مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "أم تي في"
اللبنانيون في انتظار يوم الاربعاء. فالكتل النيابية تعد العدة للمعركة الكبرى، وهي ستسأل وتسائل . ستسائل رئيس الوزراء عن هبة المليار دولار وتفاصيلها وشروطها، وستسأل الحكومة لماذا لم تملك حتى الان خطة متكاملة او رؤية شاملة لمواجهة قضية وجودية كيانية بحجم قضية النازحين.
ميدانيا، الوضع على تفجره في الجنوب، فيما الوضع يتدهور في رفح. فاسرائيل كثفت القصف البري والجوي على المناطق الشرقية من المدينة، فيما الهدنة سقطت.. حتى اشعار آخر على الاقل. وآخر دليل على سقوطها ان رئيس الحكومة االاسرائيلية اعلن انه لا تراجع عن مواصلة العمليات في غزة حتى تحقيق الانتصار الكامل، مؤكدا ان فكرة ابعاد قادة حماس من قطاع حماس مطروحة في المناقشات.
مقدمة نشرة اخبار تلفزيون "أل بي سي"
ملف النازحين يطرح نفسه بقوة، من السرايا إلى ساحة النجمة إلى حارة حريك، والبارز هذا المساء موقف لافت للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي طالب الدولة اللبنانية بأن تطلب من واشنطن إلغاء قانون قيصر أي رفع العقوبات عن سوريا.
نصرالله أعتبر أن مشكلة النازحين ليست في سوريا بل لدى اللبنانيين، وفي الماضي كانت قوى 14 آذار تمنع إعادة النازحين، اليوم هناك الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا لا يريدون عودة النازحين، هناك أن عودة النازحين تستلزم الكلام مع مع سوريا، وهناك أن النازح يفضل البقاء في لبنان.
نصرالله حسم الموقف بالنسبة إلى الجنوب، فأعلن أن جبهة الإسناد اللبنانية مستمرة كما ونوعا وتفرض معادلات والربط مع جبهة غزة هو أمر قاطع ، واللافت قوله: الجبهة اللبنانية جنوبا مستمرة في مساندة غزة وهذا أمر حاسم ونهائي، والأميركي والفرنسي سلما بهذه الحقيقة.
بالتأكيد ما بعد موقف نصرالله ليس كما قبله، وهذا المضمون سيكون مطروحا على الجلسة النيابية بعد غد الأربعاء، وربما في قمة البحرين وربما في مؤتمر بروكسيل>
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "الجديد"
في إجماع نادر، تلتف القوى السياسية حول ملف النزوح السوري، وتستعد لتقديم مقارباتها للحل في جلسة لن ينزح عنها أي طرف فاعل وستشكل جلسة الأربعاء مسرحا لمساءلة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وهي في عمق المسألة لم تكن وحدها المسؤولة عن إخفاق تتحمل تبعاته جهات محلية وخارجية فمنذ ثلاث عشرة سنة والأزمة تصطدم بالعنف السياسي والتصدي ودور الجمعيات المنتفعة وداتا المفوضية وقطع الوصل مع سوريا وصولا الى موقف المفوضية الاوروبية الذي فخخ العودة بمليار يورو وهي المليار التي اتخذت شكل عقرب لسع الرئيس نجيب ميقاتي أولا ووضعه أمام الإتهام بجرم الرشوة في حين أن هذا الرقم شبه وهمي عدا عن أنه جاء على شكل اهانة من الواهب الى البلد المنكوب.
ولأن الأوروبي أنهى نقاشه بالمليار، فليس لدى ميقاتي ما يناقشه حاليا في بروكسل وهو أبلغ السفيرة الاوروبية بأن الوفد اللبناني الى المؤتمر سيكون برئاسة وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب على أن يمثل ميقاتي جمهورية لبنان في اجتماع قمة البحرين التي انطلقت فاعلياتها اليوم وتفتتح رسميا الخميس على مستوى الرؤساء وقادة الدول، وسيكون النزوح السوري أيضا على طاولة قمة المنامة وسط حلول سبق أن هدد بها رئيس الحكومة.
