نظمت وزارة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، فعالية تحت شعار "اللغة العربية: مصدر الإلهام والإبداع"، بالتعاون مع ومنظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة "اليونسكو" في قصر الأمير محمد علي في حي المنيل بمحافظة القاهرة، وذلك في إطار المرحلة الثانية من المبادرة الرئاسية “اتكلم عربي”.

جاء ذلك بحضور وتشريف السيدة السفيرة سها جندي، وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، والدكتور رضا حجازي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، والدكتور مؤمن عثمان، والدكتورة نوريا سانز، المدير الإقليمي لمكتب منظمة اليونسكو بالقاهرة، ورئيس قطاع المتاحف بوزارة السياحة والآثار.

وفي مستهل الفعالية، ألقت السفيرة سها جندي، وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج، كلمة أعربت فيها عن خالص اعتزازها وتقديرها للتعاون الجاري بين وزارة الهجرة ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، قائلة: "إن مصر هي إحدى الدول المؤسسة لمنظمة اليونسكو، وتجمعنا علاقة وطيدة في مساعينا المشتركة للحفاظ على موروثنا الثقافي والطبيعي في آن واحد"، موجهة التحية لأبناء المصريين بالخارج الذين يتابعون هذه الفعالية عبر البث المباشر على منصات الوزارة ومبادرة "اتكلم عربي".

وتابعت: "لعل وجودنا اليوم في قصر الأمير محمد علي بالمنيل، هذه التحفة المعمارية الفريدة التي يرجع اكتمال بنائها إلى ما يقرب من ٩٠ عامًا لتنقسم إلى ثلاث سرايات وتضم في حدائقها مجموعة نادرة من الأشجار والنباتات، هو دلالة واضحة على مساعينا المشتركة في الاحتفاء بتراثنا الطبيعي والحضاري في آن واحد، خاصة في ظل ما نشهده من تنوع وتطور وإبداع في كافة أركان القصر الذي يضم طرز وفنون عربية متنوعة ما بين الفاطمي والمملوكي والعثماني والأندلسي والشامي والفارسي أيضا، وهو ما يوضح ثراء الهوية المصرية وتنوعها وتفردها عن غيرها".

وأضافت: "هذا ما نسعى إلى تحقيقه والتركيز عليه من خلال المرحلة الثانية من المبادرة الرئاسية (اتكلم عربي) والتي تحمل شعار (جذورنا المصرية) لنؤكد على اكتمال أركان الشخصية المصرية بانصهار الزمان والمكان وأن الاتصال اللغوي هو أساس استمرار الحضارات والنهوض بالأمم. ومن ثم، فقد حرصنا أن تكون رسالتنا بمناسبة الاحتفال بيوم التراث العالمي إبريل الماضي هي (حلقة الوصل) التي تربط ماضينا بحاضرنا ومستقبلنا الذي نصبو إليه جيلًا بعد جيل، وذلك من خلال إطلاق فيلم بعنوان (حلقة الوصل) عبر منصات التواصل الاجتماعي الخاصة بالوزارة والمبادرة الرئاسية "اتكلم عربي" لتعريف أبنائنا من المصريين بالخارج بحضارة مصر أعظم وأقدم حضارة عرفها التاريخ والتي كانت ولا زالت مهد الحضارات وممر البشرية نحو العالم بقيمها النبيلة التي توارثتها الأجيال، والاحتفاء كذلك بالشخصية المصرية وجذورها المتنوعة التي جسدت مختلف أنواع التراث الإنساني على مر العصور، ولم يكن ليتأتى لنا ذلك إلا بتمسكنا بلغتنا وتاريخنا وتراثنا الحضاري والثقافي والإنساني، ولذلك حرصنا أن يكون شعارنا أن اللغة هي الاختراع البشري الأعظم عبر التاريخ الذي تواصل من خلاله الإنسان مع غيره ومع الأجيال اللاحقة لتؤثر في كافة مناحي الحياة، بل وتشكل العالم أجمع".

