تأمُلات
كمال الهِدَي
. حين وقعت عيناي على الفيديو (المخجل) لتلك الحشود البشرية الهائلة ممن إحتفوا بقدوم المدعوة آية آفرو لموقع بمنطقة غبيرة السعودية أصابتني حالة لا أستطيع وصفها، فقد كانت مزيجاً بين القرف والإشمئزاز والخجل من تصرفات لا تشبه رجل السودان الذي عاصرناه وعرفناه.
. شوارب ولحى مطلقة وتراهم يتهافتون بصبيانية لإلتقاط صور السيلفي مع فتاة نكرة متبرجة صارت علماً في هذا الزمن الأغبر.
. والمؤسف أن هذا يحدث من أناس شردتهم الحرب اللعينة وقتُل أهلهم ونُهبت ممتلكاتهم، لكن يبدو أن كل ذلك لم يحرك فيهم ساكناً، وإلا لما استمررنا في الإحتفاء بذات الشخصيات التي صنعها الكيزان وأجهزتهم البغيضة لكي يلهوننا بمثل هؤلاء الرويبضات الذين ظهروا من العدم.
. أفبعد كل ما نراه ونتابعه علي مدار الساعة من سلوكيات ومواقف ما زلنا نسأل: من أين أتى الكيزان!!
. لقد خرجوا من وسطنا ولم ينزلوا علينا من كوكب آخر.
. صحيح أنهم أسوأ خلق الله في كل شيء، وأن سنواتهم العجاف أضرت بمجتمعنا وبلدنا كثيراً، لكنهم لو لم يجدوا فينا بذرة الهوان والضعف والتخاذل لما نجحوا في مسعاهم، ولما فتتوا أحزابنا، ولما قسموا الكيانات والحركات.
. شعب يسيل لعاب (أشباه رجاله) لأنوثة (مقززة) كان لابد أن يواجه الأهوال التي نعيشها حالياً.
. لهذا، ومع رفضي التام لفكرة الحرب العبثية التي شنها الكيزان وجنجويدهم من أجل إكمال مخططات تفكيك الوطن والقضاء على ما بقي فيه من جمال على قلته، مع هذا الرفض أقول بكل صدق أن تعاطفي مع هذا الشعب ضعف كثيراَ في الآونة الأخيرة.
. وقد وجدت نفسي مختلفاً مع أصدقائي المخلصين الذين يرون أن الشعب لابد أن يحشد قواه لمحاربة من يعتدون عليه وعلى ممتلكاته.
. نعم إختلفت مع هذا الرأي بالرغم من أن الدفاع عن النفس مشروع وفرض علينا، لكن بنظرة واقعية أدركت دائماً أن هذا غير ممكن، وأن السبيل الوحيد هو رفض هذه الحرب.
. فشعب لا يستطيع أن يقاطع كُتاباً ظلوا يكذبون عليه كل يوم ويتكسبون من وراء الجهل والغفلات لا يمكن أن يحمل السلاح للدفاع عن أي شيء.
. شعب يرقص (أشباه رجاله) طرباً مع مطربات ساقطات ونجمات من الورق لا يملكن أي شيء سوى القدرة على إثارة الغرائز لا يمكن أن تنتظر منه مواقف كبيرة.
. شعب ينكر ممارسات الكاردينال والسوباط والعليقي وأبي جيبين وحازم المُدمرة لإقتصاد البلد وتماهيهم مع من خربوا حياتنا لمجرد أنهم يدفعون لنا أموال المحترفين والمدربين الأجانب، لا يمكن أن أنتظر منه عزيمة الرجال في الحروب.
. شعب يتهافت بعض كتابه ويمارس الواحد منهم التدليس ويهادن ويتخلى عن المباديء من أجل الحصول علي مساحة عمود في صحيفة لا أتوقع منه خيراً.
. شعب يموت أبناءه كل يوم ويفقدون كل شيء وبالرغم من ذلك يحتفي بعض إعلامييه كل صباح بإصدارة جديدة وكأننا نعيش في ترف لا أتخيل أن يصبح جاداً في التعامل مع مآسيه التي لا تنتهي.
. ولهذا ظللت أكتب في هذه الزاوية منذ سنوات سبقت هذه الحرب اللعينة أن حالنا لن يتغير ما لم نغير ما بأنفسنا.
kamalalhidai@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
كيف يمكن التعامل مع شعور الرجال بالحزن؟
يمن مونيتور/قسم الأخبار
من المتفق عليه أنه لا توجد وسيلة “اعتيادية” للحزن على وفاة أحد الأحباء. ولا توجد وسيلة “صحيحة أو “خاطئة” ناهيك عن وسيلة مقبولة بصورة عامة للجميع.
وقال الكاتب والمستشار في شؤون الحزن توماس اخين باخ: “تتباين تأثيرات الحزن بصورة كبيرة وليست محددة وفقا للجنس”. علاوة على ذلك، فقد خلص إلى أن الجنسين غالبا ما يختلفان بشأن كيفية التعامل مع الحزن، كما أنه كتب كتابا بهذا الشأن، وترجمة عنوانه باللغة الألمانية هي “الرجال يحزنون بصورة مختلفة”.
