الجزيرة:
2025-01-24@00:54:47 GMT

انتخابات بنما الرئاسية وعجائب السياسة والقدر

تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT

انتخابات بنما الرئاسية وعجائب السياسة والقدر

لطالما ارتبطت أخبار بنما على الصعيد الدولي، بقناتها الرابطة بين المحيط الأطلسي والهادئ ودورها في حركة الملاحة الدولية، وملف "أوراق بنما" وشهرة البلد في قائمة الجنّات الضريبية، وبكونها معبرًا برّيًا مفصليًّا في مسار الهجرة غير النظامية نحو الولايات المتحدة الأميركية، غير أن السياسة أيضًا في بنما، جعلت منها خبرًا مهمًّا في نشرات الأخبار يوم 5 مايو/ أيار الماضي.

حيث مثّل فوز المرشح لمنصب نائب الرئيس خوسيه مولينو برئاسة البلاد، حالة استثنائية جديرة بالمتابعة، يمكن تصنيفها في "لُعب السياسة والقانون"، أو في خانة الصّدف النادرة.

الحصان الرابح

فبنما تعتبر آخر بلدان أميركا الوسطى والجنوبية التي دفنت عهد الدكتاتورية العسكرية في 1989، وبدأت تجربتها الديمقراطية منذ ذلك التاريخ القريب، بكثير من الحماس الشعبي.

والفائز بالانتخابات الأخيرة خوسيه مولينو كان في الواقع مرشحًا كنائب للرئيس السابق المحافظ ريكاردو مارتينيلي الذي تولى رئاسة بنما بين 2009 و2014، لكن المحكمة الانتخابية رفضت في شهر مارس/ آذار الماضي، ترشُّحَ الرئيس السابق المحافظ ريكاردو مارتينيلي، وأبقت على ترشح نائبه مولينو، وذلك بسبب الأحكام القضائية الصادرة ضدّه بعشر سنواتٍ سجنًا، وغرامة 19 مليون دولار، على خلفية تهم فساد مالي ذائعة الصيت، كان هو قد أنكرها.

وبعد أن قام حزبه بمحاولات فاشلة للطعن في قرار المحكمة الانتخابية، أصدرت المحكمة العليا حكمًا قبل موعد الانتخابات بيومين فقط، ببطلان قرار المحكمة الانتخابية، ومنح خوسيه مولينو، الحقّ في الترشح لمنصب الرئيس وحيدًا، ودون نائب، بعد أن كان مرشحًا كنائب للرئيس السابق مارتينيلي.

وقد وصفَت أغلب وسائل الإعلام الفائز بالانتخابات خوسيه مولينو بالحصان الرابح الذي راهن عليه الرئيس السابق مارتينيلي، لا سيما أنه تولى وزارة الداخلية في فترة رئاسته، وكان أحد رموز حكومته. إضافة إلى أنه سياسي ودبلوماسي محنك، وتولى وزارة الخارجية من 1990 إلى 1994.

الغريب في انتخابات بنما الأخيرة، التي شملت الرئاسية والتشريعية والمحلية في نفس اليوم، هو المصير الذي آل إليه الرئيس السابق مارتينيلي بعد صدور حكم بالسجن عليه في 2022، وتقدّمه بالرغم من ذلك بملفّ ترشّحه لرئاسية 2024.

فالرجل اليميني الذي كان حليفًا لواشنطن خلال مسيرته السياسية، التجأ إليها طالبًا الحماية من قضاء بلده، في محاولة لمواصلة نشاطه السياسي من هناك، غير أن الإدارة الأميركية رفضت دخوله مع أفراد من أسرته أراضيها ورحّلتهم من مطار نيوجيرسي نحو بنما في أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي.

