ما أبعاد تشكيل فرنسا لجنة لدراسة الإسلام السياسي برئاسة سفيرها الأسبق في الإمارات؟
تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT
أعلنت السلطات الفرنسية، قبل أيام، تشكيل لجنة للتحقيق في "وجود الإسلام السياسي في فرنسا، وتعقب أدواره ونفوذه وأنشطته عمليا ونظريا، وتحديد مدى تأثير جماعة الإخوان المسلمين في البلاد، وإعداد تقرير شامل حول هذا الأمر"، وذلك في إطار جهود الحكومة الفرنسية لمكافحة ما تصفه بـ "الانفصالية الإسلامية".
وقالت وزارة الداخلية الفرنسية، في بيان لها، إنه جرى تكليف الدبلوماسي المتقاعد فرانسوا غوييت، الذي كان سفيرا في أكثر من دولة عربية منها الإمارات وتونس وليبيا والجزائر، برئاسة هذه اللجنة التي أثارت جدلا واسعا في الأوساط المسلمة بفرنسا.
وهذه الخطوة الرسمية هي الأولى من نوعها في فرنسا، وربما تؤدي نتائجها -بحسب مراقبين- لفرض سياسات جديدة على المسلمين في فرنسا، وقد تؤدي إلى مزيد من الإجراءات للتضييق على المسلمين وأنشطتهم بزعم مكافحة "النزعة الانفصالية" التي تحدث عنها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في خطاب شهير عام 2020، وأعقبه اتخاذ إجراءات ضد ما سمّاه بـ"التأثيرات الأجنبية" على الإسلام في فرنسا بدءا من الأئمة الأجانب ووصولا إلى تمويل المساجد.
وفي تموز/ يوليو 2021، تبنت الجمعية الوطنية في فرنسا (البرلمان) بشكل نهائي مشروع قانون "تعزيز احترام مبادئ قيم الجمهورية" المثير للجدل، والذي جرى التعريف به أول مرة باسم "مكافحة الإسلام الانفصالي"، رغم الانتقادات الكبيرة التي واجهها هذا القانون.
خطوة غريبة
من جهته، قال عضو مجلس إدارة فيدرالية مسلمي فرنسا (اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا سابقا)، رئيس الفيدرالية الفرنسية للمدارس الإسلامية الخاصة، مخلوف مامش،: "لقد فوجئنا بالخبر الذي نشرته مؤخرا وسائل إعلام فرنسية حول دعوة رئيس الجمهورية إلى اجتماع مجلس الدفاع للحديث عن تهديدات الإسلام السياسي ونشاطات جماعة الإخوان المسلمين ويطلب منه تقريرا مفصلا".
وأكد، في تصريح خاص لـ"عربي21"، أن "هذه الخطوة غريبة؛ فماذا يقصدون بجماعة الإخوان المسلمين؟، هل نشاطات (فيدرالية مسلمي فرنسا) وكل ما يدور في فلكها؟"، مضيفا: "الفيدرالية هي جمعية فرنسية تعمل وفق القوانين الفرنسية وليس عليها أيّة شبهات، وهي تعمل منذ نحو 40 عاما من أجل الإسلام والمسلمين في فرنسا وتحترم بشكل كامل قوانين الجمهورية الفرنسية، وقراراتها مستقلة ولا علاقة لها بأي جهة أخرى سواء داخل أو خارج فرنسا".
وشدّد مامش على أن "التضييق على الجمعيات والمراكز والمدارس الإسلامية، وحتى العاملين في حقل الدعوة الإسلامية يخضعون منذ سنتين إلى مراقبة شديدة، وهذا أمر لم يسبق له مثيل من قبل، بالرغم من أن هذه المؤسسات والأفراد الذين يسيرونها معروفون ولم يُرفع ضدهم أي قضايا. فلماذا هذا التحول في المواقف؟".