وأشارت سيادتها إلى احتفال وزارة الهجرة مع اليونسكو في ديسمبر الماضى بالتعاون مع وزارة الثقافة باليوم العالمي للغة العربية في ذكرى مرور خمسين عامًا على الاعتراف باللغة العربية كواحدة من لغات الأمم المتحدة الست الرسمية، فهي واحدة من أكثر خمس لغات تحدثًا في العالم فهي اللغة التي يتحدث بها أكثر من 400 مليون شخص حول العالم وهي اللغة الرسمية لـ 22 دولة أعضاء في جامعة الدول العربية، وهي أيضًا واحدة من لغات الأمم المتحدة الست، فضلا عن أنها واحدة من لغات الاتحاد الأفريقي وأحد أغنى لغات العالم، فقد وصل عدد مفرداتها دون تكرار إلى ما يزيد على 12 مليون كلمة. فاللغة العربية لغة غنية وملهمة ولذلك ركز شعوبها على إظهار إبداعاتهم في مجالات الثقافة والأدب والفنون، كان من بينهم كوكبة من الأدباء والمبدعين المصريين مثل نجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم، وطه حسين، وعباس العقاد، ومصطفى صادق الرافعي.

وأوضحت السيدة الوزيرة أنه إيمانا بأهمية دور اللغة العربية في تشكيل وجدان الأجيال القادمة وحرصُا منا على تعميق الولاء والانتماء لدى أبناء  المصريين بالخارج، فقد أطلقت وزارة الهجرة المبادرة الرئاسية "اتكلم عربي" والتي تشرف برعاية فخامة السيد رئيس الجمهورية لفعالياتها وتستهدف مواجهة حرب طمس الهوية لدى أبناء مصر في الخارج من الأجيال الثاني والثالث والرابع والخامس وتعزيز وتأصيل الروح الوطنية بداخلهم، علاوة على ترسيخ قيم التعايش السلمي والمواطنة وقبول الآخر، مشيرة إلى أنه قد نجحت المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية لتشجيع أبناء المصريين في الخارج للحديث باللغة العربية "اتكلم عربي"، على الوصول لأكثر من 200 مليون مشارك من مختلف أنحاء العالم.

وتابعت سيادتها أن إطلاق المرحلة الثانية من المبادرة الرئاسية "اتكلم عربي" تحت شعار "جذورنا المصرية" يستهدف تعريف أبناء المصريين بالخارج أيضًا بتراث وطنهم مصر الضارب بجذوره في عمق التاريخ وحضارتها العريقة، وذلك من خلال المعسكرات التفاعلية والتي كان آخرها في سبتمبر الماضي باستضافة ورعاية المتحف القومي للحضارة المصرية ومشاركة نحو 45 طفلا، تتراوح أعمارهم من 8 إلى 13 عامًا، من مختلف الدول بينها كندا وفرنسا وإنجلترا والمملكة العربية السعودية والإمارات والولايات المتحدة، فضلا عن استغلال وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة للوصول إلى أبنائنا المصريين بالخارج حول العالم، بالتعاون مع د. وسيم السيسي، الطبيب والمؤرخ المصري، ود سامي عبد العزيز، عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، وبموسيقى تصويرية من إهداء وتأليف الموسيقار الكبير هاني شنودة، وذلك لنشر سلسلة من الفيديوهات التعريفية بالتاريخ والحضارة المصرية بالتعاون مع مؤسسة يارو المتخصصة في تقديم الخدمات الثقافية والتاريخية.

كما أكدت وزيرة الهجرة على الاعتماد على أحدث أساليب التكنولوجيا الحديثة في إطلاق تطبيق إلكتروني للمبادرة الرئاسية "اتكلم عربي"، يتيح الفرصة للأجيال المصرية الناشئة بالخارج لتعلم اللغة العربية قراءة وكتابة في أي مكان عن طريق الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر، بالاعتماد على أحدث طرق التعلم التفاعلية من خلال تقديم تجربة معايشة متكاملة لثقافتنا المصرية وعاداتنا وتقاليدنا لا تخلو من المرح والألعاب، موجهة الدعوة إلى الجميع للدخول على صفحات الوزارة على مواقع التواصل الاجتماعي لتحميله.

ولفتت السفيرة سها جندي إلى حرصها على عقد عدد من الندوات التثقيفية التي تستهدف أبنائنا في الداخل من المتعلمين في المدارس الدولية في مصر، وأبنائنا في الخارج من الجيل الثاني إلى الخامس من أبناء المصريين، لاهتمامنا بغرس جذور اللغة العربية في وعي أبنائنا بالداخل والخارج، والاحتفاء بالشخصية المصرية وتاريخها وإرثها الحضاري، وكان آخرها بالتعاون مع د/ وسيم السيسي ود/ ميسرة عبدالله، نائب الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة للشئون الأثرية.

