أين يذهبون؟.. كيف يؤثر قرار إغلاق المخيمات على سكان سنجار؟
تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT
يجسد الوضع الذي يعشيه المعلم العراقي خالد (52 عاما) في قضاء سنجار بمحافظة نينوى شمالي العراق الوضع المتردي في القضاء، بينما تتجه الحكومة العراقية إلى إغلاق مخيمات كردستان ما يجبر العديد من سكان سنجار على العودة لمناطقهم في غياب الخدمات.
وأكد خالد وناشطون لموقع "الحرة" صعوبة الوضع الأمني في سنجار، حيث يعقد تصارع قوى وميلشيات مسلحة مسألة عودة النازحين الذين أجبروا على ترك بيوتهم قبل نحو 10 سنوات عندما اجتاح تنظيم "داعش" مناطقهم.
واعتبرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن خطط إغلاق مخيمات النازحين في إقليم كردستان بحلول 30 يوليو، وهو الموعد الرسمي الذي أعلنته الحكومة "ستهدد حقوق الكثير من سكان المخيمات، ومن بينهم أهالي منطقة سنجار الشمالية".
وتقول المنظمة إن سنجار لا تزال "غير آمنة وتفتقر إلى الخدمات الاجتماعية اللازمة لضمان الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية لآلاف النازحين الذين قد يضطرون إلى العودة قريبا".
الوضع الأمني وتردي الخدماتعلى الرغم من الحافز المالي، فإن العديد من النازحين داخليا يترددون في العودة إلى ديارهم بسبب استمرار العنف، ويشير خالد، وهو معلم يعمل لدى الحكومة الاتحادية، إلى أن صراعات بين حزب العمال الكردستاني وقوات الجيش والحشد الشعبي تخلق حالة من عدم الاستقرار.
وتحدث الأب لأربعة أبناء في تصريحاته لموقع "الحرة" عن مناوشات تحدث بين حزب العمال والجيش الوطني، وتساءل: "كيف يعود النازحون في مثل هذا الوضع".
ويلخص عيسى سعدو، الناشط الأيزيدي المقيم في ألمانيا المشكلة في "غياب الجوانب الخدمية والمخلفات الحربية وعدم إعادة إعمار المنطقة، وغياب التعويضات بالإضافة إلى المشاكل السياسية".
ويشير سعدو إلى مشاكل في الإدارة المحلية، وعلى سبيل المثال، ليس هناك قائمقام في قضاء سنجار يدير الأمور الإدارية والخدمية في المنطقة، بسبب الصراع بين حكومة وبغداد وحكومة كردستان ممثلة في الحزب الديمقراطي الكردستاني.
وسنجار، وهي منطقة جبلية في شمال غرب العراق، موطن لخليط من السكان الأكراد والعرب، والأيزيديين وهم أقلية إثنية ودينية يتحدثون الكردية.
وفي أغسطس 2014، اجتاح تنظيم "داعش" جبل سنجار وقتل عناصره أعدادا كبيرة من هذه الأقلية واحتجزوا آلافا من النساء الفتيات واتخذوهن سبايا.
وفيما خطف أكثر من 6400 منهم، أُنقذ حوالي نصفهم أو تمكنوا من الفرار، بينما لايزال مصير الآخرين مجهولا.
وبعد ثلاث سنوات من الاجتياح، أعلن العراق عام 2017 الانتصار على التنظيم الذي ترك خلفه أكثر من 200 مقبرة جماعية يرجح أنها تضم حوالي 12 ألف جثة، وفقا للأمم المتحدة.
6 سنوات على مجزرة سنجار.. شهادة ناجية من استعباد داعش للإيزيديين pic.twitter.com/kQtp23hCPF
— قناة الحرة (@alhurranews) August 4, 2020
وتقول هيومن رايتس ووتش إن 80 في المئة من البنية التحتية و70 في المئة من بلدة سنجار، أكبر مدينة في القضاء، دمر خلال النزاع ضد تنظيم "داعش" بين 2014 و2017.