وفي خطوة فاجأت الطبقة السياسية وبعد أيام قليلة من رفض دخوله التراب الأميركي، وقبل ساعات من إصدار القضاء البنمي بطاقة جلب في حقه، توجّه الرئيس السابق مارتينيلي إلى مقرّ سفارة نيكاراغوا في عاصمة بنما، حيث حصل على اللجوء السياسي، وخاطبت خارجية نيكاراغوا نظيرتها البنمية، طالبة منح الرجل حقّ التنقل إلى المطار؛ بهدف سفره إلى نيكاراغوا، لكن حكومة بنما رفضت ذلك.

دعم شعبي

ومنذ ذلك اليوم يمكث الرئيس السابق مارتينيلي في مقرّ السفارة في ظروف تبدو جيدة، متواصلًا افتراضيًا مع أنصاره ومتابعًا مستجدات الانتخابات. وقد أعلن عن دعمه اللامتناهي لنائبه السابق مولينو، الذي زاره بدوره في مقرّ السفارة يوم التصويت.

السؤال الذي يطرح نفسه في هذا المستوى، هو لماذا اختار الرئيس اليميني مارتينيلي التوجّه إلى مقر سفارة دولة يسارية مثل نيكاراغوا، تواجه حكومتها انتقادات كثيرة، حتى من جانب الحكومات اليسارية في المنطقة، على غرار تشيلي والبرازيل وكولومبيا؟ غير أن الإجابة تكاد لا تخرج عن إطار البراغماتية البحتة، لأن حلفاء مارتينيلي أنفسَهم لم يقدموا حججًا مقنعة.

أمّا السؤال الآخر فيتعلّق بالأسباب الكامنة وراء الدعم الشعبي للرئيس السابق مارتينيلي، في الوقت الذي يتهمه قضاء بنما بالفساد المالي، وتراجع الإدارة الأميركية عن دعمه. والإجابة عن ذلك؛ هو أن الرئيس السابق مارتينيلي رجل أعمال مشهور قبل أن يكون سياسيًا، وأنصاره لا يصدقون كثيرًا تورّطه في القضية التي اتّهمه قضاء بنما فيها هو وخلفه خوان كارلوس فاريلا بتلقّي رشاوى تعود إلى صفقات حكومتيهما مع شركة "أوديبرشت" البرازيلية لمشاريع البنية التحتية.

ويأتي هذا التصالح في الحقيقة لاعتبارات عديدة، من بينها أن كشْف تورط حكومات في أكثر من 20 دولة في قضايا رشاوى هذه الشّركة العملاقة، يعود إلى جهود أميركية نجحت في تصفية أسماء كبيرة في المشهد السياسي اللاتيني بالخصوص. إضافة إلى ذلك، يرى أنصار مارتينيلي أن البلاد في فترة رئاسته، شهدت إحياء مشاريع ساهمت في تقليص معدلات البطالة، وعلى رأسها مشاريع البنية التحتية التي أنشأتها الشركة البرازيلية. ويبدو أنّ أغلبية البنميين كانوا راضين عن إدارته للبلاد، لهذا صوّتوا لحليفه مولينو، بـ35% كأعلى نسبة من بين 8 مرشحين، وبفارق يقارب 10 نقاط عن المركز الثاني.

كابوس أميركا اللاتينيّة

ورغم مسيرة الانسجام التي جمعت الرئيس السابق مارتينيلي والفائز بالرئاسة حديثًا مولينو، وتوقُّع كثيرين بمنح هذا الأخير "عفوًا" لرئيسه السابق ورفيق دربه، يغلق به بابَ الملاحقات والتهديدات بالسجن، فإن آخرين لا يستبعدون انقلاب موازين العلاقة، وإقدام الرئيس الفائز على طيّ صفحة الرئيس السابق مارتينيلي، من خلال ترحيله إلى نيكاراغوا، والتفرّغ لنحت اسمه مستقلًا دون "كبير"، في قائمة رؤساء بنما.