وكرر الدعوة اليها اليوم الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والحل الضاغط على أوروبا هو بفتح البحار والشواطىء أمام المغادرة الطوعية للنازحين وفي سفن وصفها نصرالله ب "المرتبة" وليس بقوارب الموت وعندها "فيزبد ويرعد " الأوروبي والأميركي لكن نصرالله طالب بغطاء وطني لهذا الطرح، ودعا الى الاستفادة من فرصة الاربعاء جديا لمعالجة الازمة وليس الانشغال بالمكايدات كما اقترح تنظيم وفود الى أميركا واوروبا لشرح الوضع لأن إحدى أهم معوقات عودة النازحين هي قانون قيصر والعقوبات الاوروبية على سوريا، وما لم ترفع هذه العقوبات عن النظام فإننا لن نستطيع إعادة النازحين
أما كلام الجبهة الجنوبية مفصلا فتركه نصرالله الى الخامس والعشرين من أيار عيد المقاومة والتحرير، لكنه لم يرح عدوه او سكان المستوطنات الشمالية فأبقاهم على نزوحهم وقال إن جبهة الاسناد اللبنانية مستمرة في عملياتها كما ونوعا كما تفرض معادلات الميدان، وقال: ما في حل مع لبنان قبل وقف الحرب في غزة وهذا الارتباط قائم ولن يستطيع أحد فكه وكل مواعيد الحرب الشاملة على لبنان لن تؤت ثمارها واصفا الوزير يوآف غالانت الذي سبق أن هدد بهذه الحرب بأنه "مسطل سابقا.. وهلق مستهبل ومكتر".
وغالانت ووجه بالنعوت نفسها داخل مجتمعه الاسرائيلي، فأثناء القائه خطابا اليوم تجمهرت عائلات جنود قتلى ورفعت لافتات تحمل عبارة دمهم على يديك اما الضغط الاوسع فكان من نصيب النمرود الاسرائيلي ايتمار بن غفير، الذي حوصر خلال مراسم إحياء ذكرى الجنود القتلى منذ عام 1948وترددت في وجهه هتافات: "اخرج من هنا أيها المجرم"
وفي يوم الاعترافات الكبير كانت المفاجأة وللمناسبة نفسها على لسان رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، قائلا بتأسف: "أنا القائد الذي أرسل أبناءكم وبناتكم إلى المعركة التي لم يعودوا منها"وعلى الرغم من انقسام اسرائيل كيانات على نفسها فان بنيامين نتناهو تمسك باستمرار الحرب قائلا: "دفعنا وسندفع ثمنا باهظا من العدو لكننا سنحقق أهداف النصر مشددا على أن إسرائيل تواجه تحديات لم يواجهها أي جيش حديث وعليها الدفاع عن نفسها وألا تطلب ذلك من الأميركيين أو غيرهم".
مقدمة نشرة اخبار تلفزيون "ان بي ان"
الى مجلس النواب ينزح النقاش بالهبة الأوروبية للبنان في تصويب لمسار البحث في ملف النازحين السوريين على قاعدة ان هذا الملف يشكل هما وطنيا مشتركا يتطلب تضافر جهود جميع القوى لمعالجته بعيدا عن السيناريوهات الشعبوية والمزايدات السياسية وصولا الى الخروج بموقف وطني جامع
هذا الملف تابعه رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال لقائه نائب رئيس المجلس الياس أبو صعب الذي أكد في دردشة مع الإعلاميين على أهمية الجلسة النيابية بعد غد الأربعاء
وكما تأكيد القوى السياسية على أهمية الملف المطروح في الجلسة كان موقف بارز للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي رأى أن حل هذا الأمر يحتاج لجرأة فقط وقرار بفتح البحر امام النازحين السوريين الراغبين بالهجرة نحو أوروبا وفيما خص جبهة الاسناد اللبنانية أعاد السيد نصرالله التذكير خلال احياء الحزب لذكرى استشهاد مصطفى بدر الدين بالترابط الوثيق بين جبهتي جنوب لبنان وغزة معتبرا أن هذا الأمر محسوم والولايات المتحدة سلمت به.
