سلط تقرير لصحيفة "تليغراف" البريطانية على ارتفاع معدلات محاولات الانتحار حرقا بين النساء في إقليم كردستان العراق، مشيرا عبر رصد عدد من الحالات التي تتلقى العلاج إلى أن الألم الناجم عن الحروق يوازيه ألما داخليا يغذيه شعور العجز والعنف المنزلي.

وظهرت سيدة تدعى سروة (29 عاما) وهي أم لطفلين، بشفاه متقرحة للغاية مع ضمادات تغطي جسدها من الرأس إلى القدمين، وبحسب التقرير، فإنها حينما وصلت مصابة إلى المستشفى كانت رائحة الكيروسين تفوح من جسدها.

ونقلت الصحيفة عن ممرضات أن سروة تعتبر أحدث ضحايا تفشي ظاهرة الانتحار في إقليم كردستان والتي حصدت أرواح الآلاف من النساء خلال السنوات الأخيرة، في "اتجاه مرعب" يعتبر خبراء أنه دافعه هو الشعور بالعجز والعنف المنزلي.

وقالت رئيسة الممرضات بمستشفى الحروق في السليمانية، نيجار مارف (52 عاما)، إن حالات كثيرة تصل "مع حروق من الرأس إلى القدمين"، مضيفة أن الأسر خوفا من "العار" تقول إن الواقعة عبارة عن حادثة خلال طهي الطعام.

وعملت مارف لأكثر من 20 عاما في المستشفى الواقع شمالي العراق، وقالت إن "سروة" وصلت في سيارة إسعاف وتفوح منها رائحة الكيروسين، موضحة: "عادة ما تغمر النساء ملابسهن بالوقود المستخدم للتدفئة والطهي، ويشعلن النار في أنفسهن".

وتابعت: "هذه محاولة انتحار بالتأكيد، نقعت جسدها في الكيروسين، وكانت الحروق أعمق بكثير من أن تكون ناجمة عن انفجار".

"مأساة" مألوفة

استمر صحفيو "تليغراف" في المستشفى بالسليمانية على مدار أسبوع تقريبا، وأوضح تقريرهم أن العاملين هناك يرون أن "مأساة سروة مألوفة للغاية".

خلال هذا الأسبوع، وصلت 3 حالات لنساء مصابات بحروق متوسطة، وفي بعض الأحيان، وفق ممرضات، لا تعيش الأغلبية لأكثر من بضع ساعات بعد حوادث كهذه.

إقليم كردستان.. فتاة تنهي حياتها بسلاح والدها وأخ يقتل شقيقته لـ"غسل العار" أفادت مديرية شرطة إدارة منطقة كرميان بإقليم كوردستان العراق، الأحد، بانتحار فتاة بمنطقة قضاء كلار، فيما قتل أخ شقيقته بمنطقة خانقين غير البعيدة.

وأشارت "تليغراف" إلى أن التقديرات تشير إلى أن محاولات الانتحار أودت بحياة أكثر من 11 ألف امرأة منذ حصول إقليم كردستان على الحكم الذاتي عام 1991، وذلك رغم عدم وجود بيانات موثوقة؛ لأن بعض الضحايا لم يصلن إلى المستشفى.

وتتفاقم تلك الظاهرة في محافظة السليمانية بشكل خاص، التي تمتلك وحدة حروق متخصصة هي الوحيدة من نوعها في جميع أنحاء العراق، وفق التقرير، الذي لفت إلى أنه في كثير من الحالات تظل النساء عالقات وسط أسر مسيئة بلا مكان يلجأن إليه لطلب الدعم.

ووصفت "تليغراف" هذا الواقع بالقول: "هذا مجتمع محافظ يبقى فيه العنف المنزلي خلف أبواب مغلقة". كما أشار التقرير إلى أن النساء يتزوجن في سن مبكرة عبر زيجات مدبرة وغالبا في قرى جبلية نائية، ولا يحصلن إلا على القدر القليل من التعليم والصحة.

وتشير أرقام صادرة عن الأمم المتحدة، إلى أن النساء في العراق يواجهن مستويات عنف منزلي متصاعدة، حيث ارتفع معدل العنف القائم على النوع الاجتماعي بنسبة 125 بالمئة بين عامي 2020 و2021، ليصل إلى أكثر من 22 ألف حالة.

"رسالة"

وأشار خبراء وفق التقرير، إلى أن معظم حالات الانتحار تكون بلا تخطيط، وأوضح أستاذ علم السموم بجامعة إدنبره، مايكل إدلستون، "أعتقد أن هؤلاء الأشخاص وصلوا إلى مرحلة لا يمكنهم فيها إيجاد مخرج آخر. يتعلق الأمر بطريقة توضح فيها للناس مدى انزعاجك وضعفك".

وتابع: "الحروق التي تصيب الشخص هي بمثابة رسالة".

اليأس في بلاد الرافدين.. لماذا ترتفع حالات الانتحار بين الشباب العراقي؟ ذكر موقع "المونيتور" في تقرير له أن حالات الانتحار باتت ترتفع في أوساط الشباب العراقي جراء فشل الطبقة السياسية الحاكمة في حل مشاكلهم وتحقيق أحلامهم في حياة كريمة وآمنة.

كانت هذه رسالة جونا (35 عاما)، وهي ناجية وافقت على الحديث عن واقعة إضرام النار في نفسها، في موقف نادر، حيث قالت إنها أقدمت على ذلك في يونيو 2023.

