خبير مصري يقارن مع حدث في معبر رفح بـ"أشهر هتاف في الذاكرة العبرية"
تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT
قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية، وأستاذ اللغة العبرية بجامعة "عين شمس" المصرية الدكتور محمد عبود، إن استراتيجية إسرائيل في كل حروبها تقوم على هندسة الوعي وصناعة صور دعائية.
إقرأ المزيدوأضاف في تصريحات خاصة لـRT، إن "رفع الدبابات الأعلام الإسرائيلية، وهتاف قائد الدبابة عبر اللاسلكي بالعبرية: معبر رفح في أيدينا، هي رسالة نفسية موجهة أولا للداخل الإسرائيلي، يستعيد فيها جيش الاحتلال ذكرى هتاف جنوده لحظة احتلال الحرم الشريف إثر نكسة 67 وترديدهم هتاف جبل الهيكل في أيدينا، الذي تحول إلى أشهر هتاف في الذاكرة العبرية!!".
وتابع: "رفع علم الكيان الصهيوني في رفح حَمَلَ رسالةً أخرى لحزبي سموتريتش وبن غفير مفادها أن نتنياهو أوفى بوعده، ولم يوقف الحرب قبل اجتياح رفح ولو لبضع ساعات أو أيام معدودات، كما حمل رسالة ثالثة مهمة، يعتقد نتنياهو أنه يستطيع أن يرسل بها إلى قاعدته الانتخابية، وهي أنه لا يقل أسطورية عن موشيه ديان واسحاق رابين وعوزي نركيس الذين أشرفوا على احتلال القدس الشريف عام 1967.".
وأوضح عبود أن "هناك رسالة رابعة وخطيرة موجهة للفلسطينيين والشارع العربي وهي أن جيش الاحتلال أنهى الحرب وهو يقف على قدميه في رفح، وفرض سيادته عليه ولو لساعات".
وقال: "خطورة الرسالة الأخيرة تنبع من أنها رسالة زائفة وغير حقيقية تتجاهل مسار حرب استمرت أكثر من سبعة أشهر دون أن يحقق نتنياهو إنجازا يذكر، ودون أن يحقق شيئا من أهداف حربه المعلنة، كما أنها تتجاهل، بالضرورة، نجاحات كبيرة حققتها المقاومة في عمليات بطولية من المسافة صفر، وأكمنة قتالية، وتكتيكات حربية أسقطت من جيش الاحتلال، بحسب بياناته الرسمية، أكثر من 614 ضابطا ومجندا، وألحقت بترسانته العسكرية إصابات فادحة، وباقتصاده خسائر لا تعد ولا تحصى!".
وأكد عبود أن زيف الرسالة جزء من العقيدة العسكرية الإسرائيلية التي تعتبر الدعاية والبروباغندا جزءا لا يتجزأ من العمل العسكري.
وأضاف أنه تاريخيا، حاول جيش الاحتلال صناعة هذه الرسالة عدة مرات، أشهرها قبيل إسدال الستار على حرب أكتوبر، عندما استغل جيش الاحتلال المكسور الساعات السابقة لسريان وقف إطلاق النار، وتسللت قواته إلى شرق القناة، لاحتلال مدينة السويس، ظنا أن دفاعاتها ضعيفة، وأوكل وزير الدفاع الإسرائيلي السابق موشيه ديان المهمة إلى لواء مدرع وكتيبة مشاة من المظليين، وما أن دخلوا شوارع المدينة حتى تعرضوا لأكمنة منظمة أسفرت عن خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.
وتابع:"تضافرت جهود القوات المسلحة المصرية مع المقاومة الشعبية، ولقنوا الإسرائيليين درسا لم ينسوه للآن، حتى أنهم أطلقوا على السويس اسم ستالينغراد الشرق في إشارة إلى إحدى المعارك الكبرى والفاصلة التي شهدتها الحرب العالمية الثانية".
وأضاف : "حاول جيش الاحتلال صناعة الرسالة نفسها عندما فشل في حرب لبنان الثانية، وسعى قبيل وقف إطلاق النار إلى عبور "وادي السلوقي"، وباءت المغامرة البائسة بالفشل وبمقتل 7 جنود، وجرح العشرات، ودمار عشرات الدبابات، وإسقاط مروحية من طراز CH-53.".
وقال الخبير المصري في الشؤون الإسرائيلية إن "جيش الاحتلال يسعى دائما إلى التقاط صورة انتصار وهمية، الملمح الأساسي فيها رفع العلم "الإسرائيلي" على مدينة عربية في الدقيقة 90، بحثا عن انطباع أخير يدوم، لكن ما لا يدركه نتنياهو ومن خلفه أن هذه الصورة تأتي دائما زائفة ومصنوعة وفاشلة وعاجزة عن توصيل المعنى".