على الضفة الحكوميةجدد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التأكيد على المضي في عمله وفي تنفيذ ما تم اتخاذه من قرارات بضمير حي وشعور بالمسؤولية في ملف النزوح وقال:سيكون لنا كلام تفصيلي في الجلسة النيابية في الجنوبكثفت المقاومة من ضرباتها لمواقع العدو في ثكنت برانيت وموقع الجرداح وحققت فيها اصابات مؤكدة
في الاراضي المحتلة وفي اليوم العشرين بعد المئتين من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ومع مواصلة اجتياح اسرائيل لحي الزيتون يكثف جيش الاحتلال غاراته على المنازل ما ادى الى استشهاد عدد من الفلسطينيين بالتوازي مع قصف المناطق السكنية المكتظة في مخيم جباليا ما ادى الى تهجير مئات الفلسطينيين من مراكز الإيواء.
هذا في حين اعتبر فيه رئيس وزراء كيان العدو بنيامين نتنياهو أن العدوان على قطاع غزة يمكن أن ينتهي غدا إذا استسلمت حماس وألقت سلاحها وأعادت المختطفين على حد قوله.
إلى هذا شهدت فعاليات إحياء ذكرى الجنود القتلى في كيان الاحتلال مواجهات وهجوم على وزراء حكومة نتانياهو في وقت اعترف فيه وزير الحرب بمقتل أكثر من 1500 من ضباط و جنود الاحتلال.
مقدمة نشرة أخبار تلفزيون "المنار"
أحرار على طريق القدس، يمشون بهدي النصر، يمتشقون ذو الفقار سيفا وفكرا ونهجا، وهو الحاضر معهم بقوة رغم سنوات الغياب الثماني، يحتفي من عليائه بانجازاتهم بعد ان بنى معهم أمل التحرير، ومشى معهم عقودا على طريق القدس..
في ذكراه الثامنة حضر القائد الجهادي الكبير الشهيد السيد مصطفى بدر الدين في سردية يومياتنا، ومن على منبر المناسبة اصطفى الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله المواقف مستندا الى واقع الميدان الذي اجبر الصهاينة مجتمعين على الاعتراف بفشل الحرب..
فالكيان العاجز عن استعادة اسراه، واعادة مستوطنيه الى غلاف غزة والشمال، والعاجز عن حماية سفنه في البحار، وصد الصواريخ القادمة من مئات الكيلومترات، والكيان العاجز عن ترميم صورة الردع لن يخرج من هذه الحرب الا مهزوما،وليس امامه الا الموافقة على الورقة التي وافقت عليها حماس، اما اصرار بنيامين نتنياهو على استمرار الحرب فسيأخذ كيانه الى الهاوية، كما اكد السيد نصر الله..
والأكيد ان التماهي الصهيوني الاميركي وتبادل الادوار على حاله، والمسرحيات الاميركية بالحديث عن خلافات يجب الا تخدع احدا كما اشار الامين العام لحزب الله..
وعن جبهة الجنوب يبقى القرار القاطع والامر الحاسم باسناد غزة حتى وقف الحرب عليها، وهو ما سلم به الفرنسي والاميركي، ويجب ان يقتنع به الصهاينة الذين نصحهم السيد نصر الله إن كانوا يريدون العودة الى مستوطناتهم عند الحدود مع لبنان بالضغط على حكومتهم لوقف الحرب على غزة..
في حرب النزوح المفروضة على لبنان، كلام واضح وصريح من الامين العام لحزب الله. فالاميركي والاوروبي لا يريدان للنازحين السوريين العودة، والحل بالحديث الجدي مع الحكومة السورية، وفتح البحر اللبناني امام النازحين نحو اوروبا، فعندها سيأتون الينا بملياراتهم مستمعين الى شروطنا كما اشار سماحته..
اما المعادلة الصالحة لكل ملف وميدان، فهي انه عندما نكون اسياد انفسنا ولسنا عبيدا لدى السفارات نستطيع ان نفرض شروطنا على الاعداء..
هذا بعض الكلام، وجزيله في عيد المقاومة والتحرير في الخامس والعشرين من ايار كما حدد السيد نصر الله..
مقدمة نشرة اخبار تلفزيون "أو تي في"
بماذا ستخرج جلسة الاربعاء النيابية المخصصة للبحث في ملف النزوح السوري عامة، وهبة المليار يورو الاوروبية بشكل خاص؟
هل بموقف مائع جديد من القضية، يحجم عن اتخاذ قرار المواجهة مع المجتمع الدولي والاوروبي اذا لزم الامر، ويتفادى الاقرار الصريح بوجوب الحوار الرسمي مع الدولة السورية لحل الموضوع؟
هل بحفلة مزايدات جديدة، يشارك فيها الوافدون الجدد الى مطلب عودة النازحين، بعد طول تطبيل وتزمير لبقائهم في لبنان؟
هذان السؤالان يشغلان بال اللبنانيين هذه الايام، وهم يراقبون نمو المشكلة وازدياد خطورتها مع كل يوم يمر، من دون قيام المعنيين على المستوى الرسمي والسياسي بالمطلوب منهم، لاستلحاق التأخير، حتى لا نقول التآمر، الذي طبع ممارساتهم منذ عام 2011.