وتابعت: "من هنا أيضا كان حرصنا على إقامة هذه الفعالية الهامة وغيرها من الفعاليات الثقافية ذات الصلة إيمانًا منا بأهمية إرثنا الحضاري والتاريخي واتصاله على مر الزمان بتمسكنا بهويتنا المصرية الأصيلة ولغتنا العربية الغنية ليشكلًا معًا نبض أمتنا ووجدان الأجيال القادمة بالداخل والخارج على حد سواء. واليوم ونحن يفصلنا أسبوع واحد فقط عن (اليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية) والذي يتم الاحتفال به في 21 مايو من كل عام اعترافًا بقدرة الثقافات والحضارات على الإسهام في التنمية المستدامة واعتبارها من العوامل الحاسمة في تحقيقها، علينا أن نستفيد من الإمكانات الإبداعية لثقافاتنا المتنوعة والمشاركة في حوار متواصل لضمان استفادة جميع أفراد المجتمع الواحد من التنمية المستدامة، وهذا هو هدفنا ونحن نحتفي بلغتنا الأم اللغة العربية وهي مصدر الإلهام والإبداع، أن ننمي إبداع أبنائنا المصريين بالخارج والداخل ونغرس في نفوسهم أهمية التمسك بالهوية الثقافية والوطنية للحفاظ على تفردنا واختلافنا مع احترامنا وقبولنا للآخر".

وفي ختام كلمتها، وجهت السيدة الوزيرة رسالة قائلة: "في إطار المبادرة الرئاسية (اتكلم عربي) سنظل نعمل على تنشئة أجيال واعدة من أبناء المصريين بالخارج، معتزين بلغتهم الأم وإرثهم الثقافي والحضاري المتصل عبر الزمان، قادرين على خلق مساحات إبداعية لأنفسهم في مجتمعات الدول المضيفة والاستقاء من الثقافات المحيطة دون أن تختذل أو تنتقص من هويتهم بل يزدادوا بها إشراقًا ورونقًا وتمسكًا بجذورهم المصرية الضاربة في عمق التاريخ صانعين منها مستقبلًا لأنفسهم ورفعةً لوطنهم الذي يعيش بداخلهم وإن كانوا لا يعيشون فيه".

من جانبها، استعرضت د. نوريا سانز، المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو بالقاهرة، أهمية الاهتمام بالتنوع الثقافي والعلوم الاجتماعية، وغيرها من المرتكزات التي يمكن الانطلاق منها للتعاون، مشيرة إلى حرص اليونسكو على صون التراث الثقافي وهوية الشعوب، وتابعت: "لذلك نلتقي اليوم لنناقش كون اللغة العربية مصدر إلهام وإبداع لكثير من الأدباء والكتاب العرب".      

وتابعت سانز أن هناك فريقا كبيرا من اليونسكو يعمل في مصر، بما تمثله من حضارة وتاريخ، موجهة الشكر لفريق العمل، وموضحة أن اللغة العربية لغة للمعرفة والثقافة ولها فضل كبير في انتشار مختلف العلوم والمعارف، ومشيرة إلى أنها واحدة من أكثر اللغات انتشارا حول العالم، معربة عن تقديرها لهذا التنوع الثقافي، وعن جمال الخط العربي وروعته مستعرضة نماذج منه.

كما لفتت سانز إلى أن هناك حشدا كبيرا من المهاجرين يتحدثون اللغة العربية، ولذلك فهناك اهتمام كبير بدراسة اللغة العربية، والتناغم بين اللغة والثقافة التي تحويها، ودورها في ربط الشعوب ومعرفة تاريخها وحضارتها، مؤكدة ترحيبها بالمشاركة مع وزارتي الهجرة في هذه الفعالية.

من جهته، وجه د. مؤمن عثمان، رئيس قطاع المتاحف بوزارة السياحة الآثار، كلمة رحب فيها بالسيدة وزيرة الهجرة ووزير التربية والتعليم، موضحًا أن اللغة العربية لها دور في حفظ تاريخ العرب وإبداعاتهم، وإتاحتها عوالم زاخرة بالتنوع، مؤكدا أن الدولة في تدعم الأنشطة الثقافية وتعزيز الهوية المصرية في مختلف الفعاليات، بالتعاون بين وزارات ومؤسسات الدولة المصرية، لتأصيل الروح الوطنية وعاداتنا وتقاليدنا الراسخة، مضيفا أن لغتنا العربية لغة ثرية.