وقالت الأم لولدين عمرهما 16 و12 عاما، إن "زوجي كان ينعتني بكلمات سيئة للغاية ... لم يدرك ما كان يفعله بي، وأردت أن أجعله يفهم ذلك ويتصرف بشكل أفضل في المستقبل"، مضيفة: "لم أفكر بطريقة عقلانية".

وفي دراسة للمجلة الدولية للطب النفسي عام 2012، قال أكثر من ثلثي النساء المشاركات في الاستطلاع وعددهن 54 تم التواصل معهن خلال تلقيهن العلاج في مستشفى السليمانية، إن المشاكل العائلية والزوجية كانت السبب وراء ذلك.

وكشفت بيانات مستشفى السليمانية أن نحو ثلث النساء البالغ عددهن 4935 سيدة دخلن المستشفى بإصابات حروق منذ عام 2007، توفين متأثرات بجروحهن. وتتراوح أعمار النسبة الأكبر منهن (88 بالمئة) ما بين 15 و45 عاما.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: إقلیم کردستان إلى أن

إقرأ أيضاً:

داخلية العراق تعلن عن حالات ذات بعد طائفي من مقيمين.. توعدت بالترحيل

أعلنت وزارة الداخلية العراقية عن تسجيل حالات "ذات بعد طائفي" ومحرضة على العنف من قبل مقيمين أجانب، متعهدة بترحيل أي مقيم ينشر "معلومات مسيئة لقيم المجتمع العراقي"، وذلك بعد حملة تحريض واسعة طالت سوريين في العراق بسبب التطورات في المشهد السوري.

وقال الناطق باسم وزارة الداخلية العميد مقداد ميري، الأربعاء، إنه "في الوقت الذي نؤكد فيه أن العراق بلد الكرم والضيافة وينظر شعبه بعين الاحترام والتقدير لجميع الوافدين والمقيمين ويعتبرهم جزءًا منه ما داموا على تربة العراق، إلا أن الأجهزة الأمنية والدوائر الاستخبارية في وزارة الداخلية سجلت عددا من الحالات غير القانونية ذات بعد طائفي ومؤيدة ومحرضة على العنف من قبل البعض وليس كل المقيمين".

وأضاف في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية "واع"، أن "هذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلا ويجب على المتواجدين على أرض العراق احترام القانون والقيم والعادات والتقاليد التي تربى عليها أبناء شعبنا العزيز".


وحذر المتحدث العراقي "كل من يتجاوز حدود القوانين العراقية ويقوم بأفعال تضعه تحت طائلة المساءلة والقانون"، مبينًا أنه "سيتم ترحيل كل مقيم ينشر معلومات مسيئة لقيم مجتمعنا العراقي".

وشدد على أن "من يحاول الانحراف عن جادة الصواب لا شك أنه مختلق للفتنة وهذا سيلاقي ردا قويا وفق القانون"، بحسب تعبيره.

يشار إلى أن بيان الداخلية العراقية يأتي بعد يوم من إصدار وزارة الخارجية السورية بيانا عبرت فيه عن استيائها الشديد من حملة التحريض والاعتداءات التي طالت سوريين.

وخلال الأيام الماضية، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق حملات تحريض غير مسبوقة ضد المقيمين السوريين، على خلفية أحداث الساحل السوري.

وظهرت مجموعة من الملثمين تحت مسمى "تشكيلات يا علي"، تجولوا على عدة مخابز ومحال تجارية يعمل بها سوريون، ليقوموا بضربهم وإهانتهم.


وقالت الخارجية السورية إن ما تعرض له السوريون في العراق من اعتداءات، يشكل انتهاكا لحقوق الإنسان والقانون الدولي، مؤكدة "وقوفنا الكامل إلى جانب أبناء شعبنا، ونطالب الحكومة العراقية الموقرة بمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم، واتخاذ كافة التدابير اللازمة لضمان أمن وسلامة السوريين المقيمين في العراق".

بدورها، تفاعلت الحكومة العراقية مع بيان الخارجية السورية، وأعلنت وكالة الأنباء الرسمية أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجه بتشكيل فريق أمني لملاحقة من يرتكب أعمال عنف بحق "الأشقاء السوريين".

مقالات مشابهة

  • طلب إحاطة أمام البرلمان بسبب ضرب مدير مدرسة طالبات بالبحيرة
  • الفاتيكان: تقليل استعانة البابا بأجهزة تنفس صناعي
  • نائبة تطالب بمحاسبة مدير مدرسة ضرب طالبتين بالبحيرة
  • برلمانية تطلب التحقيق العاجل في واقعة ضرب مدير مدرسة ثانوي بالبحيرة طالبتين بالصفع والركل
  • منظمة: حالات الحصبة بمنطقة أوروبا تضاعفت في 2024 لأعلى مستوى منذ 25 عاما
  • تفاصيل مصرع ٣ عمال فى بئر عميقة بالمنيا
  • بعد إغلاق مستشفى جنوب الخرطوم.. حالات وفيات جديدة بمضاعفات الولادة
  • حالات الحصبة بمنطقة أوروبا تضاعفت في 2024 لأعلى مستوى منذ 25 عاما
  • داخلية العراق تعلن عن حالات ذات بعد طائفي من مقيمين.. توعدت بالترحيل
  • مصورة إيرانية توثق معاناة نساء كرديات حرقن أنفسهن احتجًاجا على العنف الاجتماعي