يمانيون – متابعات
أظهر قمعُ الاحتجاجاتِ الطلابية في الجامعات الأمريكية، زيفَ كُـلِّ ما يروِّجُه النظامُ الأمريكي لنفسِه منذ عقود عن حمايتِهِ للحريات، والدفاع عن حقوق الإنسان، وكشف أنّ هذه الشعاراتِ لا تعد سوى فقاقيعَ إعلاميةٍ يتغنَّى بها زيفاً أمامَ العالم!

وأمامَ مأساةِ غزةَ غيرِ المسبوقة في التاريخ الحديث، سقطت الأقنعةُ، وانحدرت أمريكا بقوتِها المزعومة إلى مجاراة التوحش الإسرائيلي إلى حَــدِّ منع وقمع ثورة الجامعات الأمريكية المندّدة بالإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الإسرائيلي المحتلّ في قطاع غزة، وبدعم مباشر من الإدارة الأمريكية، عبرَ إمدَاد الكيان بالسلاح والمال، بل والمشاركة في التخطيط والتنفيذ لجرائم الإبادة، وحصار المدنيين الذي يفضي إلى الموت، وهي وحدَها جريمةُ حربٍ مكتملة الأركان.

وفي هذا الشأن يقول السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله-: “إنَّ الدورَ الأمريكي في العدوان على الشعب الفلسطيني، برز بشكل واضح ليس فقط في الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي، أَو في العالم العربي والإسلامي، أَو على المستوى الخارجي، بل ظهر في الداخل الأمريكي، حَيثُ بلغ التدخُّلُ الأمريكي، والرعونةُ، والتوحش، والإجرام، والاشتراك الأعمى مع العدوّ الإسرائيلي، إلى الاستهداف لأي نشاطٍ داخل أمريكا نفسِها، برغم أنه نشاط سلمي، يستند إلى القانون الأمريكي، ويستند إلى الحقوق، التي هي معترفٌ بها في الدستور الأمريكي، والقانون الأمريكي”.

ويضيف: “عندما يتحَرَّكُ البعضُ من أبناء الشعب الأمريكي للاعتراضِ على جرائم الإبادة الجماعية، والمطالبة بوقف جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، والاحتجاج ضد التجويع للشعب الفلسطيني، يقوم الأمريكي بالتعامل على مستوى مؤسّساته الرسمية هناك في أمريكا، بالتعامل بقسوة كاملة، وبدون أي احترام، لا لقوانينه، ولا لدستوره، ولا لأيَّةِ عناوينَ يرفعها ويتباها بها، كعنوان الديمقراطية، وحُريَّة الرأي، وحُريَّة التعبير، فبمُجَـرّد المطالبة بوقف جرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، لا يطيق أبداً أن يصغيَ لمثل هذه المطالبة، لمثل هذه الأصوات، بل يسعى لمنعها، يسعى لألَّا يكون هناك من يتكلم، من يحتج، من يعترض، من يطالب، لا يريد أبداً حتى إلى هذا المستوى، إلى هذا المستوى”.

وأمام المظاهرات، والاحتجاجات، والاعتصامات، التي أتت مؤخّراً في بعضِ الجامعات الأمريكية البارزة، وفي بعض دول المجتمع الغربي، يؤكّـد السيد القائد أنّ “حقيقةَ الدور الأمريكي تجلت بشكل واضح؛ فهو لا يراعي أيةَ اعتبارات على الإطلاق، ولم يُصْغِ لكل الاحتجاجات التي خرجت في مختلفِ أنحاء العالم، وفي مختلف القارات؛ للمطالبة بوقف جرائم الإبادة الجماعية، ضد الشعب الفلسطيني في غزة، ولا لأصوات الدول التي صوَّتت في الأمم المتحدة، لصالحِ وقف جرائم الإبادة الجماعية، والتجويع للشعب الفلسطيني في غزة، ولم يتعامَلِ الأمريكي مع الجامعات التي لها -حسب ما يُفترَضُ بهم- في أعرافهم، في قوانينهم، في عناوينهم التي يقدِّمونها على أنها عناوينُ حضارية، أن يحترمَها، وتحترمها السلطات الأمريكية، بل كان التعامل مع المظاهرات والاحتجاجات في الجامعات الأمريكية تعاملاً سيئاً، يتجاوز كُـلَّ شيء، ولا يعطي أي اعتبار لأي شيء، أولاً: بالإرهاب، والتهديد، والتحذير، والحملات الإعلامية، وخرج الرئيس الأمريكي بنفسه، وخرج رئيس الكونغرس الأمريكي بنفسه، وخرج مسؤولون أمريكيون؛ ليعبِّروا بعباراتٍ سخيفة، وعبارات فيها تهديد، فيها إرهاب، فيها تشنيع، فيها انتقاد، فيها تهديد لتلك الجامعات، وللمحتجين فيها، إلى درجة التهديد لبعض مسؤولي ورؤساء تلك الجامعات بالإقالة، والطرد من مناصبهم، إن لم تتوقف تلك الاحتجاجات”.

