لجريدة عمان:
2024-10-05@14:42:15 GMT

البلدان الغنية وطالبو اللجوء

تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT

تأمَل حكومة المحافظين ببريطانيا في شق الإجماع الذي انعقد بعد الحرب العالمية الثانية بوجوب منح الناس المضطهدين حول العالم حق اللجوء. فبموجب مشروع قانون أجازه البرلمان في أبريل سيتم إيجازيًا (دون إبطاء) إرسال طالبي اللجوء الذين يصلون لبريطانيا بوسائل غير نظامية (مثلا بواسطة قوارب عبر القنال من فرنسا إلى رواندا) حيث يتولى المسؤولون في كيجالي تقييم طلباتهم وإذا قبلت سيمنحون حق اللجوء في ذلك البلد الإفريقي.

الخطة مشكوك في قانونيتها. لقد مُرِّرَت على الرغم من اعتراضات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وأيضا المحكمة العليا في بريطانيا نفسها والتي دفعت بأن رواندا بالكاد يمكن أن توصف بأنها ملاذ.

يقول منتقدو هذا التشريع: إنه تحرك سياسي القصد منه مساعدة المحافظين في الانتخابات العامة التي يتوقع قيامها في وقت لاحق هذا العام. ومن المستبعد استمراره طويلًا. فمن المتوقع أن يخسر المحافظون بشكل كبير أمام حزب العمال الذي تعهد بإلغائه.

وعلى الرغم من أن دفع ما يصل إلى نصف مليون جنيه إلى حكومة بعيدة لتولي مسؤولية اللجوء غير مقبول كما يبدو ألا أن تكتيك بريطانيا هذا ليس فريدًا. فالبلدان الغنية حول العالم تواجه أعدادا ضخمة من المهاجرين الذين يتوافدون إلى حدودها وتجرِّب إجراءات متشددة لمنع دخولهم.

تكتيك حزب المحافظين مقتبس من أستراليا. ففي الفترة بين 2012 و2014 قامت بترحيل طالبي اللجوء الذين كانوا يفدون إليها بالقوارب إلى ناورا وغينيا بابوا الجديدة وذلك قبل أن تتحول إلى اعتراض القوارب في عرض البحر وإعادتها من حيث أتت.

وفي أوروبا أبرمت إيطاليا صفقة تستضيف بموجبها ألبانيا مراكز استقبال للمهاجرين (رغم أنها ستدار بواسطة مسؤولين إيطاليين وسيتم توطين المهاجرين الذين يحصلون على حق اللجوء في إيطاليا).

وأجازت الدنمارك تشريعًا في عام 2021 يسمح لها بترحيل طالبي اللجوء إلى خارج أوروبا بهدف تحقيق «صفر طالبي لجوء» حسبما ذكرت رئيسة وزرائها ميته فريدريسكن.

وتحاول الولايات المتحدة منع طالبي اللجوء من دخولهم إلى أراضيها منذ أيام إدارة ترامب والتي بعد فشل عدة محاولات في المحاكم نجحت أخيرًا في إبعاد المهاجرين إيجازيا بإعلان طوارئ الصحة العامة أثناء جائحة كورونا.

الرئيس بايدن أيضا يستكشف وسائل بديلة لإبقاء المهاجرين خارج الحدود. ففي العام الماضي رتب مع المكسيك لقبول 39 ألف مهاجر مُبعَد شهريا قدموا من فنزويلا ونيكاراجوا وهايتي وكوبا. ومؤخرا جدا هدد بايدن «بإغلاق» الحدود أمام المهاجرين الذين يدخلون الولايات المتحدة بطريقة غير قانونية سعيا وراء اللجوء.

نُصبت هذه الحواجز لوقف تدفقات غير مسبوقة للباحثين عن أماكن لجوء آمنة حول العالم. استقبلت الولايات المتحدة 1.8 مليون طالب لجوء في عام 2022 مقارنة بحوالي 19 ألف قبل عشر سنوات. وقفز عدد طالبي اللجوء في بريطانيا إلى ما يقرب من عشرة أضعاف إلى 167 ألفًا. وعالميًا تضخمت أعدادهم من 950 ألفًا في عام 2012 إلى أكثر من 6 ملايين في يونيو من العام الماضي.

