عربي21:
2025-01-30@14:55:31 GMT

النكبة التي طرقت أبواب الإبادة الجماعية

تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT

في معمعان عدوان صهيوني مستمر على غزة للشهر الثامن، يأتي الخامس عشر من أيار/ مايو هذا العام على الشعب الفلسطيني على نحو مختلف، بعد 76 عاما من وضع العصابات الصهيونية لبناتها الأولى لمشروعٍ استعماري صهيوني إحلالي، وبعد جريمة تشريد سكان فلسطين مع جرائم التطهير العرقي ومحو قرى ومدن عربية، فتطبق على من بقي من سكانها سياسة الفصل العنصري.

. بين ذاك التاريخ ويومنا هذا نكبات وهزائم عربية، تتناسل بين ثنايا بنيان نظام عربي رسمي يثبت مرة بعد أخرى عجزه؛ كاشفا عن مهمته الفجة المؤلمة والغادرة بأن يكون "الحارس" الوفي للنكبة، والشاهد الأكثر بشاعة على جرائم الإبادة بحق المنكوبين في أرضهم وفي شتاتهم، وبحق نسلهم الذي بقي شوكة في حلق المشروع الصهيوني، فباتت قضيتهم "المرض" الذي تعاني منه أنظمةٍ عربية تنتظر دواء اسشفائها من عيادة الصهينة والتطبيع لاقتلاع هذه الشوكة.

فاللاجئون من المنكوبين في غزة مع أشقائهم في بقية أرض فلسطين، يواجهون فصلا قاسيا من همجية ووحشية صهيونية بعد النكبة الأولى، وعلى كل الصعد والمستويات والظروف، فلا حاجة اليوم لتوضيح وشرح كيف أنجزت النكبة الفلسطينية والهزيمة العربية الرسمية.

تفهم أجيال عربية وفلسطينية هذا الفصل المخزي بدون خديعة الإذاعات والشعارات والبيانات العسكرية العربية، يشاهدون ويتحسسون فجور التصهين والخذلان المعلن من على منابر عربية وبألسنة متعبرنة وبمواقف سياسية وأمنية؛ كيف تم التعامل مع ضحايا جرائم الإبادة الصهيونية.. فنساء وأطفال غزة وهم يواجهون أحفاد الصهاينة الأوائل يصرخون: أين النظام العربي؟ وين الدول العربية؟ إلى أين المفر؟

لِمَ تعجز أنظمة عرمرمية بعسكرها وبنيانها الأمني عن إنقاذ مستشفى أو مدرسة وتفشل بإدخال الماء والدواء لغزة؟ لماذا يفشل النظام العربي بأن يكون سندا وحليفا للمنكوبين بعد 76 عاما. إنه هو نفسه النظام الذي يشكو انحيازا أمريكيا وغربيا لإسرائيل ولمشاركتها العدوان، والشاكي نفسه الذي يقيم أسوارا حديدية وبوابات أمنية أمام ضحايا العدوان وجرحاه، والشاكي المتخم بشعارات عن فلسطين فيتقيأ سجانه على أجساد وجروح أبناء فلسطيني في فروعه الأمنية، ومن يفتتح فروع سمسرته لابتزاز الضحايا، ومن يتوجس من "اللاجئ الفلسطيني" ابن النكبة وسليل الهزيمة؛ في مطاراته وحدوده البرية والبحرية ليكون أكثر حزما أمام الفلسطيني المنكوب.

لا يمكن لذاكرة المنكوبين المثقلة اليوم بجرائم الإبادة في غزة، ولأشقائهم الذين يواجهون إرهاب المستوطنين، أن يتقبلوا السكون لإرادة الارتداد اللعينة التي يحاول إرهاب المحتل إغلاقها وإحالتها لتردٍ لا حدود له بإعلان موت الفلسطيني وقضيته وانتهاء فعله المؤذي للبنيان العربي الرسمي والمهدد لعجزه.