ووفقا للمنظمة الدولية للهجرة، لا يزال حوالي 183 ألف شخص من سنجار نازحين، وهذا يشمل 85 في المئة من السكان الأيزيديين في القضاء.
في الوقت الحالي، تستضيف 65 في المئة من البلدات والمدن في سنجار نصف سكانها الأصليين أو أقل، بينما لم تشهد 13 بلدة أي عودة على الإطلاق منذ 2014.
وبعد نحو 10 سنوات من اجتياح "داعش"، لاتزال سنجار غير آمنة وتفتقر إلى الخدمات. ووفقا لوزارة الداخلية في حكومة إقليم كردستان، تستضيف المخيمات الـ23 المنتشرة في الإقليم حاليا حوالي 157 ألف شخص، كثيرون منهم من سنجار.
وقالت سارة صنبر، الباحثة المتخصصة بالملف العراقي في هيومن رايتس ووتش إن "العديد من السنجاريين يعيشون في المخيمات منذ 2014، ويستحقون العودة إلى ديارهم، لكن هذه العودة يجب أن تكون آمنة وطوعيّة.
ولتشجيع العودة، أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين عن حزمة من المساعدات والحوافز للعائدين، منها مبلغ يُدفع مرة واحدة بقيمة 4 ملايين دينار عراقي (حوالي 3 آلاف دولار) لكل أسرة، وبعض الوظائف الحكومية، وفوائد الضمان الاجتماعي، وقروض للمؤسسات التجارية الصغرى بدون فوائد.
وأعلن المتحدث باسم الوزارة، علي عباس، لوكالة الأنباء العراقية (واع) إن "الدعم سيتوقف عن مخيمات النازحين بعد تاريخ 30 يوليو، حيث سيكون التوجه إلى العائلات العائدة، كما ستتوقف المنحة بعد هذا التاريخ".
وأكدت الحكومة العراقية مجدا، الاثنين، موقفها من إغلاق المخيمات بحلول نهاية يوليو، إذ أشار المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين، علي عباس جهانكير، إلى استمرار عمل وزارته على تجهيز المخيمات بالمساعدات وعدم وجود أي خلل بذلك.
وقال جهانكير في تصريح تابعته "الغد برس"، إن "المساعدات توزع بين الأسر القاطنة في المخيمات بشكل مكثف".
وأضاف أن "إغلاق مخيمات النزوح بموعدها المحدد المقبل يعد من أهم الخطوات التي تنفذها الوزارة بالوقت الحالي".
ووجدت هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته في 2023 أن العوائق الرئيسية أمام عودة السنجاريين هي "تقاعس الحكومة عن تقديم تعويضات عن فقدان ممتلكاتهم وسبل عيشهم، وتأخر إعادة الإعمار، والوضع الأمني غير المستقر، وانعدام العدالة والمحاسبة عن الجرائم والانتهاكات التي ارتُكبت بحقهم.
ومن جانبه، يقول خالد، الذي تحدث مع موقع "الحرة" إن "المخيمات تعاني من الاكتظاظ وهناك جيل جديد نشأ هناك خلال 10 سنوات من النزوح، لكن العودة ليست البديل".
ويشر خالد إلى تردي الخدمات في المنطقة، قائلا إن "عملية الإعمار في القضاء متوقفة تقريبا. بعض العائدين يدخلون أبناءهم مدارس خاصة بهم، وهؤلاء يعملون بوظائف خدمية مساندة للجيش أو الحشد أو حزب العمال الكردستاني".
ويوضح أن الوظائف أو الأعمال التجارية أو الزراعية قليلة جدا.
وفي 2 مايو، قال موظف في مديرية التعليم في نينوى لهيومن رايتس ووتش إنه أعيد بناء أربعة من أصل 24 مدرسة تضررت أو دُمرت أثناء العمليات العسكرية، وستفتح مجددا قريبا، لكنه قال إن 86 مدرسة فقط تعمل الآن من أصل 206 كانت موجودة قبل 2014.
