يمانيون – متابعات
في ذروة الهجمة الأمريكية الصهيونية التي تستهدف الأمة وشعوب العالم العربي والإسلامي بذريعة مكافحة الإرهاب، خاصة بعد أحداث الـ 11 من سبتمبر 2001م، وُلد المشروع القرآني للشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي وانطلقت الصرخة في وجه المستكبرين.

في الرابع من شهر ذي القعدة 1422هـ، أعلن الشهيد القائد الصرخة في وجه المستكبرين وهتاف البراءة، ليكون شعاراً للمشروع القرآني في التصدي للهجمة الأمريكية الصهيونية على الأمة الإسلامية، مضافاً إليها التثقيف القرآني والمقاطعة للبضائع الأمريكية الإسرائيلية.

الهجمة الأمريكية التي تحركت بتحالفات واسعة ودول وأنظمة متعددة، وفي إطار التدريب والتخطيط للوبي اليهودي الصهيوني، كانت شاملة وفي مختلف المجالات ضمن مخطط، هدفه إحكام السيطرة التامة والمباشرة على الأمة “بشرياً، وموقعها الجغرافي، ونهب ثرواتها”، نتيجتها خسارة الأمة حريتها وكرامتها واستقلالها وخيراتها وتحولها إلى مغنم لقوى الهيمنة والطغيان والشر الأمريكي الصهيوني.

آنذاك كان الموقف الرسمي لمعظم الحكومات والأنظمة وزعمائها لا يشكل حماية للشعوب، فالحكومات إما متواطئة وانضمت وتحالفت مع الأعداء بذريعة الحرب على الإرهاب، أو ضعيفة لا تستطيع بمفردها التصدي للهجمة الأمريكية الصهيونية والوقوف في وجهها.

وفي خضم تلك الأحداث المتوالية، تحرك الشهيد القائد بدافع إيماني بلا إمكانات وفي بيئة مستضعفة غير مستند لقدرات عسكرية ولا مادية ولا مؤسسات يمكنها أن تمثل رافعة للمشروع القرآني، لكنه استعان بالله وتوكل عليه عز وجل، ببصيرة ووعي وثقة بنصره تعالى، في ظل ما ساد الساحة العربية والإسلامية من ركود وجمود ويأس وهزيمة نفسية واستسلام وصمت والتوجه نحو استرضاء الأعداء والتودد للأمريكي.

تعزّز موقف المشروع القرآني وتقوّى بعناية الله ورعايته، وبفضل التفاف جماهيري، مساند له وداعم لاستمراره وتوسعه، فكانت النتائج إيجابية أثمرت في مواجهة مباشرة مع العدو الأمريكي وعملائه والتصدي لمؤامراته ومشاريعه التدميرية التي أرادت أمريكا من خلال أدواتها في المنطقة إجهاض أي مشروع تحرري رافض للهيمنة الأمريكية والصهيونية.

ارتكز المشروع القرآني للشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، على ثلاثة عناوين أساسية تتمثل في “الصرخة، والتثقيف القرآني، والمقاطعة للمنتجات والبضائع الأمريكية الصهيونية”، كوسائل ناجعة لمواجهة الأعداء من قوى الطغيان العالمي بقيادة أمريكا والكيان الصهيوني.

شعار الصرخة وهتاف البراءة، أطلقه الشهيد القائد في محاضرة له في مدرسة الإمام الهادي عليه السلام في مران بمديرية حيدان محافظة صعدة ليكون هذا عنواناً لمرحلة جديدة في مواجهة المشروع الأمريكي الصهيوني ومواكباً للمستجدات في إطار الصراع مع الأعداء.

التثقيف القرآني، هدف من خلاله الشهيد القائد، إلى ربط الأمة بالقرآن الكريم، ليكون موقفها متعززاً برفع مستوى وعيها بقضايا الأمة ومواجهتها عن بصيرة وفي مقدمتها قضية الأمة المركزية والأولى “فلسطين”، التي تمثل الصرخة مشروعاً متكاملاً يعالج مشاكل الأمة ويبنيها في كل المجالات.

كما أن التثقيف القرآني كمسار ثانٍ للمشروع القرآني، يُحيي الشعور لدى أبناء الأمة ويعزز قدرتهم على تحمل المسؤولية ليكونوا في مستوى مواجهة التحديات الراهنة، فضلاً عن أنه رسم الخطوات العملية الصحيحة والحكيمة والبنّاءة التي تنقذ الأمة من واقعها وتخلّصها من حالة الخنوع والذل واليأس.

ولم يُغفل الشهيد القائد أهمية الجانب الاقتصادي في المشروع القرآني، بل خصص العنوان الثالث من عناوينه للحديث عن أهمية المقاطعة الاقتصادية للبضائع والمنتجات الأمريكية الإسرائيلية، كأحد أهم العناوين والخطوات العملية لمواجهة أعداء الأمة من قوى الاستكبار والهيمنة، وباعتبارها خطوة عملية سهلة وميسرة وفاعلة ومؤثرة، تعمل على إيقاف دعم العدو بالمال الذي يستفيد مما تقدّمه الأمة من أموال طائلة إلى أرصدته.