يقول غسان كنفاني: "إن تيقظ الحس النقدي في فترات الهزائم عند الشعوب، يشبه تيقظ حواس الإنسان دفعة واحدة لحظة تعرضه للخطر، فهي تضاعف طاقتها على الالتقاط بالتالي قدرتها على المواجهة".

يفترض أن ما حصده الفلسطيني والعربي من حقول النكبة الفلسطينية، ثم الهزيمة العربية، إلى حرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، أن يكون كافيا لإطلاق حسٍ نقدي ومواجهة تبعات حصاده المر. ونعرف جميعا أن محاولة العربي تفجير هذا الحس في ثورات عربية مغدورة كانت محاولة البدء لإزالة آثار النكبة والهزيمة على طريقته الخاصة؛ بالتخلص من الاستبداد والطغيان، وبمحاولة إعادة الاعتبار للذات العربية بعد عقودٍ لم تتسع سوى للدعاء والكآبة من آلامٍ وعذاباتٍ ومآسٍ، ومن خلال التجرؤ على الاقتراب من الأحلام الممنوعة بالمواطنة والحرية والكرامة، ودحر الطغيان المرتبط حتى نخاعه بحماية النكبة والإبادة الفلسطينية، لذلك كل ما جرى ويجري بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر "طوفان الأقصى" بتفاصيله وأبعاده ومعانيه، يبدو كتاريخ "أسود" في سجل أنظمة عربية وفي تاريخ المستعمر الصهيوني، فقد شكل مبتدأ فعلٍ فلسطيني بمواجهة تزوير التاريخ والتصهين والتطبيع الذي أرضى حاشية فلسطينية وعربية رخيصة بددت قضية كبرى عادلة وإنسانية بشكل مبتذل أمام المستعمر الصهيوني.

ولعل ربط النكبة الفلسطينية الأولى، مع جرائم الإبادة الجماعية في غزة وبقية المدن الفلسطينية المحتلة، له معنى صهيوني باستكمال هزيمة المنكوبين إذا ما حددنا ودققنا الأهداف الصهيونية والمجريات على الأرض؛ من إحصاء أعداد الشهداء إلى نسف الوجود الفلسطيني من فوق أرضه وتشبث أنظمة عربية بالهزيمة الأولى لجيوشها وبنيانها. فمن السخف والبذاءة أن يطلق المهزوم نعته المتواصل على ضحايا الإبادة وعلى مقاومتهم لها بأنهم "المتآمرون مع أجندة خارجية"، مع أن المهزوم هو نفسه من يقدم للضحية ولقضيته المركزية مواقف بالغة الوجع عند حدود الإبادة الجماعية، وهو نفسه من يراقب العدوان الصهيوني الهمجي والوحشي كي تبقى النكبة والهزيمة قائمة ومتجددة، مع إطلاق المزيد من السخف والتسطيح على شجاعة شعبٍ، وعلى أنبل قضية تراها أجيال غربية من نيويورك إلى سيؤول في الشوارع والجامعات عند نخب مخلفة؛ أنها تماثل ضميره وأخلاقه وحسه الإنساني المنتفض على جرائم الاحتلال وعلى سرديته المزيفة.

بنفس الأسباب والمواقف والظروف التي كانت تحيط بالنكبة الأولى عام 1948، ونعني قطعا ظروفا عربية رسمية ومواقف دُونت في كتب التاريخ المعاصر الذي أعقب النكبة بعقدٍ أو اثنين إلى هزيمة حزيران/ يونيو 1967، عادت لذاكرة أجيال عربية سردية تتابعها على هواء التلفزة وأثير الهواء بغير التزوير "المأمول" من خفراء النكبة الفلسطينية وحراس الإبادة الفلسطينية، ومن فككوا الحركات الشعبية وقمعوا المعارضات السياسية بشكل دموي، مع تفاقم الانحلال الاقتصادي والاجتماعي لتأسيس شمولية في الهزيمة ولتكون جزءا داخليا من حياة يومية يألفها العربي مع نظامه القمعي. لذلك تأتي النكبة بعد 76 عاما لتطرق بشكل مدوٍ أبوب الإبادة الجماعية كنتيجة تالية للتشبث بمواقف وظروف عاجزة؛ شكلت مبدأ ولاء أنظمة الاستبداد العربي للنكبة الفلسطينية.

