في الوقت الذي تحيي فيه دولة الاحتلال الاسرائيلي ذكرى تأسيسها الـ76 على أنقاض فلسطين المحتلة، لا تشهد أجواءً احتفالية، لأن مختطفيها ما زالوا لدى حماس، فيما مئات الآلاف من العائلات الإسرائيلية الأخرى ينتابها القلق على مصير جنودهم في جبهة غزة، وكذلك مصير النازحين من منطقتي الشمال والجنوب، ممن لا يستطيعون العودة لمنازلهم.



 كلها أحداث تذكّر الإسرائيليين بالمكان الذي يعيشون فيه، ولعل الأسوأ لم يأت بعد، وقد تجد دولة الاحتلال نفسها في أي يوم في خضمّ حرب إقليمية تتحول مع مرور الوقت الى تهديد وجودي لها.

البروفيسور يوفال نوح هراري، ذكر أن "الأحداث التي يشهدها الاحتلال منذ السابع من أكتوبر يتطلب من الإسرائيليين أن يدرسوا بعمق مكانتهم في العالم، دون انتظار نهاية الحرب، التي هي في الأساس أداة عسكرية لتحقيق أهداف سياسية، لكننا إذا لم نحدد أهداف سياستنا على النحو الصحيح، فقد نفوز في كل المعارك".

وتابع: "رغم ذلك نخسر الحرب، مع العلم أن أهدافنا السياسية معتمدة على كيفية تعريف أنفسنا، بعيدا عن التعريفات المتناقضة للدولة، وسنبقى في حالة عجز أمام أعدائنا إذا لم نقرر من نحن، وما موقعنا في العالم؟". 

وأضاف في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، وترجمته "عربي21" أن "الصراع من أجل تحديد هوية الدولة ما زال قائما بين الإسرائيليين، لاسيما مع تصاعد مبدأ التفوق اليهودي الذي يقوده الكاهانيون الجدد ممن يحملون أيديولوجية عنصرية، لا تحظى بدعم حزب العصبة اليهودية بقيادة إيتمار بن غفير فحسب، بل أيضًا من قبل العديد من الأعضاء الآخرين في ائتلاف بنيامين نتنياهو، وحتى من قبل رئيس الوزراء نفسه، ممن يتبنون شعار أن الدولة حدودها "من النهر الى البحر". 

وأشار إلى أن "الرؤية السياسية لنتنياهو وائتلافه هي إلحاق الهزيمة الكاملة ليس بحماس فحسب، بل وبالأعداء الآخرين، ولو افترضنا أننا سنقدر على تحقيق كافة هذه الأهداف، فكيف ستبدو منطقتنا بعد عشرة أو عشرين عاماً، في ضوء أن المبادئ التوجيهية الأساسية لحكومة نتنياهو تنص على أن "للشعب اليهودي حق حصري وغير قابل للجدل في جميع مناطق دولة الاحتلال الإسرائيلي".

وأوضح أنه "وفقاً لهذه الرؤية العنصرية، سيعيش أربعة أنواع من البشر في البلد الواحد بين النهر والبحر عام 2034، الأول هم اليهود "الكاملون" الذين سوف يتمتعون بحقوقهم الكاملة، والثاني اليهود الذين "نسوا معنى أن يكونوا يهوداً"، وسيتمتعون بحقوق أقل، والثالث الفلسطينيون في دولة الاحتلال الإسرائيلي الذين سيتمتعون ببعض الحقوق، وأخيراً، طبقة رابعة ومداسة، هم ملايين الفلسطينيين بلا جنسية وبلا حقوق، ووفقاً لهذه الرؤية، سيكون لليهود "التفوق الكامل" في مجالات الأمن والتعليم والإسكان والتوظيف والتنقل، في حين لن يكون لملايين الفلسطينيين حتى الحق في التصويت في الانتخابات".


وأكد أن "الدعاية المناهضة للصهيونية حول العالم ترى أن رؤية التفوق اليهودي لائتلاف نتنياهو هي النتيجة الحتمية للصهيونية، وأن الصهيونية والتفوق اليهودي لا يمكن فصلهما، رغم أن المعارضة الصهيونية لا تزال لديها فرصة لتحل محلّ نتنياهو وقيادة دولة الاحتلال في اتجاه آخر، وهذا اختبار ليس فقط لدولة الاحتلال الإسرائيلي، بل لليهود في جميع أنحاء العالم، لأنه إذا انتصرت فكرة التفوق اليهودي، وفي حال اندلعت حرب مستقبلية، فلن يمكننا الاعتماد على الولايات المتحدة والديمقراطيات الغربية لمساعدتنا، وتزويدنا بالأسلحة، وإرسال مدمرات وحاملات طائرات لحمايتنا".

