نقطة تحول.. هذا ما سيحدث في حال سيطرت روسيا على خاركيف
تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT
موسكو- تواصل القوات الروسية تعزيز مواقعها على محور خاركيف الإستراتيجي بعد أن شنت هجوما مباغتا وعنيفا على القوات الأوكرانية المرابطة هناك، التي تكبدت نتيجة لذلك نحو 1500 عسكري فضلا عن عشرات الآليات والمعدات العسكرية، حسب ما أفادت به وزارة الدفاع الروسية في تقريرها حول سير المعارك في أوكرانيا.
وبدأ الهجوم في العاشر من مايو/أيار الجاري من مقاطعة بيلغورود، بعد أن عبر الجيش الروسي الحدود مع أوكرانيا من منطقتي شمال وشمال شرق خاركيف، ثاني كبرى المدن في أوكرانيا.
وفي وقت سابق، أكدت الوزارة رسميا أن وحدات من قوات "الشمال" أحكمت سيطرتها بالكامل على مناطق بوريسوفكا وأوغورتسوفو وبليتينيفكا وبيلنايا وستريليتشيا على محور خاركيف، وسولوفييفو بجمهورية دونيتسك.
وعلى خلفية التقدم الروسي، قامت كييف بنقل قوات إضافية للسيطرة على الأوضاع على خطوط المواجهة الشمالية الشرقية. واعترف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن الوضع صعب للغاية للقوات الأوكرانية في خاركيف، وخاصة في فولشانسك.
وعلى ضوء هذه التطورات الميدانية المتسارعة، رصدت الجزيرة نت منصات إعلانية للعقارات في المدينة أظهرت انخفاض أسعار المساكن بشكل كبير. وعلى إحدى هذه المنصات، ظهر نحو ألف عرض جديد للبيع منذ بدء الهجوم الروسي الأخير.
معركة حاسمة
ومن شأن التقدم الميداني الجديد للقوات الروسية أن "يثبط معنويات الأوكرانيين وحلفائهم بشكل ملموس"، وفق ما يقوله محلل الشؤون العسكرية الروسي يوري كنوتوف، للجزيرة نت، مؤكدا أن تقدم القوات الروسية وضع نظيرتها الأوكرانية في وضع خطير للغاية، ومن غير المستبعد أن يدفع السلطات في كييف إلى الموافقة على هدنة مع روسيا.
وفي حال خسرت أوكرانيا خاركيف، فمن الممكن -برأي كنوتوف- إعادة انتشار القوات الروسية على محاور واتجاهات أخرى، الأمر الذي من شأنه أن يشكل نقطة تحول في الحملة العسكرية على أوكرانيا ويسمح بالاستيلاء على مناطق جديدة.
ويشير المحلل العسكري إلى أنه يبدو أن الهجوم يبدو جاء بعد خطة محكمة، من الممكن أنها تضمنت دفع الأمور نحو إجبار الغرب وأوكرانيا على بدء المفاوضات مع موسكو، علاوة على أن روسيا تريد أن تستفيد إلى أقصى حد من "الثغرة" المتعلقة بتأخير تسليم الأسلحة الغربية إلى كييف، فضلا عن الوقت اللازم الذي تحتاجه القوات الأوكرانية للتدرب على استخدامها.
وحسب كلام كنوتوف، فإن الحد الأدنى الذي يمكن أن تحققه روسيا من السيطرة على خاركيف هو إبعاد القوات الأوكرانية إلى أقصى حد عن الحدود مع منطقة بيلغورود التي تتعرض بشكل متواصل للقصف من جانب هذه القوات.
مدينة إستراتيجية
وليس غريبا أن تشكل خاركيف، الواقعة بالقرب من الحدود مع روسيا، المعلم الجغرافي البارز حاليا للهجوم الروسي، إذ تعد واحدة من أكبر التجمعات السكنية أوكرانيا، والمركز الصناعي المهم قبل الحرب، كما أنها مركز الاتصالات الرئيسي ومعقل مهم للقوات الأوكرانية.
كذلك، تقع المدينة في موقع اقتصادي وجغرافي مناسب نظرا لقربها من قاعدة الفحم والمعادن في دونباس ومنطقة دنيبر، الشيء الذي حفز من تطور صناعة الآلات الميكانيكية وتشغيل المعادن.
وتعد مقاطعة خاركيف موطنا لمجمع الطاقة والزراعة والنقل والهندسة الكهربائية الرائد في أوكرانيا، وتشغل المركز السادس من حيث الناتج الإقليمي الإجمالي، فضلا عن أنها غنية بحقول الغاز الكبيرة، مثل إفريموفسكي وشيبلينسكي. وتتخصص بعض مدن المقاطعة في الصناعة الكيميائية وإنتاج مواد البناء. ويعد مصنعا الأسمنت في بالاكليا والكيميائيات في بيرفومايسكي من بين أكبر المصانع في أوروبا.