تضييقات واتهامات متواصلة
وأشار رئيس الفيدرالية الفرنسية للمدارس الإسلامية الخاصة، إلى أنه "لا يوجد في فرنسا نشاط تتزعمه جماعة الإخوان المسلمين، متسائلا: "ما المقصود بالإسلام السياسي الفرنسي؟، خاصة أن التصريحات الأخيرة لوزير الداخلية لم تحدد الجمعية المقصودة، وبالتالي نحن لا نعرف المُستهدف وأسباب استهدافه".
كما تساءل: "لماذا كل هذا التركيز على المسلمين في فرنسا؟، ومتى تنتهي هذه الشبهات والاتهامات والتضييقات؟، هل يمكن أن يكون هذا طريقا مختصرا لوصم جموع المسلمين الذين يمارسون دينهم بشكل سلمي باتهامات لا أساس لها من الصحة على الإطلاق؟".
ولفت مامش إلى أن "بعض العنصريين وكارهي الإسلام يستخدمون فزاعة الإخوان المسلمين أو السلفية أو الإسلام السياسي لمحاولة تأليب الفرنسيين ضد هذه الشريحة التي هي جزء لا يتجزأ من المجتمع الوطني، وبالتالي التمييز ضد ممارسات ملايين المسلمين ومساجدهم وجمعياتهم ومؤسساتها التعليمية واتحاداتها التمثيلية، وهذا أمر خطير يجب التصدي له وإيقافه".
واختتم مامش بقوله: "نحن نرفض بشدة أي محاولة لعزل ووصم وتشويه سمعة الإسلام والمسلمين في فرنسا، وسنتصدى لذلك بشكل واضح، وسنستمر في الدفاع عن الممارسة الحرة للعبادة الإسلامية ومؤسساتها والجهات الفاعلة فيها بقوة القانون، وبما يضمن احترام مبادئ العلمانية التي تفصل الدين عن الدولة".
فشل ماكرون الداخلي والخارجي
بدوره، قال الباحث والناشط السياسي حسين جيدل، إن "ماكرون يواصل مواجهة فشله الداخلي والخارجي من خلال التقاطع الذي بدأه منذ 4 سنوات مع أفكار اليمين المتطرف، بالتصدي لما يصفه بالنزعة الانفصالية الإسلامية أملا في الحصول على أصوات اليمين والوسط التي فقدها".
وأضاف، في تصريح خاص لـ"عربي21": "هذا القانون تمليه أيضا أحداث غزة؛ لأن الحديث عن الإسلاميين والانفصالية الإسلامية وجماعة الإخوان هو محاولة يائسة للحد من زخم الدعم الذي أظهره جزء كبير من الفرنسيين حيث وصل صداه إلى الجامعات والثانويات؛ فقد أراد ماكرون التذكير بأن دعم غزة هو دعم للإخوان المسلمين الذين تُمثلهَم حماس".
وأشار جيدل إلى أن "اللوبي الصهيوني في فرنسا يمارس ضغطا رهيبا للحد من تعاطف الرأي العام مع فلسطين ولزيادة الدعم لإسرائيل".
وأكد جيدل أن "هذه الخطوة تُعبّر أيضا عن مخاوف جدية كانت حتى قبل اندلاع عملية (طوفان الأقصى) لدى البعض مما وصل إليه المسلمون في فرنسا من استقلالية مالية ونشاط سياسي وثقافي ووصول عشرات الآلاف من المسلمين والمسلمات إلى مناصب سامية ومهمة سواء في الدولة أو في المجتمع أو في النسيج الاقتصادي، وبات السياسيون يخشون تعاطي المسلمين مع السياسة، لأن عددهم قد يؤهلهم لأن يكونوا في المستقبل رقما في المعادلة الانتخابية".