واليوم، لفت كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في ملف النزوح، حيث اعلن أن كل القوى السياسية تريد عودة النازحين السوريين، لافتا الى ان اجتماع مجلس النواب الأربعاء المقبل هو فرصة لتقديم طروحات عملية، ومشددا في الوقت نفسه على ان المشكلة هي عند اوروبا واميركا. واذ طالب نصرالله بتشكيل وفد موحد الى البلدان التي تعرقل العودة، للمطالبة بإلغاء قانون قيصر والغاء العقوبات على سوريا.
غير ان الابرز في كلام نصرالله اليوم كان اعتباره ان الحل واضح وسهل، وهو قرار جريء وارادة سياسية لفتح البحر أمام النازحين السوريين بقوارب جيدة، للضغط على أميركا واوروبا.
لكن، في انتظار جلسة الاربعاء، يبقى الهم الاكبر جنوبي، على وقع التصعيد الاسرائيلي المتمادي في غزة، في ضوء غياب الخطة الواضحة لليوم التالي، والتخبط المستمر لبنيامين نتنياهو وحكومته، الذي اعتبر يوما ان حماس هزمت الا في رفح، ليستفيق اليوم على معارك متجددة في جباليا وحي الزيتون وغيرها من نقاط المواجهة في القطاع.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: العام لحزب الله السید حسن نصر الامین العام لحزب الله النازحین السوریین عودة النازحین نجیب میقاتی ملف النزوح مقدمة نشرة السید نصر نصر الله فی ملف
إقرأ أيضاً:
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فرنسا لأجل فلسطين
عندما كانت إسرائيل تغزو بيروت عام 1982، تابعت المجموعات الثورية الفلسطينية والعربية نهجها في ملاحقة العدو خارج حدود المواجهة، ناقلة المعركة إلى قلب أوروبا. من بين تلك العمليات، اغتيل "رجل موساد ودبلوماسي" أميركي في باريس، ووُجّهت أصابع الاتهام إلى اللبناني جورج إبراهيم عبد الله، الذي يقبع في السجون الفرنسية منذ 4 عقود بتهمة قيادة الفصائل الثورية اللبنانية المدافعة عن فلسطين، وبذلك يكون أقدم سجين سياسي في أوروبا.
كانت العملية امتدادا لمرحلة "وراء العدو في كل مكان" التي اختصرتها روايات الأديب الفلسطيني غسان كنفاني (عكا 1936، بيروت 1972) وجسّدتها المجموعات الثورية بقيادة المناضل وديع حداد (صفد 1927، ألمانيا الشرقية 1978)، فحوّلت العالم إلى ميدان مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي، واستقطبت مقاتلين عربا، ورفاقا من اليابان وأوروبا وأميركا اللاتينية، واضعة فلسطين على خريطة النضال الأممي.
"مناضل ولست مجرما"وعادت قضية المناضل الأممي جورج عبد الله إلى الواجهة مجددا مثلما كانت عام 2013، مع توالي الأخبار عن قرب الإفراج عنه بعد قرار محكمة فرنسية بذلك. إلا أن الادعاء الفرنسي، أعلن قبل أيام عزمه استئناف القرار. وفي حال أفرج عنه، يكون عبد الله قد أمضى أكثر من 20 عاما في السجون الفرنسية بعد انتهاء محكوميته، وسط رفض السلطات القضائية المتكرر إخلاء سبيله.
وأمام القضاة، وقف الرجل ذو اللحية الكثّة والنظرة الواثقة مطالبا بحريته للمرة الـ11، قائلا بثبات: "أنا مناضل ولست مجرما"، مؤكدا أن اختياره هذا الطريق كان "ردا على انتهاك حقوق الإنسان في فلسطين"، وبأن ما فعله: مقاومة.
