كيف ستنفق واشنطن 26 مليارا على تل أبيب؟
تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT
سرايا - بعد تجاذبات حزبية دامت لأشهر، أفرج الكونجرس الأميركي عن حزمة مساعدات تاريخية تتجاوز قيمتها 95 مليار دولار لحلفاء واشنطن على رأسهم أوكرانيا وإسرائيل، تحصل بموجبها الأخيرة على نحو 26 مليار دولار.
وفي الشق المتعلق بإسرائيل، كما أوكرانيا، فإن نسبة كبيرة من المبالغ المقدمة، ستجد طريقها مرة أخرى داخل عجلة الاقتصاد الأميركي، عبر العقود والصفقات التي ستستفيد منها شركات صناعة الأسلحة الأميركية ووزارة الدفاع الأميركية.
لكن كيف تتوزع المساعدات التي حصلت عليها تل أبيب من حليفتها واشنطن؟ وهل يعني إقرار الحزمة أن إسرائيل ستحصل على قيمة هذه الحزمة دفعة واحدة لتتصرف بها كما تراه مناسباً؟
مساعدات غير مباشرة بـ4.4 مليار دولار
سيذهب هذا المبلغ، بموجب القانون، إلى حسابات وزارة الدفاع الأميركية لإنفاقها على تجديد مخزون إسرائيل من الأسلحة، عبر شراء أسلحة أميركية جديدة وإرسالها إلى إسرائيل، وشراء قطع غيار وصيانة المعدات العسكرية الإسرائيلية.
وستستخدم هذه الأموال كذلك من قبل وزارة الدفاع لتغطية نفقات البنتاجون المتعلقة بالخدمات الدفاعية التي تقدمها لإسرائيل، مثل تدريب الجيش الإسرائيلي.
ويسمح القانون كذلك لوزارة الدفاع الأميركية باستخدام هذه الأموال لدفع نفقات خدمات التدريب التي تقدمها دول أخرى إلى إسرائيل، بناءً على طلب الولايات المتحدة.
هل هي مساعدات عينية أم نقدية؟
هذه المساعدات مالية وليست مباشرة لإسرائيل، بل هي تمويل لوزارة الدفاع لتعزيز القدرات الدفاعية لإسرائيل بطرق مختلفة، لكن يمكن اعتبار جزء منها على أنه مساعدات نقدية غير مباشرة، لأنها تغطي نفقات التدريبات العسكرية، التي من المفترض أن تتحمل نفقاتها الحكومة الإسرائيلية، ما يسمح للحكومة الإسرائيلية بتحويل تلك الأموال لتغطية نفقات أخرى.
وستظل هذه الأموال متاحة للاستخدام من قبل وزارة الدفاع حتى 30 سبتمبر 2025، ما يمنح البنتاجون بعض المرونة في إنفاقها حسب تطورات الوضع.
توصيات بتجديد الذخائر
بحسب المعلومات، التي حصلت عليها "الشرق" من موظفين في الكونجرس، فإن كيفية إنفاق هذه الأموال (نوعية العتاد الذي ستشتريه وحجم الإنفاق على التدريب العسكري) يرجع للبنتاجون. لكن حسب توصيات البيت الأبيض التي بُني عليها هذا التشريع في الكونجرس، فإن الجزء الأكبر من هذه الأموال ستنفق على تجديد مخزون إسرائيل من الذخائر دقيقة التوجيه.
ومن أبرزها، الذخائر الموجهة بدقة (PGMs)، ذخائر الهجوم المباشر (JDAMs) والقنابل ذات القطر الصغير (SDBs)، ذلك أن المخزون الإسرائيلي من هذه الذخائر تضاءل بسبب عملياتها المكثفة في غزة.
وتنتج الولايات المتحدة هذه الذخائر وستستخدم هذه الأموال لشرائها من الولايات المتحدة، ونقلها إلى إسرائيل.
أما فيما يتعلق بالصيانة وقطع الغيار، فالأمر يتعلق أساساً بمخصصات لشراء قطع غيار وصيانة الأسلحة الأميركية التي تستخدمها إسرائيل، وأبرزها طائرات F-16 وF-35 ومروحيات "بلاك هوك" و"أباتشي" التي استخدمتها إسرائيل بشكل مكثف في حرب غزة، وتحتاج إلى صيانة.
مساعدات عينية بـ801 مليون دولار
سيذهب هذا المبلغ (801 مليون و400 ألف دولار تحديداً)، إلى حسابات وزارة الدفاع الأميركية لإنفاقها على تحسين القاعدة الصناعية لإنتاج الذخائر، بهدف تسريع وتيرة تسليم الذخائر لإسرائيل.
