دمشق-سانا

صاحب الظل القصير رواية جديدة للأديب الدكتور محمد عامر المارديني تطرح قضايا اجتماعية ويعالج من خلالها فساد القيم والأخلاق والطمع الذي يؤدي إلى فقدان الرحمة والإقدام على السرقة والقتل بأسلوب جمع من خلاله بين الخيال وما التقطه في الواقع بشكل كانت الدلالة أهم مقوماته.

واعتمد الأديب المارديني في روايته على إثارة العواطف والتشويق، من خلال استسلام الابن فريد إلى الخرافة استجابة لصوت أبيه الذي أوقعه في شباك الجريمة دون أن يقصد وينتبه إلى ما حيك ضده من مؤامرة خطيرة.

لقد فقد فريد الوعي فذهب إلى المقبرة استجابة لمحبته لأبيه وطمعاً بالمال الذي ظن أنه إرث من حقه، وبعد ذلك دفع الثمن حياته بأبشع الأساليب التي كانت من أقرب الناس إليه.

اعتمدت الرواية في بداية الأحداث على الخطف خلفاً من خلال موت فريد ومروراً بالأحداث الكثيرة الذي سببها هذا الموت والطمع بالمسروقات وبداية خلافات وانهيار اجتماعي آخر.

وتكشف الرواية الحقد والكره وعدم التربية الصحيحة، من خلال العلاقة السيئة بين هيام وزوجها وكره هيام لديمة زوجة فريد التي كانت أيضاً ضحية كمية الأموال والذهب وهي ليس كما خيل لهم بأنها إرث فهي عملية سرقة مخطط لها.

ارتبطت كل الأحداث بمخطط سعيد الأخ الذي كان وراء كل ما حدث من غدر وخيانات تبلورت في علاقته مع زوجة أخيه، وعلاقته مع هيام زوجة والد ديمة وتخطيطه لتهريب المسروقات الذي كان من مخططه، فتسبب الفساد الأخلاقي والاجتماعي بمقتل أخيه فريد ووقوع كل الإشكالات التي حدثت بعد ذلك.

أحداث كثيرة تحت عناوين لفصول مدهشة مثل تحركات مشبوهة والخوف يعود مجدداً وارتفاع ضغط وعودة هيام والرقم خارج التغطية ليصل من خلال سردها المتحرك فيما خطط له سعيد إلى إدهاش المتلقي وقناعته بالتمسك بالأخلاق والقيم التي سبب الابتعاد عنها سقوط كل أبطال الرواية ووقوعهم ضحية الفساد.

لقد وصل في خاتمة الرواية جميع المتورطين في الفساد إما إلى الموت وفقدان كل شيء أو إلى السجن بشكل أوجد علاقة تبادلية بين الراوي والمتلقي تصل في النتيجة إلى الموهبة المعتمدة على الثقافة والمحبة وعلى الخبرة الطويلة في الحياة.

استطاع المؤلف المارديني أن يخاطب في روايته كل الأجيال باعتدال في الحركة لأشخاص الرواية والتفاعل مع الطروحات الإنسانية والفكرية.

تعتبر رواية صاحب الظل القصير الصادرة عن دار العلم من أهم الروايات وتقع في 143 صفحة من القطع المتوسط جمعت بين الخيال والواقع والتهكم والإقدام على الغلط والتخلي عن القيم، لتصل إلى تحذير الإنسان من التخلي عن كرامته مقابل أي شيء لأن الخسارة لا تقدر.

يذكر أن الأديب الدكتور محمد عامر المارديني يكتب القصة الساخرة والجادة والرواية، وله مؤلفات كثيرة منها حموضة معدة، وشارك في عدد من الفعاليات الثقافية، وشغل العديد من المناصب الإدارية والوزارية، منها وزير للتعليم العالي ووزير للتربية والتعليم.

