د. أحمد جمعة صديق
الآن هناك من يطالب بوقف الحرب وهو أمر طبيعي والأمر غير الطبيعي – ولم اسمع به في كل تاريخ الحروب - أن هناك من يطالب باستمرار الحرب وهو – للأسف - لا يملك مقومات الانتصار كما ثبت بالدليل العملي... اذ زعموا أن الامر لا يعدوا ان يكون ساعات فقط للحسم، ثم أسابيع فقط، ثم شهور، فاذا بالكارثة تدخل عامها الثاني ولا بارقة أمل تلوح في الافق.
فأما القطاع الذي يريد ايقاف الحرب فهو القطاع المدني في السودان وقليل ربما من العسكريين الذين يدركون ملآلات الحرب ويعرفون نتائجها على المدى القريب والبعيد. والمطالبة بوقف الاحتراب أمر طبيعي لاسيما اذا جنح أحد الأطراف الى السلم، فالأمر أن تجنح لها والآية القرآنية صريحة في قوله تعالى: في سورة الأنفال ﴿ وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ الأنفال، الآية (61). وهذه ترجمة جيدة لها باللغة الانجليزية فربما أحد المتحاربين لا يجيد العربية: But if they incline to peace, you also incline to it, and (put your) trust in Allah. Verily, He is the All-Hearer, the All-Knower.
• لا للحرب،
هو شعار الشعب، فالمدنيون هم الآن الحريصون على وقف الاحتراب لانهم هم الحلقة الأقوى والاضعف في آن واحد ولا مصلحة لهم مباشرة في استمرار الاحتراب، بل مصلحتهم وهي مصلحة الوطن في ايقاف هذا النزيف الدموي القاتل. هم الأقوى لأنهم هم الغالبية وهم ال 99.999% من سكان هذه المساحة من اليابس المعروفة باسم السودان. وهم الذين أطاحوا بالديكتاتور واسقطوا حكم الاستبداد وخرجوا في مليونيات تغطي عين الشمس يهتفون وينادون بالدولة المدنية وحكم القانون تحت شعارات الحرية والسلام والعدالة وهي شعارات لا لبس فيها ان طبقت على أرض الواقع. فالمدنية هي سمة أساسية لهذا العصر على مستوى الفرد وعلى مستوى انظمة الحكم. والمدنية،فهي تشرع للمساواة في الحقوق والواجبات من غير اعتبارات للجنس أو اللون أو اللغة أو الثقافة أو الدين أو اي شكل آخر من اشكال القيّم لانسانية المعروفة. المدنية تقوم على أمر واحد فقط، وهو المواطنة. الشعب نادى برحيل العسكر الى الثنكات وطالب بحل الجنجويد لانها مليشيا ليس لها عقيدة في القتال. وعملياً انتهى دورها كما هو حال الفئات الاخرى من القوات التي كات تحمل السلاح. انتهى دورها بسقوط النظام الذي أنشاها لحمايته، فقد كان دورها حماية البشير ونظامه المهتريء وذهب البشير ونظامه. لذا كانت المطالبة برحيل الجنجويد أمر طبيعي. ولكنهم كانوا من الذكاء بمكان حينما وقعوا على الاتفاق الاطاري ليضمن لهم الانتقال السلس من الفوضى الى القانون والاندماج على اسس قوية بالجيش الوطني، تحفظ لهم ارواحهم ومكتسباتهم بالعدل.
اذن المدنيون يطلبون ايقاف الحرب لانهم الأقوى وهم الأقوى لأنهم الشعب السوداني كله الا شرذمة قليلون. وهم أيضاً القادرون على ايقاف الحرب ان أحسنوا تنظيم الصفوف والكتوف. أما انهم الاضعف فلأنهم بداهة لا يحملون آلات الفتك والدمار على أكتافهم مع العلم انهم يمتلكون هذه الآلات وهم يعرفووووووون ذلك جيداً. أن أراد الشعب السوداني أن يحمل السلاح فلا أحد سيوقف هذا التيار الغاضب ولكن بدأت الثورة سلمية واستمرت سلمية وستنتصر بهذه السلمية فهي (السنابل التي ستهزم أسراب الجراد) لان السلمية هي عقيدة الشعب.
• نعم للحرب:
وهو شعار الكيزان واخوان الشيطان ومن لف لفهم من أصحاب المصالح الآنية من العسكريين والاعلاميين بائعي الذمم ومن فصيلة السياسين الفاشلين من امثال (الفاضي) وهجو واردول ومن اراذل الناس الذين اغشيت قلوبهم بالظلمة. فما المصلحة في مواصلة الاحتراب والفصيل الآخر ينجح للسلم والآية كما أوضحنا صريحة وجلية:
• الكيزان: لماذا لا يريدون إيقاف الحرب، وهم من بدأوها؟
- للانتقام من الشعب السوداني الذي سدد رمية قوية وصائبة هدت اركان دولتهم الظالمة الى الابد ... لقد انفضح فسادهم المالي والاخلاقي والاداري وهُددت مصالحهم المادية بازالة التمكين واثبِت فشلُ برنامجهم المبني على الخداع والمتاجرة بالدين في السر والعلن. وكانت المليونيات التي سيرها الشعب بلا انقطاع، بلاغ لا شك في وضوحه، أن دابر هؤلاء القوم مقطوع والى الأبد. والحرب الدائرة الآن هي تصفية حسابات مع هذا الشعب - ليس الا- الذي رفضهم تماما، ولكنهم - وللاسف الشديد – فهم يديرونها بالوكالة وعلى حساب هؤلاء المستنفرين من الشباب. أما اصحاب الوجعة الحقيقيون فهم بعيدون عن الحرب وآثارها، هم وعائلاتهم واموالهم التي هربوها الى الخارج هرباً من الموت لكن الموت الذي منه تفرون يطالكم ولو كنتم في اسطنبول!! اوقفوا الحرب.