وكما قال كنفاني عن تيقظ الحس النقدي في فترات الهزائم والنكبات، فإن له شروطا مرتبطة بتحرر الإنسان وسعيه لامتلاك مساحة من الديمقراطية وحرية التعبير، والقدرة على المواجهة وتجذير وعيه لسياسي والاجتماعي المناهض لكل ما يمتهن العقل والضمير. فمقاومة النكبة والإبادة الجماعية للفلسطينيين والمشروع الاستعماري الاستيطاني وما أنتجه من فصلٍ عنصري؛ لا تتم في معادلات فلسفية وذهنية، بل تتم على الأرض بأدوات بشرية تنتج آثارا واضحة ومحددة، وهو ما دأب عليه الفلسطينيون منذ النكبة التي استدعى النظام العربي في عقودها سياسة الاستبداد وتدمير العقل، وصولا للفرجة على جريمة الإبادة والاكتفاء بالدفع بأكداس من المتصهينين، في مشهد مبذول لنعت من يقاوم النكبة والإبادة، بعيدا عن أبسط المعاير الأخلاقية.

twitter.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة النكبة الإبادة الجماعية الاحتلال غزة الاحتلال العالم العربي النكبة الإبادة الجماعية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النکبة الفلسطینیة الإبادة الجماعیة جرائم الإبادة

إقرأ أيضاً:

حركة فتح تُثمن الموقف المصري الداعم للقضية الفلسطينية

أعرب المتحدث باسم حركة فتح الدكتور ماهر النمورة، عن إشادته للموقف المصري والأردني الرافض منذ اللحظة الأولى كافة المحاولات التي تسعى إلى تهجير الشعب الفلسطيني وتصفية القضية.

 

وأضاف :"إن التضحيات الجسام التي قدمها الشعب الفلسطيني منذ عام 1984 حتى هذه اللحظة هو تأكيد على أن حق العودة هو أمر مقدس وفقا للشرعية الدولية التي أعطت هذا الحق للفلسطينيين"، موضحا أن أهالي غزة يواجهون بعودتهم إلى ديارهم في شمال القطاع رسالة للعالم أجمع مفادها بأن الشعب الفلسطيني متمسك بأرضه وجذوره وبقائه.

 

وأكد أنه لا يوجد أي فلسطيني على الأرض يقبل بالتهجير من أرضه، مشيرا في الوقت نفسه إلى المأساة الكبيرة التي يتعرض لها النازحون أثناء عودتهم إلى شمال القطاع في محاولة للتخلص من المعاناة والآلام التي أثرت عليهم طوال 15 شهرا الماضية.

 

الخارجية الفلسطينية تُندد بجرائم الاحتلال في الضفة الغربية


أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، جرائم سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية. 

اقرأ أيضاً: صحافة أمريكا تُبرز دور مصر في إنهاء مُعاناة غزة

وتتضمن جرائم الاحتلال وفقاً لوسائل إعلام فلسطينية جرائم هدم المنازل والمنشآت ودور العبادة، وتخريب الممتلكات العامة والخاصة، وتدمير شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، وتجريف الأشجار والأراضي الزراعية.

وتحدث تلك الجرائم في القدس وجنين ومخيمها، وطولكرم ومخيميها، ومسافر يطا، والأغوار، وفي تقوع وغيرها.

وأدانت الوزارة في بيانها المنشور اليوم الثلاثاء حملات الاحتلال المستمرة في توزيع المزيد من إخطارات الهدم كما هو حاصل في سلوان وقرية النعمان شرق بيت لحم وفروش بيت دجن شرق نابلس وغيرها.

وقامت وزارة الخارجية بتحميل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن نتائج استمرارها في ارتكاب تلك الجرائم، خاصة تداعياتها على ساحة الصراع والمنطقة برمتها، كما تحمل الوزارة المجتمع الدولي المسؤولية عن صمته تجاه جرائم الهدم والتهجير المركبة والمتداخلة.