هذا إضافة إلى ما يزيد عن 35 مليون شخص اعترفت بهم المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة كلاجئين وأيضا أكثر من 5 ملايين فنزويلي والذين -رغم عدم اعتبارهم طالبي لجوء- فروا من بلدهم ولجأ معظمهم إلى بلدان أمريكا اللاتينية.

اتفاقية الأمم المتحدة بشأن وضع اللاجئين لعام 1951 والتي أقرَّت الحق في الحماية من القمع والاضطهاد في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية لم يتم إعدادها لهذا الغرض. فهي لم تتصور فرار الناس من دول فاشلة أو تسيطر عليها إلى حد كبير منظمات إجرامية ووحشية أو متأثرة بالتغير المناخي.

ولم يتوقع واضعو الاتفاقية قدوم شبكة الإنترنت التي ساعدت المهاجرين في القيام برحلات كانت مستحيلة قبل ربع قرن. لقد حدث آخر إصلاح لقانون الهجرة الأمريكي حوالي عام 1990وقبل فترة طويلة من شرح فيديوهات (تيك توك) أفضل طريقة لعبور غابة «دارين جاب» بين كولومبيا وبنما ومساعدة «ترجمة جوجل» المهاجرين الصينيين أثناء عبورهم المكسيك.

مع ذلك لا يمكن أن يكون نصب حواجز لمنع طالبي اللجوء حلًا، فبلدان الدخل المنخفض والمتوسط اليوم تستضيف أكثر من ثلاثة أرباع لاجئي العالم، والحواجز الجديدة في بلدان العالم الغني تسهم في تضخم أعداد المهاجرين في بلدان أقل قدرة على دمجهم في مجتمعاتها واقتصاداتها.

نظريا، هنالك حلول متاحة، ففي أوروبا كما في الأمريكيتين تبدو الاتفاقيات الإقليمية (الجماعية) لاقتسام عبء الهجرة لا غنى عنها لرفع الضغط عن كل بلد بمفرده. بريطانيا، على نحو ما، جلبت لنفسها أزمة طالبي اللجوء عندما خرجت من الاتحاد الأوروبي. لقد فقدت بذلك القدرة على تنسيق سياسات اللجوء مع البلدان الأخرى الأعضاء في الاتحاد. وهذه الأيام سيكون من الصعب جدا بالنسبة لها إقناع فرنسا بوقف عبور القوارب من سواحلها المطلة على القنال الإنجليزي.

لكن فرص وضع قرارات مستنيرة ضئيلة. في الشهر الماضي اتخذ الاتحاد الأوروبي خطوة أخرى لتقاسم العبء حيث طالب كل الأعضاء بالمساهمة على نحو ما. ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الاتفاقية ستفعل أي شيء أفضل من المحاولات السابقة التي فشلت كلها.

يوحي صعود الشعبويين المستبدين الذين يلوِّحون بشعارات كارهة للأجانب بأن جهود التنسيق ستنهار في معظمها عندما تحاول في المرة القادمة أعداد كبيرة من طالبي اللجوء الانتقال عبر الحدود الأوروبية.

صحيح لكي يظل اللجوء خيارًا صالحًا لأولئك الذين يفرون من العنف والقهر يجب أن يقتصر على ذلك الهدف. فاللجوء يجب ألا يكون بوابة دخول «متعدد الأغراض» لأي أحد يبحث عن حياة أفضل. ومن المعقول لبلدان الملاذات الغنية تشديد الإجراءات على نحو ما لضمان أن يحقق اللجوء غرضه.

لكن هذه القيود لن تكون فعالة إذا كانت بالغة الفظاظة. بل يجب توسيع الاتفاقيات الدولية لحماية المضطهدين بحيث تضع حسابا لأشكال العنف والقمع الجديدة التي تدفع الناس إلى الفرار من بلدانهم بما في ذلك تلك التي تنشأ عن فشل الدولة والإجرام. التغير المناخي أيضا يستدعي توسيع الفرص للمهاجرين الفارِّين من الحرمان.