جرائم أمريكا:

وبخصوص استخدام القوة والعنف ضد المتظاهرين من الطلاب، المطالبين بوقف العدوان الإسرائيلي في غزة، واعتقال الشرطة الأمريكية للمئات منهم، يقول الناشط الحقوقي علي جسار: “إنّ أمريكا تجاوزت نازية النازيين، وفاشية الفاشيين، وهذه “إسرائيل” الدموية ليست إلا سيئة من سيئات أمريكا التي تدَّعي حماية حقوق الإنسان، فهي التي شنت عدواناً غاشماً، وحصاراً ظالماً على اليمن منذ أكثر من تسع سنوات، وارتكبت فيه أبشع الجرائم بحق المدنيين الأبرياء، وهي التي ترتكب اليوم أبشع المجازر بحق الأبرياء في غزة، بل ووصل بها الحد إلى الاعتداء على المتظاهرين السلميين الذين لهم الحق في حرية التعبير، وحرية الرأي بطرق سلمية، والتي كفلته المواثيق والمعاهدات والاتّفاقيات الدولية، ناهيك عن الدستور الأمريكي والقوانين الأمريكية ذات الصلة”.

ويضيف أنّ “سجل أمريكا في مجال حقوق الإنسان مزرٍ منذ إبادة السكان الأصليين لأمريكا “الهنود الحمر” فالقوات الأمريكية غزت العراق، وقتلت وأعاقت أكثر من مليوني ونصف المليون عراقي، فضلاً عن جرائم الاغتصاب، وانتهاكات حقوق الإنسان الأُخرى، ونهب موارد وخيرات العراق، وسرقة أصوله النقدية والحضارية والتراثية وغيرها بكِذبة امتلاك صدام حسين أسلحة دمار شامل”.

ووفقاً لجسار فَــإنَّ هناك العديدَ من الفترات المخزية في التاريخ الأمريكي، الإبادة الجماعية التي قامت بها أمريكا ضد الشعوب الأصلية، العبودية، القمع العنيف للحركة العمالية التي شهدت مقتل مئات العمال، والإعدام خارج القانون في، فيتنام –العراق –أفغانستان -ليبيا، بالإضافة إلى جرائم الإبادة الجماعية في غزة، التي تمولها أمريكا وتدعمها.

ويشير إلى أنّ التعديل الأول للدستور الأمريكي يحمي حرية التعبير مهما كان محتواها جدلياً أَو “مُسيئاً” وينصّ التعديل على أن لا يُصدر الكونغرس أي قانون خاص بإقامة دين من الأديان أَو يمنع حرية ممارسته، أَو يحد من حرية الكلام أَو الصحافة، أَو من حق الناس في الاجتماع سلمياً، وفي مطالبة الحكومة بإنصافهم من الإجحاف.

ولهذا، فَــإنَّ اعتقال الشرطة الأمريكية وفق للإحصاء الذي نشرته “أسوشيتد برس” لأكثرَ من 2000 طالب؛ بسَببِ احتجاجات، دعوا فيها إلى وقف العدوان الإسرائيلي، ودعوا جامعاتهم إلى سحب مواردها المالية بالكامل من الشركات والمؤسّسات الإسرائيلية، أَو تلك المستفيدة من التعامل مع “الاحتلال الإسرائيلي”، بحسب تعبير المحتجين، يطرح تساؤلات حول دستورية وقانونية فَضِّ الاحتجاجات باستخدام القوّة.

الإبادةُ الجماعية ليست مُعَـادَاةً للسامية:

وعندما تتعلَّقُ حريةُ التعبير بنقد الاحتلال الإسرائيلي والتعاطف مع فلسطين يقول جسار: إنّ “الإداراتِ الأمريكية تستخدمُ حرية التعبير كشعارات مزيفة تهدف إلى تطبيق سياستها فقط، ولكن عندما يتعلق الأمر بـ “إسرائيل”، فَــإنَّ تلك الحريات والحقوق تغيب، وتحضر أساليب العنف والقمع؛ لأَنَّ ذلك يعتبر مخالفاً لتلك السياسات التضليلية التي تفرضها الإدارات الأمريكية على الشعوب؛ ولهذا تقوم بتجريم ومعاقبة الصوت أَو الخطاب المؤيد لفلسطين، وتوجّـه الاتّهامات بطريقة عشوائية ضد أي شخص لا يدعم بشكل كافٍ الحربَ الإسرائيلية على غزة، بمُعَـادَاة السامية؛ وبهذا المعنى الواسع للكلمة، فأي شيء بسيط، وأخلاقي مثل دعم الحقوق الأَسَاسية للشعب الفلسطيني، هو محل اتّهام”.

