الدكتور نسيم الخوري يورثنا اختلال مفاهيم التوازن الحاصل بل المتعاظم في العلاقات الدولية وتوازنها في العالم اليوم، حتمية الخروج السريع وضياع باقي الدول بسياسييها ومفكريها  في القراءات الأفقية الإستهلاكية لملامح المستقبل وإفرازات العولمة واجتياحات التهليل الجديد للذكاء الإصطناعي. لماذا؟ 1- لأنّه يروّج ويترسّخ لسوق العولمة وكأنه عبارة عن قطعان الكترونية مجهولة هوياتها وهويات مشغّليها من المتاجرين بالعملات والأسهم والسندات وثروات الدول مهما كان شأنهم وحجم ثرواتهم.

لهؤلاء حرية الجلوس والإقامة أمام أجهزة الكومبيوتر المضيئة أبداً. هم لا يعترفون بالظروف الخاصة لأية دولة أو حكومة أو وإنما بقواعدهم المنسّقة إلى حد بعيد. يحدّدون نسب الإدّخار والفوائد وعجز الموازنات للناتج التي يُفترض أن تحقًقها دولتك، إلى المسائل الشديدة التعقيد المتحكّمة بالعلاقات الدولية. 2- لأنّه، وبصرف النظر عن الإرتجال السياسي والإعلامي في التنظير المتسرّع للذكاء الإصطناعي ومستقبله ونتائجه، أميل نحو التروي والدقّة، بعدما دُهشت بهرولة بعض أساتذة جامعيين من طلاّبي فوق سجادات ما يعرف ب”الذكاء الإصطناعي” يعتورهم التهليل والتحذير من صناعة الذكاء في كرةٍ فقدت كرويتها. بعيداً من تقديري لهذا الحماس،أعترف بمتابعة أبحاثي الأكاديمية بمشاركة الشباب الجامعي متلمّساً ملامح المستقبل العربي بعد ربع قرنٍ من الجهود النظرية في مسألة”انهيار السلطات في العالم”. 3- لأنّ السؤآل الصعب المطروح جدّيا ًعلى البشرية اليوم يرتبط ، أوّلاً، باستحالة التثبت علميّاً من هوية هذه العولمة المتحكمة بالسلطات الدولية، وثانياً، من سقوط جدليّات العرض والطلب الهائل بين الشرق والغرب وقد فرضت نفسها على العلاقات بين الدول والشعوب حتى الصغيرة غير المنتجة منها. ولأنّ فرض العظمة الدولية يعتوره الخلل بعد تحولات سريعة ظاهرة وعبر نهضات لم تكن متوقعة بين زعماء الدول على اختلاف أحجامها وثرواتها وقدراتها وإمكانياتها، فإنّ خرطها وانخراط أجيالها بتدفقات تقنيات العولمة ووسائل الإتصال أفرزت للمرّة الأولى تسمية”الأسرة البشرية” لا الدولية التي يستعصي الإحاطة بها أو تغيير ينابيعها ومجاريها المتدفّقة. 4- لأنّ قيادات العالم بدت محكومة بالتطوير والتحديث وادمان مقولة أنّ السلطة  كامنة في منطق العرض-الانتاج. كان هذا المنطق يتدخّل في الثروات والإنتاج يسحبها ويديرها ويتقاسمها بشكلٍ غيرعادل أو مقبول مع  أصحابها. ولأن القوي جشع يُحدّد المواصفات والطلبات ويبتكرها ويوجّهها ويحاول  فرضها على أنداده من الدول الغنية الصغيرة والفقيرة بالطبع نحو أهداف وعطاءات مرسومة سلفاً تشبع مطامحه وبرامجه الإستراتيجية. هكذا أصبحت الأحادية الأميركية طاغية في تحديد التطورات التقنية والبشرية ، وهو ما أفضى إلى مقولات رسّخت التحكّم والتدويل لتُصبح العظمة الدولية أُحادية تضع بيض العولمة بكلّ ما تعنيه وتقتنيه في العش العالمي دون بلورتها ونشرها والإعلان عنها وفتح أسواقها وعرضها لتصبح حاجة بشرية متجاوزةً للثقافات والحضارات السائدة وكأنها  هي فقط المستقبل والعصر والسلطاتالمحفوظة في الغيوم لا في السماء. وهكذا راحت تفرط سبحت الدولة الكبرى الأحادية. 5- تغيّر المنطق والعلاقات بالطبع إثريقظة الشباب تباعاً والحكام في قيادة النهضات العربية المعاصرة بفضل الجامعات والتقنيات إياها. تداخلت سلطات العرض بسلطات الطلب وتنوّعت وتشعبت بين دول  العالم والشركات لتتجاوز مقدرات الدولة وهيبة حكام يتلفّعون بتاج السلاطين. هكذا تحولت المعلومات، إذن، من سلع إلى خدمات، وتوارى خلفها منتجو المعلومات، لكنّهم كانوا يبرزون بقبعة رئيس واحدٍ عالمي آمراً ناهياً يجرّ الدنيا بسبابته محاولاً ترسيخ السطوة الفظّة على دول العالم الكبرى والصغرى الغنية والمنتجة والفقيرة. هكذا حصلت تورية العباقرة مخترعو العصر التقني من مختلف الجنسيات في العالم،مثلما توارى قبلهم مخترع الكهرباء عن الأضواء، وطُمست قيمة طاقة التوليد بين أن تكون مائيّة أو شمسيّة أو على الفحم والوقود السائل أو النووية، وتوارت كشوفات العصر المتمكّنة من عقول البشر وأفكارهم دون أيّ تقدير أوإبراز أوتوقيع لذكرى الخوارزمي على سبيل المثال الذي قد يجهله أبناؤنا. لا ولم تستقم مصلحة الحاكم العظيم الأوحد أو رأس المال الدولي السائد، ويستحيل سقوط الحدود بكلّ المعاني والأبعاد بين الدول. هناك فواصل نووية بين سحب السجادة أو السيادة في العلاقات الدولية الذي يبسط أمامناعالماً بهويات عظيمة متعددة. كاتب لبناني