ما هو صحيح أيضا أن أية مجموعة من الحواجز مهما كانت قوية لن تضعف عزيمة الناس على الهجرة. وإذا كانت أوروبا أو الولايات المتحدة تعتقد أنها يمكنها منع من استبدَّ بهم اليأس في العالم من الوصول إلى شواطئها سيخيب ظنها.

على بلدان الملاذات الغنية بدلا من العمل فقط لوقف الهجرة الإقرار بالقدرات العديدة التي يجلبها المهاجرون للاقتصادات المضيفة. ومن أجل ازدهارها هي نفسها على البلدان الغنية في الغرب التي يشيخ سكانها وتتناقص أعدادهم والمنكوبة بالشعبوية الكارهة للأجانب أن تتصالح مع حقيقة حاجتها إلى المهاجرين بأكثر مما تعتقد.

ادواردو بورتر محرر وكاتب رأي بصحيفة واشنطن بوست.

ترجمة خاصة لـ $

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة طالبی اللجوء لجوء فی

إقرأ أيضاً:

دعم شعبي ثابت في الدول العربية للفلسطينيين من دون تأثير على الحكومات

بعد سنة على اندلاع الحرب في قطاع غزة، لم يخفت الدعم الشعبي الثابت للفلسطينيين في البلدان العربية، لكن من دون أن يقترن بقرارات أو بخطوات موازية من جانب حكومات هذه الدول التي يطالبها المتضامنون بقطع علاقاتها مع إسرائيل.

قبيل تظاهرة في المنامة منتصف سبتمبر، قال الشاب البحريني أحمد (27 عاما)، مفضلا عدم ذكر اسمه كاملا، « تتجاهل حكومتنا مثل بقية الحكومات العربية مطالب شعوبها، بما فيها قطع العلاقات مع الكيان (الإسرائيلي) الغاصب وطرد سفيره ».

على المستوى الرسمي، تجمع الدول العربية على إدانة الرد الإسرائيلي على الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس على الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر 2023.

لكن الحرب المستمرة في غزة والمتمددة إلى لبنان لم تسفر عما هو أبعد من الانتقادات العلنية، باستثناء قرار السعودية رفض أي تطبيع للعلاقات مع إسرائيل من دون إقامة الدولة الفلسطينية.

كذلك، لا يشارك في مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة سوى الوسيطين التقليديين مصر وقطر.

وجاء الرد الأقوى في المنطقة، الثلاثاء، من طرف إيران التي شنت هجوما صاروخيا على إسرائيل.

قبل فترة قصيرة، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي « السؤال المطروح هو هل إلغاء اتفاقية السلام يخدم فلسطين ويخدم الأردن، نحن لا نعتقد ذلك »، رغم إقراره أن الاتفاقية الموقعة العام 1994 « باتت وثيقة يملؤها الغبار ».

في المقابل، ترتفع الأصوات المؤيدة للقضية الفلسطينية في الشارع في البلدان التي يسمح فيها بالتظاهر.

وتجمع التظاهرات على اعتبار « التطبيع خيانة » و »فلسطين أمانة »، كما يردد المتظاهرون في البحرين والمغرب اللذان طبعا على غرار الإمارات والسودان العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل منذ أواخر العام 2020 برعاية أمريكية.

في الرباط، يوضح عضو مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، رشيد فلولي، أن المغرب شهد منذ بدء الحرب في غزة حوالى 5 آلاف تظاهرة، إضافة إلى عدة مسيرات وطنية للتضامن مع فلسطين والمطالبة بإسقاط اتفاق التطبيع.

يعتبر فلولي الذي يتظاهر مرتين في الأسبوع بالرباط، أن المكسب الأهم يتمثل في حشد « جيل جديد » مؤيد للقضية الفلسطينية. لكن ذلك لم يؤثر على الحكومة المغربية، علما أن اتفاق التطبيع يتضمن أيضا اعتراف واشنطن بسيادة المملكة على الصحراء.

يقول الباحث في معهد دول الخليج العربية بواشنطن حسين إبيش، إن الدول التي أقامت علاقات مع إسرائيل « كانت لديها أسباب لذلك، وهذه الأسباب لا تزال قائمة ».