فهو المولود في الثاني من أبريل/نيسان 1951 في قرية القبيات شمال لبنان لعائلة مسيحية مارونية، وقد شهد في مطلع شبابه "نكسة" 1967، حيث ساهمت "هزيمة حزيران" في تشكيل وعي جيل بأكمله تجاه قضايا التحرر والمقاومة.
عبد الله اشتهر بعبارة "أنا مناضل ولست مجرما" وأكمل عقوبة السجن المؤبد عام 1999 (غيتي)وفي سن مبكرة، انضم إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، واختار طريق النضال والمقاومة. وبعد خروج منظمة التحرير الفلسطينية من الأردن (1970)، أصبحت بيروت معقلا للثوار والمقاومين، فكانت نقطة تحول حاسمة في مسار حياته، حيث كانت العاصمة اللبنانية مركزا يعجّ بالحركات الثورية، مما كان له الأثر الكبير في تشكيل قناعاته السياسية.
انضم عبد الله لصفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة الراحل جورج حبش، بعد إصابته في الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1978 (عملية الليطاني). ومع أفراد من عائلته ورفاقه، أسس الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية، وبين عامي 1981 و1982، نفذت المجموعة هجمات في أوروبا، أسفرت بعضها عن سقوط قتلى في فرنسا، في إطار دعم القضية الفلسطينية والكفاح ضد الاحتلال.
موت المعلم وولادة المقاتلوبدأ جورج حياته المهنية معلما في مدرسة بمنطقة أكروم بعكار، وفي مقالة وردت بموقع يتبع لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، تروي بدايات جورج وتكشف عن ارتباطه المبكر بالفدائيين الفلسطينيين، يقول كاتبها إن "ابن القبيات" كان يعرّف نفسه بأنه "كادح وليس من البَكَوات"، مستنكرا الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني.
وتستعرض المقالة المراحل الأولى لجورج عبد الله ضمن الثورة الفلسطينية، مبينة تأثره بحياة "المخيمات" في لبنان، وكيف كان يجول أزقة مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين، مستخدما دراجته النارية، ليوزع مجلة "الآداب" على المهتمين.
وبعد إنهائه الدورات التثقيفية، انضم عبد الله إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين رسميا، ثم انتقل من الشمال إلى منطقة "الجبل" في "مهمة جهادية"، وكان من المفترض أن يعود بعد شهر إلى الشمال، لكنه اختار البقاء، معلنا بذلك نهاية مرحلة "جورج المعلم" وولادة "جورج المقاتل". ومن ثم، أصبح جزءا من الجناح العسكري للجبهة الشعبية، لتصبح الأراضي اللبنانية كلها ساحة قتاله.
جورج عبد الله أمام المحكمة الفرنسية عام 1986 (غيتي)وخدم عبد الله في الجنوب، والبقاع، والجبل، وبيروت -بحسب المقالة- لكن بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي عقدته منظمة التحرير الفلسطينية مع الاحتلال الإسرائيلي قبيل اجتياح بيروت عام 1982، انفصل عبد الله عن الجبهة، رافضا التهدئة مع العدو، واتخذ مسارا خاصا به، متأثرا بوديع حداد، وخصوصا بمقولته الشهيرة "وراء العدو في كل مكان"، وانقطعت أخباره إلى حين سماع خبر اعتقاله في فرنسا.
جوازات سفر واعتقاليوم 24 أكتوبر/تشرين الأول 1984، دخل جورج عبد لله مركزا للشرطة في ليون الفرنسية، طالبا الحماية من ملاحقة الموساد الإسرائيلي له. حينها كان يحمل جواز سفر جزائري، بعد أن استخدم جوازات سفر أخرى من مالطا والمغرب واليمن للعبور إلى يوغوسلافيا وإيطاليا وإسبانيا وسويسرا وقبرص.
لكن الأجهزة الأمنية الفرنسية سرعان ما أدركت أن الرجل الذي يجيد اللغة الفرنسية ليس سائحا وإنما هو عبد القادر السعدي، وهو الاسم الحركي لجورج عبد الله.
وعثر في إحدى شققه في باريس على أسلحة بينها بنادق رشاشة وأجهزة إرسال واستقبال.
