لجريدة عمان:
2025-02-24@11:24:00 GMT

البلدان الغنية وطالبو اللجوء

تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT

تأمَل حكومة المحافظين ببريطانيا في شق الإجماع الذي انعقد بعد الحرب العالمية الثانية بوجوب منح الناس المضطهدين حول العالم حق اللجوء. فبموجب مشروع قانون أجازه البرلمان في أبريل سيتم إيجازيًا (دون إبطاء) إرسال طالبي اللجوء الذين يصلون لبريطانيا بوسائل غير نظامية (مثلا بواسطة قوارب عبر القنال من فرنسا إلى رواندا) حيث يتولى المسؤولون في كيجالي تقييم طلباتهم وإذا قبلت سيمنحون حق اللجوء في ذلك البلد الإفريقي.

الخطة مشكوك في قانونيتها. لقد مُرِّرَت على الرغم من اعتراضات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وأيضا المحكمة العليا في بريطانيا نفسها والتي دفعت بأن رواندا بالكاد يمكن أن توصف بأنها ملاذ.

يقول منتقدو هذا التشريع: إنه تحرك سياسي القصد منه مساعدة المحافظين في الانتخابات العامة التي يتوقع قيامها في وقت لاحق هذا العام. ومن المستبعد استمراره طويلًا. فمن المتوقع أن يخسر المحافظون بشكل كبير أمام حزب العمال الذي تعهد بإلغائه.

وعلى الرغم من أن دفع ما يصل إلى نصف مليون جنيه إلى حكومة بعيدة لتولي مسؤولية اللجوء غير مقبول كما يبدو ألا أن تكتيك بريطانيا هذا ليس فريدًا. فالبلدان الغنية حول العالم تواجه أعدادا ضخمة من المهاجرين الذين يتوافدون إلى حدودها وتجرِّب إجراءات متشددة لمنع دخولهم.

تكتيك حزب المحافظين مقتبس من أستراليا. ففي الفترة بين 2012 و2014 قامت بترحيل طالبي اللجوء الذين كانوا يفدون إليها بالقوارب إلى ناورا وغينيا بابوا الجديدة وذلك قبل أن تتحول إلى اعتراض القوارب في عرض البحر وإعادتها من حيث أتت.

وفي أوروبا أبرمت إيطاليا صفقة تستضيف بموجبها ألبانيا مراكز استقبال للمهاجرين (رغم أنها ستدار بواسطة مسؤولين إيطاليين وسيتم توطين المهاجرين الذين يحصلون على حق اللجوء في إيطاليا).

وأجازت الدنمارك تشريعًا في عام 2021 يسمح لها بترحيل طالبي اللجوء إلى خارج أوروبا بهدف تحقيق «صفر طالبي لجوء» حسبما ذكرت رئيسة وزرائها ميته فريدريسكن.

وتحاول الولايات المتحدة منع طالبي اللجوء من دخولهم إلى أراضيها منذ أيام إدارة ترامب والتي بعد فشل عدة محاولات في المحاكم نجحت أخيرًا في إبعاد المهاجرين إيجازيا بإعلان طوارئ الصحة العامة أثناء جائحة كورونا.

الرئيس بايدن أيضا يستكشف وسائل بديلة لإبقاء المهاجرين خارج الحدود. ففي العام الماضي رتب مع المكسيك لقبول 39 ألف مهاجر مُبعَد شهريا قدموا من فنزويلا ونيكاراجوا وهايتي وكوبا. ومؤخرا جدا هدد بايدن «بإغلاق» الحدود أمام المهاجرين الذين يدخلون الولايات المتحدة بطريقة غير قانونية سعيا وراء اللجوء.