كما أعرب عثمان عن عميق الشكر لاختيار قصر الأمير محمد علي ليستضيف مثل هذه الفعالية لتضيف إلى تاريخ القصر حاضرا وطنيا وملمحا ثقافيا متميزا، نفخر بأن يكون لدينا في مصر هكذا معالم يقف لها التاريخ احتراما.

وشارك في الفعالية كل من: أ. أريج عطالله أخصائية برامج في قطاع العلوم الإنسانية والاجتماعية في مكتب اليونسكو بالقاهرة، د. أحمد بهي الدين، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، وأ. أمينة همشري، المستشار الإقليمي لقطاع العلوم الإنسانية والاجتماعية في مكتب اليونسكو بالدوحة، ود. سماح أبو بكر عزت، الكاتبة وسفيرة شؤون الطفل في المبادرة الرئاسية "حياة كريمة"، ود. وسيم السيسي عالم المصريات الكبير، الموسيقار الكبير هاني شنودة، وأ. إسراء صالح، المؤسس والمدير التنفيذي لمبادرة "سوبر أبلة"، وأ. محمود جودة، كاتب وأديب فلسطيني، وذلك بحضور أيضا عدد من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، وتنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، ومجموعة من كبار الكُتاب والأدباء والمفكرين والشخصيات العامة، والإعلاميين والصحفيين.

هذا وقدم الموسيقار المصري الكبير هاني شنودة عددا من مقطوعاته الموسيقية الشهيرة التي قام بتأليفها، وقد استمتع الحضور بها للغاية.

يشار إلى أن المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية "اتكلم عربي" انطلقت في نوفمبر 2020، ثم انطلقت المرحلة الثانية تحت عنوان "جذورنا المصرية" في فبراير 2023، والتي وصلت إلى ما يزيد عن نحو  7 ملايين مستخدم منذ انطلاقها، وحققت تفاعلًا كبيرًا في إطار استراتيجية لمواجهة تغييب الوعي وتزييف التاريخ المصري.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: وزارة الدولة للهجرة اتكلم عربي اخبار دولية أخبار مصر وزارة الهجرة أبناء المصریین بالخارج من المبادرة الرئاسیة المرحلة الثانیة اللغة العربیة هذه الفعالیة بالتعاون مع اتکلم عربی واحدة من من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

الدكتورة موزة المنصوري لـ24: لغة الضاد أهم أعمدة بناء الشخصية العربية

صرحت الأستاذ الأكاديمي المشارك في قسم اللغة العربية بجامعة الذيد الدكتورة موزة محمد بن خادم المنصوري، أن اللغة العربية تعتبر أهم أعمدة بناء الشخصية العربية والإماراتية، وعلينا أن نكرم لغتنا وننزلها مكانها الأليق الذي تستحقه، ونسعى جاهدين على نشرها وإتقانها ودراستها والتمسك بها، وهي تعتبر من أهم اللغات في العالم، فهي عنوان هويتنا، وهي أفصح لغات التخاطب بين الناس وأكثرها تأدية للمعاني، حيث تمتاز بخصائص فريدة يندر وجودها في لغات أخرى مثل: الانتظام الصوتي، والعلاقة بين طريقة كتابتها ونطقها.

وبمناسبة اليوم العالمي للغة الأم الذي يصادف في 21 فبراير (شباط)  حاور موقع 24 الدكتورة موزة المنصوري، حيث أكدت أنه كان لها شرف المشاركة في تصميم وتنفيذ أول مناهج دراسية خاصة باللغة العربية في الإمارات، موضحة أنه بفضل دعم وتشجيع ومتابعة قيادتنا الرشيدة، تم تصميم مناهج اللغة العربية من قبل خبراء ومختصين في تصميم مناهج اللغة العربية.