وهذا في الحقيقة كابوس يقضّ مضجعَ السياسيين في أميركا اللاتينيّة، على غرار ما حدث مؤخّرًا في الإكوادور بين الرئيس السابق رافاييل كوريا ونائبه لينين مورينو، وفي بوليفيا بين الرئيس الحالي لويس آرسي و"معلمه" بالأمس الرئيس السابق إيفو موراليس، الذي أصبح ألدّ خصمٍ له، وأشد منافسٍ في الانتخابات القادمة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات

إقرأ أيضاً:

وزيرة خارجية النمسا السابقة: ترامب هو الرئيس الأمريكي الذي يمكن لروسيا إقامة علاقات وثيقة معه

النمسا – أكدت وزيرة الخارجية النمساوية السابقة كارين كنايسل إن دونالد ترامب هو الرئيس الأمريكي الذي يمكن لروسيا إقامة علاقات وثيقة معه، مشيرة إلى فهمه العميق واحترامه لروسيا وشعبها.

وأضافت كنايسل في حديث لوكالة “نوفوستي” الروسية: “لم تتح لي الفرصة للقاء السيد ترامب شخصيا، لكنني على دراية بسيرته الذاتية، فهو واحد من القلائل الذين زاروا الاتحاد السوفيتي قبل دخوله عالم السياسة في ثمانينيات القرن الماضي ولديه فهم لروسيا، وأعتقد أنه الشخص الذي يمكن بناء علاقات أقوى معه”.

وأوضحت: “سيعاني ترامب مثل أي رئيس أمريكي من ضيق الوقت، لأنه سيخوض انتخابات الكونغرس بعد عامين فقط، وهو بحاجة إلى تحقيق نتائج سريعة خلال أول 100 إلى 200 يوم من ولايته، بينما القيادة الروسية لا تعاني من ضغط الوقت بنفس القدر، حيث الانتخابات الرئاسية الروسية ستجرى بعد خمس سنوات، لذا، على ترامب أن يستغل هذه الديناميكية لتحقيق إنجازات سريعة”.

هذا وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه لا يسعى لإيذاء روسيا، مؤكدا حبه للشعب الروسي وعلاقته الجيدة بنظيره الروسي فلاديمير بوتين.

جاء ذلك في تصريحات نشرها ترامب عبر منصته الاجتماعية، حيث أشار إلى أن العلاقة بينهما كانت دائما إيجابية، على الرغم مما أسماه “خدعة اليسار الراديكالي” التي روجت لفكرة “روسيا روسيا روسيا”.

وتولى ترامب منصبه رسميا كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، حيث أدى اليمين الدستورية في حفل التنصيب الذي أقيم في مبنى الكابيتول بواشنطن الاثنين الماضي، ليسدل الستار على ولاية سلفه الديمقراطي جو بايدن، الذي ترك له الكثير من “فوهات البراكين الثائرة” التي سيتوجب على ترامب إخمادها، في داخل الولايات المتحدة وخارجها على حد سواء.

المصدر: نوفوستي

مقالات مشابهة

  • وزيرة خارجية النمسا السابقة: ترامب هو الرئيس الأمريكي الذي يمكن لروسيا إقامة علاقات وثيقة معه
  • «الرئيس البنمي»: قناة بنما لم تكن تنازلا أو هدية من الولايات المتحدة
  • الرئيس البنمي: قناة بنما لم تكن تنازلا أو هدية من الولايات المتحدة
  • قصور الثقافة تصدر كتاب «رحلة ابن بطوطة.. تحفة ‏النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار»‏
  • سر رسالة تركها الرئيس السابق بايدن لترامب في درج مكتبه.. ماذا قال؟
  • في منتدى دافوس.. الرئيس الصومالي ينال جائزة القيادة الرئاسية الإفريقية
  • القيادة تعزي الرئيس التركي في ضحايا الحريق الذي اندلع في منتجع بولاية بولو
  • الملك سلمان يُعزي الرئيس التركي في ضحايا الحريق الذي اندلع في منتجع بولاية بولو
  • الرئيس “مولينو” لـ”ترامب”: قناة بنما ستظل تابعة لنا
  • الرئيس البنمي لترامب: قناة بنما ستظل تابعة لنا