وقال الآباء والأمهات الذين قابلتهم المنظمة إنهم يدفعون 5 آلاف دينار عراقي (حوالي 3.82 دولار) لكل طفل في كل فصل دراسي حتى تتمكن المدارس من انتداب معلمين، في بلد يفرض فيه التعليم العام المجاني.
وقال الموظف: "أخبرت رئيس الوزراء أثناء زيارته الأخيرة أننا بحاجة إلى بناء 100 مدرسة على الأقل في حال عودة المهجرين، لأن هناك 100 مدرسة في المخيمات".
وقال مدير "مستشفى سنجار العام" دلشاد علي لهيومن رايتس ووتش في 4 أبريل إن المستشفى لا يزال متضرّرا ومهجورا، ولا يزال الطاقم الطبي يعمل في موقع كان مخصصا للاستخدام المؤقت.
وتشرف منظمة "سلسة الأمل" غير الحكومية على بناء توسعة تضم 27 سريرا في الموقع المؤقت "لمنحنا مزيدا من القدرة، وقد انتهت من ذلك تقريبا. لكن ذلك ليس كافيا، خاصة إذا عاد مزيد من الناس".
وفي تصريحات لموقع "الحرة"، أكدت النائبة الأيزيدية السابقة في البرلمان العراقي، خالدة خليل، إنه "لا يوجد أي شخص لا يريد العودة إلى وطنه، لكن أين يهذب هؤلاء؟ إلى ملاجئ مثلا؟".
وتشير النائبة السابقة إلى أن الجهات المسلحة مثل حزب العمال الكردستاني والفصائل الخارجة عن القانون التي لا تعمل بأمر القائد العام للقوات المسلحة تعيق عملية الإعمار.
وتتهم خليل الحكومة بعدم الجدية في تطبيق اتفاقية سنجار التي تنص على إخراج الجهات المسلحة وإعمار سنجار وعودة النازحين طوعيا.
وأعلنت الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان العراق، في 2020، توصلهما لاتفاق حول إدارة مدينة سنجار، وصفه الطرفان بـ"التاريخي،" وذلك بعد سنوات من الخلاف الذي حال دون عودة عشرات آلاف النازحين.
واتفق الجانبان حينها على إدارة سنجار من النواحي الإدارية والأمنية والخدمية بشكل مشترك، وعلى أن توكل مهمة الترتيبات الأمنية للشرطة الاتحادية بالتعاون مع إقليم كردستان، وإدارة الخدمات أيضا بالتعاون بين الطرفين.
وصفه الطرفان بـ"التاريخي".. أبرز بنود اتفاق بغداد وأربيل حول سنجار توصلت بغداد وأربيل، الجمعة، إلى اتفاق حول سنجار وصفه الطرفان بالتاريخي ويمكنهما من إدارة شؤون المنطقة إداريا وأمنيا وخدميا، بشكل مشترك، وذلك بعد سنوات من الخلاف الذي حال دون عودة عشرات آلاف النازحين الى ديارهم بعد ما شردوا منها من قبل داعش.وتؤكد النائبة السابقة لموقع "الحرة" أنه لا يجب إجبار النازحين على العودة: "القوانين الدولية لا تسمح بإجبار أي أحد على العودة. هذه العودة يجب أن تكون طوعية. يجب أن يكون الإنسان حرا في اختيار المكان الذي يعيش فيه".
وتشير الباحثة المختصة بشؤون الأقليات، سانتا عيسى، أيضا في تصريحات لموقع "الحرة" أن سبب المشاكل التي تعاني منها سنجار هي "صراع القوى المسيطرة" خاصة قوى الحشد الشعبي وقوى البيشمركة، وهذا الصراع موجود حتى من قبل ظهور "داعش".
وتتساءل الباحثة المقيمة في أوروبا والتي عملت مع مراكز اللجوء ولديها علاقات وثيقة بأفراد الأقلية الأيزيدية: "أين يهذب العائدون؟ هذا الوضع يدفعهم للهجرة للخارج وهذا أيضا أمر غير متاح. لذلك لا توجد لديهم خيارات".