وقالت الوزارة في بيانها :"إنها إذ تتابع جرائم الهدم مع الدول والمنظمات والمجالس الأممية المختصة، فإنها تطالب بتدخل دولي عاجل لوقفها وحماية شعبنا ولجم الاحتلال ومستعمريه، والشروع الفوري في ترتيبات دولية ملزمة لفتح مسار سياسي يؤدي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين ضمن سقف زمني محدد، كما جاء في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي اعتمد الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية".

تلعب وزارة الخارجية الفلسطينية دورًا حيويًا في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية على المستويين الإقليمي والدولي، حيث تُعتبر الجهة الرسمية المسؤولة عن تمثيل القضية الفلسطينية وتعزيز حضورها في المحافل الدولية. تعمل الوزارة على تعزيز الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، وقد نجحت في حشد الدعم من دول العالم للحصول على عضوية دولة فلسطين كعضو مراقب في الأمم المتحدة عام 2012. هذا الإنجاز مكّن فلسطين من الانضمام إلى العديد من المنظمات الدولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية، ما يتيح ملاحقة الجرائم الإسرائيلية قانونيًا وتعزيز الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.

كما تلعب الوزارة دورًا أساسيًا في بناء التحالفات السياسية والدبلوماسية لدعم الحق الفلسطيني في تقرير المصير وإنهاء الاحتلال. تعمل على إعداد الملفات القانونية والوثائق التاريخية التي تُبرز الانتهاكات الإسرائيلية، مثل الاستيطان وتهجير السكان، وتقديمها للمؤسسات الدولية، مما يسهم في تعزيز شرعية المطالب الفلسطينية. تُركز الوزارة أيضًا على حشد الدعم الاقتصادي والإنساني للشعب الفلسطيني من خلال التعاون مع الدول المانحة والمنظمات الإغاثية الدولية، بهدف تخفيف معاناة الفلسطينيين، خاصة في قطاع غزة والضفة الغربية.

على الصعيد الإقليمي، تسعى وزارة الخارجية لتعزيز التضامن العربي والإسلامي مع القضية الفلسطينية عبر تنسيق المواقف في مؤسسات مثل الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي. كما تعمل على استثمار علاقاتها الدولية لتسليط الضوء على القضية الفلسطينية، سواء من خلال عقد المؤتمرات الدولية أو إطلاق مبادرات تعزز الحوار والسلام القائم على أساس الشرعية الدولية. بذلك، تُعد وزارة الخارجية الفلسطينية حجر الأساس في الدبلوماسية الفلسطينية للدفاع عن الحقوق الوطنية ومواجهة التحديات السياسية.

مقالات مشابهة

  • منظمة التعاون الإسلامي تُدين الجرائم الإسرائيلية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني
  • جرائم داعش.. جمع عينات من ذوي ضحايا المقابر الجماعية في أربيل
  • «جيروزاليم بوست» العبرية: كيف ترى إسرائيل المقاومة الفلسطينية بعد طوفان الأقصى؟.. المروجون الفلسطينيون: سكان غزة أمة من الأسود بعد نجاتهم من الإبادة الكاملة
  • الخارجية الفلسطينية تدين اقتحام الاحتلال لـ«جنين»: تصريحات «كاتس» امتداد لحرب الإبادة والتهجير
  • "70 عامًا" السيسي يوضح الظلم التاريخي الذي وقع على الشعب الفلسطيني
  • محلل سياسي فلسطيني: تهديدات ترامب الأخيرة ليست موجهة فقط للشعب الفلسطيني والعالم العربي
  • صحة غزة: نسبة الدمار التي طالت مجمع الشفاء الطبي تجاوزت 95%
  • الخارجية الفلسطينية جرائم الهدم في الضفة نسخة متدحرجة من صورة الدمار الذي ارتكبه العدو في قطاع غزة
  • حركة فتح تُثمن الموقف المصري الداعم للقضية الفلسطينية
  • الخارجية الفلسطينية تُندد بجرائم الاحتلال في الضفة الغربية