محمد خالد الخضر

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

الظل الروسي في الأزمة بين الجزائر ومالي

عدا عن الأسباب المحلية والعوامل الإقليمية المتداخلة من الصعب تجاهل أن لروسيا دورا في التأزم الذي تشهده علاقات الجزائر مع بعض الدول الإفريقية المحيطة بها وعلى رأسها مالي.

يصعب تخيّل الطغمة العسكرية الحاكمة في مالي «تستأسد» على الجزائر لو لم تكن وراءها قوة دولية تشجعها وتعدُها بالحماية. غالبا هذه القوة هي روسيا. في أسوأ الأحوال روسيا دفعت نحو التأزم، وفي أفضل الأحوال لم تفعل شيئا لمنعه.

كانت مالي جارا مسالما للجزائر طيلة العقود الثلاثة التي أعقبت استقلال البلدين (مالي في 1960 والجزائر في 1962) حتى جعل الرئيس موسى طراوري من التوقف في مطار الجزائر ومقابلة رؤسائها، ولو لدقائق معدودة، سُنة من سُنن رحلاته إلى فرنسا وأوروبا. ناهيك عن الزيارات الرسمية المبرمجة.

في تسعينيات القرن الماضي انشغل كل بلد بهمومه الداخلية فتراجع منسوب الدفء في العلاقات. ثم تحوّل الفتور إلى جفاء رغم إصرار الجزائر على البقاء وسيطا في أزمات مالي الداخلية. آخر مستويات الفتور كان العداء الذي نشهده هذه الأيام. وحادثة المسيّرة المالية التي أسقطها سلاح الجو الجزائري في تينزاواتين من أعراض الأزمة وليست من أسبابها.

هل من الصدفة أن يتحوّل الفتور إلى عداء مع بدء تسلل اليد الروسية إلى القارة الإفريقية بذرائع متعددة أبرزها مساعدة الأنظمة الحاكمة على سحق خصومها المحليين؟ وهل من الصدفة أن يتزامن الفتور بين الجزائر ومالي مع ذوبان التقارب التقليدي الذي كان بين الجزائر وموسكو؟
ليس من السهل الجزم بأن روسيا تتعمد تأزيم العلاقات بين الجزائر وجيرانها الأفارقة، لكن يجوز القول إن الحضور الروسي هناك لا يخدم بالضرورة الأمن القومي الجزائري التساؤلات التي تُطرح الآن في الجزائر عن دور روسيا في مالي وأسرار تخليها عن تحالفها مع الجزائر في غير محلها، لأن الاعتقاد بأن الجزائر وروسيا حليفتان استراتيجيتان، ثم البناء على ذلك، مغالطة من الأساس. الاتحاد السوفييتي ذاته لم يكن حليفا استراتيجيا للجزائر، لم يدعمها بالجرأة المطلوبة حتى أثناء حرب التحرير (1954 ـ 1962) بشهادة كبار قادة الثورة مثل فرحات عباس والأخضر بن طوبال، ولم يعترف بحكومتها المؤقتة إلا بعد سنتين من تشكيلها وبعد أن اعترفت بها عشرات الدول القريبة والبعيدة.

بعد الاستقلال، وبحكم الطبيعة الاجتماعية والاقتصادية لثورتها، ولظروف دولية مساعدة، وجدت الجزائر نفسها في فلك المعسكر الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفييتي، تتزود منه بحاجاتها العسكرية والاقتصادية دون أن يرقى ذلك إلى تحالف استراتيجي. بالنسبة للجزائر كانت موسكو سوقا لائقة للتزود بالسلاح وقطع الغيار العسكرية بشروط ميسَّرة أحيانا، وبالنسبة لموسكو كانت الجزائر زبونا جيدا ولاعبا يعيق، متى ما استطاع، تمدد الغرب الرأسمالي إلى شمال إفريقيا.

كانت الأرضية خصبة شجعت الود بين البلدين، فكان التقارب ذا طابعين، ثنائي ثم ضمن الكتلة الاشتراكية التي كانت تقارع الغرب الرأسمالي الاستعماري.