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

مفاجأة بعد 5 سنوات.. هذه الدول لم تعلن الحظر خلال كورونا وحققت تجارب ناجحة

بعد مرور خمس سنوات على فيروس كورونا، اتضح أن هناك دول لم تفرض الحظر أبداً طيلة فترة الوباء ومنذ اكتشافه فى في مارس 2020، حيث كان مليارات البشر يرقبون من وراء النوافذ ما يحدث فى الخارج.

خمس سنوات على كورونا.. كيف غيرت الجائحة وجه العالم؟منذ خمس سنوات.. كورونا جائحة عالمية غيّرت وجه العالم

كانت الاغلاقات والحظر بمثابة آخر الدواء في محاولة التصدي لتفشي الفيروس المرعب الذي قتل بالفعل الآلاف من البشر حول العالم، حيث ظهرت أوامر الحجر الصحي بعد إعلان منظمة الصحة العالمية كوفيد-19 وباءً عالمياً في 11 مارس 2020.

دولا لم تقرر الحظر فى كورونا 

لكن هناك دولاً معدودة واجهت الأمر على نحو مختلف، ومنها السويد، وتايوان، والأوروغواي، وأيسلندا ودول أخرى قليلة.

حيث أن هذه الدول لم تفرض إغلاقات ولا قيوداً على حركة شعوبها، فلم تقرّر بقاء قطاعات كبيرة من الناس في البيوت، وإنما لجأت حكومات هذه الدول إلى تدابير أخرى، فاكتفت مثلاً بمنْع التجمعات الكبيرة، أو بعمل فحوص مكثفة أو بتطبيق الحجر الصحي على حالات الإصابة أو بفرض قيود على السفر.