ويرى جسار أنّ “الاحتجاجات الطلابية على مر التاريخ الأمريكي وغير الأمريكي، لم تكن -في مجملها- مُجَـرَّدَ نزهة للتعبير عن الرأي دون أثر ملموس؛ فهناك بعضها الذي استطاع أن يُحدث تأثيرات غائرة في المجتمع والمشهد السياسي بصفة عامة، بل منها من أنهى حروبًا وأطاح بأنظمة تشريعية وحكومية بأكملها، كان لها صداها على سياسة البلدان والحكومات، وهذا ما يخيف الإدارات الأمريكية”.

ويؤكّـد أنّ “الحراك الطلابي الجامعيَّ مُستمرّ في التنامي والتوسع والامتداد، مكتسحاً ساحات أكثر من 50 جامعة أمريكية، رغم الاعتداءات والاعتقالات الواسعة التي تعرض لها طلاب وأساتذة الجامعات الأمريكية المناصرين لفلسطين، والمطالبين بوقف الحرب العدوانية الهمجية والإبادة الجماعية، التي يرتكبها كيان وجيش الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بل واشتعلت على غراره احتجاجات طلابية في عدة جامعات أُورُوبية؛ مما يشير إلى تحول الحراك الطلابي الذي بدأ في عدد من الجامعات الأمريكية إلى حراك جامعي دولي”.

وبحسب الناشط الحقوقي جسار فَــإنَّ “الانتهاكات الحقوقية غير المسبوقة، والاعتداءات العنيفة التي تعرض لها المحتجون في الجامعات الأمريكية من قِبل أجهزة الشرطة والأجهزة الأمنية، لم تستطع أن توقف تزايد وتنامي وتوسع الحراك الطلابي، ولم تفلح الشعارات المضللة التي أطلقتها السلطاتُ الأمريكية ضد المتظاهرين السلميين، ومنها الادِّعاء المفضوح بمُعَاداة السامية، والتي رد عليها المتظاهرون والناشطون وغيرُهم من النخب السياسية والأكاديمية والحقوقية، بأن التنديد بمجازر الإبادة الجماعية ليست مُعَـادَاةً للسامية، وأنّ المطالَبةَ بوقف الحرب العدوانية ليست مُعَـادَاةً للسامية، وقد فضحت هذه الاعتصامات الطلابية وما لحقت بها من انتهاكات واعتقالات واسعة وغير مسبوقة الدولة التي يتفاخر مسؤولوها وصانعو قرارها بديمقراطيتهم وبدفاعهم ورعايتهم وحمايتهم للحقوق والحريات، حَيثُ واجه ويواجه طلبة الجامعات الأمريكية انتهاكات واعتقالات متواصلة؛ بسَببِ ممارستهم حقهم في التعبير عن رفض دعم بلادهم لـ “إسرائيل” في حربها العدوانية على قطاع غزة”.

وبالطبع، يُساءُ استخدامُ كُـلِّ المفاهيم الحقوقية من حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل، أَو حريات التعبير والديمقراطية، للضغط على الدول الإسلامية والعالم الثالث، ولكن عندما يتعلق الأمر بـ “إسرائيل” أَو النظام العالمي، فَــإنَّ كُـلّ هذه الحقوق يتم تجاهلها، ولا محل لها من الإعراب.

صحوةٌ شعبيّة:

وعن استمرار مظاهرات واعتصامات طلاب الجامعات الأمريكية، على مستوى الولايات التي يتم فيها التنديد بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، يؤكّـد ناشطون حقوقيون، أنّ تلك المظاهراتِ واستمرارها وتوسعها تشير إلى صحوة الشعب الأمريكي، أَو شعوب العالم الغربي، مؤكّـدين أنّ تلك الصحوة ستدمّـر نظام الهيمنة الذي تقوده أمريكا ضد شعوب العالم، مشيرينَ إلى أنّ وحشيةَ الاعتداءات الأمريكية على الطلاب، كشفت للجميع أنّ الشعارات التي على شكل القيم الغربية المزعومة مثل الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وحقوق المرأة، وحقوق الطفل، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، ما هي إلا أدوات للدعاية، لكن عندما يتعلق الأمر بالمسلمين والعالم الثالث، فلا وجود لها في واقع الأمر، كما أنها وسيلة لتحقيق المصالح الأمريكية، وأدَاة لخدمة مصالح الغرب بشكل عام.