أما من الناحية العسكرية، فإن محللين عسكريين روسا يرون أنه بدون الاستيلاء على خاركيف، لن يكون من الممكن تحقيق أهداف "العملية العسكرية الخاصة"، حيث يتم تنفيذ الهجمات على سكان بيلغورود من هذه المقاطعة بشكل أساسي، إضافة إلى أنها تعتبر -من وجهة النظر الروسية- معقلا للجماعات التي تصفها روسيا بالقومية والمتطرفة.
ويسود شبه إجماع لدى مراقبين روس وغربيين على حد سواء بأن السيطرة على خاركيف ستسمح للقوات الروسية كذلك بمحاصرة القوات الأوكرانية في دونباس.
وكانت روسيا كثفت في مارس/آذار الماضي، من هجماتها الصاروخية وبالطائرات بدون طيار على المنشآت العسكرية ومنشآت الطاقة في المدينة، وبات جليا الآن أن ذلك كان تحضيرا لهجوم بري.
وقال زيلينسكي حينها إن قوات بلاده ربما لا تكون قادرة على الاحتفاظ بخاركيف أمام تقدم الجيش الروسي. كما دعا إلى ما وصفه بـ"دفع الجيش الروسي إلى مسافة أكبر"، لأنه لا يرى طريقة أخرى لإبقاء المدينة تحت السيطرة، حسب تعبيره.
ثمن باهظ
من جهته، يعتقد الخبير العسكري أناتولي ماتفيشتشوك أن خسارة أوكرانيا مدينة خاركيف ليست محفوفة بتقليص الأراضي فحسب، ولكن أيضا بانخفاض الإمكانات الصناعية، وسيشكل ذلك نقطة تحول فارقة في الحرب مع أوكرانيا.
وحسب تقديره، ستكون القوات الروسية قادرة على السيطرة على المدينة بحلول منتصف الصيف، موضحا أن حكومة كييف في هذه الحالة "تخاطر ليس فقط بالهزيمة العسكرية بخسارة خاركيف، بل بإظهار إفلاسها أمام العالم أيضا، فضلا عن أن تخصيص المساعدات الغربية سيصبح محل شك".
فالغرب، برأي ماتفيشتشوك، يراقب عن كثب وبتشاؤم قدرة كييف على السيطرة على المدينة أمام تقدم الجيش الروسي في المنطقة، بعد أكثر من عامين على مقتل مئات الآلاف من الضحايا وتقديم مليارات الدولارات من دون نتائج تذكر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات القوات الأوکرانیة القوات الروسیة الجیش الروسی السیطرة على على خارکیف فضلا عن
إقرأ أيضاً:
ثلاثة مزاعم أطلقها ترامب حول زيلينسكي والحرب الروسية الأوكرانية.. ما الذي تكشفه الأرقام؟
تصاعد الجدل هذا الأسبوع بعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن الحرب الروسية الأوكرانية، حيث وصف نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بـ"الديكتاتور"، ما أثار استياء القادة الأوروبيين.
وإثر ذلك، رد زيلينسكي عبر اتهام ترامب بالعيش في "فضاء من التضليل الإعلامي" الذي تخلقه روسيا، في تحول واضح عن نهج الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة جو بايدن في دعم أوكرانيا.
ومع استمرار الجدل، عملت Euroverify على تفنيد الادعاءات التي أطلقها ترامب، حيث قامت بمراجعة الحقائق مسلطةً الضوء على مدى دقة تصريحاته وتأثيرها على السياسة الأمريكية تجاه الصراع المستمر منذ ثلاث سنوات.
في مؤتمره الصحفي الأربعاء، ادعى ترامب أن هناك "أحكامًا عرفية في أوكرانيا"، مضيفًا أن نسبة تأييد زيلينسكي لا تتجاوز 4%، لكن هذا الرقم لا يستند إلى أي استطلاعات رأي موثوقة، إذ تظهر الدراسات أن نسبة تأييد زيلينسكي ظلت تتجاوز الـ 50% بشكل مستمر.
فقد تم انتخاب زيلينسكي بطريقة ديمقراطية في أيار/مايو 2019، وحصل على 73% من الأصوات في الجولة الثانية. ومع بداية الغزو الروسي الشامل في شباط/فبراير 2022، فرضت أوكرانيا الأحكام العرفية، ما حال دون إجراء انتخابات وفقًا للدستور.