وتقول عيسى إن "المشاريع في العراق تتأخر بسب صراعات القوى. توجد مشاريع نظريا لكن فعليا لا تنفذ".
ويعتبر الناشط سعدو أن هناك انخفاضا في العنف بعد مجيء الحشد الشعبي مع وجود الشرطة الاتحادية والمحلية، منذ سبع سنوات، ويؤكد أن المشكلة الأساسة تتمثل في الصراعات السياسية ونقص الخدمات.
واتفق المراقبون الذين تحدث معهم موقع "الحرة" على مخاوف من عودة تنظيم "داعش" إلى هذه المناطق مرة أخرى.
ويشير سعدو بشكل خاص إلى مخاوفه من عودة العائلات من مخيم الهول، وأغلبهم يسكنون في محافظة نينوى والمناطق القريبة من سنجار، وهو ما قد يسبب مشاكل أمنية في المنطقة.
وتخشى عيسى أيضا من عودة عناصر "داعش" مرة أخرى، وتشير إلى أن المخيمات باتت بؤرة للتشدد بالفعل.
ويقول سعدو إن الحكومة لم تتخذ خطوات واضحة وجدية تجاه معاقبة عناصر "داعش"، ويعتقد أن المحاكمات التي تجريها غير كافية ودون مستوى الطموح وهناك إفلات من العقاب. وينتقد النشاط قانون العفو العام الذي يرى أنه سمح بإطلاق سراح متشددين وعودتهم إلى أحضان "داعش"
وتخشى عيسى من عدم تقبل المجتمع الأيزيدي أيضا للنساء المغتصبات حال جميع المجتعمات الشرقية التي تنظر إلى المغتصبات بدونية، وتقول إنه يتم اشتراط عودتهن بتخليهن عن أبنائهم من مسلحي داعش، لكن عيسى ينفي ذلك، ويقول إن المغتصبات يتم استقبالهن بكل ترحاب.
واتفق الناشطون الذين تحدث معهم موقع "الحرة" على أن الأيزديين لم يحصلوا على التعويضات المناسبة.
ووجد تقرير هيومن رايتس ووتش أنه لا يوجد أحد من سكان سنجار حصل على تعويض مالي على خسارة ممتلكاته وسُبل عيشه كما ينص على ذلك "القانون رقم 20 لعام 2009".
وتشير على أنه تمت الموافقة على 3500 طلب في انتظار السداد من قبل "الدائرة المالية في نينوى".
وبحلول فبراير 2024، ارتفع عدد الطلبات المكتملة إلى 8300، دون أن يحصل أي شخص على أي مدفوعات، وفق ما قال لـهيومن رايتس ووتش القاضي عمار محمد، وهو رئيس لجنة التعويضات في تلعفر، التي تشرف على اللجنة الفرعية للتعويضات في سنجار.
وعلى مدى الأشهر الماضية، قال العديد من المسؤولين الحكوميين لهيومن رايتس ووتش إنه سيتم قريبا الإفراج عن الأموال المخصصة لدفع تعويضات السنجاريين.
وأكّد أحدهم أن ذلك سيتم "في أقرب وقت الأسبوع المقبل"، وأن الانطلاق في مشاريع إعادة الإعمار وشيك، ولكن بعد مرور سنة، لم يحصل تقدم كبير.
وقال مسؤولان حكوميان لـهيومن رايتس ووتش إن التأخير في صرف التعويضات كان ناتجا عن "مشاكل في الميزانية" حالت دون دفع الأموال المخصصة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: هیومن رایتس ووتش إن إقلیم کردستان فی المئة من حزب العمال فی القضاء العدید من سنوات من
إقرأ أيضاً:
تخوفات من خطر العودة.. داعش يتربص في الصحراء السورية ويسعى للحشد وشن الهجمات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بعد نحو ١٤ عامًا من الصراع المنهك، سقطت حكومة الأسد فى أقل من أسبوعين. وقد جلب الانهيار المفاجئ للنظام شعورًا بالخوف يتزايد فى شمال شرق سوريا، حيث كان تنظيم داعش، يسيطر ذات يوم على مساحات شاسعة من الأراضي.