ووفق الناشطين فَــإنَّ المظاهراتِ الأمريكية المناهضة لـ “إسرائيل”، ودعماً لفلسطين، والتي انطلقت من جامعة كولومبيا في نيويورك، وامتدت إلى عشرات الجامعات في ولايات أمريكية مختلفة، ثم إلى كندا وعدد من الدول التي تدعم “إسرائيل” بشكل علني، مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا، ورغم الإجراءات التعسفية والقمعية والاعتقالات التي تمارسها القوات الأمنية والشرطة ضد الطلاب والأساتذة على نطاق واسع، إلّا أنّ طلاب الجامعات الأمريكية والدولية مصممون على إشعال الانتفاضة العالمية، ومواصلة احتجاجاتهم.

وبحسب الناشطين فَــإنَّه سَرعانَ ما ستتحول صحوة الأمم والشعوب والاحتجاجات المُستمرّة منذ أشهر في جميع أنحاء العالم، إلى انتفاضة عالمية ستدمّـر عرش الصهاينة والقوى العظمى التي تدعمهم، وتتسبب في انهيار نظام القمع الذي تقوده الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي.

استثنائيةٌ بكل المقاييس:

وحول التداعيات السياسية لمظاهرات الجامعات الأمريكية، يقول سياسيون: إنّ التظاهُراتِ في الجامعات الأمريكية استثنائيةٌ بكل المقاييس، ولها تداعياتٌ كثيرة تترتب عليها على المدى القريب والبعيد، وسيُبنى عليها مستقبلًا، سيكون لها أثره البالغ في مركَزية القضية الفلسطينية لدى العقل الجمعي الأمريكي من جانب، وموقع وصورة دولة الاحتلال من جانب آخر.

فقبل السابع من أُكتوبر/ الماضي، لم تكن القضية الفلسطينية تحتل أية مكانة تذكر لدى الشباب الأمريكي والغربي بصفة عامة، هذا الشباب الذي نجحت الآلة الصهيونية في غسل أدمغته، على مدار سنوات طويلة بسرديات ومنهجيات وروايات تؤصل لمظلومية اليهود، ومخطّطات الإبادة التي ينفذها العرب لإلقائهم في الجحيم وطمسهم من على الأرض.

وفي استطلاع رأي أجراه معهد هارفارد للسياسة خلال الفترة بين 14-21 مارس/آذار الماضي على 2010 شباب أمريكيين تتراوح أعمارهم بين 18-29 عاماً، جاءت النتيجة صادمةً لصناع القرار في الولايات المتحدة، حَيثُ كانت تأييد 51 % من هؤلاء الشباب لوقف إطلاق النار في مقابل معارضة 10 % فقط، وهي النتيجة التي تعكس حجم التغيير الذي لحق بجيل الشباب، مقارنة بما كان عليه قبل السابع من أُكتوبر/ الماضي.

هذه النتيجة حتمًا سيكون لها ما بَعدَها، وستبدأ مرحلة جديدة من التوازن حتى في الشعارات المستخدمة بشأن الصراع العربي الإسرائيلي، فلم تعد شعارات التأييد المطلق لـ “إسرائيل” هي المهيمنة على المشهد، حَيثُ بدأت أُخرى تنافسها وتزاحمها في الأمر، تلك التي تدعم حقوق الشعب الفلسطيني، وتندّد بإجرام الكيان المحتلّ، وتتعامل معه كدولة مجرمة وعنصرية.

انعكاساتٌ مستقبلية:

وحول الأهداف الأمريكية من الاعتداءات والاعتقالات على الطلاب وقمعهم، يقول حقوقيون: إنّ الاعتداءات الأمريكية تشير إلى عدة أهداف، منها محاولة أمريكا قمع كُـلّ صوت معارض للسياسة الأمريكية المنحازة للمستعمر الإسرائيلي، خلافاً لقيمها المزعومة بالحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، ووقف مختلف أشكال الفعاليات؛ باعتبَارها بدايةً جادَّةً تشي بتحولٍ سريعٍ لدى الرأي العام الأمريكي تجاه “إسرائيل” بعد سقوط القناع عن وجهها الدموي القبيح، بزعمها أنها دولة وديعة، ديمقراطية، مسالمة، وكشف الحقيقة عن طبيعة هذا الكيان الاستعماري، العدواني، الإجرامي، الذي مارس أبشع صور الجرائم والمجازر بوحشية، مستخدماً كافة أشكال وأنواع الأسلحة، بما فيها المحرَّمة دوليًّا، لم يشهد لها التاريخُ مثيلاً؛ مما سينعكسُ مستقبلاً على السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط عُمُـومًا، والقضية الفلسطينية خُصُوصاً، بِغَضِّ النظر عن الحزبِ الحاكم.