وتالياً نص الحوار:
كعضو تأليف وإعداد الكتب الوطنية الدراسية لمادة اللغة العربية في وزارة التربية والتعليم سابقاً، ما رأيلك بمناهج اللغة العربية الوزارية لطلبة المدارس في الإمارات؟
تمثل اللغة العربية أهم أعمدة بناء الشخصية العربية والإماراتية، وهي عنوان هويتها وصمام الأمان لبقاء أجيالنا القادمة؛ لذا كان التركيز عليها من قبل حكومة الإمارات في المراحل الدراسية المختلفة.
وكان لي شرف المشاركة في تصميم وتنفيذ أول مناهج دراسية خاصة باللغة العربية في الإمارات، ولله الحمد والمنة وبفضل دعم وتشجيع ومتابعة قيادتنا الرشيدة، تم تصميم مناهج اللغة العربية من قبل خبراء ومختصين في تصميم مناهج اللغة العربية. واستغرق بناء وتطبيق هذه المناهج 3 سنوات، وفي كل سنة كانت تقدم للميدان التربوي الدفعة الأولى من كل مرحلة دراسية، بعد مراجعتها وتقييمها من قبل العاملين في الميدان مثل: المعلمين والموجهين وإدارات المدارس وأولياء الأمور، ولله الحمد كان هناك رضا وقبول لهذه المناهج من الميدان والمجتمع.
وركزت هذه المناهج على بناء المهارات الأساسية في اللغة العربية وهي: القراءة والكتابة والاستماع والتحدث، وتعزيزها لدى الطالب من خلال التدريبات المتنوعة، مع تقديم موضوعات متنوعة تتعلق بالوطن الإمارات وتاريخ الأجداد وتمثل بطولات الأمة العربية والإسلامية مع الانفتاح على ثقافات عالمية، كل ذلك في قوالب نثرية وشعرية وأدب راق يسمو بذائقة الطالب ويزيد من محصوله اللغوي والمعرفي والمهاري.
حصلتِ على درجة الدكتوراه بالفلسفة في اللغة العربية وآدابها، لماذا اخترت الفلسفة تحديدا، وما أهم التحديات التي واجهتك في إنجاز الرسالة؟
درجة الدكتوراه هي أعلى درجة علمية يمكن أن يتحصل عليها طالب العلم؛ ولأنها تخصصية في علم من العلوم الإنسانية تسمى الدكتوراه في فلسفة علم من العلوم، حيث تعبر عن توجه الباحث وإضافته العلمية في هذا العلم.

أما أطروحتي التي تقدمت بها لنيل درجة الدكتوراه من جامعة الشارقة، فقد كانت بعنوان " توظيف التراث الثقافي في الشعر الإماراتي المعاصر" والتي ناقشت دراسة الشعر الإماراتي المعاصر الذي مثل حلقة وصل بين الواقع وقضاياه وبين المنجز التراثي من خلال تطور علاقة الشاعر بتراثه، فكل ما تشربه الشاعر من معارف وقيم وعادات وتقاليد تظهر بوصفها قيمة فاعلة في إبداعه الشعري، لذا حقق هذا الاتصال قدراً من التطور والنضج والجمال للنص الشعري، واكتسب خصوصية في الرؤية الفكرية واللغة الشعرية والمعالجة الفنية، من خلال تفاعلها مع المجتمع المحلي والتراث الإنساني.  وأظهرت نتائج الدراسة دور التراث الثقافي، في توجيه دلالات النص الشعري في تجربة الشاعر الإماراتي المعاصر، من خلال المثيرات البصرية التي تفعل الدفقة الشعرية وتغلفها بالطابع الدرامي في تلوين الحركات النصية ودلالاتها في النص الشعري، مما يؤدي إلى تنامي حركته الجمالية، كما أوجد توظيف التراث تفاعلاً متبادلاً بين النص التراثي والنص الشعري فأنتج حوارية بين الماضي والحاضر، وألبس قصائد الشعراء نبعاً غنياً ممتزجاً بروح التراث.
ومن الصعوبات التي واجهت الدراسة، وإن كنت لا أعدها صعوبات بل هي محفزات، كثرة المنتج الشعري الإماراتي وتوسع مدارسه ومذاهبه وطرقه، فقد شملت الدراسة تطور الشعر الإماراتي المعاصر على مدار 40 سنة، وهذه الفترة الطويلة قدم خلالها الشاعر الإماراتي نماذج عديدة من صور توظيف التراث الثقافي بشتى أنماطه وصوره.
كيف يمكن أن نعالج ضعف الكثير من أبنائنا بلغتهم الأم، أين يكمن الخلل، وما سبب هذا الضعف برأيك؟
اللغة العربية من أهم اللغات في العالم، وهي عنوان هويتنا، وهي أفصح لغات التخاطب بين الناس وأكثرها تأدية للمعاني، حيث تمتاز بخصائص فريدة يندر وجودها في لغات أخرى مثل: الانتظام الصوتي، والعلاقة بين طريقة كتابتها ونطقها. لذلك فإن حديثنا عن ضعف الطلبة في اللغة العربية، قد لا ينسجم مع القدرات والمؤهلات التي تزخر بها هذه اللغة المتفردة بين اللغات، فالضعف ليس في اللغة ولكن في طريقة عرضها على الطلبة في جميع المراحل، حيث تركز طرق تدريس اللغة العربية على الجانب النظري والقواعدي أكثر من التركيز على الجانب الوظيفي والتقني. واستفاد تعليم اللغة العربية من الذكاء الاصطناعي من خلال ظهور برامج ومنصات تعليمية للغة العربية، كما استفاد المعلمون في إبداع برامج تعليمية، وتوفير مصادره القيمة واستغلال أوقاتهم مما يسهل العملية التعليمية. كما لا يخفى علينا جميعاً سطوة اللغات الأجنبية على اللغة العربية، مما جعلها غريبة بين أهلها، لذا يجب علينا أن نكرم لغتنا وننزلها مكانها الأليق الذي تستحقه، ونسعى جاهدين على نشرها وإتقانها ودراستها والتمسك بها.

