أين ستتجه الوجبة الأولى من الرؤوس النووية الروسية اذا اضطرت روسيا لإطلاقها؟
تاريخ النشر: 1st, August 2023 GMT
د. بسام روبين لا شك أن العالم يشهد جملة من المتغيرات الإستراتيجية على الساحة الدولية، فَطرد فرنسا من إفريقيا لا يمكن أن يكون بمحض الصدفة ،وإنما هنالك مخططات معدّة مسبقا بإحكام ويجري تنفيذها بعد أن فشل الغرب بإزدواجيته للمعايير في التعامل مع الشعوب وتوجيه زعمائِها بطرق خاطئة تستهدف خيرات شعوبهم ،فالنيجر والتي تعد من أفقر دول العالم هي من تزود فرنسا بثلثي الطاقة النووية التي تحتاجها الأخيرة، ومع ذلك تتنعم فرنسا بخيرات الدول الإفريقية ولا ينعكس ذلك إيجابا على أياً منها سوى منافع شخصية محدودة لبعض القادة الموالين لها.
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
زمن أمريكا أم زمن الصين؟
لا يخفى على أحد حقيقة أن الصين بتقدمها العظيم في شتى المجالات قد غيَّرت موازين القوى الدولية، التي كانت تضع أمريكا وبلا منازع على رأس دول العالم، وذلك لقوتها العسكرية والسياسية والاقتصادية والتكنولوچية، ما جعلها في حالة استعلاء ومركزية ومن ورائها توابعها من الدول الغربية. فقد أضحتِ الصين بأرضها العريقة وتعدادها السكاني الضخم وجهودها المتواضعة التي لا تهدأ ولا تنام، في طليعة الدول التي تتحدى النظام الرأسمالي الليبرالي العالمي، بسبب تقدمها وازدهارها الذي منحها الريادة، وذلك بعد أن ظلت أمريكا لعقود بعد تفكك الاتحاد السوفيتي هي القطب الأوحد في العالم وفرضت على البشرية العولمة على الطريقة الأمريكية. وبظهور الصين تراجعت أمريكا اقتصاديًّا وتراجع دورها، لأنها مارست أدوارًا غير نزيهة وغير مشروعة، بتدخلها في شئون الدول، وغزوها لبعض الدول دون مراجعة المؤسسات الدولية، وتسبُّبها في نشوب الكثير من الأزمات والحروب الدولية، وانحيازها الأعمى من أجل أطماعها في المنطقة لربيبتها وصنيعتها دولة الكيان المحتل ومساندتها غير المحدودة لها ليواصل متطرفوها الصهاينة وجيشها الغاشم شنَّ حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة وغيرها من دول المنطقة، ومسئوليتها عن تأخير قيام الدولة الفلسطينية وحرمان الفلسطينيين لعقود طويلة من أرضهم وأبسط حقوقهم، ما أفقدها مصداقيتها ونزاهتها بعد ترويجها لشعارات الحرية والديمقراطية وتحقيق السلام في العالم. إضافة إلى معاداة أمريكا بشكل سافر وغير مشروع للدول الصناعية الكبرى، وعلى رأسها الصين والهند وروسيا، لأن تلك الدول قد سحبتِ البساط منها في مجالات: الحداثة، التكنولوچيا، الفضاء، الصناعات الدقيقة، وغيرها من المجالات.
الأمر الذي جعل أمريكا عبر رؤسائها تنسحب تدريجيًّا من المعاهدات والاتفاقات الدولية، ومنها المتعلقة بمنظمة التجارة العالمية. وها هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمجرد اعتلائه سدة الحكم يعادي دول العالم، ويعلن أطماعه في دول الجوار مثل كندا والمكسيك وجرينلاند، ويفرض مؤخرًا تعريفة جمركية ظالمة وغير عادلة على غالبية الدول، الأمر الذي أحدث خللًا في النظام العالمي برمته، ويبشر بميلاد قوى جديدة أبرزها الصين باعتبارها القوى الكبيرة القادمة، التي من المرجح أن تسحب البساط من أمريكا، وتفتح بدورها آفاقًا مشروعة لدول العالم نحو التقدم والازدهار. ومن دلائل تفوق الصين على أمريكا تداعيات التصعيد التجاري السريع بين البلدين، لدرجة أن الخبراء والمحللين الاقتصاديين يرون أن هذا التصعيد لن يؤشر لتوفيق اتفاق تجاري بين البلدين، بسبب تعريفة ترامب الجمركية الجائرة على الصين، وذلك لرغبة أمريكا في الهيمنة على أسواق العالم. وما يؤكد أيضًا على صمود الصين ومواصلة نهضتها وتفوقها هو أن وزارة خارجيتها قد أعلنت مؤخرًا عن مواصلة مواجهتها مع أمريكا في حربها التجارية معها، وفرضها تعريفات جمركية باهظة على الواردات الأمريكية.
ووفقًا للخبراء والمحللين الاقتصاديين العالميين أيضًا فإن تلك المعركة التجارية بين البلدين ستُحسم لصالح الصين، بعد أن خسرت أمريكا ثقةَ العالم بها في الكثير من المجالات، ما يؤشر إلى أن الصراع التجاري بين البلدين سيفتح المجال نحو صراع چيو-سياسي كبير وحرب عالمية قادمة، ليصبح الزمن الحالي والقادم زمن الصين وليس زمن أمريكا، وبالتالي تشكيل توازن القوى، وإعادة هيكلة المؤسسات الدولية من جديد.