من جهته، يؤكد مدير منطقة شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية ريكاردو فابياني وجود الكثير من المصالح التي تحول دون تغيير الوضع، مثل اتفاقيات التعاون الأمني والدعم الدبلوماسي، ونقل التكنولوجيا العسكرية فضلا عن الاستفادة من الدعم الأمريكي.

ويتابع « هناك أيضا مسألة عدم التراجع أمام الضغوط الشعبية، الذي قد يشكل سابقة خطرة بالنسبة لجزء غير يسير من تلك البلدان ».

ويرى حسين إبيش أن « كابوس » المنطقة يتمثل « بعودة ظهور كل المطالب التي رفعت خلال الربيع العربي والتي لم تتم الاستجابة لها ».

ويوضح « المعادلة هي أن قمع (الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين) سيعطي الكلمة لأولئك الذين يمكن أن يطرحوا قضايا سوء الإدارة والمعاملة القاسية وغياب دولة القانون والبطالة… ».

ويعتبر أن ثمة انفصالا إلى حد كبير بين الشعوب ومسارات صنع القرار التي تظل مغلقة من طرف القادة، بحيث لا يبقى أمامها سوى التعبير عن « عواطفها » إزاء الحرب، رافضا في الوقت نفسه فكرة وجود « شارع عربي » موحد.

ويخلص إلى أن السلطات « قررت أن السماح بالتظاهرات يتيح تنفيس الضغط ويعد أكثر أمانا ».

في البلدان التي يمنع فيها التعبير في الشوارع، يتخذ التضامن مع الفلسطينيين أشكالا أخرى.

في مصر، وهي أول دولة عربية توقع اتفاقية سلام مع إسرائيل في العام 1979، يعبر عن هذا التضامن من خلال حملة لمقاطعة الشركات التي تعتبر داعمة لإسرائيل، بينما تم تفريق تظاهرات في الشارع بسرعة العام الماضي.

في هذا الصدد، طرح مؤيدون للقضية الفلسطينية تطبيقا يحمل على الهاتف لكشف ما إذا كانت السلع من إنتاج إحدى الشركات التي يجب مقاطعتها. ويوضح مصممو التطبيق المسمى « قضيتي » أن « فلسطين ليست قضية تخص الفلسطينيين وحدهم ».

يرى فابياني « من الواضح برأيي أن هذا ليس له تأثير ».

لكنه يستطرد « هناك أجيال نشأت بعد الربيع العربي ولم تعرف بالتالي إمكانية التعبير بحرية عن آرائها، واليوم يتشكل لديها وعي سياسي من خلال القضية الفلسطينية ».

ويضيف « السؤال المطروح هو ما إذا كنا سنرى بروز أجيال جديدة من السياسيين في غضون خمسة أو عشرة أعوام في تلك البلدان ».

في انتظار ذلك تتيح مواقع التواصل الاجتماعي حرية أكبر للتعبير، حيث لا يزال هاشتاغ « لا ننسى » متداولا منذ عام.

 

فرانس برس

كلمات دلالية احتاجاجات العرب المغرب حرب فلسطين لبنان

مقالات مشابهة

  • الخارجية الفلبينية: لا فلبينيين على متن ناقلة النفط التي هاجمها الحوثيون في البحر الأحمر
  • هذه حقيقة السيدة اليزيدية التي كانت في قطاع غزة / فيديو
  • السلطات الكينية تطالب اللاجئين و طالبي اللجوء بتسليم جوازات سفرهم إلى الجهات المختصة
  • باحثة سياسية: الولايات المتحدة الأمريكية هي التي تسير الأمور في الشرق الأوسط
  • دعم شعبي ثابت في الدول العربية للفلسطينيين من دون تأثير على الحكومات
  • دعم شعبي عربي كامل للفلسطينيين.. ومطالبات بإنهاء التطبيع
  • «الصحة العالمية»: تعزيز أنظمة الرعاية والدعم للمسنين في جميع أنحاء العالم
  • مندوب إيران بالأمم المتحدة: الضربات الصاروخية كانت ضرورية
  • ما هي الصواريخ التي تمتلكها إيران؟
  • السفارة الأمريكية: نشعر بالقلق من الأضرار التي لحقت بمقر سفير الإمارات في السودان