وأشار إلى أن "ائتلاف التفوق اليهودي الذي أسسه نتنياهو في ديسمبر 2022 يتكون من خمسة أحزاب، أربعة منهم لم يخدموا الخدمة الكاملة في جيش الاحتلال، وهم: بيتسلئيل سموتريتش، آرييه درعي، وإيتمار بن غفير، وإسحق غولدكنوبف، وبالتالي فإن انتصار أيديولوجية التفوق اليهودي التي يقودها هذا الائتلاف لن يقوّض فقط دولة الاحتلال فحسب، بل سوف يقوض أيضًا مؤسستها الأمنية؛ وتهدد تغيير معنى مائة وخمسين عامًا من الصهيونية الحديثة، لأن المتعصبين يمثلون كارثة رهيبة على الشعب اليهودي، انطلاقًا من إيمانهم الأعمى بالمساعدة الغيبية".


الخلاصة من هذه التحذيرات أن دولة الاحتلال التي لديها القوة العسكرية والقوة البشرية اللازمة لمواجهة أعدائها من الخارج، قد تصاب في الوقت ذاته بهزيمة داخلية إذا انتصرت فيها فكرة التفوق اليهودي، وسيطرت عليها، لأن الدولة حينها سوف تضلّ طريقها، وستصل إلى الإفلاس الأخلاقي، مع أن أي محاولة للتفريق بين العنصرية والصهيونية عبثية وغير مقنعة، فالصهيونية تدعو لسيادة اليهود على كل البشر، وتحرم الفلسطينيين من حقوقهم ووجودهم ذاته، وبالتالي فليس من الممكن أن تكون صهيونياً، وفي الوقت ذاته تعترف بحق الفلسطينيين في العيش بأمان وكرامة في وطنهم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية فلسطين غزة فلسطين غزة دولة فلسطين المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال

إقرأ أيضاً:

حكومة غزة تحذر الفلسطينيين من شائعات تدفعهم نحو الهجرة

حذرت حكومة غزة -الأربعاء- الفلسطينيين من شائعات تدفعهم نحو الهجرة من قطاع غزة عبر مطار رامون الإسرائيلي، معتبرةً أنها جزء من حملة خبيثة يقودها الاحتلال لزعزعة صمود شعبنا وضرب وعيه الوطني.

وقال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة -في بيان-: نتابع ما تم تداوله مؤخرا عبر بعض وسائل التواصل الاجتماعي من منشورات ومعلومات مُضللة تتعلق بترتيبات مزعومة للهجرة الجماعية من قطاع غزة، حيث يتولى ذلك شخصيات جدلية بالتعاون مع جهات خارجية، وتروج لسفر العائلات الفلسطينية عبر مطار رامون إلى دول مختلفة حول العالم.

وأضاف: نؤكد بشكل قاطع أن هذه المعلومات عارية تماما عن الصحة، وهي جزء من حملة خبيثة وممنهجة تهدف إلى زعزعة صمود شعبنا الفلسطيني، والنيل من وعيه الوطني، ودفعه نحو الهجرة القسرية تحت ضغط المعاناة والحرب.

وأردف المكتب أن من يقف خلف هذه المنشورات بالدرجة الأولى الاحتلال الإسرائيلي، وتروج لها حسابات وهمية أو حسابات مغرضة أو حسابات تعرضت للتضليل أو أشخاص لا يمتلكون معلومات صحيحة.

وتابع أن هؤلاء يستخدمون وثائق مزيفة ونماذج توكيل قانوني لا قيمة لها، ويروجون لوهم الاحتلال، بما يطلق عليه الهجرة الآمنة التي يتكفل الاحتلال بتمويلها، في محاولة لتجميل الوجه القبيح لمخططات التهجير الجماعي، التي فشل الاحتلال في فرضها بالقوة، ويسعى اليوم لتمريرها بأساليب ناعمة مكشوفة.

إعلان

وحذر المكتب، من خطورة الانجرار خلف هذه الدعاية المسمومة التي تخدم هدفا إستراتيجيا صهيونيا واضحا يحلم به الاحتلال منذ عقود طويلة، يتمثل في تفريغ الأرض من سكانها الفلسطينيين الأصليين، وتحقيق حلم إسرائيل.

كذلك حذر من تداول أرقام هواتف ومعلومات مشبوهة تُنشر ضمن هذه الحملات.

