عدنان نصار في بداية عهده ، قال الملك عبدالله الثاني عبارته الشهيرة عن حرية التعبير :”حرية سقفها السماء” ..،وتمكنت المملكة الرابعة في العهد الجديد في حينها من الدخول إلى ملعب حرية الاعلام في التعبير الملتزم ،الذي يمتثل لقانون المطبوعات والنشر ، والجرائم الإلكترونية المعمول به حاليا (قبل مشروع التعديل) ،كما يمتثل السلوك الاعلامي بشقيه الورقي والاكتروني برقابة ذاتية منضبطة تعرف حدود تعبيرها بعيدا عن كيل التهم او السباب او اغتيال الشخصية، أو حتى الحديث عن الفاسدين دون دليل قانوني ،وممسك يعفي الصحيفة او الموقع الاخباري المرخص رسميا من اي تبعات قانونية او جزائية.
في ظل حجم الرفض الصحافي والنقابي والحزبي والاجتماعي المتزايد اردنيا ، دخل المسار المعارض الاسبوع الفائت في مرحلة السباق مع الوقت لمحاولة صد
القانون وسحبه ،بعد أن اقر مجلس النواب الأردني خلال 5 ساعات نحو 45 مادة تتعلق بالقانون ،وهو امر لم يحصل في تاريخ مسار مجلس النواب ،اقصد بهذه السرعة باقرار القانون المرفوض شعبيا وصحفيا ونقابيا وحزبيا ..الرهان بعد الإقرار النيابي كان على الغرفة الثانية في مجلس الأمة(الاعيان) الذي ادخل بعض التعديلات على مشروع القانون قبل رفعه للملك للمصادقة عليه ..،الاعيان بطبيعة الحال ادخل تعديلات متوقعه منها تخفيض نسبة الغرامة المالية من 50 الف في حدها الأعلى إلى 20 الف بعد تعديل الاعيان ، وشطب عبارة (و) التي اقرها النواب ،والمقصود منها الجمع في العقاب بين (السجن “و” الغرامة) ليعدلها الاعيان إلى(أو) بمعنى السجن “او ” الغرامة ، ومع ذلك اتسعت دائرة الرفض الشعبي بكل مكوناته الفكرية على رفض مشروع القانون سيء الذكر. تنسيقية سحب قانون الجرائم الإلكترونية الجديد التي شكلت الاسبوع قبل الفائت في العاصمة عمان ،وتشرفت بعضويتها مع زملاء وزميلات وقوى حزبية وتقابية واجتماعية ، اتسعت دائرة التنسيقية وارتفع سقفها في الرفض ، فبعد الاعتصامات أمام مجلس الأمة، و”هاشتاغات” احتلت موقع الصدارة الفضائية الاردنية، أدركت قوى التنسيق ان الرهان على موقف (الملك) سيكون الفرصة الأخيرة لأمل سحب القانون ، أيضا هنا تقف القوى الرافضة على مضمار السباق مع الوقت، إذ من المرجح ان يتم رفع مشروع القانون إلى مكتب الملك الأحد المقبل وفق تقديرات ومعلومات مؤكدة ،لذلك كان التركيز على مخاطبة الملك عبر هاشتاغات توحدت في مطالبها وتنوعت في شعاراتها التي استندت على الدستور الاردني. هذه الروح الشعبية التي تجلت في جميع مواقفها الرافضة للقانون ، لجأت إلى مخاطبة الملك بعد أن فشل الرهان على النواب الذي وفق وصف الغالبية الشعبية “لا بحل ولا بربط” ..فالملك هو حامي الحريات بموجب الدستور ، لذا توجهت الخطابات والهاشتاغات مباشرة الى الملك للفت انتباهه، وخصوصا ان مشروع القانون ووفق شعارات الهاشتاغ يعتبر “ضد مشروع الملك الإصلاحي ..وضد النهوض الحزبي ” الذي ينادي به الملك ، ناهيك عن مسخ حرية التعبير في اي قضية عامة كانت وفق مشروع القانون الجديد. عمليا ، مشروع قانون الجرائم الإلكترونية الجديد في الاردن ، في غالبية مواده يكمم الافواه ، ويلغي شخصيتك الاعلامية الناقدة للموظف العام من رتبة(دولة) إلى(عامل وطن) ، ولا يمنحك القانون الجديد فرصة حتى للتحايل في اختيار العبارات لتنجو من عقاب اذا قمت بالنقد ..وعمليا ، اصبح العمل في مهنة صاحبة الجلالة يضعك على “مقصلة السجن أو الدفع” بعد أن كان حتى وقت قريب يضعك على “المحك” وربما المسائلة القانونية لكن ليس على طريقة القانون الجديد المممتليء طريقه بالالغام التي ممكن أن تثور تحت قدميك لمجرد تعليق من قاريء على خبر او مقال يضعك للمسائلة.!! لست من المتشائمين في هذا المجال ، فامامنا فرصة حقيقية رغم سباقنا مع الوقت ..فالملك ، هو من يقرر بموجب الدستور كون الملك هو الحامي للحريات ، وعلى موقف الملك يعقد الأمل بسحب القانون ، وهذا ما أكده الحراك الشعبي الشخصي والالكتروني في وقفاتهم وهاشتاغاتهم. عملت حرية التعبير الحقيقي والملتزم في كل المنظومة الجغرافية العربية والاممية على تعميق قيم الانتماء والتقويم لأي مسار سياسي خاطيء ، وعملت الحرية بقيمتها العالية وسموها على بناء أوطان، واخرجتها من الظلمات إلى النور ، كما هي العبودية التي تخرج الأوطان من النور إلى الظلمات ..ما نحتاجه عمليا رفع مشاعل الحرية ،لا تنكيسها، ورفع سوية التعبير لا اعدامه..ما نحتاجه عمليا ، اردن مستقل محرر من كل تبعات الفساد والتشلل ..اردن بستكمل المشوار على إرث الماضي بكل جماليات الفرح والبناء ، والصبر والجوع والفقر ..وحرية تعبير ملتزم من شعب يتقن فن الرقابة الذاتية ..ما نحتاجه حرية بشار اليها بالبنان ، بنان النصر..وليس ببنان الندم والخذلان . كاتب وصحفي اردني
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
مشروع القانون
إقرأ أيضاً:
الملك عبدالله الثاني يدعو لتحرك دولي عاجل لوقف حرب الإبادة على غزة
دعا العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، السبت، إلى تحرك دولي عاجل لوقف ما وصفه بـ"حرب الإبادة" التي يواصل الاحتلال الإسرائيلي شنها على قطاع غزة منذ أكثر من 16 شهرًا.
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، وفق ما أعلنه الديوان الملكي الأردني في بيان رسمي.
وأكد الملك عبدالله خلال الاتصال ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكل فوري للضغط من أجل وقف العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع، والعمل على تثبيت وقف إطلاق النار الذي تواصل إسرائيل انتهاكه.
وفي السياق ذاته، شدد العاهل الأردني على أهمية ضمان دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة بشكل عاجل، لتخفيف حدة الكارثة الإنسانية التي تعصف بسكان القطاع المحاصر.
وكان اتفاق لوقف إطلاق النار قد دخل حيز التنفيذ في 19كانون الثاني/ يناير الماضي برعاية مصرية وقطرية وأمريكية، لكنه لم يصمد طويلًا، إذ خرقته إسرائيل مرارًا عبر الغارات والإغلاق المتكرر للمعابر، في وقت تنصل فيه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو من الالتزام ببنود الاتفاق ومراحله.