ورغم كل شيء، ورغم التعاون العسكري الكثيف، لم يبلغ التقارب بين البلدين مستويات استثنائية كأن يشمل مثلا بناء قواعد سوفييتية في الجزائر.

تزامن انهيار الاتحاد السوفييتي في 1991 وانشغال الروس بمشاكلهم الداخلية مع انشغال الجزائر هي الأخرى بأزمتها الداخلية. بعد ذلك اختلفت روسيا عقائديا وبدأت تغيّر طموحاتها، ففقدت العلاقات الثنائية بريقها وأصبحت تعيش على الحنين وبقايا الاعتقاد بأن الدولتين حليفتان تقليديتان. وبينما عملت روسيا على التحرر من ذلك الاعتقاد، حافظت عليه الجزائر وظل خطابها السياسي والإعلامي يكرر، تلميحا وتصريحا، أن روسيا حليف استراتيجي. يجب القول أيضا إنه رغم التراجع، حافظت العلاقات الثنائية على دفئها وخلت من أسباب التوتر.

لكن بحلول العقدين الماضيين تراكمت جملة من العوامل عمّقت المسافة بين البلدين رغم استمرار الحديث في العاصمتين عن شراكة اقتصادية وسياسية قوية. من هذه العوامل حديث الجزائر عن تنويع صادرات سلاحها وتوجهها إلى الولايات المتحدة ودول غربية أخرى من أجل ذلك. تكرار الدبلوماسية الجزائرية أنها ترفض التدخلات الأجنبية في الدول الإفريقية بينما أصبح التدخل ركنا من أركان العلاقات الدولية الجديدة، وبينما كانت روسيا تتمدد في القارة، وفي دول على أبواب الجزائر، عبر شركاتها الأمنية ومرتزقتها وتؤثر في الصراعات الداخلية وفق حساباتها الخاصة. وعندما توغل الجيش الروسي في أوكرانيا امتنعت الجزائر عن دعم موسكو صراحة وفضلت الوقوف على الحياد، لكن نُسب لها إغراء أوروبا بغازها لتعويض الغاز الروسي الذي أُخضع لعقوبات غربية. هذه العوامل وأخرى كرّست الاعتقاد في موسكو بأن الجزائر ليست حليفا موثوقا، وكرّست الاعتقاد في الجزائر بأن عهد الصداقة القوية مع روسيا والوثوق بها قد ولّى.

ليس من السهل الجزم بأن روسيا تتعمد تأزيم العلاقات بين الجزائر وجيرانها الأفارقة، لكن يجوز القول إن الحضور الروسي هناك لا يخدم بالضرورة الأمن القومي الجزائري، وقد يضر به في بعض الحالات. ففي سعيها للتخلص من النفوذ الفرنسي في دول الساحل الإفريقي، عملت روسيا على توجيه قادة هذه الدول إلى التضحية برصيد العلاقات مع دول الجوار وبينها الجزائر.
(القدس العربي)

مقالات مشابهة

  • بين الرواية الرسمية وإنكار الإخوان.. مغردون: ماذا يحدث بالأردن؟
  • الفيلم المصري القصير فوتوجراف يُشارك في مهرجان سينمائي بجنوب إفريقيا
  • الفيلم المصري القصير «فوتوجراف» يُشارك في مهرجان سينمائي بجنوب إفريقيا
  • تامر كرم يكرم سامح بسيوني تقديرًا لعطائه في فرقة مسرح الشباب
  • محمد بن فهد.. موسوعة القيم النبيلة
  • هنو: هدفنا تشكيل وعي مجتمعي متوازن يعكس الهوية الوطنية ويعزز القيم الإيجابية
  • الظل الهادئ في عاصفة السياسة.. فاضل معلة كما لم يُكتب من قبل
  • الظل الروسي في الأزمة بين الجزائر ومالي
  • ألف سلامة عليك.. رانيا فريد شوقي تساند القندوسي بعد إصابته
  • متحدث الحكومة: توفير التمويل للأعمال الدرامية التي تعزز القيم الأسرية والوطنية