المسيرة/ عباس القاعدي

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: جرائم الإبادة الجماعیة فی الجامعات الأمریکیة الشعب الفلسطینی حقوق الإنسان ة التعبیر قطاع غزة ف ــإن فی غزة

إقرأ أيضاً:

اعترافات خلية التجسس تكشف أبرز وسائل وأساليب الاستهداف الأمريكي للواقع الثقافي باليمن

يمانيون – متابعات
كشفت الاعترافات الجديدة لشبكة التجسس الأمريكية ـ “الإسرائيلية”، عن الوسائل والأساليب التي استخدمها العدو الأمريكي في استهداف الواقع الثقافي في اليمن واستقطاب وتجنيد الشباب للعمل لصالحه.

وتضمنت الاعترافات التي نشرتها الأجهزة الأمنية، أهم وسائل الاستهداف والاستقطاب والتجنيد أبرزها برامج ومشاريع الملحقية الثقافية في السفارة الأمريكية، والمنح الداخلية في المعاهد والجامعات، والمنح الخارجية في أمريكا، والشركات والمنظمات المرتبطة والتابعة للاستخبارات الأمريكية.

طلاب في المصيدة

وفي هذا السياق أشار الجاسوس بسام المردحي في اعترافاته إلى أن السفارة الأمريكية قدمت العديد من المنح للمواطنين اليمنيين في مجالات عدة منها المجالين الأمني والعسكري، ومنح أخرى كان يقدمها الملحق الثقافي منها منح تبادل ثقافي خصوصا لخريجي الجامعات، ومنح تبادل علمي، إضافة إلى منح لصحفيين ورسامين، وفنانين.

وذكر أنه وبعد أن “يقوم الأشخاص بالسفر إلى أمريكا يتم استقبالهم من قبل الجامعات والمعاهد ويتم عمل برامجَ تعليمية لهم وبرامج أخرى يتم من خلالها تغذيتهم بالأفكار والثقافة الأمريكية من تحرر وديمقراطية والأفكار الغربية التي لا تتناسب مع ثقافة اليمنيين”.

ولفت الجاسوس المردحي إلى أنه عندما يسافر بعض هؤلاء الطلاب إلى أمريكا يتم إسكانهم مع أسر أمريكية، وقد تكون هذه الأسر تابعة للـ CIA ويتم استغلال هؤلاء الطلاب وتغذيتهم بالأفكار الأمريكية واستغلالهم للقيام بعمل أبحاث ومقالات مقابل مبالغَ مالية 200 دولار فما فوق.

وأشار إلى أنه يتم أيضاً استقطاب هؤلاء الطلاب وتجنيدهم عبر استغلالهم إما عبر قصص حُبّ أو عبر الجنس أو عبر المخدرات أو عبر سد احتياجات ومساعدات، ويتم أيضاً أخذهم في رحلات في أمريكا، وخلال هذه الرحلات يقومون بتغذيتهم بالأفكار التحررية، ويتم في بعض الأحيان استغلالهم واستقطابهم للتجنيد من نواحٍ متعددة، حيث يعود الشخص بانطباع أن هؤلاء الأمريكيين طيبون، وأنهم أعطوه منحة بالمجان، وتكفلوا بالمصاريف والسكن.

فيما أوضح الجاسوس محمد الخراشي، أن “أسامة الآنسي كان يعمل لدى السفارة الأمريكية في صنعاء بقسم الملحقية الثقافية، وهو مدير المشاريع والبرامج، وعمله الرئيسي هو تمويل المشاريع والبرامج والمنح التي تهدف إلى غسل أدمغة القائمين الذين يأخذون المِنح، وتجنيدهم لصالح السفارة الأمريكية”.

ولفت إلى أن ” إيناس العليمي بدأت مسيرةَ عملها في السفارة الأمريكية في القنصلية، ومن بعدها انتقلت إلى قسم الملحقية الثقافية، وتعمل مديرة قسم في الملحقية الثقافية، وهو قسم متخصص في إنشاء أو ترشيح منح للشباب اليمني، وإرسالهم إلى الخارج لغسل أدمغتهم، وإرجاعهم كناشطين أو كخريجين يعملون لصالح الحكومة الأمريكية”.

