صاحب الظل القصير رواية جديدة للأديب الدكتور محمد عامر المارديني يعالج من خلالها فساد القيم والأخلاق
تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT
دمشق-سانا
صاحب الظل القصير رواية جديدة للأديب الدكتور محمد عامر المارديني تطرح قضايا اجتماعية ويعالج من خلالها فساد القيم والأخلاق والطمع الذي يؤدي إلى فقدان الرحمة والإقدام على السرقة والقتل بأسلوب جمع من خلاله بين الخيال وما التقطه في الواقع بشكل كانت الدلالة أهم مقوماته.
واعتمد الأديب المارديني في روايته على إثارة العواطف والتشويق، من خلال استسلام الابن فريد إلى الخرافة استجابة لصوت أبيه الذي أوقعه في شباك الجريمة دون أن يقصد وينتبه إلى ما حيك ضده من مؤامرة خطيرة.
لقد فقد فريد الوعي فذهب إلى المقبرة استجابة لمحبته لأبيه وطمعاً بالمال الذي ظن أنه إرث من حقه، وبعد ذلك دفع الثمن حياته بأبشع الأساليب التي كانت من أقرب الناس إليه.
اعتمدت الرواية في بداية الأحداث على الخطف خلفاً من خلال موت فريد ومروراً بالأحداث الكثيرة الذي سببها هذا الموت والطمع بالمسروقات وبداية خلافات وانهيار اجتماعي آخر.
وتكشف الرواية الحقد والكره وعدم التربية الصحيحة، من خلال العلاقة السيئة بين هيام وزوجها وكره هيام لديمة زوجة فريد التي كانت أيضاً ضحية كمية الأموال والذهب وهي ليس كما خيل لهم بأنها إرث فهي عملية سرقة مخطط لها.
ارتبطت كل الأحداث بمخطط سعيد الأخ الذي كان وراء كل ما حدث من غدر وخيانات تبلورت في علاقته مع زوجة أخيه، وعلاقته مع هيام زوجة والد ديمة وتخطيطه لتهريب المسروقات الذي كان من مخططه، فتسبب الفساد الأخلاقي والاجتماعي بمقتل أخيه فريد ووقوع كل الإشكالات التي حدثت بعد ذلك.
أحداث كثيرة تحت عناوين لفصول مدهشة مثل تحركات مشبوهة والخوف يعود مجدداً وارتفاع ضغط وعودة هيام والرقم خارج التغطية ليصل من خلال سردها المتحرك فيما خطط له سعيد إلى إدهاش المتلقي وقناعته بالتمسك بالأخلاق والقيم التي سبب الابتعاد عنها سقوط كل أبطال الرواية ووقوعهم ضحية الفساد.
لقد وصل في خاتمة الرواية جميع المتورطين في الفساد إما إلى الموت وفقدان كل شيء أو إلى السجن بشكل أوجد علاقة تبادلية بين الراوي والمتلقي تصل في النتيجة إلى الموهبة المعتمدة على الثقافة والمحبة وعلى الخبرة الطويلة في الحياة.
استطاع المؤلف المارديني أن يخاطب في روايته كل الأجيال باعتدال في الحركة لأشخاص الرواية والتفاعل مع الطروحات الإنسانية والفكرية.
تعتبر رواية صاحب الظل القصير الصادرة عن دار العلم من أهم الروايات وتقع في 143 صفحة من القطع المتوسط جمعت بين الخيال والواقع والتهكم والإقدام على الغلط والتخلي عن القيم، لتصل إلى تحذير الإنسان من التخلي عن كرامته مقابل أي شيء لأن الخسارة لا تقدر.
يذكر أن الأديب الدكتور محمد عامر المارديني يكتب القصة الساخرة والجادة والرواية، وله مؤلفات كثيرة منها حموضة معدة، وشارك في عدد من الفعاليات الثقافية، وشغل العديد من المناصب الإدارية والوزارية، منها وزير للتعليم العالي ووزير للتربية والتعليم.