نُصبت هذه الحواجز لوقف تدفقات غير مسبوقة للباحثين عن أماكن لجوء آمنة حول العالم. استقبلت الولايات المتحدة 1.8 مليون طالب لجوء في عام 2022 مقارنة بحوالي 19 ألف قبل عشر سنوات. وقفز عدد طالبي اللجوء في بريطانيا إلى ما يقرب من عشرة أضعاف إلى 167 ألفًا. وعالميًا تضخمت أعدادهم من 950 ألفًا في عام 2012 إلى أكثر من 6 ملايين في يونيو من العام الماضي.

هذا إضافة إلى ما يزيد عن 35 مليون شخص اعترفت بهم المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة كلاجئين وأيضا أكثر من 5 ملايين فنزويلي والذين -رغم عدم اعتبارهم طالبي لجوء- فروا من بلدهم ولجأ معظمهم إلى بلدان أمريكا اللاتينية.

اتفاقية الأمم المتحدة بشأن وضع اللاجئين لعام 1951 والتي أقرَّت الحق في الحماية من القمع والاضطهاد في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية لم يتم إعدادها لهذا الغرض. فهي لم تتصور فرار الناس من دول فاشلة أو تسيطر عليها إلى حد كبير منظمات إجرامية ووحشية أو متأثرة بالتغير المناخي.

ولم يتوقع واضعو الاتفاقية قدوم شبكة الإنترنت التي ساعدت المهاجرين في القيام برحلات كانت مستحيلة قبل ربع قرن. لقد حدث آخر إصلاح لقانون الهجرة الأمريكي حوالي عام 1990وقبل فترة طويلة من شرح فيديوهات (تيك توك) أفضل طريقة لعبور غابة «دارين جاب» بين كولومبيا وبنما ومساعدة «ترجمة جوجل» المهاجرين الصينيين أثناء عبورهم المكسيك.

مع ذلك لا يمكن أن يكون نصب حواجز لمنع طالبي اللجوء حلًا، فبلدان الدخل المنخفض والمتوسط اليوم تستضيف أكثر من ثلاثة أرباع لاجئي العالم، والحواجز الجديدة في بلدان العالم الغني تسهم في تضخم أعداد المهاجرين في بلدان أقل قدرة على دمجهم في مجتمعاتها واقتصاداتها.

نظريا، هنالك حلول متاحة، ففي أوروبا كما في الأمريكيتين تبدو الاتفاقيات الإقليمية (الجماعية) لاقتسام عبء الهجرة لا غنى عنها لرفع الضغط عن كل بلد بمفرده. بريطانيا، على نحو ما، جلبت لنفسها أزمة طالبي اللجوء عندما خرجت من الاتحاد الأوروبي. لقد فقدت بذلك القدرة على تنسيق سياسات اللجوء مع البلدان الأخرى الأعضاء في الاتحاد. وهذه الأيام سيكون من الصعب جدا بالنسبة لها إقناع فرنسا بوقف عبور القوارب من سواحلها المطلة على القنال الإنجليزي.

لكن فرص وضع قرارات مستنيرة ضئيلة. في الشهر الماضي اتخذ الاتحاد الأوروبي خطوة أخرى لتقاسم العبء حيث طالب كل الأعضاء بالمساهمة على نحو ما. ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الاتفاقية ستفعل أي شيء أفضل من المحاولات السابقة التي فشلت كلها.

يوحي صعود الشعبويين المستبدين الذين يلوِّحون بشعارات كارهة للأجانب بأن جهود التنسيق ستنهار في معظمها عندما تحاول في المرة القادمة أعداد كبيرة من طالبي اللجوء الانتقال عبر الحدود الأوروبية.

صحيح لكي يظل اللجوء خيارًا صالحًا لأولئك الذين يفرون من العنف والقهر يجب أن يقتصر على ذلك الهدف. فاللجوء يجب ألا يكون بوابة دخول «متعدد الأغراض» لأي أحد يبحث عن حياة أفضل. ومن المعقول لبلدان الملاذات الغنية تشديد الإجراءات على نحو ما لضمان أن يحقق اللجوء غرضه.

