في دراسة مهمة للمفكر والمؤرخ القضائي المصري الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة بعنوان «انهيار المنظومة الأممية واختلال ميزان العدل الدولي» أكد فيها فيها الفقيه المصري، أن النظام العالمى السارى منذ عام 1948 على شفا الانهيار، والبشرية تعاني فوضى عالمية غير مسبوقة وحرباً عالمية ثالثة وشيكة ستضع ميثاقاً جديداً لتهديدات بقاء البشرية، وأن جوهر انهيار النظام العالمى استخدام القوة العسكرية لتفكيك الدول وإعادة توحيدها، وأصبحت فعالية القانون الدولي والمنظمة الدولية استثناء، وأن حروب القوى العظمى حولت الأمم المتحدة من منظمة للحفاظ على السلام والأمن الدوليين إلى منتدى للمجادلات الدعائية العقيمة.

تقرير خطير لمنظمة العفو الدولية النظام الدولي ينهار والمؤسسات الدولية تم تعطيلها أو إضعافها عمداً ولا تؤدي وظيفتها

يقول الدكتور محمد خفاجى: «يوجد تقرير خطير لمنظمة العفو الدولية لم يتم التوقف أمامه كثيراً يتعلق بانهيار النظام الدولي والمؤسسات الدولية تم تعطيلها أو إضعافها عمداً ولا تؤدي وظيفتها فى حماية الشعوب، فقد أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرها 2023/2024 بالعديد من الانتهاكات الناجمة عن الصراعات على مستوى العالم، خاصة بين فلسطين وإسرائيل.واستنتجت منظمة العفو الدولية أن النظام الدولي الذي أنشئ بعد عام 1948 على وشك الانهيار وحافته، وأن جميع المؤسسات الدولية التي تم إنشاؤها لحماية السلام والأمن فى العالم لا تؤدي وظيفتها لأنها إما أن تكون قد تم تعطيلها أو إضعافها عمداً».

وأضاف إن منظمة العفو الدولية أعترفت بأن الولايات المتحدة الأمريكية، فى سبيل حماية إسرائيل من التدقيق الدولي، قامت بإضعاف مجلس الأمن بالأمم المتحدة، وكذلك الشأن بالنسبة لمحكمة العدل الدولية.وأن حرب إسرائيل على فلسطين واستخدام الذكاء الاصطناعي فى الحرب لقتل النساء والأطفال حتى الرضع منهم!، وأزمات إنسانية غيرها في أجزاء أخرى من العالم تثبت الانهيار المحتمل، كالحرب بين روسيا وأوكرانيا والأزمة في السودان وإثيوبيا، وكان تحرك المؤسسات الدولية بطيئاً للغاية لا يتناسب مع التهديد المتحمل ثم درجات الخطر والانتهاك الحقيقى الجسيم للقانون الدولى الإنسانى.

العلاقات الدولية لا تقوم على قواعد القانون الدولى، بل التوزيع الفعلي لموازين القوى ومصالحها المشتركة

ويشير " إن نظام العلاقات الدولية الحالى لا يقوم على قواعد القانون الدولى والمؤسسات الدولية، بل يعتمد على التوزيع الفعلي لموازين القوى بين الدول الكبرى وتحالفاتها ومصالحها المشتركة. وهذا بالضبط ما أصاب القانون الدولى فى مقتل وانتقص من فعالية وقابلية تطبيق قواعده، وذلك منذ الفترة التي تلت نهاية الحرب العالمية الثانية، التى كان من نتاجها أن القوى العظمى سوف تعمل بشكل مشترك على الحفاظ على السلام العالمى وحل النزاعات الدولية على أساس ميثاق الأمم المتحدة لمنع نشوب حرب عالمية ثالثة جديدة. "

ويضيف "بيد أن ذلك النظام العالمي انهار بسرعة وسط المواجهة بين القوتين العظميين بعد الحرب العالمية الثانية هما الاتحاد السوفييتي - قبل تفككه - والولايات المتحدة الأمريكية في أوروبا ثم في مختلف أنحاء العالم ثم استئثار سيطرة القطب الواحد الأمريكى على كوكب الأرض وتهميشه لقوى جديدة ظهرت من صناعة العصر الحديث."

حروب القوى العظمى حولت الأمم المتحدة من منظمة للحفاظ على السلام والأمن الدوليين إلى منتدى للمجادلات الدعائية العقيمة

ويواصل الدكتور محمد خفاجى " نشأت فكرة الحرب الباردة بين القوى العظمى التى حولت منظمة الأمم المتحدة من مؤسسة للحفاظ على السلام والأمن الدوليين إلى منتدى لمجرد المجادلات الدعائية العقيمة، وانتشرت الترسانات النووية الجاهزة للاستخدام التى ولدت الخوف للشعوب الاَمنة، وعاش العالم في خوف دائم من وقوع كارثة نووية مما دفع الأطراف المتحاربة إلى تجنب الاشتباكات المباشرة في تنافسها الجيوسياسي. ثم وقعت العشرات من الحروب والصراعات الإقليمية والمحلية التي أودت بحياة أكثر من 20 مليون شخص. وبلغت الخسائر العسكرية الأمريكية 120 ألف قتيل، وهو نفس عدد ضحايا الحرب العالمية الأولى (1914-1918). "

