أين تكمن أسباب مشكلات أوروبا الاقتصادية؟
تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT
الاقتصاد الأوروبي يدفع فاتورة مواجهة روسيا. حول ذلك، كتب رئيس قسم الاقتصاد العالمي في المدرسة العليا للاقتصاد، أيغور ماكاروف، في "بروفيل رو":
هناك الآن اعتراف عالمي بالمشاكل الاقتصادية التي تواجهها أوروبا. تظهر أحدث بيانات صندوق النقد الدولي أن نمو اقتصادات الدول الأوروبية، في العام 2023، لم يكن أبطأ من الاقتصاد الروسي فحسب، بل أبطأ من اقتصاد أي منطقة كبرى أخرى.
كان محرك الاقتصاد الأوروبي ألمانيا، التي استفادت من السوق المشتركة والعملة الموحدة، وتدفق العمالة الرخيصة من أوروبا الشرقية والغاز الروسي الرخيص لبناء صناعة قوية ذات تكنولوجيا عالية موجهة نحو التصدير، فتحولت بقية دول الاتحاد الأوروبي إلى سوق مثالية. وجرى توريد السلع الاستهلاكية الرخيصة بكثرة من الصين، ما أدى إلى تخفيف الضغوط التضخمية. ومع ذلك، تبين أن هذا النموذج لم يدم طويلا.
أولا، أدى انضمام 12 عضوًا جديدًا في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى اختلالات هائلة داخل أوروبا الموحدة؛
ثانيا، بدأ الاتحاد الأوروبي يتخلف عن الولايات المتحدة والصين في السباق التكنولوجي؛
ثالثا، في قلب الاتحاد الأوروبي (ألمانيا وفرنسا وهولندا وإيطاليا) تتراكم المشاكل الاقتصادية التي تسم معظم البلدان المتقدمة: البنية التحتية المادية القديمة، وشيخوخة السكان، والعبء الديموغرافي المتزايد.
وفي هذه الظروف، قررت النخب الأوروبية قطع العلاقات الاقتصادية مع روسيا، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الوضع، وتبين أن ثمن التخلي عن موارد الطاقة الروسية مؤلم للغاية.
وعلى الصعيد الاقتصادي، يواجه الاتحاد الأوروبي حتمية الاختيار بين التحول إلى مجتمع من الدول المستقلة حقا، والتحول إلى شبه دولة، أشبه بولايات متحدة أوروبية، بميزانية واحدة وقدرة على توحيد الإنفاق الحكومي وتوجيهه بشكل فعّال.
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الأزمة الأوكرانية الاتحاد الأوروبي الجيش الروسي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا كييف الاتحاد الأوروبی
إقرأ أيضاً:
مصير اللاجئين السوريين في أوروبا
أخذت قضية اللجوء السوري في أوروبا منحى مهما وحاسما هذه الأيام في ظل الإجراءات التي اتخذتها أو أعلنت عنها الدول الأوروبية بعيد سقوط النظام السوري البائد، حيث سارعت عدة دول أوروبية الى تعليق البت بطلبات لجوء السوريين ومنها فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة في اليوم التالي لتاريخ سقوط النظام، وزادت بأن كل طالب لجوء سوري سوف يصل إلى الدول الأوروبية بعد هذا التاريخ سيتم معاملته كإرهابي هرب من سوريا للاشتباه باقترافه جرائم حرب في سوريا.
فمن الثابت قانونيا أن نظام الأسد قد اقترف جرائم كثيرة بحق مواطنيه وبناء على ذلك، فإن الكثير من الدول، ومنها دول الاتحاد الأوروبي منحت اللجوء لمن يثبت أنه معارض لنظام الأسد أو تعرض للتعذيب أو الاضطهاد أو الاعتقال.
لا شك في أن طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى أوروبا وأخذوا الإقامات المؤقتة ستتم إعادة دراسة أوضاعهم عند انتهاء مدة إقامتهم، حيث سوف تتم دراسة الوضع في سوريا فيما إذا كان بلدا آمنا تتوفر فيه البيئة الآمنة وبالتالي اتخاذ القرار بإعادة طالبي اللجوء أم لا. والبيئة الآمنة تعني البيئة التي يتمتع فيها السكان بحرية ممارسة أنشطتهم اليومية دون خوف من العنف المتعلق بالدوافع السياسية أو العنف المستمر أو واسع النطاق.
وحتى تتمكن الدول الأوروبية من إعادة طالبي اللجوء، لا بد من أن تدرس الأوضاع الأمنية في سوريا وهل هناك انتهاكات مستمرة لحقوق الانسان أم لا، لأن إعادة طالبي اللجوء دون توفر البيئة الآمنة (استقرار سياسي، توافر المدارس والمشافي والسكن والمياه الصحية، وتوافر التقاضي والشرطة الفعالة، والمساواة بين أطياف الشعب السوري، وعدم وجود تمييز عنصري يصل لحد الاضطهاد..) سوف يعرض هذه البلاد الأوروبية لانتهاكاتها لالتزاماتها الدولية بموجب القانون الدولي ومعاهدة اللجوء لعام 1951. ولعل هذا من الأسباب التي تدفع الدول الأوروبية إلى السعي جاهدة بأن تكون سوريا بلدا خاليا من انتهاكات حقوق الإنسان وغيرها من الالتزامات الدولية.
فلقد شاهدنا السلطة القضائية في تلك البلاد الأوروبية، وهي تصدر قرارا تطالب بموجبه وزارة الداخلية بإعادة طالبي اللجوء إلى أوروبا ودفع تعويضات عن الإصابات التي لحقت بهم نتيجة إعادتهم إلى بلدانهم وموطنهم الأصلي بشكل غير قانوني لذلك. ومن أجل تفادي دفع تعويضات كبيرة لطالبي اللجوء أو تسجيل تلك الدول في قائمة الدول التي تنتهك معاهدة حقوق الإنسان، مثل هنغاريا وغيرها من الدول الأوروبية، تسعى الدول الأوروبية إلى أن تضمن أو تصل إلى ضمانات مع الإدارة السورية الجديدة بأن طالبي اللجوء من كافة الأطياف سوف لن يكونوا معرضين لأية انتهاكات أو أي صنف من التعذيب.
ومع غياب الدستور او الإعلان الدستوري في الوقت الحالي يبقى موضوع إعادة اللاجئين أمرا مستبعدا لبضعة أشهر (إن لم نقل لبضع سنين)، ويبقى الإعلان الذي أصدرته الدول الأوروبية بتعليق البت بطلبات اللجوء؛ بقصد عدم تشجيع المهاجرين الجدد من الوصول إلى أوروبا، علما أن مراقبة الوضع هو سيد الموقف، وبالتالي إلزام وزارة الداخلية -عن طريق القضاء- بمتابعة البت بقضايا اللجوء هو أمر مهم بعد مرور بضعة أشهر، ولكن سوف يكون عبء الإثبات أكتر صرامة على اللاجئ بعد زوال نظام الأسد المجرم.
وباعتبار أن الدول الأوروبية لا تستطيع إلزام اللاجئ بالعودة الإلزامية في الوقت الحالي، لذلك وجدنا أن بعض الدول الأوروبية بدأت تعرض آلاف اليورهات للعودة الطوعية لإدراكها أنها لا تستطيع إعادة اللاجئين في الوقت الحالي، وأن الأمور ستستغرق بضع سنوات لكي يتم إعادة اللاجئين، بعد استنفاد اللاجئ لكافة طرق التقاضي وإثبات وزارة الداخلية أن الوضع في سوريا أصبح آمنا وأن سبل العيش الكريمة أصبحت متاحة في سوريا.