وافقت محكمة فرنسية الأسبوع الماضي على طلب الإفراج عن جورج عبد الله (غيتي)وفي حوار مع صحيفة "لاديباش" الفرنسية، تحدث إيف بوني، الرئيس الأسبق لجهاز الأمن الداخلي الفرنسي، عن تفاصيل اعتقال جورج إبراهيم عبد الله عام 1984، قائلا: "لم نكن نعلم هويته"، وخلال التحقيق "زعم انتماءه إلى جهاز أمن منظمة التحرير الفلسطينية ووجّه تهديدات للمحققين".
وأضاف بوني أنه لجأ إلى الإسرائيليين للحصول على المساعدة، مما قاد إلى اكتشاف هوية قائد الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية، وهي مجموعة ماركسية مدافعة عن فلسطين. ومع ذلك، أكد بوني أن الأدلة ضد عبد الله لم تكن قوية، إذ اقتصرت تهم بتزوير الوثائق وحيازة أسلحة ومواد متفجرة.
كان جورج على صلة بسوريا آنذاك، بحسب التحقيق، كذلك على تواصل مع حركات وشخصيات صُنّفت "إرهابية"، مثل تنظيم "العمل المباشر" في فرنسا، و"الألوية الحمراء" في إيطاليا، إضافة إلى علاقته بكارلوس الفنزويلي وفصيل الجيش الأحمر في ألمانيا.
مقاتل عربي لا يندمفي عام 1986، أصدرت محكمة ليون حكما بالسجن لمدة 4 سنوات على جورج عبد الله بتهم "التآمر الإجرامي وحيازة أسلحة ومواد متفجرة". وفي العام التالي، مثل أمام محكمة الجنايات الخاصة في باريس، إذ وُجهت إليه تهم بالتواطؤ في اغتيال الأميركي تشارلز راي "ورجل الموساد" ياكوف بارسيمينتوف في 1982، بالإضافة إلى محاولة اغتيال ثالثة في 1984.
وبينما تمسك عبد الله بنفي التهم، قال إنه "مجرد مقاتل عربي"، أصدر القضاء حكما بالسجن المؤبد رغم أن النائب العام كان قد طالب بعقوبة أقل، تصل إلى 10 سنوات.
عبد الله اتهم بقيادة "الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية" المناصرة لفلسطين (الفرنسية)في مذكراته، أشار المحامي جورج كيجمان إلى أن عبد الله "أهان الجميع" في المحكمة، ووصفهم بـ"الخنازير والإمبرياليين القذرين"، مما استدعى طرده من القاعة. ورأى محاميه السابق جاك فيرجيس في الحكم "إعلان حرب"، مما دفع إلى تشكيل لجنة دعم فورية تطالب بالإفراج عنه فورا.
ومنذ عام 1999، عندما أصبح مؤهلا لإطلاق سراحه، وتم رفض جميع طلبات عبد الله للإفراج عنه، باستثناء طلب واحد، كان مشروطا بترحيله، وهو ما لم ينفذه وزير الفرنسي الداخلية آنذاك، مانويل فالس.
في عام 2022، قال محاميه جان لويس شالانسيه في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية: "إنه في حالة فكرية جيدة. لا يزال متمسكا بمواقفه، ويواصل القراءة بشكل مكثف، ويبقى مطلعا على الأحداث في الشرق الأوسط".
ويرى محامو ومؤيدو جورج عبد الله أن استمرار احتجازه هو نتيجة لتأثيرات سياسية ودولية خارجية. في عام 2013، صادقت المحكمة الفرنسية على إطلاق سراحه بشروط، كان من بينها ترحيله إلى لبنان. لكن، رغم هذا القرار، "تدخلت سفارتا الولايات المتحدة وإسرائيل في مجريات القضية"، مما أثّر بشكل كبير على سير المحاكمة وأدى إلى تراجع السلطات الفرنسية عن قرارها. هذه التدخلات، وفقا لمحاميه، تُعتبر جزءا من حملة سياسية منسقة تهدف إلى إبقاء عبد الله في السجون الفرنسية.
أنصار جورج عبد الله يتظاهرون خارج سجن لانيميزان الفرنسي (الفرنسية) خيانة فرنسيةردت الفصائل الثورية اللبنانية على اعتقال جورج عبد الله بخطف مدير المركز الثقافي الفرنسي في طرابلس، جيل سيدني بيرول، مطالبة بصفقة تبادل، وتم التوصل إلى اتفاق لتحرير بيرول وعبد الله، إلا أن فرنسا أخلفت وعدها وأبقته في السجن.
