في الجزء الأول من هذا المقال كنت قد كتبت أن مقررات ما عرف بمؤتمر القضايا المصيريه باسمرا كانت قد نصت صراحة علي منح الجنوب ومنطقة جبال النوبة حق تقرير المصير وهو الصيغه الديمقراطيه للإنفصال مما يوضح بجلاء أن الفيدرالية لم تكن تشكل اولويه حتي لدي أحزاب المعارضة السودانية حين تنازلوا عنها إرضاء للراحل قرنق.
لكن تبقي حقيقة أن الكيزان كان أول من منح الجنوب حق تقرير المصير وذلك في لقاء علي الحاج / لام أكول بفرانكفورت.
وقد ظلت الفيدراليه والتعدديه مثل قميص عثمان أو كلمه حق أريد بها باطل كما يقول المثل الشائع بدليل أن الترابي كان قد رفعها في وجه البشير في ديسمبر ١٩٩٩م أبان ما عرف بالمفاصله الشهيره حين طالب ب " التوالي" و الحكم الفيدرالي وكان الرجل يقصد بمفردة توالي "التعدديه السياسيه" ويبدو إنه أستخدم مفردة توالي إنسجاما مع تعالي الكيزان علي التجربة البشرية من جهة، والتمسك بدعاوي " التأصيل" المزعومه من جهة ثانية.
لكن من الواضح أن البشير ومن معه من تلاميذ الترابي، لم يستجيبوا لمزايدات شيخهم إذ كان تصرفهم شبيه بما جاء في أحد الاساطير التي تقول إنه حينما إدعي فرعون الربوبيه أمر يوم ما حاجبه بألا يدخل عليه أحد بحجة إنه كان مشغولا في ذلك اليوم بخلق الإبل. صادف أن هم وزيره هامان بالدخول عليه لأمر ما ، ولكن الحاجب منعه بحجه أن فرعون وقتها كان مشغول بخلق الإبل، هنا أطلق هامان صرخته الساخرة " علي هامان يا فرعون!"
ويبدو أن البشير ومن معه كانوا يدركون أن مطالبات شيخهم بالتعدديه والفيدرالية مطالب غير أصيلة وانه كان يريد بها الضغط عليهم بعد أن فقد سيطرته علي التنظيم وهي فوق ذلك دعوة لا تتسق مع مواقف شيخهم الترابي الذي أيد قوانين سبتمبر ٨٣ وخطط لإنقلاب الإنقاذ علي الديمقراطيه الثالثة ومكن افراد تنظيمه من المناصب وحرم الآخرين وفصل وعذب المعارضين السياسيين وصعد من حربه الجهادية في الجنوب الخ .
ظل كيزان السودان طوال فترة حكمهم التي إمتدت حتي الآن إلي اربعه وثلاثين عاما يستهدفون السيطرة علي مؤسسات الدولة معتمدين علي توظيف رؤي سلفية من أجل السيطرة علي المجتمع.
ولكن الرؤي السلفيه للحياة والمجتمع Salafi worldview رؤي أحادية تتعارض مع التعددية والتسامح والانفتاح بين مختلف الآراء التي تعج بها فسيفساء السودان.
رغم ذلك تظل الحقيقة الباقية وسط رماد الحرب وأشلاء الضحايا هي أن الفيدرالية تعتبر المدخل الواقعي لرد مظالم ما عرف بدوله ٥٦ والوصايه السياسية التي إرتبطت بها وأدت إلي حرمان أبناء الهامش من الاستفادة بخيرات مناطقهم ومن فرص التعليم والتوظيف لتحسين شروط حياتهم. الأخطر من كل ذلك أن إستئثار المركز بالسلطه منذ إستقلال البلاد قد قاد إلي الحرمان والافقار والنعرات العنصرية وإستحاله التعايش السلمي بين أبناء الوطن الواحد المتعدد الثقافات والاثنيات.
تظل المطالبه بالحكم المدني الديمقراطي الفيدرالي المدخل السليم ولذلك تحتاج الجهود لأن تتكاتف من أجل تكوين أوسع قاعدة إجتماعيه للمطالبه بوقف الحرب من دون شروط وإقناع أكبر قدر ممكن من الشعب بضرورة تطبيق الحكم الفيدرالي التعددي بدلا عما نراه في الاعلام والوسائط من كراهيه وعنصرية وعنصرية مضادة Discrimination Reverse
وكان الله في عون السودان وأهله
طلعت محمد الطيب
talaat1706@gmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
جدل جديد.. الحكم المصري محمد عادل في قلب العاصفة
ما إن بدأ الدوري المصري لكرة القدم حتى شهدت أولى جولاته أزمة عاصفة كان بطلها الحكم محمد عادل بعدما اتخذ قرارات أثارت حالة من الجدل ونتج عنها توجيه سهام النقد للتحكيم.
ففي مباراة الزمالك والبنك الأهلي بالأسبوع الأول من دوري نايل، احتسبت 3 ضربات جزاء في لقاء أداره حكم الساحة محمد عدل، وحكمان مساعدان هما هاني عبد الفتاح وخالد حسين، والحكم الرابع محمد العتباني، فضلا عن محمد سلامة وأسامة محمد عبر تقنية الفيديو (الفار).