- خوفاً على اعناقهم من حبال المشنقة: وذلك أمر حتمي ولوطال الزمن. كثير من الكوادر الاسلامية متورطة باجرامها في حق الشعب السوداني منذ خدعة الانقلاب في 1989 مروراً بالجسام من الاحداث وبيوت الاشباح والدولة البوليسية التي انتهكت الحرمات وقتلت، ودفنت الضباط أحياء في رمضان، الى فصل الجنوب وتدمير البنية الاساسية وتجنيب اموال البترول، وجرائم أخرى لاتعد ولا تحصى، حسابها الاعدام وأقلها السجن المؤبد. انهم يرون ذلك بأم أعينهم وان هذا الأمر لواقع وما له من دافع, وأن القصاص وارد ولو كنتم في بروج مشيدة... يطيلون من عمر الحرب ليبعدوا حبال المشنقة ولكن لكل بداية نهاية وسيقفون امام قضاء عادل يقتص لهذا الشعب لكل صغيرة وكبيرة.
- طمعاً في المصالحة: انهم يطيلون الحرب – وهم يحاربون بالوكالة كما أشرنا سابقاً- حتي يصيب الجميع الانهاك والتعب ليضعوا السلاح في النهاية ويسعوا الى تسويات بالمصالحة الوطنية، تحت شعار(عفا الله عما سلف)... ولاشك ان العفو مطلوب. وهم يضربون على وتر الطبيعة المتسامحة لشعب السودان، ولكن ظني أن هذا الأمر قد فات أوانه وهو ليس خيار الشعب بأي حال من الأحوال الآن، فالشعب يرفع شعار المحاسبة والدعوة الى (عدم الافلات من العقاب)، كما نصت عليه وثيقة الاتفاق الاطاري – التي انقلبوا عليها - ويعيش الكثير من المجرمين على أمل الافلات من العقاب بطول المدة أو النسيان..ولكن هذا الشعب قد تجرع من الغصص المرة، في أنفسهم وأعراضهم وأموالهم وانتعشت لديهم (ذاكرة السمك) لتتحول الى (ذاكرة البعير)، اذ لن ينسى الشعب هذه المرة ولن يعفو عمن أساء اليه عمداً وأذله عمداً، طوال الثلاثين عاماً، تلك العجاف، فلابد من القصاص.
- حماية قياداتهم التاريخية من المساءلة على المستوى الداخلي والاممي... فقوائم مخكمة الجنايات الدولية طالت نفراً عديداً منهم في جرائم ضد الانسانية ارتكبت في حق الشعب السوداني من تصفيات عرقية اثنية الى قتل خارج القانون واغتصابات وتهجير قسري, وتطول القائمة. وبعضهم مطلوب بحوافز دولارية ك (أحمد هارون) - لمن يدل على مكانه ومن لف لفه... ولابد من القصاص وهذه الجرائم لا تسقط بتقادم الزمن. انهم يطالبون باستمرار الحرب... اليس فيكم رجل رشيد؟
عجبي لمن يطالب باستمرار الحرب وهو لايملك مقومات الانتصار!!!
aahmedgumaa@yahoo.com
//////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الشعب السودانی
إقرأ أيضاً:
سويلم: ندين الاعتداءات الإسرائيلية التي تدمر محطات المياه بـ لبنان
قال الدكتور هاني سويلم وزير الموارد المائية والري؛ إنه مع تنامي الحروب طويلة الأمد، أصبح الوصول إلى الماء واحدًا من أبرز التحديات الإنسانية، ففي الأراضي الفلسطينية المحتلة بقطاع غزة المنكوب يعمل العدوان على منع الوصول إلى المياه والطاقة والغذاء كأداة للضغط والسيطرة وكوسيلة حرب، حيث أدت الحرب إلى تقليص إمدادات المياه في غزة بنسبة تتجاوز ٩٥%، مما أجبر السكان على استخدام مرافق المياه والصرف الصحي غير الآمنة، وبما أدى إلى التهجير القسري للسكان بالمخالفة لمبادئ القانون الدولي الإنساني.
وأضاف سويلم؛ خلال مشاركته في إجتماعات الدورة السادسة عشر للمجلس الوزاري العربي للمياه، أن الحرب أدت أيضًا إلى تعطيل الزراعة وإنتاج الغذاء في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مما أدى إلى انعدام الأمن الغذائي حيث يواجه ٢.٣٠ مليون شخص خطر الجوع المتزايد.
وقال سويلم: ندين الاعتداءات الإسرائيلية التي تدمر محطات المياه التي تغذي المواطنين ببعض مناطق لبنان بهدف إجبار السكان على مغادرة هذه المناطق وهو ما يمثل خرق واضح وصريح لكافة المواثيق والأعراف الدولية التي تفرض تحييد المؤسسات والمنشآت التي توفر الخدمات الأساسية للمدنيين.
ولفت الوزير إلى أنه في دولة السودان الشقيق.. فقدت غالبية القرى والبلدان السودانية إمكانية الحصول على المياه النظيفة حيث فاقمت الحرب الدائرة في السودان منذ أكثر من عام ونصف من الوضع الكارثي للمواطنين، وهو ما تسبب في معاناة إنسانية غير مسبوقة بسبب صعوبة توفير المياه وندرة مياه الشرب النقية، وفي نفس الوقت تسببت التغيرات المناخية والسيول الجارفة في أزمة وكارثة كبيرة حيث واجهت مدينة بورتسودان أزمة حادة في مياه الشرب بعد انهيار سد أربعات، الذي يمثل أكبر مصدر يمده بالمياه النقية.