرة ظلّت تحاصره حتى وصلت إلى نهاية غير متوقعة لهذا الديوان حين طغت الأسئلة في العناوين التي التهمت كل محاولات الإجابة في نص يعترف بأن الأوان فاته، وأن الأسئلة لم تنقذ الإجابات بعد، لأنها كما قال في قفلة ديوانه: «وأنا بلا يدين أمدهما إليك كي تنقذني».. هذا تحليق شاهق، يُنجزه أبو زيد ببصيرة مختلفة ولغة تجيد المناورة لكنها لا تخاف المصير.
*أستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

مقالات مشابهة

  • عاجل | «الرئيس السيسي»: مواقع التواصل الاجتماعي مهمة و دورنا التقليل من خطرها
  • الرئيس السيسي: المجتمع عانى 3 سنوات بعد المشاكل التي واجهت الشرطة في 2011
  • د. نزار قبيلات يكتب: «فوات الأوان».. توسّل النصوص وتفلّت الإجابات
  • السنوسي: ليبيا بحاجة إلى حكومة موحدة قوية يمكنها التعاون مع المجتمع الدولي لحل مسألة الهجرة
  • التكافل الاجتماعي.. والتسوُّل على المنصات
  • بأرقام قياسية.. المغربي حمد الله يكتب التاريخ بالدوري السعودي
  • نقاش حول دور المؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي
  • تصريحات لـ وزير النفط في حكومة عدن تشعل وسائل التواصل الاجتماعي
  • بعد عرض الوداد المغربي.. يحيى عطية الله يتخذ قرارًا تجاه الأهلي
  • تقارير: الوداد المغربي يستهدف خطف نجم الأهلي قبل كأس العالم للأندية