ويضيف "وعانت القوى العظمى من الهزيمة على قمتها الحرب الكورية التى بدأت حرباً أهلية في شبه الجزيرة الكورية بين عامي 1950-1953. وكانت شبه الجزيرة الكورية مقسمة إلى جزئين شمالي وجنوبي، الشمالي يقع تحت سيطرة الاتحاد السوفيتي، والجنوبي خاضع لسيطرة لجنة الأمم المتحدة المؤقتة لكوريا بقيادة الولايات المتحدة، ثم حربان في الهند الصينية - شبه الجزيرة الهندية الصينية- سلسلة من الحروب التي وقعت في جنوب آسيا من عام 1945 وحتى 1991، وذلك بين قوات الهند الصينية الشيوعية ضد الفرنسيين بشكل أساسي، بالإضافة إلى الفيتناميين الجنوبيين والأمريكيين والكمبوديين واللاوسين والقوات الصينية، فضلاً عن خمس حروب في الشرق الأوسط، وحرب في الجزائر، وحروب بين الهند وباكستان، وأخرى بين إيران والعراق، وحروب في القرن الأفريقي، والكونغو، ونيجيريا، وأنجولا، وروديسيا، وأفغانستان، وأخرها الإبادة الجماعية للفلسطينيين بغزة على يد الاحتلال الإسرائيلى "

جوهر انهيار النظام العالمى استخدام القوة العسكرية لتفكيك الدول وإعادة توحيدها، وأصبحت فعالية قواعد القانون الدولي والمنظمة الدولية استثناء

ويذكر " أن القوى العظمى في تنافسها العالمي، انتهكت بشكل تعسفي قواعد القانون الدولي، والسلامة الإقليمية والسيادة وحق الدول في تقرير المصير. فقد استُخدمت القوة العسكرية تحت ستار شعارات أيديولوجية. وكانت حدود الدول تتغير باستمرار، وتم استخدام القوة العسكرية لتفكيك الدول وإعادة توحيدها (كوريا وفيتنام والشرق الأوسط والأدنى وباكستان والقرن الأفريقي، وغيرها). وفي كل صراع، كانت الولايات المتحدة الأمريكية على قمته بتقديمها مساعدات عسكرية مباشرة لحلفائها، وأخرها اوكرانيا ثم إسرائيل فى الإبادة الجماعية للمدنيين فى قطاع غزة بفلسطين، فضلاً عن السباق غير المسبوق في الأسلحة النووية والتقليدية حتى الأسلحة الفضائية، ومواجهة مسلحة بين القوى العظمى وحلفائها في جميع القارات وفي جميع المحيطات، وهو سباق تسبب في تكاليف اقتصادية ضخمة لجميع الدول."

ويضيف "لقد أظهرت السنوات الأخيرة من القرن الحادى والعشرين بوضوح أن قواعد القانون الدولي والمؤسسات الدولية لا تعمل إلا على سبيل الاستثناء، وفي تلك الحالات النادرة عندما تتيقن القوى الكبرى من مصلحتها المشتركة. وبخلاف هذا الأمر فلا احترام لقواعد وأحكام القانون الدولى الذى يدخل فى إجازة، وبهذه المثابة فإن الأمن القومي للدول، يتعرض للتهديد واحتمال نشوب حرب نووية عالمية، فلقد عاشت الشعوب وفقدت البشرية الكثير منها من جراء حربين عالميتين فى النصف الأول من القرن العشرين. وأصبحت شعوب العالم اليوم تشعر بالندم على النظام العالمي الحالى المفقود الذي أصبح على حافة الانهيار والدمار الشامل."

البشرية تعانى فوضى عالمية غير مسبوقة وحرباً عالمية ثالثة وشيكة ستضع ميثاقاً جديداً لتهديدات بقاء البشرية

يقول الدكتور محمد خفاجى "تعاني البشرية حالة الفوضى العالمية غير المسبوقة فى كثير من المجالات، من حيث تغير المناخ وتدمير الموائل الطبيعية - ويقصد بها البيئة الطبيعية التي يعيش فيها الكائن الحي من غابات ومراعي وصحاري ومياه، ولكل كائن موئله المناسب - واستنفاد الموارد الطبيعية. وتهديدات صحة الإنسان كالأوبئة، وظهور حالات جديدة للحروب مثل الحرب السيبرانية، وحرب الفضاء، والحرب البكتريولوجية. والحروب بالوكالة، ثم بحر الصين الجنوبي وتايوان، والأوضاع الدولية الموروثة في الشرق الأوسط على رأسها حرب إسرائيل والإبادة الجماعية للفلسطينيين بقطاع غزة، مما ترتب عليه من عدم الوفاء بالالتزامات المترتبة على المعاهدات الدولية، وأصبحت قواعد القانون الدولي العرفي مفتقرة إلى التطبيق والفعالية على الواقع الأليم للدول."