كشف شعار الصرخة حقيقة أمريكا وطغيانها وإجرامها وجبروتها وأسلوبها الخادع للشعوب والدجل والتضليل الذي تمارسه مع قوى الاستكبار والأنظمة العميلة بعناوين جذابة ومخادعة “الحرية، الديمقراطية وحقوق الإنسان”.

ومن دلالات الصرخة أنها حققت نقلة نفسية ومعنوية وعملية ومثلت بداية مدروسة للانتقال من واقع الصمت والاستسلام والخضوع وحالة اللا موقف إلى الموقف والتحرك والمسؤولية، وفي الوقت ذاته تعبر عن حالة سخط يجب أن تسود الأمة، وتحل محل حالة الرضا، لأن حالة الرضا تمهد للقبول بهيمنة قوى الاستكبار واحتلالها للبلدان ونهب خيراتها والسيطرة على مقدراتها.

ويبقى شعار الصرخة عنواناً لمشروع توعوي نهضوي، خاصة في ظل اتساع حضوره على المستويين الإقليمي والدولي، وإيجابياته في مساندة الشعب الفلسطيني في غزة والأراضي المحتلة بشكل مميز وموقف متكامل، ومواكباً للهجمة الأمريكية الصهيونية الشرسة على الأمة، وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني الذي يتعرض حالياً لحرب إبادة شاملة في غزة، واستمرار تخاذل وتواطؤ المجتمع الدولي والعربي والإسلامي.

سبأ

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الأمریکیة الصهیونیة المشروع القرآنی الشهید القائد

إقرأ أيضاً:

تحرير الخرطوم.. صفحة جديدة في سجل انتصارات الأمة

ليست الأحداث الكبرى في تاريخ الأمم مجرد وقائع عابرة تنتهي بانتهاء نشرة الأخبار أو باختفاء سطورها من الصحف، إنها علامات فارقة، تتجاوز لحظة الحدث ذاته، لتصوغ وعيا جديدا، وترسم مسارا مختلفا، وتعيد ترتيب المشهد التاريخي لصالح من امتلك الإرادة، ودفع الثمن، وثبت على المبادئ.

وفي هذا السياق، يأتي تحرير الخرطوم كعلامة فاصلة في المسار السوداني أولا، وفي سياق الانبعاث الإسلامي العربي ثانيا، وفي مسيرة الأمة الإسلامية جمعاء ثالثا.

إن ما جرى في الخرطوم ليس مجرد تطور عسكري في صراع داخلي بين مكونات السلطة أو بين أطراف النزاع السوداني، بل هو إعلان لولادة واقع جديد يعكس إرادة شعب يتطلع للحرية والعدالة، ويرفض مشاريع التبعية والتقسيم والارتهان، ويدرك أن تحرير العواصم لا يبدأ من فوهة البندقية فقط، بل من وضوح البوصلة وصلابة الإرادة.

لا نقرأ خبر تحرير الخرطوم بوصفه إنجازا عسكريا فحسب، بل كمقدمة موضوعية لصياغة عقد جديد من الحرية والسيادة، يعيد السودان، ومعه الأمة، إلى سياقها الطبيعي، كفاعل لا مفعول به، وصانع للمستقبل لا تابع لمشاريع الآخرين
ولذلك، فإن الانتصار الذي تحقق على أرض السودان لا يمكن فصله عن سياق إقليمي أوسع، بدأت تتشكل ملامحه من بعيد، منذ أن خرجت أفغانستان من تحت قبضة الاحتلال الأمريكي بعد أطول الحروب وأكثرها كلفة، وصولا إلى معركة طوفان الأقصى التي فجرت الوعي العربي والإسلامي من جديد، وليس انتهاء بصمود الثورة السورية رغم المجازر والتآمر العالمي.

هذه الانتصارات المتتالية، وإن اختلفت في شكلها الجغرافي أو طبيعتها السياسية أو خلفياتها المحلية، إلا أنها تتشابه في شيء جوهري: كلها تعبير عن يقظة الأمة، ورفضها لمقررات قرن كامل من الهزائم والانكسارات والتبعية.

القرن العشرون، الذي شهد سقوط الخلافة، واحتلال فلسطين، وتمزيق العالم الإسلامي إلى دويلات، وفرض أنظمة وظيفية مرتبطة بالمستعمر القديم والجديد، يوشك أن يُطوى بكل ما فيه. فالأمة، التي خضعت قرنا من الزمان، لم تمت، بل كانت تُعد نفسها بصبر طويل، حتى إذا آن أوان التغيير، انتفضت من جديد، وانطلقت في مسيرة استعادة مكانتها بين الأمم.

إننا اليوم، لا نقرأ خبر تحرير الخرطوم بوصفه إنجازا عسكريا فحسب، بل كمقدمة موضوعية لصياغة عقد جديد من الحرية والسيادة، يعيد السودان، ومعه الأمة، إلى سياقها الطبيعي، كفاعل لا مفعول به، وصانع للمستقبل لا تابع لمشاريع الآخرين.