وفى حين فقدت الجماعة كل ما كانت تسميه ذات يوم خلافتها تقريبًا، فإن تهديدها لم يتبدد. بل على العكس من ذلك، نفذ تنظيم داعش ما يقرب من ٧٠٠ هجوم فى سوريا منذ يناير وفقا لحسابات تشارلز ليستر، مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب فى معهد الشرق الأوسط، مما يضعه على مسار مضاعفة معدل العام الماضى إلى ثلاثة أمثاله.
كما ارتفعت تعقيدات وقوة هجمات داعش هذا العام، فضلًا عن انتشارها الجغرافي. وبالإضافة إلى حملة داعش التى استمرت شهورًا من الهجمات على صناعة النفط فى سوريا، عادت شبكة الابتزاز سيئة السمعة التى أنشأها التنظيم أيضًا، مما منحه تمويلًا متجددًا ويشير إلى مستوى من الاستخبارات المحلية يدعو إلى القلق.
٩٠٠ جندي أمريكيلقد أنفقت الولايات المتحدة ما يقرب من عقد من الزمان فى مكافحة تنظيم داعش فى سوريا والعراق المجاور، مع وجود ٩٠٠ جندى أمريكى متمركزين فى سوريا يركزون على هذه المهمة. وفى هذه اللحظة الحرجة فى تاريخ سوريا، هناك حاجة إلى خطوات عاجلة لضمان عدم ضياع التقدم.
إن مكافحة تنظيم داعش ليست بالأمر السهل، وهى تتطلب مجموعة معقدة من الاستجابات المترابطة، وليس مجرد العمل العسكري. ففى نهاية المطاف، كان تنظيم داعش دائمًا أحد أعراض الفوضى التى أحدثتها الحرب الأهلية فى سوريا وليس سببًا لها. وهو يعتمد على عدم الاستقرار والمعاناة الإنسانية والمظالم المحلية لتغذية روايته، ودفع عمليات التجنيد وتبرير أفعاله. ولمنع تنظيم داعش من ملء الفراغات التى خلفها سقوط الرئيس بشار الأسد، يتعين على الولايات المتحدة وحلفائها استخدام كل أداة متاحة لمحاربة عودته.
لقد تخلت قوات نظام الأسد، التى كانت تحاول صد رغبة تنظيم داعش فى التوسع، عن مواقعها فى جميع أنحاء وسط سوريا. وقد سعى مسلحو ما يسمى بالمعارضة السورية بالفعل إلى ملء بعض هذه المساحة، لكن أعدادهم ضئيلة وقدرتهم على تنسيق حملة صحراوية معقدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية محدودة فى أفضل الأحوال.
رد فعل أمريكيجاء أول رد فعل أمريكي على هذا الفراغ المفاجئ يوم الأحد الماضي، عندما ضربت الطائرات الأمريكية أكثر من ٧٥ هدفًا لداعش فى جميع أنحاء وسط سوريا. وسوف يحتاج الجيش الأمريكى إلى البقاء يقظًا فى الأسابيع المقبلة، وعلى استعداد لضرب داعش حيث يسعى إلى حشد الموارد أو إعادة التجمع أو شن الهجمات.
لا يزال جزء كبير من سوريا عبارة عن تشابك من الميليشيات الفصائلية، ولكل منها مجموعة خاصة من الدوافع. على مدى السنوات الثمانى الماضية، دخلت الولايات المتحدة فى شراكة مع قوات سوريا الديمقراطية، وهو تحالف بقيادة الأكراد مهد الطريق لسقوط تنظيم داعش فى الرقة فى عام ٢٠١٧.
تواجه قوات سوريا الديمقراطية الآن لحظة وجودية محتملة. لقد استولى الجيش الوطنى السوري، وهو مجموعة ميليشيا منافسة مدعومة من تركيا، على بلدات استراتيجية من قوات سوريا الديمقراطية، وقد يكون الآن فى مرمى بصره مدينة كوبانى الكردية الرمزية. تم التوصل إلى وقف إطلاق النار بوساطة الولايات المتحدة بين هذين الفصيلين المتحاربين منذ أسبوع، لكنه هش.
