سودانايل:
2024-11-27@01:03:57 GMT

السودان وأزمة الحكم الفيدرالي (٢)

تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT

في الجزء الأول من هذا المقال كنت قد كتبت أن مقررات ما عرف بمؤتمر القضايا المصيريه باسمرا كانت قد نصت صراحة علي منح الجنوب ومنطقة جبال النوبة حق تقرير المصير وهو الصيغه الديمقراطيه للإنفصال مما يوضح بجلاء أن الفيدرالية لم تكن تشكل اولويه حتي لدي أحزاب المعارضة السودانية حين تنازلوا عنها إرضاء للراحل قرنق.


لكن تبقي حقيقة أن الكيزان كان أول من منح الجنوب حق تقرير المصير وذلك في لقاء علي الحاج / لام أكول بفرانكفورت.
وقد ظلت الفيدراليه والتعدديه مثل قميص عثمان أو كلمه حق أريد بها باطل كما يقول المثل الشائع بدليل أن الترابي كان قد رفعها في وجه البشير في ديسمبر ١٩٩٩م أبان ما عرف بالمفاصله الشهيره حين طالب ب " التوالي" و الحكم الفيدرالي وكان الرجل يقصد بمفردة توالي "التعدديه السياسيه" ويبدو إنه أستخدم مفردة توالي إنسجاما مع تعالي الكيزان علي التجربة البشرية من جهة، والتمسك بدعاوي " التأصيل" المزعومه من جهة ثانية.
لكن من الواضح أن البشير ومن معه من تلاميذ الترابي، لم يستجيبوا لمزايدات شيخهم إذ كان تصرفهم شبيه بما جاء في أحد الاساطير التي تقول إنه حينما إدعي فرعون الربوبيه أمر يوم ما حاجبه بألا يدخل عليه أحد بحجة إنه كان مشغولا في ذلك اليوم بخلق الإبل. صادف أن هم وزيره هامان بالدخول عليه لأمر ما ، ولكن الحاجب منعه بحجه أن فرعون وقتها كان مشغول بخلق الإبل، هنا أطلق هامان صرخته الساخرة " علي هامان يا فرعون!"
ويبدو أن البشير ومن معه كانوا يدركون أن مطالبات شيخهم بالتعدديه والفيدرالية مطالب غير أصيلة وانه كان يريد بها الضغط عليهم بعد أن فقد سيطرته علي التنظيم وهي فوق ذلك دعوة لا تتسق مع مواقف شيخهم الترابي الذي أيد قوانين سبتمبر ٨٣ وخطط لإنقلاب الإنقاذ علي الديمقراطيه الثالثة ومكن افراد تنظيمه من المناصب وحرم الآخرين وفصل وعذب المعارضين السياسيين وصعد من حربه الجهادية في الجنوب الخ .
ظل كيزان السودان طوال فترة حكمهم التي إمتدت حتي الآن إلي اربعه وثلاثين عاما يستهدفون السيطرة علي مؤسسات الدولة معتمدين علي توظيف رؤي سلفية من أجل السيطرة علي المجتمع.
ولكن الرؤي السلفيه للحياة والمجتمع Salafi worldview رؤي أحادية تتعارض مع التعددية والتسامح والانفتاح بين مختلف الآراء التي تعج بها فسيفساء السودان.
رغم ذلك تظل الحقيقة الباقية وسط رماد الحرب وأشلاء الضحايا هي أن الفيدرالية تعتبر المدخل الواقعي لرد مظالم ما عرف بدوله ٥٦ والوصايه السياسية التي إرتبطت بها وأدت إلي حرمان أبناء الهامش من الاستفادة بخيرات مناطقهم ومن فرص التعليم والتوظيف لتحسين شروط حياتهم. الأخطر من كل ذلك أن إستئثار المركز بالسلطه منذ إستقلال البلاد قد قاد إلي الحرمان والافقار والنعرات العنصرية وإستحاله التعايش السلمي بين أبناء الوطن الواحد المتعدد الثقافات والاثنيات.
تظل المطالبه بالحكم المدني الديمقراطي الفيدرالي المدخل السليم ولذلك تحتاج الجهود لأن تتكاتف من أجل تكوين أوسع قاعدة إجتماعيه للمطالبه بوقف الحرب من دون شروط وإقناع أكبر قدر ممكن من الشعب بضرورة تطبيق الحكم الفيدرالي التعددي بدلا عما نراه في الاعلام والوسائط من كراهيه وعنصرية وعنصرية مضادة Discrimination Reverse
وكان الله في عون السودان وأهله
طلعت محمد الطيب

talaat1706@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الحكم بالاعدام على متهم بتقويض النظام الدستوري وإثارة الحرب ضد الدولةبحلفا

(سونا)- أصدرت محكمة القاضي المقيم بوادي حلفا برئاسة مولانا/ ابوبكر عمر علي عمر قاضي المحكمة العامة حكما بالإعدام شنقا حتى الموت (تعزيرا)في مواجهة المتهم (م م ه ع) ذلك بعد أن ادانته في الدعوى الجنائية بالرقم (2 /2024) لمخالفته نص المواد (26-50-51) من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م معاونة القوات المتمردة وتقويض النظام الدستوري وإثارة الحرب ضد الدولة وقد صدر الحكم في حضور محامي المتهم وكانت نيابة وادي حلفا قد مثلت الإتهام أمام المحكمة .  

مقالات مشابهة

  • السودان: قرار بدمج الوزارات الولائية وتقليص هياكل الحكم
  • إداري السد يطلب من الحكم إطلاق صافرة النهاية .. فيديو
  • الحكم بالاعدام على متهم بتقويض النظام الدستوري وإثارة الحرب ضد الدولةبحلفا
  • قمة G7 تناقش اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان وأزمة أوكرانيا وسط تحديات دولية
  • منخفضا 0.5%.. الذهب يواصل التراجع قبل إعلان محضر اجتماع الفيدرالي الأمريكي
  • الأمن الفيدرالي الروسي: أوكرانيا أصبحت سوق ظلّ عالمية للسلاح
  • الحكم بالسجن 10 سنوات بحق المتهم نور زهير و6 سنوات بحق رائد جوحي
  • الحكم على ام اللول بالسجن 6 سنوات
  • وزارة الخارجية تلفت نظر المجتمع الدولي للفظائع التي يرتكبها مليشيا الجنجويد بشكل منهجي ضد النساء
  • خطاب السلطة السودانية: الكذبة التي يصدقها النظام وحقائق الصراع في سنجة