ودعا المواطنين للحذر الشديد واليقظة التامة، فبعض هذه الأرقام تُستخدم كأدوات تجنيد وتواصل أمني، بهدف إسقاط الشباب الفلسطيني بعد فشل الاحتلال الإسرائيلي في اختراق النسيج الوطني المقاوم.

وشدد بيان المكتب الإعلامي الحكومي على أن الهجرة من الوطن في ظل الاحتلال ليست خيارا آمنا، بل هي فخ مغلف بالوعود الكاذبة، تقود إلى الاستدراج والاعتقال والتحقيق أو الإعدام والقتل المباشر، خصوصا عند التنقل عبر المناطق الحساسة أو خارج الأطر القانونية والرسمية.

كذلك أكد أن الحالات القليلة التي غادرت قطاع غزة مؤخرا، معلومة تماما، وهي من فئة المرضى والجرحى الذين أتمّوا إجراءات السفر لتلقي العلاج في الخارج عبر معبر كرم أبو سالم، وليسوا مُهاجرين، وما يُشاع خلاف ذلك هو كذب متعمد وتحريف للوقائع.

وإزاء هذه الدعاية المسمومة، دعت حكومة غزة، الفلسطينيين إلى عدم الانسياق خلف الشائعات والمعلومات الزائفة وعدم المساهمة في ترويجها.

وحثت على إبلاغ جهات الاختصاص بشكل فوري عن أي جهة مشبوهة تحاول استغلال حاجة الناس أو الإيحاء بقدرتها على ترتيب هجرة قانونية.

كما دعت إلى التواصل مع الجهات المختصة للتأكد من أي معلومات، أو لطلب مساعدة ذات علاقة.

وأكدت حكومة غزة أنه لا تهاون مع كل من يثبت تورطه في ترويج هذه الأكاذيب والشائعات، أو التواصل مع جهات معادية لشعبنا الفلسطيني، حفاظا على أمن المجتمع وسلامة نسيجه الوطني.

وختمت بالتشديد على أن فلسطين أرض مقدسة، وهي ليست للبيع، والشعب الفلسطيني العظيم لن يُقتلع من هذه الأرض، والرباط فيها شرف ومقاومة، والهجرة منها وهم قاتل.

إعلان

وفي 4 مارس/آذار الماضي، اعتمدت قمة عربية طارئة بشأن فلسطين خطة لإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين منها، على أن يستغرق تنفيذها 5 سنوات، وتكلف نحو 53 مليار دولار.

لكن إسرائيل والولايات المتحدة رفضتا الخطة وتمسكتا بمخطط يروج له الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتهجير الفلسطينيين من غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو ما رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى ومنظمات إقليمية ودولية.

وتحاصر إسرائيل غزة للعام الـ18، وبات نحو 1.5 مليون من مواطنيها، البالغ عددهم نحو 2.4 مليون فلسطيني، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم، ودخل القطاع مرحلة المجاعة، جراء إغلاق تل أبيب المعابر بوجه المساعدات الإنسانية.

مقالات مشابهة

  • حكومة غزة تحذر الفلسطينيين من شائعات تدفعهم نحو الهجرة
  • الإعلام يُكذِّب نتنياهو بأنّه سيُهاجِم إيران دون موافقةٍ أمريكيّةٍ .. جنرالٌ إسرائيليٌّ: الاتفاق النوويّ أقرب من أيّ وقتٍ مضى
  • إعلام إسرائيلي: نتنياهو يدلي اليوم بشهادته بالمحكمة بسبب قضايا أمنية حساسة
  • “يافا”.. التسمية التي أظهرت غيظ نتنياهو
  • وزير الأوقاف: الرئيس السيسي تابع بنفسه إعداد الأئمة الجدد بالأكاديمية العسكرية
  • سفير إسرائيلي سابق يدعو لمقاطعة جنازة البابا بسبب "انحيازه ضد الدولة العبرية"
  • إهمال طبي وتعذيب.. هكذا يقتل الاحتلال الأسرى الفلسطينيين
  • ذكرى تحرير سيناء| يوم النصر والصمود الذي يجسد إرادة الشعب المصري.. ويحفز الأجيال القادمة على البناء والتنمية
  • نائب نقيب الصحفيين الفلسطينيين: الانقسام داخل حكومة نتنياهو يهدد استقرار إسرائيل
  • ما هو “المصطلح” الذي يستخدمه “اليمنيون” ودفع “نتنياهو الى الجنون (فيديو)