يروي إيف بوني، الرئيس الأسبق لجهاز الأمن الداخلي الفرنسي لصحيفة "لا ديباش" تلك اللحظة، قائلا: "كنت خارج البلاد حين طلبت باريس مني العودة بسرعة للتفاوض على تبادل الأسرى. في ذلك الوقت، كان عبد الله متهما بمخالفات بسيطة، ولم يكن هناك ما يثبت تورطه في أي جريمة كبيرة. فوافقت على الصفقة دون أي اعتراض من وزارة الداخلية".
جورج عبد الله أمضى 15 عاما من حياته في ميادين المقاومة و40 عاما في السجون الفرنسية دفاعا عن فلسطين (رويترز)يضيف بوني، "ما لبثت الأمور أن تغيرت فجأة. ففي الوقت الذي تم فيه تحرير بيرول، أخبروني أنهم اكتشفوا في أحد مخابئ الفصائل الثورية اللبنانية السلاح الذي استخدم في قتل تشارلز راي وياكوف بارسيمينتوف. هذا الاكتشاف غيّر مسار القضية تماما، وتجاهلت العدالة الاتفاق الذي أبرمته. قالوا لي ببساطة: حكمه قد صدر".
ويختتم بوني حديثه: "شعرت بخيبة أمل شديدة. لقد قدمت وعدا إلى الذين بذلوا جهودا في هذه القضية، ولكن السلطات السياسية تركتني أواجه الموقف وحدي".
غزة لن ترفع راية الاستسلام"لن تحمل غزة أبدا راية الاستسلام… ولن تتمكن الصهيونية أو أي قوة إجرامية أخرى من كسر إرادة المقاومة فيها"، بهذه الكلمات عبر المعتقل جورج عبد الله في رسالته التضامنية مع الشعب الفلسطيني، الذي يواجه حرب إبادة في غزة والضفة الغربية. البيان أُلقي خلال مظاهرة نظمت في مرسيليا الفرنسية بتاريخ 25 فبراير/شباط الماضي، حيث عبّر المحتجون عن دعمهم لصمود الفلسطينيين في وجه الاحتلال.
وأشار عبد الله في رسالته إلى أنه "لا ينبغي أن ننسى أبدا أن جذور النضال الفلسطيني انبثقت من أعماق مخيمات اللاجئين في غزة، والضفة الغربية، والأردن، ولبنان.. هذه المقاومة تحمل وعد التحرر وتصون إرث الفدائيين".
يرى أنصاره في العالم أنه رمز حي للنضال والمقاومة، فهو الذي اعتبرته الكاتبة الفرنسية آني إرنو، الحائزة جائزة نوبل للآداب عام 2022، "ضحية قضاء الدولة الذي يلحق العار بفرنسا". كما يعتقد إيف بوني أن الاستمرار باعتقاله يعد "انتقاما سياسيا"، وأنه قد يكون له الحق في اعتبار ما فعلته الفصائل الثورية اللبنانية "مقاومة"، لأنها جاءت في أعقاب مجزرة صبرا وشتيلا، داعيا إلى إنصافه.
جورج لا يزال في سجون فرنسا رغم مرور 20 عاما على انتهاء مدة محكوميته (وسائل التواصل)خلال 73 عاما من حياته، أمضى جورج عبد الله 15 عاما في ميادين المقاومة و40 عاما في السجون، ثابتا على قناعاته. وفي زنزانته، يعلّق صورة مكتوب عليها "اقترب اللقاء يا فلسطين"، متمسكا بالقضية التي كانت وستظل بوصلة نضاله دون اعتذار أو ندم، بل ويرى أن إطلاق سراحه "أمام الإبادة التي يرتكبها الإسرائيليون والأميركيون" في غزة، "مجرد تفصيل".
تجسد قضية جورج عبد الله الذي حمل رقم (N° 2388/A221) في سجن لانيميزان رمزا لظلم فرنسا ضد مناضل تعتقله منذ 40 عاما، وقد يبقى حتى وفاته ما لم يطلق سراحه في ديسمبر/كانون الأول المقبل كما أمرت المحكمة، رغم استحقاقه الحرية منذ عام 1999.