لكن هذه القيود لن تكون فعالة إذا كانت بالغة الفظاظة. بل يجب توسيع الاتفاقيات الدولية لحماية المضطهدين بحيث تضع حسابا لأشكال العنف والقمع الجديدة التي تدفع الناس إلى الفرار من بلدانهم بما في ذلك تلك التي تنشأ عن فشل الدولة والإجرام. التغير المناخي أيضا يستدعي توسيع الفرص للمهاجرين الفارِّين من الحرمان.

ما هو صحيح أيضا أن أية مجموعة من الحواجز مهما كانت قوية لن تضعف عزيمة الناس على الهجرة. وإذا كانت أوروبا أو الولايات المتحدة تعتقد أنها يمكنها منع من استبدَّ بهم اليأس في العالم من الوصول إلى شواطئها سيخيب ظنها.

على بلدان الملاذات الغنية بدلا من العمل فقط لوقف الهجرة الإقرار بالقدرات العديدة التي يجلبها المهاجرون للاقتصادات المضيفة. ومن أجل ازدهارها هي نفسها على البلدان الغنية في الغرب التي يشيخ سكانها وتتناقص أعدادهم والمنكوبة بالشعبوية الكارهة للأجانب أن تتصالح مع حقيقة حاجتها إلى المهاجرين بأكثر مما تعتقد.

ادواردو بورتر محرر وكاتب رأي بصحيفة واشنطن بوست.

ترجمة خاصة لـ $

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة طالبی اللجوء لجوء فی

إقرأ أيضاً:

كيف غير ترامب العالم في شهر واحد ؟

قالت شبكة "سي إن إن" إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمضى أول شهر من ولايته الثانية في مهمة غير عادية، تمثلت في تفكيك النظام العالمي، بعد أن استغرقت الولايات المتحدة 80 عاماً في بنائه.

وأضافت الشبكة أنه عندما فاز ترامب في انتخابات العام الماضي، كان هناك شعور بين بعض الدبلوماسيين الغربيين في واشنطن بأن حكوماتهم تعرف التعامل مع رئيس كان في ولايته الأولى يصنع السياسة الخارجية بتغريداته. ولكن الصدمة التي دفعت الزعماء الأوروبيين إلى اجتماع طارئ في باريس هذا الأسبوع تشير إلى أنهم قللوا من فهم الدمار الذي قد تكون عليه ولاية ترامب الثانية.   ماذا فعل ترامب

عكس ترامب سياسة الولايات المتحدة تجاه الحرب في أوكرانيا، وانحاز إلى جانب روسيا بدل أوكرانيا. ويردد نقاط حديث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويحاول طرد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من السلطة.

كما سافر نائبه جي دي فانس إلى ميونيخ، فانتقد الزعماء الأوروبيين ووصفهم بـ "طغاة" يقمعون الفكر المحافظ، وضغط على ألمانيا لحملها على تفكيك "جدار الحماية" السياسي الذي أقامته لمنع الفاشيين من الفوز بالسلطة مرة أخرى.

ومن جانبه قال وزير الدفاع بيت هيغسيث للأوروبيين إنهم في حاجة الآن إلى "تولي مسؤولية الأمن التقليدي في القارة"، ما يلقي بظلال من الشك في العقيدة التأسيسية لحلف شمال الأطلسي المتمثلة في الدفاع المتبادل عن النفس.

"لم يتوقع أحد أن يرى رئيساً أميركياً يمسك بالفأس".. تحليل يوضح كيف غيّر #ترامب العالم في شهر واحد؟https://t.co/8phVhCTtjj

— CNN بالعربية (@cnnarabic) February 23, 2025 زعزعة الديمقراطيات

كما أشارت "سي إن إن" إلى أن انقلاب الولايات المتحدة على سياستها الخارجية التقليدية يأتي مدفوعاً بهواجس ترامب الخاصة والتغيرات الجيوسياسية الأوسع نطاقاً. حيث تظل الولايات المتحدة القوة الأقوى في العالم ولكنها لم تعد تتمتع بالقوة التي يمكنها أن تجبر الآخرين مثل الصين على العيش وفقاً لقواعدها.

