أثار قرار الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بتعليق وقيد منح الاحتلال الإسرائيلي قنابل أمريكية، تساؤلات عدة عن مستقبل العلاقات الإسرائيلية– الأمريكية، رغم رد رئيس الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على أنه لا يهتم بهذا القرار وسوف يمضى قدما في العملية العسكرية في رفح، إلا أن المؤشرات تؤكد أن القرار وضع حكومة نتنياهو في ورطة غير معلنة.



نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقال رأي، للمعلق، جدعون رتشمان. قال فيه إن الاحتلال الإسرائيلي لا يمكنها الاعتماد على نفسها، حيث ويعرف رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو هذا، ولذلك قد يكون القرار الأمريكي بتقييد السلاح إلى الاحتلال الإسرائيلي نقطة تحول في العلاقات بين البلدين.

وبدأ رتشمان مقالته بعبارة "وحتى أنت يا جو"، وذلك في تذكير بما قاله جوليوس قيصر لبروتوس "وحتى أنت بروتوس" مردفا: "فعلى مدى الأشهر الماضية تجاهل بنيامين نتنياهو النقد الدولي لإسرائيل، حيث كان يشعر بالأمان لاعتقاده أن أمريكا منحته دعما ثابتا، فلو كان خلفك البيت الأبيض، فمن يهتم بجنوب أفريقيا أو بطلاب جامعة كولومبيا؟".

ومع ذلك "فحتى إدارة بايدن لديها حدودها، وأدى تصميم نتنياهو على شن هجوم شامل على رفح لاتخاذ الولايات المتحدة قرار تعليق بعض مساعداتها العسكرية إلى الاحتلال الإسرائيلي، فيما ورد نتنياهو على قرار الولايات المتحدة بتحد وتبجح. على ما يبدو أن الاحتلال الإسرائيلي ماضي في هجومها على رفح مستخدمة ترسانتها العسكرية الضخمة.

ويقول رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، إنه لا توجد قوة خارجية، قادرة على منع بلده من الدفاع عن نفسها وبالطريقة التي تناسبها، مؤكدا أن "الاحتلال سيقف وحيدا لو استدعت الحاجة".


لكن الحقيقة كما يقول رتشمان أن الكثير من المستوطنين شعروا بالصدمة من قرار بايدن، ووصفه مؤسس صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" ديفيد هوروفيتش بأنه "إعلان مدمر"، وكان وصفه للوضع صارخا: "خسرت إسرائيل التي تخلى عنها المجتمع الدولي الدعم العام والذي لا يتوقف والحماية الكاملة من حليفها الضروري".

قرار بايدن، يثير أسئلة خطيرة حول مستقبل العلاقات الإسرائيلية-الأمريكية وكذا خيارات حكومة نتنياهو، وهناك الكثيرون في المؤسسة الأمنية في الاحتلال يدعمون فتح جبهة ثانية مع حزب الله في لبنان، لكن الولايات المتحدة عبرت عن معارضتها الواضحة للفكرة، ويعلق رتشمان أن نتنياهو ربما افترض في السابق أن الولايات المتحدة ستقف دائما وراء الاحتلال الإسرائيلي وتقدم لها الدعم العسكري الضروري.

 لكن قرار بايدن في رفح يعطي صورة أن هذا افتراض ليس صحيحا، فالولايات المتحدة ستواصل مد الاحتلال الإسرائيلي بالأسلحة الدفاعية مثل معترضات الصواريخ، إلا أن إمدادها بقنابل المدفعية لعمليات هجومية لم يعد مضمونا.

ومن الواضح أن نتنياهو خائف من توجيه اتهامات له ولبعض زملائه من المحكمة الجنائية الدولية، حيث يريد الاحتلال الإسرائيلي من الولايات المتحدة العمل من خلف الستار والضغط على الجنائية الدولية، ودعما خطابيا من الولايات المتحدة ضد الاتهامات الواسعة بشأن ارتكاب جرائم حرب أو حتى إبادة في غزة.

وباعتراف بايدن، في مقابلة تلفزيونية، بأن القنابل الأمريكية قتلت مدنيين في غزة، فقد تحركت الولايات المتحدة باتجاه المصادقة على فكرة أن تكتيكات الاحتلال ذهبت أبعد من قتال في حرب مشروعة، ووجد تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية أن الاحتلال الإسرائيلي ربما استخدمت السلاح الأمريكية بطريقة خرقت فيها القانون الدولي الإنساني.


ويقول رتشمان: "خلف الأضواء، كان استخدام الاحتلال الإسرائيل للقنابل الثقيلة مصدر توتر ولشهور في داخل المؤسسة الأمنية الأمريكية، وأخبرني في العام الماضي ديمقراطيا بارزا عن رعبه من أن إسرائيل في ملاحقتها لقائد عسكري واحد في حماس أسقطت قنبلة قوية على مخيم لاجئين وقتلت العشرات، ودفع منظور حدوث هذا مرة أخرى وبشكل متكرر في الهجوم على حماس في رفح البيت الأبيض للتحرك".