وتابع: "تأتي معبرة بصدق عن الهزيمة الإسرائيلية المذلة، وعن النصر العاجز الذي يتباهى فيه مجرمو الحرب بقتل المدنيين والنساء والأطفال وتدمير البنية التحتية وقطع سبل الحياةـ أو كما قال السفاح يوآف غالانت لا ماء لا كهرباء لا غذاء!"
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أخبار مصر أخبار مصر اليوم القاهرة غوغل Google جیش الاحتلال
إقرأ أيضاً:
الذاكرة العراقية على حافة النسيان!
الذاكرة الإنسانيّة العالميّة زاخرة بمئات المواقف النبيلة والمشينة، والورديّة والدمويّة، ومنذ الجريمة الأولى على الأرض بقتل قابيل لأخيه هابيل سجّلت كتب التاريخ ملايين الجرائم الوحشيّة التي ارتكبها الإنسان ضدّ أخيه الإنسان!
والتاريخ الأسود لجرائم الحروب متواصل منذ مئات السنين، وتمثّل بمئات المجازر ومنها: الغزو المغوليّ للعراق في العام 1258م، والمجازر الفرنسيّة بحقّ الجزائريّين لأكثر من مئة عام وبقيت لغاية العام 1962م، ومجازر الحربين العالميتين الأولى والثانية، والمذابح الصهيونيّة في فلسطين بعد العام 1937م وصولا لمذابح غزّة الأخيرة، ومذبحة هيروشيما في العام 1945م، والابادة الجماعية في البوسة والهرسك بين عاميّ 1992 و1995م، والمجازر الأمريكيّة في العراق قبل وبعد العام 2003م، وغيرها!
ومرّت يوم 13 شباط/ فبراير الذكرى السنويّة لجريمة ملجأ العامرية ببغداد في العام 1991، والتي نُفّذت بطائرتين أمريكيّتين (أف 117) تحمل قنابل ذكيّة وأهلكت 400 مواطن!
بمراجعة سريعة للمجازر الأمريكيّة في العراق وأولها دعم الحصار الدوليّ في 6 آب/أغسطس 1990 بعد غزوّ الكويت، والذي تتابع حتّى الغزوّ الأمريكيّ في العام 2003، سنجد أنّ آثارها متواصلة حتّى الساعة
وبمراجعة سريعة للمجازر الأمريكيّة في العراق وأولها دعم الحصار الدوليّ في 6 آب/أغسطس 1990 بعد غزوّ الكويت، والذي تتابع حتّى الغزوّ الأمريكيّ في العام 2003، سنجد أنّ آثارها متواصلة حتّى الساعة!
وطحن "الحصار الدوليّ" الفقراء وعموم الناس، ولم يؤثّر على الطبقات العليا، وهذا دليل على الحقد الأمريكيّ على العراقيّين بعيدا عن سياسات "كسر إرادة الدولة" حينها!
وضرب الحصار الجوانب الصحّيّة بالصميم، وحَطَّم القطاعات الصناعيّة والخدميّة، وضرب جوهر الاقتصاد وبلغ التضخّم لمستويات جنونيّة، وتسبّب بهجرة آلاف العلماء والأطباء وغيرهم. ويمكن القول إنّ آثار الحصار القاسية مهّدت للاحتلال في العام 2003!
ولا ننسى الدور الغامض لفرق التفتيش الدوليّة التي ساهمت في تأجيج الموقف الدوليّ ضدّ العراق رغم تفتيشهم لكافّة المواقع المشكوك بها، بما فيها القصور الرئاسيّة، ومع ذلك كانت تقاريرهم سلبيّة ومسيّسة!
وبدأت لاحقا بوادر الغزو الأمريكيّ، الذي شنّ دون تفويض أمميّ، بقيادة الرئيس جورج بوش الابن! وحاول العراق، في الوقت الضائع، تجنّب العدوان بالطرق الدبلوماسيّة والعمليّة، ومنها تدمير صواريخ "صمود" بداية آذار/ مارس 2003، وبعد أسبوعين أمهل الرئيس بوش (سدى) الرئيس العراقيّ 48 ساعة لمغادرة البلاد، ويوم 19 آذار/ مارس أعلنت واشنطن بداية غزوها للعراق!
وبعد شهرين من المعارك الشرسة أعلنت واشنطن بداية أيّار/ مايو انتهاء العمليّات القتاليّة الكبرى، وعيّنت بول بريمر حاكما مدنيّا على العراق! ورتّبت واشنطن، لاحقا، عمليّة سياسيّة طائفيّة وتقسيميّة، تتواصل آثارها السلبيّة حتّى اللحظة، وهذا دليل على خططها الموضوعة مسبقا لتقزيم العراق!