وقال” خريجو ثالث ثانوي كثيراً ما يسافرون إلى الخارج، ويتم غسل أدمغتهم، ومعظمهم رجعوا بأفكار مختلفة عن قيمهم وعاداتهم التي كانوا عليها، ومعظم البنات بَدَأْنَ يفكِّرْنَ بالاستقلالية، وخلع الحجاب، وأشياء كثيرة”.

وأضاف “الشباب بدأوا يفكرون بالحرية وبعضهم أعلنوا المثلية في أمريكا، ولم يعودوا حيث جلسوا هناك بذريعة أنهم مثليون وشيء من هذا القبيل، وأصبحوا ناشطين في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي”.

برنامج الزائر الدولي

بدوره تطرق الجاسوس شايف الهمداني إلى برنامج الزائر الدولي الذي يعد أحد وسائل الاستقطاب، حيث أشار إلى أن الظاهر لهذا البرامج هو تبادل المعلومات والمنفعة الثقافية والتعليمية بين الشعوب، ولكن في الحقيقة هو يهتم ببناء علاقات واستقطاب شخصيات مؤثرة من مختلف شرائح المجتمع من سياسيين واقتصاديين وأكاديميين وغيرهم.

ولفت إلى أن الهدف من ذلك هو السيطرة على هؤلاء الأشخاص مما يسهل الحصول على معلومات منهم وأيضا التأثير على القرار في مختلف شؤون الحياة في اليمن بما يضمن السيطرة الأمريكية على هذا القرار وعلى المؤسسات التي يعملون فيها من خلال مشاركتهم في هذه البرامج بحيث يصبحون مصادر معلومات في هذا الجانب.

وبحسب الجاسوس الهمداني فإنه يتم التواصل مع هؤلاء الأشخاص بعد عودتهم من المشاركة في هذا البرنامج عبر دعوتهم إلى الحفلات الخاصة بالسفارة الأمريكية أو إلى اجتماعات مع مسؤولي الوكالات أو الملحقيات التي رشحت هؤلاء الأشخاص الذين لهم شخصيات بارزة تصل بهم إلى مرحلة صنع القرار مستقبلا ويصبحون مصدر معلومات للوكالات الأمريكية المختلفة بعد عودتهم من المشاركة.

بدوره أوضح الجاسوس هاشم الوزير أن ملف الاستقطاب من أهم الملفات التي تعمل عليها السفارة الأمريكية، حيث تبدأ العملية ببناء علاقة عادية مع الأشخاص تتدرج إلى تقوية العلاقة مع الأشخاص من خلال تكثيف الاجتماعات معهم وتوفير تسهيلات لهم ثم إرسالهم في برنامج الزائر الدولي إلى أمريكا وتعريضهم للقيم الغربية والأمريكية.

ولفت إلى أنه يتم أرسال هؤلاء الأشخاص إلى برامج في دول أخرى تابعة للأمريكيين أو مؤسسات تعليمية تابعة للأمريكيين بحيث يتم تشبعهم بالثقافة الأمريكية والغربية وضمان أنهم أصبحوا يدورون في نفس فلك هذه الثقافة وهذه التوجهات وهذه المصالح.

وأضاف” أستطيع القول بشكل عام أن الأغلبية طبعا يتم استقطابهم بواسطة المال والاعجاب بالثقافة الغربية واستخدام وسائل كبرنامج الزائر الدولي الذي يعتبر من أهم الوسائل العملية للاستقطاب وذلك من خلال اخذ الأشخاص إلى أمريكا وأبهارهم بالثقافة الأمريكية والغربية ومن ثم ضمان عودتهم إلى البلاد وعملهم لصالح الأمريكيين والغربيين.

معاهد للاستقطاب والتجنيد

وفي هذا السياق يقول الجاسوس هشام الوزير أن معهد أو مشروع أمديست، كان لديه مشاريع متعددة، أهمها القسم الإعلامي، حيث قام هذا المعهد بتدريب الشباب والبنات واستقطابهم، من خلال دراستهم في معاهد اللغة الإنجليزية التابعة للأمريكيين مثل معهد يالي ومعهد أمديست.

وأشار إلى أنه يتم التركيز على العناصر الذكية من هؤلاء الشباب والشابات وإرسالهم في منح لجهات أمريكية مثل الجامعة الأمريكية في بيروت، وَالجامعة الأمريكية في مصر، وَجامعة دوك في أمريكا، ثم يتم جر هؤلاء لخدمة المصالح الأمريكية.

حرب ناعمة على الدول النامية

بدوره تطرق الجاسوس جمال الشرعبي إلى الحرب الناعمة التي تستهدف بها أمريكا البلدان النامية ومنها اليمن.