ويختتم الدكتور محمد خفاجى " إن حرباً عالمية ثالثة وشيكة سوف تضع ميثاقاً جديداً للمجتمع الدولي، ونأمل ألا تكون هناك حاجة إلى حرب عالمية ثالثة لوضعه. ذلك إن شعوب الكرة الأرضية تعترف اعترافاً مؤلماً بالتحديات التي تهدد بقاء البشرية وازدهارها وللقضاء على الواقع المحموم للعالم الإنساني المعاصر، وهو ما يتوقف على الوعى العام العالمي وقوة تأثيره لوضع نموذج جديد للقانون الدولي وقواعده وأحكامه باعتباره القانون الفعلى لمجتمع دولي حقيقي في ظل سيادة القانون الدولي سيادة فعلية تكفل للشعوب العيش فى أمان وعدل، كما يكفل للدول سيادتها دون تدخل وانتهاء الاحتلال البغيض من إسرائيل الغاصبة لأرض فلسطين العربية.

اقرأ أيضاًمصدر أمني يكشف موعد انتهاء المهلة الممنوحة للأجانب المقيمين بالبلاد

سقوط رجل أعمال هارب من 106 سنة سجن وغرامات بلغت أكثر من 11 مليون جنيه

ضبط 87 مخالفة خلال حملات رقابية على المخابز البلدية والأسواق بالمنيا

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: قاض مصري نائب رئيس مجلس الدولة قواعد القانون الدولی منظمة العفو الدولیة والمؤسسات الدولیة القوة العسکریة القانون الدولى الأمم المتحدة السلام والأمن عالمیة ثالثة القوى العظمى على السلام

إقرأ أيضاً:

إيران تهدد بالرد على قرار قدمته القوى الأوروبية لوكالة الطاقة الذرية

حذر وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، اليوم الأربعاء، من أن إيران "سترد وفق ما يقتضيه الوضع" على قرار قدمته دول أوروبية والولايات المتحدة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ويدين عدم تعاون إيران في الملف النووي.

ووفقا لوكالة الأنباء الإيرانية "إرنا"، أكد عراقجي، خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل جروسي أن هذه الدول "إذا تجاهلت حسن نية إيران.. ووضعت إجراءات غير بناءة على جدول أعمال اجتماع مجلس المحافظين من خلال قرار، فإن إيران سترد وفق ما يقتضيه الوضع وعلى نحو مناسب".

وقدمت الدول الأوروبية والولايات المتحدة نص قرار يدين عدم تعاون إيران في الملف النووي إلى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفق ما ذكرت مصادر دبلوماسية الأربعاء.

وقال مصدر دبلوماسي لوكالة فرانس برس إنه "تم تقديم النص رسميا" قبيل منتصف ليل الثلاثاء، وأكد مصدر آخر هذه المعلومات، في حين يعقد المجلس اجتماعه الأربعاء في مقر المنظمة التابعة للأمم المتحدة بفيينا.

وفي وقت سابق من اليوم، قالت وزارة الخارجية الإيرانية، إنها حذرت القوى الأوروبية، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، من المضي قدمًا في خططهم لتقديم قرار إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة يلوم طهران على عدم تعاونها مع المفتشين.

ووفقا لوكالة الأنباء الإيرانية "مهر"، أدان كبير الدبلوماسيين الإيرانيين عباس عراقجي، خلال محادثاته مع وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، بشدة قرار الدول الثلاث ألمانيا وفرنسا وإنجلترا تقديم قرار إلى اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وأوضح وزير الخارجية الإيراني أن هذا التحرك من الدول الأوروبية الثلاث يعتبر معارضة واضحة للجو الإيجابي الذي نشأ في التفاعلات بين إيران والوكالة، وهذا التصرف لا يؤدي إلا إلى تعقيد الأمور.

مقالات مشابهة

  • "المنظمات الأهلية": إصدار "الجنائية الدولية" مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت خطوة صحيحة لتطبيق القانون الدولي
  • الرئاسة الفلسطينية: قرار الجنائية الدولية يعيد الأمل والثقة في القانون الدولي ومؤسساته
  • افتتاح جناح مصري بمعرض الكويت الدولي للكتاب 2024
  • طوّر أسرع مجهر إلكتروني.. عالم مصري يكشف للحرة رحلة الوصول إلى الإنجاز العالمي
  • حماس ترحب باقتراح مصري ولا صفقة إلا بعد انتهاء الحرب على غزة
  • باحث مصري: من الصعب توجيه ضربات كافية لإنهاك الحوثيين في اليمن
  • وفد مصري يشارك في حوار معمق حول التعليم العابر للحدود بدعوة من المجلس الثقافي البريطاني
  • النائب أحمد عاشور: مشروع قانون العمل عالج كافة مشكلات العمال
  • إيران تهدد بالرد على قرار قدمته القوى الأوروبية لوكالة الطاقة الذرية
  • “وضع على شفا الانهيار”.. تقرير: لاجئو السودان بمصر وليبيا وتونس يتعرضون لانتهاكات