وكانت فضيحة سجن "أبو غريب"، نهاية نيسان/ أبريل 2004، الدليل الأبرز على همجيّة القوّات المحتلّة، وأظهرت انتهاكات نقشت في الذاكرة الإنسانيّة لبشاعتها، واستخفافها بالإنسان والقيم النبيلة والقوانين الدوليّة!
وكشفت لجنة التحقيقات الأمريكيّة منتصف حزيران/ يونيو 2004 "عدم وجود أدلة دقيقة على ضلوع العراق في هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001"!
ومع ذلك استمرّ الاحتلال، وارتكب جريمته البشعة بمدينة الفلوجة في الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر 2004، واستخدم في تدمير المدينة القنابل الفسفوريّة واليورانيوم المنضّب!
ووقعت الجريمة الأكبر بعد التفجير المدروس لمرقد الإمامين العسكريّين بمدينة سامرّاء يوم 22 شباط/ فبراير 2006، وتسبّبت بفتنة طائفية أبادت عشرات آلاف الأبرياء وهجّرت الملايين! وانطلقت بعد تفجير سامرّاء مرحلة جرائم السيّارات والدّرّاجات الملغمة التي أفنت عشرات آلاف الأبرياء بمختلف المدن!
ورغم إعلان واشنطن انسحابها الرسميّ يوم 18 كانون الأوّل/ ديسمبر 2011، إلا أنّ قوّاتها تتمركز اليوم في عدّة قواعد عسكريّة، أبرزها "عين الأسد" في محافظة الأنبار الغربيّة!
والاحتلال الأمريكيّ، المستمرّ بشكل متستّر، سحق العراق والعراقيّين بشتّى الطرق المعلنة والخفيّة، ومع ذلك لا توجد إحصائيات دقيقة حول أعداد القتلى نتيجة الاحتلال، وهنالك دراسات ذكرت أرقاما مخجلة لا تتجاوز السبعين ألف قتيل، بينما هنالك دراسات ومنها، دراسة البروفيسور الأمريكيّ جوزيف سيتجليز نهاية شباط/ فبراير من العام 2008، أكّدت بأنّ عدد القتلى حتّى نهاية العام 2006، وصل لأكثر من 700 ألف، وبلغ عدد اللاجئين أكثر من ثلاثة ملايين و800 ألف لاجئ!
مجزرة الاحتلال الأمريكيّ الأخطر تمثّلت بضياع هيبة الدولة، والإنسان وضياع طعم الحياة واستمرار التناحر الساسيّ والفساد الماليّ الذي سحق ألف مليار دولار، وأيضا انتشار المخدّرات والجريمة المنظّمة والاتّجار بالبشر، وآلاف الصور السلبيّة المؤلمة والقاتلة للوطن والناس وللماضي والحاضر والمستقبل!
ولاحقا كشف مركز صقر للدراسات في 2009 أنّ الاحتلال تسبب بمقتل مليوني عراقيّ، وخلف أكثر من مليون أرملة وأربعة ملايين يتيم حتى نهاية 2008!
وكان من أبرز آثار الاحتلال انهيار المؤسّسات الصحّيّة والخدميّة وعشرات آلاف الإصابات بالسرطانات المتنوّعة، وانتشار المخلّفات العسكريّة ومنها أكثر من 20 مليون لغم أرضيّ، وتسرّب عشرات آلاف الطلبة من المدارس، وغيرها!
وكذلك جرائم النهب لأكثر من 126 طنّا من الذهب ومليار الدولارات والعملات الصعبة، وأكثر من مليون ونصف قطعة أثريّة، فضلا عن الخسائر الفادحة في القطاعات التجاريّة العامّة والخاصّة!
والكارثة الأشدّ ظهرت بفوضى السلاح، وانتشار عشرات الجماعات المسلّحة الرسميّة وشبه الرسميّة، وهي اليوم من أكبر أسباب احتماليّة تعرّض العراق لعقوبات أمريكيّة عسكريّة واقتصاديّة ومصرفيّة!
مجزرة الاحتلال الأمريكيّ الأخطر تمثّلت بضياع هيبة الدولة، والإنسان وضياع طعم الحياة واستمرار التناحر الساسيّ والفساد الماليّ الذي سحق ألف مليار دولار، وأيضا انتشار المخدّرات والجريمة المنظّمة والاتّجار بالبشر، وآلاف الصور السلبيّة المؤلمة والقاتلة للوطن والناس وللماضي والحاضر والمستقبل!
فهل ستُمحى هذه الكوارث من الذاكرة العراقيّة؟
x.com/dr_jasemj67