وأشار إلى أن أمريكا تهدف من خلال هذه الحرب إلى نشر الثقافات الأمريكية في البلد، وسلخ الشباب عن هويتهم ومجتمعهم وجعلهم يؤمنون بثقافة الغرب، ونسيان ثقافتهم الدينية والوطنية، وتطعيم المناهج التعليمية بثقافة غربية؛ لنشر التبرج وكل ما ينسلخ بالشباب على المجتمع ويربطهم بالهويات الغربية.

الاستهداف الثقافي عبر الشركات والمنظمات

كما كشفت اعترافات الجاسوس عبد المعين عزان جانبا من الأنشطة التخريبية والاستخباراتية لشركة “لابس” التي تعد أحد الأذرع الناعمة للمخابرات المركزية الأمريكية.

وتعتبر شركة “لابس” إحدى شركات مجموعة موبي التابعة لرجل الأعمال الأفغاني سعد محسني، وهو تابع للمخابرات المركزية الأمريكية، وساعدته الأخيرة مع الجيش الأمريكي في إنشاء شركة موبي، والدخول إلى أفغانستان، وإنشاء شركة “لابس” في إطار المجموعة، ويفتتح أيضاً فروعاً لها في عدة دول منها في اليمن.

وفي العام 2013م تم افتتاح فرع لشركة “لابس” في اليمن من قبل امرأة بريطانية تدعى “سارة كاننجهام” بمساعدة رجل أعمال يمني، تابع للمخابرات المركزية الأمريكية.

وعملت الشركة لابس على مسارين رئيسيين في اليمن، المسار الأول هو جمع المعلومات، وإعداد الدراسات والمسوح في المجالات المختلفة السياسية والاقتصادية والثقافية والتنموية، وكل المجالات في البلاد التي كانت تعمل فيها، والثاني إعداد الحملات الإعلامية التي كانت تهدف إلى تغيير القناعات والتأثير أيضاً على الرأي العام في البلدان التي كانت تعمل وتنشط فيها الشركة.

وأشار الجاسوس عزان إلى أن الدراسات التي قامت بها الشركة تركزت بشكل أساسي على جمع المعلومات عن ميول المواطن اليمني وتوجهاته والتحديات التي تواجهه، وعن الوسائل التي يحب أن يتم مخاطبته من خلالها.

وذكر أن هذه المعلومات كانت ترسل بشكل أساسي وتشارك مع جهات مثل وزارة الدفاع الأمريكية، والمخابرات الأمريكية، بالإضافة إلى أنها كانت معلومات يمكن أن يتم استغلالها، والاستفادة منها سواء لأغراض عسكرية أو أمنية أو سياسية أو اقتصادية أو في أي شيء.

ومن الأنشطة الاستخباراتية التي قامت بها شركة “لابس” في اليمن، إعداد دراسة اللاند سكيب، وهي عبارة عن دراسة شاملة لمشهد الإعلام اليمني، لتحديد توجهات وميول المواطن اليمني وتحديد الوسائل الأكثر تأثيرا واللغة الأكثر قبولا لديه بهدف إرسال رسائل تعمل على تغيير قناعات المواطن اليمني.

وبحسب اعترافات الجاسوس عزان، فإن من الأنشطة الاستخباراتية لشركة لابس في اليمن أيضا عمل دراسة تستهدف تحديد الأذواق الشرائية وحتى القوة الشرائية للمواطن اليمني، وعن المنتجات التي يقبل عليها أكثر، والتي يرغب في شرائها، وتم مشاركة هذه الدراسة مع تجار أمريكيين وبريطانيين بغرض أن يدخلوا البضائع الأمريكية والبريطانية بالشكل الذي تحظى بالإقبال عليها من المواطن اليمني في حال ما تم استيرادها لليمن.

وأشار إلى أن من الأنشطة التي قامت بها شركة “لابس” إعداد وتنفيذ الحملات الإعلامية الواسعة، وذلك بالاعتماد على نتائج دراسات ومسوح المشهد الإعلامي اليمني المعروف بالـ “اللاند سكيب” الذي يعطي مؤشرات عن الوسائل الإعلامية الأكثر قرباً للمواطن اليمني، والأكثر شعبية واللغة المحببة له وذلك بغرض التأثير عليه، وتغيير قناعاته في مواضع معينة.

ويضيف الجاسوس عزان: “في العام 2017 نفذت شركة لابس في اليمن مشروع عن صحافة السلام، الممول من مبادرة الشراكة الشرق أوسطية، عبر منظمة آيريكس وهي منظمة أمريكية كانت تعمل في الأردن، وتضمنت أنشطة المشروع عقد ورش عمل ولقاءات وتدريبات لمجموعة من الصحفيين في وسائل مختلفة، وتم تنفيذها بالتزامن في صنعاء وعدن”.