ولا يعتبر هذا الجزء من الحزمة مساعدات مباشرة لإسرائيل، إذ سيتم تحويل المبلغ إلى وزارة الدفاع لإنفاقه على تحسين القاعدة الصناعية لإنتاج الذخائر في الولايات المتحدة.
مساعدات نقدية مباشرة بـ5.2 مليار دولار
سيحول هذا المبلغ إلى حسابات وزارة الدفاع الإسرائيلية، التي ستحولها بدورها كمساعدات نقدية مباشرة إلى الحكومة الإسرائيلية، بهدف إنفاقها على تطوير منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية.
وهي مساعدات نقدية ستحول إلى حكومة إسرائيل لإنفاقها على الأهداف المحددة في القانون.
وستنفق إسرائيل 4 مليارات دولار على شراء مزيد من بطاريات وصواريخ اعتراضية إضافية للقبة الحديدية ومقلاع داوود. وستنفق 1.2 مليار دولار أخرى لتغطية نفقات البحث والتطوير والاختبارات لنظام "الشعاع الحديدي"، الذي يعمل بتقنية الليزر.
الشركات المستفيدة
الشركتان اللتان ستستفيدان من هذا التمويل هي الإسرائيلية "رافائيل" لأنظمة الدفاع المتقدمة والأميركية "رايثيون تكنولوجيز كورب". وتنتج الشركتان بشكل مشترك البطاريات والصواريخ الاعتراضية لكل من القبة الحديدية ومقلاع داوود.
أما التمويل الثاني المتعلق بمشروع "الشعاع الحديدي"، فستستفيد منه كل من "رافائيل" و"لوكهيد مارتين"، اللتان تشتغلان بشكل مشترك على المشروع.
مساعدات نقدية لشراء أسلحة أميركية بـ3.5 مليار دولار
ستحول هذه الأموال إلى إسرائيل عبر برنامج التمويل العسكري الأجنبي من أجل اقتناء أسلحة متقدمة.
ويلزم هذا البرنامج الدول المستفيدة منه بإنفاق تلك الأموال على شراء الأسلحة من الولايات المتحدة، لكن إسرائيل كانت دائماً الدولة الوحيدة، التي تتوفر على امتياز يتيح لها استخدام جزء من الأموال التي تتلقاها عبر هذا البرنامج، لشراء أسلحة تصنعها شركات إسرائيلية.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "الشرق"، فإن التوصيات التي بُني عليها التشريع تضمنت إنفاق هذه المساعدات لتقديم طلبية شراء طائرات أميركية من طرازي F-35 وF-15.
ويتماشى هذا مع التقارير التي أفادت بأن وزير الدفاع الإسرائيلي حين زار واشنطن في مارس الماضي، قدم قائمة بالأسلحة التي تريدها إسرائيل، وضمنها مقاتلات F-35 وF-15.
تمويل أنشطة "سنتكوم": 2.44 مليار دولار
هذه المساعدات ليست مالية أو عينية لإسرائيل، بل هي أموال مخصصة لتمويل أنشطة القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط. وستعتمد التفاصيل المحددة لكيفية استخدام الأموال على خطة وزارة الدفاع والقرارات التي يتخذها الجيش الأميركي.
وستنفق هذه الأموال أساساً على العمليات العسكرية في المنطقة وعمليات الانتشار وكذلك التدريبات العسكرية التي قد تٌجريها القيادة المركزية، بالإضافة إلى تغطية نفقات التشغيل والصيانة.
منح أمنية داخل الولايات المتحدة: 390 مليون دولار
ستحول هذه الأموال لحسابات وزارة الأمن الداخلي الأميركية، التي ستوزعها كمنح عبر برنامج "المنح الأمنية غير الربحية"، على منظمات غير ربحية داخل الولايات المتحدة لتأمين المنشآت والأنشطة التي قد تكون معرضة لهجمات إرهابية أو مخاطر أمنية بسبب الوضع في إسرائيل، من قبيل دور العبادة اليهودية في الولايات المتحدة.
تمويل للخارجية الأميركية: 204 ملايين دولار
وستحول هذه الأموال لحسابات وزارة الخارجية الأميركية من أجل تمويل البرامج الدبلوماسية والخدمات القنصلية لحماية المصالح الأميركية، المتعلقة بالوضع في إسرائيل.