محمد خالد الخضر
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: من خلال
إقرأ أيضاً:
فى وداع العالم الدكتور محمد المرتضى مصطفى
نقل لى الصديق العزيز الأستاذ سيف الدين عبد الحميد النبأ الحزين جدا عن إنتقال الدكتور محمد المرتضى مصطفى إلى جوار ربه اليوم الأربعاء بمدينة سان ريمون بولاية كاليفورنيا .
رحم الله الأستاذ الدكتور الفاضل ، محمد المرتضى مصطفى وانزله منازل المصطفين المكرمين وجعل البركة فى أبنائه وأحفاده وزوجته الراحلة السيدة منى عز الدين فى برزخها العامر البهى والتى سبقته إلى دار البقاء قبل أربعة أعوام ،وكل أسرته الكبيرة وكل عارفى فضله واحسن عزائهم فيه والزمهم الصبر الجميل ..
الدكتور محمد المرتضى من علماء البلد الأفذاذ والتكنقراط النادرين جدا.. وهو واحد من قلة من السودانيين من ذلك الجيل تلقوا دراساتهم العليا بجامعة هارفارد الأمريكية المرموقة .
شغل منصب وكيل أول وزارة العمل لسنوات إبان حكم الرئيس نميرى وبعض من فترة حكومة الصادق المهدى الذى اقاله بعد أن اختلفا فى التصورات على خطط إصلاحات الخدمة المدنية وقد رأى فيه رئيس الوزراء وقتها نموذجا للتكنقراطي المحترف صعب القياد .
بعد يومين من إقالته تلقى إتصالا من منظمة العمل الدولية بجنيف تطلب منه الحضور إلى مقرها بسويسرا فورا وقامت بتعيننه خبيرا بها ومديرا لمكتبها بإقليم جنوب إفريقيا مقيما فى هرارى عاصمة زيمبابوي وخلال فترة عمله هناك وضع واشرف على خطة إنتقال الخدمة المدنية ونظام العمل فى جنوب إفريقيا من نظام الفصل العنصرى إلى النظام الديمقراطى .وحينما كان يعمل بهرارى لعب دورا مهما فى إلتحاق الدكتور عبد الله حمدوك بالعمل فى اللجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة .
وبعد أن ساءت العلاقة بين نظام الإنقاذ ومصر فى النصف الأول من التسعينيات إثر تورط نظام الإنقاذ فى عملية إغتيال الرئيس المصرى وقتها حسني مبارك ووصلت إلى الحضيض تم نقله من هرارى إلى القاهرة مديرا لمكتب منظمة العمل الدولية لإقليم شمال إفريقيا وليمثل قناة خلفية لتخفيف التوتر فى العلاقة بين البلدين .
ربطتنى بالرجل محبة كبيرة وخالصة لوجه الله منذ أن تعرفت عليه أوائل الألفين فى زياراته لمقر صحيفتنا "الصحافي الدولي" والتى كان تجمعه صداقة برئيس مجلس إدارتها الدكتور محمد محجوب هارون .
كان يفرح جدا بزياراتنا المسائية له معا انا والاخ والزميل العزيز سيف الدين عبد الحميد مترجم الصحيفة او ايا منا بمفرده منذ أن كان بمنزل الأسرة فى الخرطوم (3) ثم بعد إنتقاله إلى منزله الفخيم بحى قاردن سيتى ويكرمنا غاية الكرم .. وكان يهدينى كتبا واشياء اخرى قيمة كلما عاد إلى السودان من اسفاره بالخارج وقبل كل ذلك كان ينفعنا بعلمه الغزير وتجربته وخبرته الثرة الحياتية والعملية فى السودان وخارجه ويصحح بلطف الكثير من المفاهيم والمعلومات الخاطئة عندى حينما يرى جنوحا من أثر فورة وحماس الشباب وقتها ويبقى على جوهرها الإنسانى . كما كان يلهمنى كثير من الأفكار النيرة التى استفدت منها فى اعمالى الصحافية وفى حياتى الخاصة . كان يفعل كل ذلك بتواضع جم ومحبة توصيل الخير إلى الناس .