لقد دأب أعداء الأمة -من صهاينة وغربيين ومستبدين محليين- على تكريس واقع التمزق والانكسار، وفرضوه عبر سياسات الإفقار والتجهيل والتقسيم والاحتلال الناعم والخشن، ولكنهم فوجئوا مؤخرا بأن الشعوب لم تعد تقبل بهذا الواقع، وأن صوت الإسلام لم يخفت، وأن روح الجهاد والمقاومة والحرية ما زالت حية في أوصال هذه الأمة.

ولذلك، فإن على العقل الإسلامي في هذه اللحظة الفارقة أن يدرك أن ما نعيشه ليس مجرد موجة مقاومة عابرة، بل هو فرصة تاريخية لإعادة بناء مشروع الأمة من جديد، ليس على مستوى الدولة فحسب، بل على مستوى الحضارة الكاملة، برؤيتها الفكرية، وهويتها المستقلة، وخطتها الاستراتيجية.

تحرير الخرطوم ليس هو النهاية، بل هو جرس الإنذار لبداية مرحلة جديدة يجب أن يستعد لها الجميع: العلماء، والدعاة، والمفكرون، والشباب، والنخب السياسية، والاقتصادية.

لقد أثبتت الأحداث أن الاحتلال والهيمنة والطغيان ليسا قدَرا مفروضا، وأن الاستقلال والحرية ليسا حلما مستحيلا.

أمامنا فرصة لتأسيس مشروع حضاري جامع، يعيد ترتيب أولويات الأمة، وينقلها من موقع التبعية إلى موقع القيادة، من خلال مشروع ينطلق من مساحات الانتصار التي تحققت، ويعالج مساحات الضعف التي ما تزال قائمة
نحن الآن أمام عقد قادم يجب أن يكون "عقد البناء الحضاري الإسلامي"، لا عقد الحروب الأهلية والتفكك والانقلابات، فأمامنا فرصة لتأسيس مشروع حضاري جامع، يعيد ترتيب أولويات الأمة، وينقلها من موقع التبعية إلى موقع القيادة، من خلال مشروع ينطلق من مساحات الانتصار التي تحققت، ويعالج مساحات الضعف التي ما تزال قائمة، ويجمع بين الإيمان والوعي، والتخطيط والعمل، والسيادة والتحالف، والتقوى والتقنية.

إن المطلوب الآن ليس الاحتفال بالنصر فقط، بل الاستعداد لما بعد النصر:

-      كيف نحمي ثمار النضال؟

-      كيف نمنع محاولات الالتفاف أو الارتداد؟

- كيف نحول النصر العسكري إلى مشروع انطلاقة شاملة؟

- كيف نبني الوعي الشعبي والسياسي والاقتصادي على أسس الاستقلال والسيادة الوطنية؟

هذا هو التحدي الحقيقي أمامنا.

نحن اليوم أمام بداية قرن جديد من عمر الأمة.. قرن يجب أن يكون قرن الإرادة، لا قرن التبعية.. قرن التحرير، لا قرن الاحتلال.. قرن المشاريع الإسلامية الحضارية، لا قرن الأنظمة الوظيفية المستوردة.. قرن قيادة الأمة، وليس لحاقها بركاب من لا يملك القيم ولا الرؤية ولا العدل.

فالتحية لأحرار السودان، والتحية لكل من قاوم فنهض، ومن استبسل فصمد، ومن آمن فانتصر.. ولْتكن الخرطوم اليوم شاهدا على أن هذه الأمة، إذا عرفت طريقها، لن تتأخر عن النصر، وإذا توحدت خلف مشروعها، فلن يقف أمامها أحد.

مقالات مشابهة

  • حصيلة طائرات MQ9 الأمريكية التي تمكنت الدفاعات الجوية اليمنية من اسقاطها
  • ألوية الناصر صلاح الدين تنعَــى الشهيدَ القائد “بدير” ونجلَه في العدوان الصهيوني على ضاحية بيروت الجنوبية
  • بعد قليل.. مشاهد لحطام الطائرة الأمريكية MQ-9 التي تم اسقاطها في أجواء محافظة مأرب
  • النجف الأشرف.. مشاريع صناعية جديدة لتعزيز الاستثمار
  • مواجهة حادة بين موسكو وواشنطن.. دبلوماسية جديدة أم "لعب بالنار"؟.. بوتين يشعل غضب ترامب.. الرئيس الأمريكي يهدد بفرض رسوم جمركية على النفط الروسي
  • تحرير الخرطوم.. صفحة جديدة في سجل انتصارات الأمة
  • من أوكرانيا إلى فلسطين.. العدالة التي تغيب تحت عباءة السياسة العربية
  • اليمن وغزة في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني
  • قيادي في حماس: تصريحات نتنياهو تثبت المخطط الأمريكي الصهيوني للتهجير
  • مستشار المجلس السياسي الأعلى القيسي يهنئ السيد القائد والرئيس المشاط بعيد الفطر