وأصبح لديها الآن رئيس لا ينوي الالتزام بأي قواعد اقتصادية وتجارية ودبلوماسية على الإطلاق، ويهدد بضم كندا.

كما أن الإدارة الجديدة تسعى بنشاط إلى زعزعة استقرار الديمقراطيات الصديقة وتغذية حركة عالمية من الشعبوية اليمينية. حيث قال فانس إن الحكومات الأوروبية تهدد أمنها أكثر من الصين أو روسيا بسبب حرية التعبير والهجرة.

وتساءلت الشبكة "ماذا تستطيع أوروبا أن تفعل الآن بعد أن أصبحت أمريكا الدولة التي أعادت بناء القارة من رماد الحرب العالمية الثانية، قوة معادية بشكل علني؟".

وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، استناداً إلى تجربة تعامله مع ترامب في ولايته الأولى لسنوات من أن أوروبا في حاجة إلى إدراك أن أمريكا أصبحت شريكاً لا يمكن الاعتماد عليه.

وفي ظل الشكوك التي تحيط بالتزام الولايات المتحدة العسكري تجاه حلفائها، لم يعد أمام الأعضاء الآخرين في حلف شمال الأطلسي أي خيار سوى زيادة الإنفاق العسكري، ما وسيكون مؤلماً لأن العديد من حكومات أوروبا تكافح بالفعل لتحقيق التوازن في ميزانياتها، وتتعرض لضغوط شديدة للحفاظ على رفاهية شعوبها. وسيكون إقناع كافة أعضاء الاتحاد الأوروبي بالاتفاق على مسار أكثر استقلالية بمثابة خيانة.

ما هو المتوقع ؟

إذا لم تحدث مفاجأة كبيرة، فإن القصة الدولية الكبرى ستكون أوكرانيا، وقد نتعرف أكثر على احتمالات التوصل إلى اتفاق سلام لإنهاء الحرب وكيفية تنفيذه عندما يزور ماكرون البيت الأبيض يوم الإثنين ويتبعه رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يوم الخميس.

وستكون الزيارات حاسمة لإظهار إذا كان هناك أي مجال للتعاون الأمريكي الأوروبي حول الحرب، بعد  استبعاد القارة من المحادثات الأمريكية في السعودية مع روسيا هذا الأسبوع.

وتقول بريطانيا وفرنسا إنهما على استعداد لإرسال قوات إلى أوكرانيا لمراقبة أي سلام نهائي، ولكن يصعب فهم أن مثل هذه العملية يمكن أن تنفذ دون دعم جوي واستخباراتي ولوجستي أمريكي. وتسائلت سي إن إن "هل أن ترامب مستعد لذلك والمجازفة بإغضاب موسكو، التي استبعدت بالفعل فكرة نشر قوات أجنبية في أوكرانيا؟".

مقالات مشابهة

  • «رويترز»: إدارة ترامب توجه بتعقب أطفال المهاجرين وترحليهم
  • ضمن حملة حماة تنبض من جديد… استمرار فتح الطرقات وإزالة الحواجز الإسمنتية التي وضعها النظام البائد
  • حق اللجوء يتراجع عالميا مع ظهور اليمين المتطرف
  • كيف غير ترامب العالم في شهر واحد ؟
  • دراسة: الأطعمة الغنية بالفلافونويد تحسن نتائج الشيخوخة لدى كبار السن
  • ترامب: سأنهي الحرب الروسية الأوكرانية وسنستعيد أموالنا التي دفعناها لأوكرانيا
  • أبرز الإقالات التي أجراها ترامب منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم
  • بعد النجاحات التي حققها.. العربي الأوربي لحقوق الإنسان يتحصل على صفة «مراقب»
  • نائب ترامب: لولا الكرم الأميركي ما كانت أوكرانيا موجودة