مساعدات إنسانية بقيمة 9.5 مليار دولار
تخصص هذه المبالغ لتمويل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) والوكالات الأخرى لمختلف البرامج الإغاثية الدولية، وتتضمن الآتي:
3 ملايين دولار، تمويل إضافي لمكتب لمفتش العام للوكالة الأميركية للتنمية الدولية.
5.655 مليار دولار ستصرف على مساعدات إغاثية دولية، بما في ذلك الغذاء والمأوى.
3.495 مليار دولار ستنفقها وزارة الخارجية كمساعدات في مجال الهجرة واللاجئين.
75 مليون دولار ستحول إلى حسابات وزارة الخارجية لإنفاقها على الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والاتجار بالمخدرات في الشرق الأوسط.
10 ملايين دولار ستحول لوزارة الخارجية من أجل تغطية مساهمات الولايات المتحدة في قوات حفظ السلام متعددة الجنسيات في سيناء.
وبالنسبة للمساعدات الإنسانية، فإن القانون يلزم وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية باقتناء كل المساعدات من السوق الأميركية واستخدام شركات أميركية في النقل والتوزيع.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: وزارة الدفاع الأمیرکیة الولایات المتحدة إلى حسابات وزارة وزارة الخارجیة مساعدات نقدیة ملیار دولار هذه الأموال إلى إسرائیل
إقرأ أيضاً:
لماذا أصبحت غوغل شركة احتكارية تواجه غضب الحكومة الأميركية؟
تواجه الشركات التقنية عديدا من الدعاوى القضائية بشكل مستمر، سواء كانت من الهيئات التنظيمية والحكومات أو حتى الأفراد والشركات الأخرى، وربما لا توجد قضية أهم من تلك التي تواجه فيها "غوغل" وزارة العدل الأميركية في تهمة احتكار قطاع محركات البحث والإعلانات الخاصة به.
ورغم أن الحكم في القضية كان في أغسطس/آب من العام الماضي، فإن تبعات هذه القضية ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا، خاصة مع تغير الحكومة الأميركية وتولي حكومة دونالد ترامب مقاليد الأمور، وهو الأمر الذي أعطى غوغل بصيصا من الأمل أن تغير حكومة ترامب قرار حكومة بايدن، وهو ما لم يحدث.
تفكيك غوغل هو القرار النهائيقدمت وزارة العدل الأميركية طلبا واضحا لإدارة غوغل في السابع من مارس/آذار الجاري، وفيه تطلب من عملاق الإنترنت بيع متصفح "كروم" الشهير الذي يعد أحد أشهر منتجات الشركة إلى طرف خارجي توافق عليه وزارة العدل.
لم يقتصر القرار على بيع متصفح "غوغل كروم" فقط، بل تضمن إشارة واضحة إلى أن عملية البيع يجب أن تتضمن أي متعلقات وملحقات أو خدمات إضافية لضمان نجاح المتصفح تحت إدارة المالك الجديد، كما أن غوغل مجبرة بإرسال تنبيه رسمي لأي شريك يتعاون معها بخصوص متصفح "كروم" أو شركة تستثمر فيها.
إعلانتضمن طلب الوزارة أيضا أن تتوقف غوغل عن الدفع نهائيا إلى أي شركة أو مصنع هواتف محمولة ليكون محرك بحث غوغل هو المحرك الرسمي والافتراضي في الخدمات المستقبلية والأجهزة المستقبلية، تاركا المجال للشركات في الاختيار بين محركات البحث المختلفة المتاحة.
لحسن الحظ، تراجعت وزارة العدل عن قرارها فيما يتعلق باستثمارات غوغل المستقبلية في تقنيات الذكاء الاصطناعي، فبينما كانت هذه الاستثمارات جزءا من قرار الوزارة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ورغم أن الشركة ليست مجبرة على تنويع استثماراتها في الذكاء الاصطناعي، فإنها تحتاج لتنبيه وزارة العدل بشأن الاستثمارات المستقبلية لها في قطاع الذكاء الاصطناعي.
لماذا قررت المحكمة أن غوغل شركة احتكارية؟في عام 2023، بدأت قضية العصر التي وضعت غوغل على منصة المتهمين، لكونها شركة احتكارية تحتكر قطاع محركات البحث وتمنع أي منافس صغير الحجم من الدخول بها، ثم في 2024، وجدت المحكمة عبر قرار أميت ميهتا قاضي المحكمة الجزئية المختصة بالقضية في مقاطعة كولومبيا أن الشركة احتكارية من الدرجة الأولى وتحظى بسطوة احتكارية على قطاع محركات البحث تمنع الشركات من منافستها.