وتابع: "كما تجد هذه القضية خيوطها في الهجمة الشرسة ضد زعيم اليسار الفرنسي جان لوك ميلانشون، وهو زعيم حزب (فرنسا الأبية) الذي يُشكّل الفرنسيون من أصول مهاجرة، خصوصا المسلمين، وعاء انتخابيا كبيرا يمكنه أن يحدث الفارق في الانتخابات الأوروبية التي ستجري يوم 6 حزيران/ يونيو المقبل، والتي يمكن أن تعطي ميلانشون دفعا قويا للترشح لرئاسيات 2027".
وزاد: "لقد أعطى تأييد ميلانشون للقضية الفلسطينية لخصومه فرصة لتلويث المشهد السياسي، وتغييب القضايا التي تمس يوميات الفرنسي، بمهاجمة المسلمين واللعب على حبل المخاوف من أخطاء وهمية يُشكّلها وجود المسلمين في فرنسا".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الإسلام السياسي فرنسا الإمارات ماكرون الإسلام السياسي فرنسا الإمارات ماكرون المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المسلمین فی فرنسا الإخوان المسلمین الإسلام السیاسی
إقرأ أيضاً:
سفير فرنسا بمصر يضع إكليل الزهور على النصب التذكاري لضحايا الطائرة الفرنسية بشرم الشيخ|شاهد
وضع السفير إريك شوفالييه، السفير الفرنسي في مصر، اليوم الأربعاء، إكليل الزهور على النصب التذكاري لضحايا الطائرة الفرنسية "فلاش إير"، الذي جرى تشييده بمدينة شرم الشيخ، وأصبح أحد أهم المعالم السياحية التي توجد بالمدينة، وذلك تزامنًا مع إحياء الذكرى الـ 21 لسقوط الطائرة، بحضور جيهان خاطي، القنصل الفخري الفرنسي بشرم الشيخ، ومبروك الغمريني، رئيس مدينة شرم الشيخ.
وقدم السفير الفرنسي، الشكر للقيادة السياسية بمصر بشكل عام، والقيادة التنفيذية بمحافظة جنوب سيناء بشكل خاص، لحرصهم على إقامة هذا النصب الذي يعبر عن مدى تضامن المصريين مع هذا الحادث الأليم.
جدير بالذكر، أن الطائرة الفرنسية "فلاش إير"، سقطت بالقرب من سواحل شرم الشيخ في يناير عام 2004، وتحديدًا على بعد 10 كيلومترات من شاطئ خليج نعمة، عقب إقلاعها من مطار شرم الشيخ الدولي بنحو 10 دقائق، وكان من المقرر أن تتجه إلى القاهرة ومنها إلى باريس، وتحطمت الطائرة بالكامل مما أسفر عن مصرع 148 شخصًا بينهم 133 سائحًا فرنسيا، وسائح مغربي، وآخر من اليابان، إضافة إلى 13 من أفراد طاقم الطائرة.
وجرى تشييد النصب بمنطقة الفنار خلال 4 شهور فقط من سقوط الطائرة، وافتتح في مايو عام 2004 بحضور شخصيات سياسية وقيادية من دول ضحايا الحادث، وهو عبارة عن حمامات سلام فضية اللون صممت من المعدن، ولوحات جدارية تطل على البحر نحت عليها أسماء الضحايا بلغات مختلفة، وصمم بطريق فنية على أعلى مستوى تعتمد عن فكرة السكون والحركة بين الحياة والموت، حيث تتحرك حمامات السلام كلما عصفت الرياح بالمنطقة، وتسكن كلما هدأت الرياح.
ويعد النصب معلماً سياحياً يرتاده كافة السائحين من مختلف دول العالم، وخاصة الفرنسيين، كما يحرص أهالي حادث الطائرة المنكوبة على زيارة النصب سنويًا تزامنًا ذكرى سقوط الطائرة لتأبين ذويهم، وإلقاء الورود في البحر.
كما حرص السفير الفرنسي، على زيارة المدرسة الفرنسية بمدينة شرم الشيخ، وتفقد القاعات الدراسية، ومشاركة الأطفال والطلاب بعض فترات الدراسة.