وبحسب الاعترافات فإن الهدف من المشروع استقطاب وتجنيد الصحفيين واستخدامهم للنفوذ على المعلومات وتغيير قناعات الناس في مواضيع مختلفة مثل موضوع السلام وغيره وبحسب ما كان مقرر أن يكون أو بحسب ما تكون الحاجة إليه من معلومات.

استهداف رجال الدين

وفي إطار المخطط الأمريكي لاستهداف القطاع الثقافي باليمن، تطرق الجاسوس عبد المعين عزان، إلى دور منظمة “دار السلام” التي كانت من أبرز المنظمات المحلية المرتبطة بأدوار مخابراتية مشبوهة مع العدو.

وذكر الجاسوس عزان، أنه بدأ العمل في منظمة “دار السلام” مطلع العام 2018، وهي منظمة محلية أنشأها شيخ قبلي كان على علاقة وثيقة بالمعهد الديمقراطي الأمريكي، وقد أنشأت بدعم وتوجيهات من المعهد الديمقراطي الأمريكي، تحت شعار “حل النزاعات” وقد ارتبطت ارتباطاً مباشراً بالسفارة الأمريكية وسفارات أخرى وعدد من المنظمات الدولية، ولعبت أدواراً كبيرة في دعم الأجندات الأمريكية الإسرائيلية باليمن.

وذكر أن منظمة “دار السلام” عملت على عدد كبير من المشاريع والأنشطة المختلفة التي كانت تستهدف رجال الدين من الطوائف المختلفة في اليمن، وكانت تسعى لتعزيز ما يسمى الحوار الديني والتسامح الديني والمذهبي بين جميع الطوائف والأديان، وذلك بهدف اقناع رجال الدين في اليمن إلى قبول الطائفة اليهودية واحترامهم والتسامح معهم والتطبيع معهم.

وذكر الجاسوس عزان، أن منظمة “دار السلام” نفذت مشروعاً عندما كان مديراً تنفيذاً لها، بدعم وتمويل من الوكالة الألمانية للتنمية الـ GIZ حول ما يسمى التسامح والتعايش المذهبي الديني في اليمن، ويستهدف بشكل مباشر المناطق الواقعة تحت سلطة “أنصار الله”.

ولفت إلى أن المشروع استهدف خمسة من رجال الدين ممن كانوا على علاقة بالمنظمة، يمثلون المذاهب “الزيدية والشافعية والصوفيين والسلفية والإسماعيلية”، وقد هدف المشروع إلى تعزيز فكرة التطبيع والتسامح الديني مع اليهود.

شبكات التنصير

وكشف اعترافات الخلية أن الصهيونية تعمل على مدى عقود من الزمن على أنشطة التنصير واستقطاب العديد من الأشخاص وتحويلهم إلى عناصر تابعة لها مستخدمة عدة وسائل منها الوسائل الإعلامية ومنظمات ومؤسسات مختلفة كالجامعات والمدارس وصفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأشار الجاسوس عزان، إلى أن الجهات التبشيرية العاملة في اليمن كثيرة ومتعددة لكن كانت في أغلبها منظمات تتبع المؤسسات أو الكنائس البروتستانتية في أمريكا المرتبطة بالصهيونية العالمية.

مقالات مشابهة

  • الخارجية الأمريكية: لا تطبيع مع النظام السوري دون حل سياسي للصراع الأساسي
  • استقالة أصغر موظفة من الحكومة الأمريكية بسبب حرب غزة
  • موظفة بـ«الداخلية الأمريكية» تستقيل من منصبها لدعم إدارة بايدن للإبادة في غزة
  • مظاهرة في نيويورك رفضاً لما صرح به مرشحا الرئاسة الأميركية حول دعم الاحتلال الإسرائيلي
  • مظاهرة في نيويورك رفضاً لما صرح به مرشحاً الرئاسة الأميركية حول دعم الاحتلال الإسرائيلي
  • لليوم الـ 270.. إسرائيل تواصل حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة
  • اعترافات خلية التجسس تكشف أبرز وسائل وأساليب الاستهداف الأمريكي للواقع الثقافي باليمن
  • “العمل الإسلامي” يستنكر إطلاق مهرجان “صيف الأردن” في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية في غزة
  • فلسطين تطلب دورة غير عادية للمندوبين الدائمين بالجامعة العربية
  • مظاهرة في نيويورك رفضا لما صرح به مرشحا الرئاسة الأمريكية حول دعم الكيان الصهيوني