وأوضح أن “الكثير من الرجال يدخلون في نوع من الصدمة، يمكن أن تكون كبيرة في حالتهم. فهي حتى تصيبهم بالشلل” مضيفا أنه من الصعب أيضا التواصل معهم مقارنة بالنساء، ليس فقط لأنهم نادرا ما ينضمون لمجموعة دعم، ولكن أيضا لأنه من الصعب عليهم الخوض في حديث منفتح في البداية.
وأشار اخين باخ إلى أن أكثر ما يؤرق الرجال هو الشعور بالعجز، الذي دائما ما يعقب فقدان أحد الأحباء: “الشعور كما لو أنه يتم دفعهم على الأرض وهم عاجزون، وغير قادرين على القيام بأي شيء حيال هذا الأمر”.
وقال المعالج النفسي ومستشار الحزن والمؤلف رولاند كاشلر، المقيم في ألمانيا، إنه على عكس النساء، الكثير من الرجال يعانون من أعراض بدنية للحزن.
وأضاف: “عندما يأتي الرجال من أجل مشورة بشأن الحزن، عادة ما يكونون يعانون من أعراض جسدية”. وأوضح: “غالبا ما يعانون من ألم في الظهر والكتف بعد خسارة كبيرة”.
وأشار إلى أن هناك استجابة دفاعية من جانب عضلاتهم “لأننا نحن الرجال نسعى نحو الإتقان والعمل” مفسرا أن الرجال غالبا ما يتعاملون مع الحزن على أنه هجوم يجب صده، باعتباره هزيمة.
وقال كاشلر إنه عندما تأتي النساء من أجل استشارة بشأن الحزن بعد وفاة شريكهن، على سبيل المثال، يكن على استعداد للتعامل مع الواقعة. وأضاف: “هن يردن معرفة كيفية التعامل مع الألم والحزن”.
وأوضح أن النساء قادرات بصورة أفضل على الاستسلام لمشاعرهن، ربما “لأن لديهن تجربة جوهرية، بصورة خاصة الولادة، التي تعلمهن أنه حتى الألم الأكثر شدة سيمر، وسيجلب أمرا جديدا”.
ومن ناحية أخرى، يميل الرجال إلى المقاومة والاستمرار في ممارسة السيطرة، حسبما قال كاشلر. وقال: “من الصعب بالنسبة لهم الاستسلام، فهذا يمثل تهديدا لقدرتهم على العمل”.
وأوضح كاشلر أن الأحاديث في جماعات الدعم المختلطة تكون ذات وطأة قوية على نفوسهم، ويقومون بالانسحاب منها بعد بضعة جلسات، “لأن الرجال يركزون بقوة على الاستمرار في العمل”.
ويقاوم الرجال بصورة خاصة الحزن الشديد في حالات مثل وفاة أحد أطفالهم، حيث أنهم يشعرون بالمسؤولية عن الأسرة بأكملها.
وبالطبع لا يعني كل ذلك أن الرجال لا يحزنون. ولكن حزنهم غالبا ما يكون غير مرئي. ويقول اخين باخ: “الرجال يحزنون سرا”. وأضاف أنهم لا يتحدثون كثيرا بشأن مشاعرهم، ويميلون للتعامل مع الألم واليأس بعقلانية.
وأضاف: “هم يرغبون في جمع المعرفة”، وأشار إلى أنهم غالبا ما يشعرون بالتشكك في الذات، ويتساءلون ما إذا كانوا “فقدوا عقولهم”.
ووفقا لكاشلر فإنه على الرغم من أن الرجال لا يدخلون “مرحلة التجربة” عند الحزن، فإنه لا يجب الحكم على ذلك بصورة مسبقة سلبيا. وقا: “علينا أن ندعو الرجال للتعامل مع حزنهم بصورة مختلفة، من خلال خيار بدني”.
وأوضح: “إذا دعيت الرجال لحضور مجموعة مناقشة للمساعدة، بالكاد سيحضر أي شخص”، مضيفا: “ولكنهم سيشاركون في نشاط للتسلق أو جولة بالدراجات من أجل التعامل مع حزنهم”.
ويرى آخين باخ من خلال عمله كمستشار لشؤون الحزن أن مشاعر الرجال يمكن أن تظهر خلال السير أو التسلق مع رجال آخرين مكلومين، حيث أن ذلك يساعدهم على الانفتاح والتحدث.
وأضاف: “المناخ الصحيح يعد أمرا مهما”. وأوضح: “بالنسبة للكثير من الرجال، الجلوس في غرفة مع آخرين يعد أمرا غير اعتيادي أو حتى يجعلهم يشعرون بالتهديد”.
وأشار كاشلر إلى أن تصميم شاهد قبر أو موقع إلكتروني من أجل الفقيد يمكن أن يساعد أيضا. وقال: “الهدف هو البدء في الحديث من خلال الفعل، وربما بعد ذلك البدء في البكاء والشعور”.
وقال آخين باخ: “مسارات المشاعر الداخلية للرجال مختلفة عن النساء”. وأضاف: “من المهم أن ندع الرجال يسيرون في المسار الذي يرغبون فيه”.
(د ب أ)