الزمالك فاز في المباراة على البنك الأهلي 3-2 في لقاء شهد ركلة جزاء مثيرة للجدل احتسبت للزمالك في الوقت الضائع بعد لمسة يد على لاعب البنك الأهلي.
عقب اللقاء تفجرت أزمة بعد تسريب صوتي ذكرت وسائل إعلام مصرية أنه للحديث الذي دار بين محمد عادل وغرفة الفار بعد استدعاء الغرفة للحكم لإبداء رأيه في احتمالية احتساب ضربة جزاء للزمالك نتيجة للمسة يد على لاعب البنك الأهلي، حيث قرر الحكم احتسابها وسجل منها الزمالك.
وفي التسجيل المذكور يعتبر محمد عادل أن احتساب الركلة أمر صعب بسبب ارتداد الكرة من الأرض ليد اللاعب ويوجه حديثه لحكم غرفة الفار قائلا: "(..) يا ميدو الكرة صعبة لأنها ارتدت من الأرض إلى يد اللاعب".
ورغم هذا الحديث، إلا أن الحكم احتسب الكرة ركلة جزاء لصالح الزمالك الذي خرج من المباراة فائزا بنتيجة 3-2، وسط تساؤلات عن مدى صحة هذا التسريب.
التسريب المذكور وبعد عرضه في الإعلام المصري تسبب في عاصفة من الجدل بشأن مدى نزاهة التحكيم وعلى أي أساس تتخذ القرارات التحكيمية.
محمد عادل سارع ونفى ما جاء في التسريب مؤكدا في تصريحات صحفية، أنه ينوي اللجوء إلى القضاء ضد البرنامج الذي نشر التسريب.
وأضاف عادل وفق ما ذكرت وسائل إعلام مصرية: "التسريب مفبرك وسأقدم بلاغا إلى مباحث تكنولوجيا المعلومات بشأنه".
ووفقا لما ذكرته قناة "أون تايم سبورتس" فإن هناك من يقول داخل لجنة الحكام المصرية إن هناك تربصا من إبراهيم نور الدين، مدير التطوير بلجنة الحكام، بالحكم محمد عادل، لأن ثمة وقائع سابقة بين الطرفين خاصة بالقائمة الدولية وتم استبعاده منها".
أما المدير الفني للجنة الحكام إبراهيم نور الدين فقد أكد أنه لم يتخذ أي قرار بوقف الحكم محمد عادل مشددا على أنه يتم الإعلان بشفافية عن طبيعة القرارات المتخذة.
وأوضح نور الدين أن الحكم محمد عادل خضع لجلسة استماع، مشيرا إلى أن المباراة المذكورة شهدت جدلا كبيرا، لكن "ما يثار حول إيقاف الحكم غير صحيح".
اتحاد الكرة برئاسة جمال علام قرر التحقيق في واقعة التسريب لمعرفة المسؤول عنه، لتشتعل الأجواء الكروية في الدوري المصري منذ الأسبوع الأول.
وبحسب وسائل إعلام مصرية فقد دخل الأهلي على الخط باعتباره منافس الزمالك ورفع مطالب عدة كان أبرزها، بحسب ما ذكرت تقارير إعلامية، إصلاح منظومة التحكيم لتحقيق العدالة مع سرعة تعيين خبير أجنبي لرئاسة منظومة التحكيم، وبيان موقف اتحاد الكرة من التسريبات التي تم تداولها مؤخرا ورحيل لجنة الحكام حال حدوث واقعة التسريب، مع تحقيق العدالة في المباريات وكشف خطوات التحقيق في واقعة التسريبات.
يشار إلى أن حالة من الجدل قد رافقت الحكم محمد عادل خلال إدارته لمباراة سابقة جمعت الزمالك بالأهلي بسبب تصريحات لعادل عقب المباراة تسببت في ضجة بوسائل الإعلام.
المباراة التي أقيمت في 5-11-2021 انتهت بفوز الأهلي 5-3 لكن بعد انتهاء المباراة قال عادل إنه راعى احتواء لاعبي الزمالك في وقت معين من المباراة.
وقال عادل: "شعرت بالتوتر الشديد على لاعبي الزمالك عقب هدف الأهلي الثالث وحرصت على احتوائهم رغم سهولة إشهار البطاقات في وجوههم نتيجة المخالفات التي ارتكبوها”.
مسؤولو النادي الأهلي حينها طالبوا بتفسير هذه التصريحات وشنت الجماهير هجوما ضاريا على الحكم ووصفته بــ"حكم الاحتواء"، لكن الحكم واصل مسيرته قبل أن يثار الجدل من جديد في مباراة أخرى للزمالك ولكن مع البنك الأهلي وليس الأهلي.
فيما قال عضو مجلس اتحاد الكرة المصري حازم إمام إن البعض يحاول إلصاق مصطلح "حكم الاحتواء" بالحكم محمد عادل رغم كونه من أفضل الحكام في مصر.