كذلك، يعلّق الكاتب، بأن بعض نقاد بايدن يتهمونه بأنه مدفوع بالسياسة وليس مظاهر القلق الإنساني، فلا شك أنه في ظل الانتخابات الرئاسية، لا يمكنه خسارة أصوات الشباب التقدميين الغاضبين على ما يجري في غزة، ولكن نتنياهو هو  مدفوع أيضا بالسياسة ويلعب بها أيضا. فمن أجل البقاء في السلطة، يحتاج الزعيم الإسرائيلي للحفاظ على اليمين المتطرف إلى جانبه، وأفراد هذا المعسكر هم من الأكثر الأصوات الداعية للهجوم على غزة.

ويقول الكاتب، إنه بعيدا عن السياسة والمخاوف الإنسانية، فهناك خلاف استراتيجي أساسي بين حكومة نتنياهو والبيت الأبيض، فمنذ البداية وازنت إدارة بايدن ما بين تعاطفها مع الاحتلال الإسرائيلي والتزامها الحقيقي بأمنها بشكوك عميقة حول أساليبها واستراتيجيتها.

حكومة الاحتلال الإسرائيلي تبنّت على ما يبدو موقفا عسكريا من الفلسطينيين، وقالت إن عليها القضاء على حماس واستعادة الردع وأن القوة هي الطريق نحو الأمن، وبخلاف هذا، اعتقدت إدارة بايدن أن مستقبل الاحتلال الإسرائيلي لا يتم تأمينه بدون المشاركة بإنشاء دولة فلسطينية.


وتعرف الولايات المتحدة من تجربتها المرة في أفغانستان، أنها لا تستطيع هزيمة منظمة مثل حماس أو طالبان من خلال قتل قادتها وقواتها الراجلة، فبدون حل سياسي مستدام، فهناك إمكانية موجودة لاستعادة المنظمة قوتها وانضمام جنود جدد لها، وبالتأكيد، فمن المحتمل أن يؤدي القتل الجماعي للمدنيين إلى موجة تجنيد جديدة وجيل جديد من مقاتلي حماس، وعليه فـ "مواجهة الواقع يحتاج إلى تحول عميق في تفكير نتنياهو ومعظم الرأي العام لدى الاحتلال الإسرائيلي.

وهذا التغير أصبح أقل احتمالا بعد صدمة ما بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. وربما كانت هناك حاجة لصدمة خارجية مثل قرار البيت الأبيض بخصوص الأسلحة وإجبار الإسرائيليين على الخروج من الإستراتيجية الوحشية والمدمرة للذات التي تبنوها في غزة. ولو ساعد قرار بايدن لبدء هذه العملية، فربما استطاع إنقاذ شيء من الرعب الحالي".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية بايدن الاحتلال رفح غزة امريكا غزة الاحتلال بايدن رفح صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی الولایات المتحدة قرار بایدن فی غزة

إقرأ أيضاً:

كاتب أمريكي: من الوارد خسارة ترامب حتى وإن ربح في التصويت الشعبي

كشف الدكتور باسم أبو سومية الكاتب والباحث الأمريكي، أخر تطورات المشهد الانتخابي في الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرًا إلى أن السباق قوي والناخبون يقبلون على لجان الاقتراع بشكل غير مسبوق. 

محلل إستراتيجي بالحزب الديمقراطي: مخاوف من تولي ترامب الرئاسة الأمريكية الناخبون يقبلون على لجان الاقتراع بشكل غير مسبوق 

وأضاف المحلل السياسي، في حوار عبر سكايب، معه الإعلامية فاتن عبد المعبود، مقدمة برنامج صالة التحرير، المذاع عبر قناة صدى البلد، مساء اليوم الثلاثاء، أن هناك تخوف في حالة فوز كاميلا بالانتخابات بانتشار انصار ترامب في الشوارع وجعلها ساحة حرب، متابعا أن استطلاع الرأي لا تعني بالضرورة لوجود انتخابات متقاربة.
وأشار الدكتور باسم أبو سومية المحلل السياسي، إلى أن حال التعادل المرشحين في أصوات المجمع الانتخابي سيختار الكونجرس الأمريكي الفائز، مؤكدا أن ترامب قد يربح في التصويب الشعبي ويخسر في تصويب المجمع الانتخابي.

 

 

مقالات مشابهة

  • كاتب صحفي: أعطال حدثت في بعض الولايات الأمريكية لم تؤثر على التصويت
  • كاتب صحفي: هاريس وترامب لا يصلحان لتولي منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية
  • أزمة ثقة وخلافات كبيرة.. نتنياهو يكشف أسباب إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي
  • كاتب أمريكي: من الوارد خسارة ترامب حتى وإن ربح في التصويت الشعبي
  • ترامب يواصل هجومه الحاد على بايدن وبيلوسي مع انطلاق الانتخابات الرئاسية الأمريكية
  • أكثر من 50 دولة تطالب الأمم المتحدة بوقف بيع ونقل الأسلحة إلى دولة الاحتلال
  • أستراليا والهند يؤكدان عدم تأثير نتيجة الانتخابات الأمريكية على مجموعة الرباعية
  • 50 دولة تطالب بخطوات فورية لوقف بيع الأسلحة أو نقلها إلى دولة الاحتلال
  • تأثير الانتخابات الرئاسية الأمريكية على العلاقات الأمنية مع أوروبا
  • موقع أمريكي يكشف عن رسالة “غير عادية” وجهتها واشنطن لطهران تمس إسرائيل