كان الدكتور مرتضى شاهدا على العصر وعارفا باقدار الرجال فى بلادنا ومحيطها العربى و الافريقى يختزن مئات القصص والحكايات لاشخاص واحداث ومواقف عاصرها او كان جزءا منها او قرأ عنها فى مظان لا تتوفر ببلادنا خاصة تلك التى تكون قد شاعت بسردية معينة ورسخت فهما بعينه فى تاريخنا الحديث او القديم نسبيا وحينما تسمعها منه بوقائعها الدقيقة وحواشيها ومقدماتها تغير لك كل معرفتك عنها .
كان محبا جدا للاستاذ محمود ويرى فيه عالما ومصلحا دينيا كبيرا عاش فى واقع جاهل وحوكم بواسطة قضاة وفقهاء وحكام ليس لديهم من علمه ولا قلامة ظفر .
يدعونى كتيرا عنده حينما يكون عنده ضيوف مهمين عازمهم عشاء او غداء وخاصة فى رمضان ..
التقيت عنده بشخصيات مهمة سودانية وأجنبية خاصة من مصر وإثيوبيا وارتريا ومن ضمن عرفتهم عنده السياسى الارتري حروى تدلا بايرو الذى يقيم فى السويد وكان والده تدلا بايرو من كبار الزعماء السياسيين فى ارتريا .. عرفه دكتور مرتضى بعلاقتى الفكرية بالاستاذ محمود فتحولت جلستنا كلها للحديث عنه حيث أشار لى للعلاقة القوية التى ربطت قادة جبهة التحرير الارترية بالاستاذ محمود وكيف انهم كانوا يتلقون منه الأفكار والنصائح العميقة المضيئة والاكرام حينما كانوا يزورونه بمكتبه فى عمارة إبن عوف بالخرطوم .
وأذكر من ضمن الكتب التى اهدانى اياها د. مرتضى الترجمة العربية لكتاب البروفيسور عبد الله النعيم (نحو تطوير التشريع الاسلامى) الذى ترجمه وقدم له المفكر المصرى الدكتور حسين أحمد أمين وحدثنى مطولا عن المترجم وأسرته فقد كان د. مرتضى عارفا دقيقا بالحياة والثقافة المصرية وتاريخها ونخبها .
من ضمن زملاء د. مرتضى فى مرحلة الدراسة الثانوية بمدرسة خور طقت كان الدكتور فرانسيس دينق وحكى لنا كيف انه ولمكانة والده سلطان دينكا نقوك، دينق مجوك وعلاقته المميزة بناظر المسيرية بابو نمر تم استيعابه بالمدرسة المرموقة بعد أن انتهت فترة القبول وذكر لنا أنه استضافه فى غرفته بداخليات المدرسة لقرابة العام .
عندما يكون الدكتور مرتضى موجودا بالسودان وانقطع منه لأسبوعين يتصل بي ليسأل عن صحتى وأسباب غيابي .
عاش الدكتور مرتضى حياته باستقامة وطنية ومع انه لم يكن منتميا سياسيا لحزب ولكنه كان وطنيا غيورا فحينما كانت تغضبه اقوال وتصريحات مسؤولى نظام الإنقاذ وما أكثرها كان يتصل بى ويطلب منى الحضور إليه ويُملينى مقالا كاملا عالما فى نقد وتصويب مقولات ذلك المسؤول .
وكما كان الرجل متواضعا كان أيضا ضحوكا يطرب للطرفة ويحكى كثيرا من المواقف والأحداث الطريفة ويضحك لها بصوت مجلجل محبب إلى النفس.
استضفناه فى منبر صحيفة "الصحافة" عام 2007 تقريبا فى محاضرة عن جذور فشل الدولة السودانية وقد وجدت الأفكار التى اذاعها أصداء واسعة فى ذلك الوقت ولم ترق المسؤولين فى الدولة وقتها ولا زال يتم تدوير الرصد المنشور فى الصحيفة و الذى قام به الزميل قرشى عوض فى السوشيال ميديا كل حين وآخر وكانما كان الدكتور الراحل يحذرنا ويتنبأ لنا بهذا المآل الحزين الان .
الا رحم الله العالم الدكتور الفاضل ، محمد المرتضى مصطفى برحمة الرحيم وجزاه عنا المقامات العُلى عنده ..
لا حول ولا قوة إلاّ بالله
إنا لله وإنا إليه راجعون
علاء الدين بشير - الشارقة
20 نوفمبر