اعتبارًا من يوم الجمعة الماضى، تظهر سيطرة قوات سوريا الديمقراطية الهشة على أراضيها علامات التعثر. انحدرت الاحتجاجات ضد قوات سوريا الديمقراطية فى الرقة ودير الزور إلى العنف والفوضى، مع تقارير عن إطلاق قوات سوريا الديمقراطية النار على المدنيين.
تعاون مهم للغايةيجب على الولايات المتحدة أن تتعاون بشكل مكثف مع قوات سوريا الديمقراطية لتثبيط التصعيد. سيتطلب هذا مراقبة عسكرية والمزيد من الدبلوماسية. كانت زيارة وزير الخارجية أنتونى بلينكن إلى أنقرة قبل بضعة أيام خطوة مهمة، ذلك أن تركيا تحمل العديد من المفاتيح فى هذا الصراع.
هذا الوضع - على الرغم من أنه مثير للقلق - يقدم أيضًا فرصًا جديدة للولايات المتحدة فى حربها ضد تنظيم داعش. لقد كانت القبائل والميليشيات العربية فى دير الزور تقاتل تنظيم داعش منذ عقد من الزمان، حيث إن جذورها تكمن فى المعارضة المسلحة المناهضة للأسد فى سوريا. وعلى افتراض أن الولايات المتحدة لن ترغب فى نشر قوات إضافية فى سوريا، فقد يكون هناك مجال للتعاون وشراكات جديدة.
فى خضم كل هذا التغيير وعدم اليقين تكمن أزمة المعتقلين فى شمال شرق سوريا، حيث يقبع عشرات الآلاف من سجناء داعش الذكور والنساء والأطفال المرتبطين بهم فى مرافق الاحتجاز التى تديرها قوات سوريا الديمقراطية.
يجب إعادة هؤلاء المعتقلين إلى مواطنهم الأصلية، ومحاكمتهم عند الاقتضاء على الجرائم التى ارتكبوها أثناء ارتباطهم بتنظيم الدولة الإسلامية. لكن العديد من الأطفال فى المخيمات يستحقون فرصة لحياة جديدة.
قد يفتح سقوط النظام مسارات جديدة لإعادة الأجانب المحتجزين فى هذه المخيمات أيضًا. لقد قام الأسد بتطبيع العلاقات مع العديد من البلدان فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهى البلدان التى ينتمى إليها جزء كبير من المعتقلين فى سجون ومخيمات قوات سوريا الديمقراطية.
إن تنظيم العودة بين جهة فاعلة غير حكومية لا يعترف بها الأسد وهذه الدول كان مستحيلًا أثناء بقائه فى السلطة. وحاليًا، يمكن تعزيز الجهود التى بذلتها وزارة الخارجية الأمريكية لسنوات لدفع أجندة الإعادة إلى الوطن.
فى نهاية المطاف، لا يوجد حل سريع لمشكلة داعش. ولكن إذا لم يتم اتخاذ بعض هذه الخطوات على الأقل، فقد يتفكك حلفاء أمريكا فى سوريا فى نهاية المطاف بسبب الانقسام الداخلى والهجمات الخارجية، مما يجبر الولايات المتحدة على الانسحاب العسكرى المتسرع. ومع عودة داعش إلى الظهور بالفعل واستعدادها لتلقى دفعة كبيرة، فإن رحيل الولايات المتحدة سيكون كارثيًا.
تأتى هذه التطورات الخطيرة لمستقبل سوريا فى لحظة قد تتغير فيها السياسة الخارجية الأمريكية فى المنطقة بين عشية وضحاها. لقد صرح الرئيس المنتخب دونالد ترامب بالفعل بأن الولايات المتحدة يجب ألا يكون لها "أى علاقة" بمستقبل سوريا. ولكن عدم القيام بأى شيء من شأنه أن يعطى الدولة الإسلامية فرصة للظهور مرة أخرى.