وأكد زيلينسكي مرارًا أن الانتخابات ستُعقد بعد الحرب، في الوقت الذي رفض فيه خصومه السياسيون إجراء انتخابات خلال الحرب. ووفقًا لاستطلاع أجراه معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع في شباط/فبراير 2022، بلغت نسبة ثقة الأوكرانيين بزيلينسكي 57%، مقارنةً بـ 52% في كانون الأول/ديسمبر. كما أظهر استطلاع آخر أن نسبة تأييده في أوكرانيا بلغت 63%.
وفيما يتعلق بانطباع الأوكرانيين عنه، وصفه 74% منهم بأنه وطني، و73% بأنه قائد ذكي ومطلع، و65% بأنه شخصية قوية تقود البلاد في زمن الحرب.
وأكدت الباحثة في العلوم السياسية أولغا أونوش، أن نشر معلومات مضللة حول شرعية زيلينسكي يعزز الدعاية الروسية ويقوض حق الشعب الأوكراني في تقرير مصيره.
المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لا تتجاوز حجم الدعم الأوروبيفي منشور عبر "تروث سوشال"، ادعى ترامب أن الولايات المتحدة قدمت 350 مليار دولار (334 مليار يورو) لأوكرانيا، وأن إنفاق واشنطن تجاوز الدعم الأوروبي بمقدار 200 مليار دولار (191.1 مليار يورو).
لكن البيانات تظهر أن الولايات المتحدة لم تتجاوز أوروبا في إجمالي المساعدات، كما أن الرقم الفعلي أقل من المبلغ الذي ذكره ترامب.
وتشير إحصائيات معهد كيل للاقتصاد العالمي إلى أن إجمالي الدعم الأوروبي، بما يشمل الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء، بلغ 132.3 مليار يورو، مقارنة بـ 114.2 مليار يورو من الولايات المتحدة.
أما بالنسبة لأكبر المساهمين، فقد تصدرت إستونيا والدنمارك القائمة، حيث خصصت كل منهما أكثر من 2% من إجمالي الناتج المحلي قبل الحرب لدعم أوكرانيا.
كما اتهم ترامب زيلينسكي بالفساد، مدعيًا أن الرئيس الأوكراني "اعترف بأن نصف الأموال الأمريكية المرسلة إلى أوكرانيا مفقودة".
إلا أن زيلينسكي، في مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس"، أوضح أن أوكرانيا لم تتلق سوى 72.5 مليار يورو من إجمالي المساعدات الأمريكية، معظمها على شكل أسلحة، فيما يتم إنفاق الجزء الأكبر من الدعم داخل الولايات المتحدة، سواء في تصنيع الأسلحة أو دفع رواتب الجنود الأمريكيين.
تكلفة الحرب تُرهق موسكوادعى ترامب أن "روسيا لا تنوي تدمير كييف، ولو أرادت لفعلت ذلك. روسيا قادرة على محو المدن الأوكرانية تمامًا، لكنها الآن تهاجم بنسبة 20% فقط من قوتها العسكرية".
لكن معظم البيانات تشير إلى أن روسيا خصصت جزءًا كبيرًا من قدراتها العسكرية لغزو أوكرانيا. ووفقًا لتقديرات وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، يوجد نحو 580,000 جندي روسي على الأرض، فيما يُعتقد أن موسكو أنفقت حوالي 200 مليار يورو على مجهودها الحربي.
كما فرضت العقوبات الغربية قيودًا على قدرة روسيا في تصنيع الأسلحة، وسط تقارير تشير إلى تراجع مخزونها العسكري. وتعتمد موسكو بشكل متزايد على الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية، إلى جانب الدعم العسكري من كوريا الشمالية، لتعويض النقص في قواتها وعتادها العسكري.
ويرى بعض المحللين أن انخراط روسيا في الحرب أدى إلى تراجع نفوذها في مناطق أخرى من العالم، بما في ذلك سوريا، حيث فقد حليفها بشار الأسد السلطة في كانون الأول/ديسمبر بعد هجوم مفاجئ من فصائل المعارضة المسلحة.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية تقرير: الجنرال فاليري زالوجني قد يتفوق على زيلينسكي لو أجريت انتخابات فمن هو؟ انتقادات أوروبية لترامب بعد وصفه زيلينسكي بـ"الديكتاتور" القادة الأوروبيون يوافقون على ترشيح أوكرانيا ومولدافيا لعضوية التكتل وزيلينكسي يعتبر القرار تاريخيا فولوديمير زيلينسكيدونالد ترامبالكرملينروسياأوكرانياالولايات المتحدة الأمريكية