استند مهيتا في قراره إلى أكثر من جزء، الأول وهو العقود التي توقعها غوغل مع مطوري محركات البحث، فضلا عن صناع الهواتف الذكية والحواسيب بشكل عام حتى يصبح محرك بحث غوغل هو المحرك الافتراضي في هذه المنافذ، ورغم أن جزءا من قيمة التعاقد يكون مقدما، فإن غالبية القيمة تأتي على شكل مشاركة للأرباح بين غوغل وهؤلاء المطورين، إذ ترسل لهم الشركة جزءا من عائد الإعلانات.
وحسب بيان مهيتا، فإن 70% من إجمالي عمليات البحث في الولايات المتحدة تتم في غوغل عبر أجهزة ومنتجات شركائها، الذين تعاونت معهم الشركة في عقود الاحتكار، وعبر السيطرة على 70% من إجمالي عمليات البحث العالمية، تتحكم غوغل بمفردها في عملية عرض الإعلانات داخل محرك البحث الخاص بها وسياسة التسعير وتحصل على العائد الكامل من عرض هذه الإعلانات التي يشاهدها المستخدمون الذين تم إجبارهم على استخدام محرك بحث غوغل، وأضاف مهيتا أن متصفح "كروم" هو جزء المشكلة كونه أحد أكثر المتصفحات استخداما في العالم.
إعلانبالطبع، واجهت غوغل هذه الاتهامات بشكل شرس في محاولة لتبرئة نفسها، كما قدمت حلولا إضافية لوزارة العدل والمحكمة للهروب من الحكم وتبعاته، وتضمنت هذه الحلول أن تجبر شركائها على إضافة محركات بحث إضافية في منتجاتهم وليس فقط غوغل، وذلك دون تفكيك منتجات الشركة.
الطلب الذي قدمته وزارة العدل الأميركية يفتح مجددا النقاش في الخطوة القادمة أمام غوغل، فبينما كان قرار المحكمة في أغسطس/آب الماضي واضحا بما فيه الكفاية، إلا أن قرار وزارة العدل يشهد تراجعا عن طلباتها السابقة.
ورغم كون الطلب الجديد أقل صرامة من طلب وزارة العدل في حكومة بايدن، فإنه يترك المجال أمام غوغل من أجل الاعتراض عليه والعودة إلى القضاء من أجل التفاوض في هذا الطلب، وذلك حسب تصريحات كينت ووكر، رئيس الشؤون العالمية ومدير الشؤون القانونية في غوغل.
وحسب تصريح بول سوانسون المختص في قضايا الشركات التقنية وشريك في التقاضي في شركة "هولاند آند هارت" ( Holland & Hart) في دنفر، كولورادو، فإن موقف الحكومة الأميركية قد يكون جزءا من خطة تضمن عرض أقصى القرارات كموقف افتتاحي يتيح المجال أمام غوغل من أجل تخفيض العقوبة أو تخفيفها.
هل تؤثر علاقة ترامب وغوغل في القرار؟تحظى غوغل في الوقت الحالي بعلاقة جيدة مع حكومة ترامب فضلا عن ترامب نفسه، فقد كانت الشركة واحدة من المساهمين في حفل التتويج بتبرع وصلت قيمته إلى مليون دولار، كما أنها قامت بتغيير اسم خليج المكسيك إرضاء لمتطلبات ترامب في الشهور الأولى من فترته الرئاسية.
وحسبما نشرته صحيفة نيويورك بوست، فإن بعض المسؤولين في شركة "ألفابيت" المالكة لمحرك بحث غوغل التقوا مع مسؤولين من وزارة العدل الأميركية في محاولة منهم لتخفيف قرارات الوزارة والحفاظ على أعمال الشركة دون تفكيك، وتجدر الإشارة إلى أن هذا اللقاء عقد في الخامس من مارس/آذار الجاري، أي قبل تقديم وزارة العدل طلبها الجديد.
إعلانمن المنطقي أن تحاول إدارة ترامب تخفيف العقوبة على غوغل ومراعاة أعمالها، كون التوجه الأكبر للإدارة يتمثل في تعزيز مكانة الشركات الأميركية وحماية استثماراتها، فضلا عن العلاقة الجيدة التي يحظى بها ترامب مع عمالقة وادي السيليكون، ولكن وحدها الأيام هي التي تحمل النتيجة النهائية لقرارات وزارة العدل وغوغل.