استراتيجية السويد فى  كورونا

كانت دول العالم، بما في ذلك الدول المجاورة للسويد، كالنرويج وفنلندا والدنمارك قد شرعت في فرْض إغلاقات في مارس 2020، بينما تجنبت السلطات السويدية فرض إغلاقات، معتمدة بدلا من ذلك على تغيّرات سلوكية طوعية من قِبل المواطنين، قامت الدول الثلاث الأخرى (النرويج، والدنمارك وفنلندا) بفرض إغلاقات حازمة منذ المراحل المبكرة من الوباء.

وقد أغلقت النرويج، وفنلندا والدنمارك المدارس ومعظم صُور الحياة العامة الأخرى، كما طالبت حكومات هذه الدول مواطنيها بأن يعملوا من المنازل، على أن هذه الدول لم تصل إلى الحدّ الذي وصلت إليه حكومة مثل المملكة المتحدة على صعيد إلزام الناس بمنازلهم.

وبالمقارنة بين السويد من ناحية وهذه الدول الثلاث من ناحية أخرى، وجد الباحثون أن أعداد الوفيات وإنْ كانت قد سجّلت ارتفاعا في السويد إبان الموجات الأولى من الوباء في فصلَي الربيع والشتاء من عام 2020، إلا أن هذه الأعداد بدأت تنخفض في السويد مقارنة بالدول الثلاث الأخرى في العامين التاليين: 2021 و2022.

وقام باحثون اقتصاديون بعقد مقارنة بين الدول الأربع ذاتها على صعيد مؤشرات الأداء الاقتصادي، فوجدوا أن استراتيجية السويد كانت مبررة في ضوء التكلفة الاقتصادية المنخفضة نسبيا.

تنزانيا رفضت الإغلاقات

أما تنزانيا، لم تفرض يوماً إغلاقات بسبب كوفيد-19، الرئيس التنزاني السابق جون ماغوفولي، رفض الإغلاقات أو غيرها من التدخلات الحكومية، وقد مات في 2021.

أما أيسلندا ونيوزيلندا؛ فكل من الدولتين جزيرة وغنية وذات تعداد سكانيّ صغير. في حين طبّقت نيوزيلندا إغلاقات صارمة في 25 مارس2020، لم تُقْدم أيسلندا على مثل هذا القرار مطلقا.

وقدمت أيسلندا برنامجا للكشف عن الفيروس وتعقبه، يمكن السلطات من مراقبة العدوى والاتصالات بين الناس، ومن ثم يمكن مطالبة الأشخاص بالخضوع لحجر صحي.

مثل هذا التدبير كان معمولا به أيضا في عدد من الدول التي طبّقت مع ذلك إغلاقات.

نيوزيلندا، في المقابل “سجّلت واحدا من أقل معدلات الوفيات جراء الإصابة بكوفيد حول العالم”.

مقالات مشابهة

  • نسيم عباسي يتيح أفلامه السينمائي للجمهور عبر "يوتيوب"
  • السنغالي أليو سيسيه يتعهد بإعادة منتخب ليبيا للساحة الدولية
  • تركيا الأولى عالميا ضمن الدول التي يصعب فيها امتلاك منزل!
  • التزام راسخ بتعزيز الأمن والاستقرار في العالم.. ولي العهد.. دبلوماسية فاعلة في حل الأزمات الدولية
  • باحث في العلاقات الدولية: لا حلول أمريكية فعالة لاتفاق غزة
  • باحث في العلاقات الدولية: لا حلول أمريكية فعالة لإنقاذ اتفاق غزة
  • من هو الجدير بالمنصب؟!
  • من يتجرأ يتقدم!
  • الأمين العام للأمم المتحدة: ارتفاع مقلق في التعصب ضد المسلمين
  • مفاجأة بعد 5 سنوات.. هذه الدول لم تعلن الحظر خلال كورونا وحققت تجارب ناجحة