صدر لك كتاب "توظيف التراث الثقافي في الشعر الإماراتي المعاصر" عام 2023، على ماذا ركزت في هذا الكتاب وكيف انطلقت فكرته لديك؟
صدر الكتاب عن دائرة الثقافة بالشارقة في عام 2023 م، ونال استحساناً من قبل الأكاديمين والمهتمين بالشعر الإماراتي المعاصر والتراث الثقافي، وأظهر الكتاب قدرة الشعر الإماراتي على تمثل الماضي والاحتفاء به، مع مسايرة العصر ومعطياته وقضاياه، حيث عدّ الشاعر الإماراتي التراث مصدرًا من مصادر المعرفة والثقافة والإلهام، لذا وظفه في تجربته الشعرية برؤى جديدة وصياغة عصرية مختلفة، فتحول التراث عنده  إلى أداة من أدوات التعبير متجاوزًا مرحلة التعبير بالتراث إلى مرحلة التوظيف، من خلال علاقة احتواء وإدراك ناضج للمعنى الإنساني، والقيمة الكلية للعنصر التراثي. وتناول الشاعر المعاصر تجربته الشعرية ناهلاً من تراثه المحلي والعربي والإنساني، ومستثمراً رموزه وإيحاءاته، ومبرهناً على تواصل الحاضر بالماضي تواصلاً يمكنه من فهم ذاته وسبر مشكلات الحاضر واستشراف المستقبل، فكانت القيم التراثية الإشعاع المتجدد الذي كشف للشاعر جوهر الحقائق وفلسفتها.
واتسمت تجارب الشعراء الإماراتيين بتوظيف التراث بكل معطياته وعناصره توظيفًا فنيًا، أسهم في إثراء التجربة الشعرية المعاصرة في الإمارات، حيث مثل المصدر التاريخي أهم المصادر التراثية التي استقى منها الشاعر دلالاته، وظهر في فكره وفلسفته ورؤية للحياه والناس والكون، إن استيعاب الشعراء المعاصرين للتراث بأشكاله وصوره ومصادره، وتوظيفه في النص الشعري سمة بارزة من سمات الشعر الإماراتي المعاصر، حيث عمل التوظيف على إكساب النص الشعري البعد التاريخي والحضاري والفني المعاصر، حين دخل الشاعر الإماراتي المعاصر في مضامين جديدة، محاولاً التعبير عن صوته الخاص، وفكره المعبر عن رؤاه وفلسفته، بما يتوافق مع همومه وقضاياه، من أجل ربط تجربته بتجربة إنسانية سابقة، ومنحها دلالات معاصرة.

مقالات مشابهة

  • مكتبة الإسكندرية ومركز أبوظبي يتعاونان لخدمة اللغة العربية
  • وزير الخارجية الأسبق: القمة العربية الطارئة تخرج بموقف عربي ضد للتهجير
  • خطة النواب: الإصلاحات الاقتصادية المصرية تجعلها وجهة استثمارية واعدة لكرواتيا
  • ذكرى رحيل الطيب صالح..عبقري الرواية العربية
  • شروط الاستفادة من مبادرة سيارات المصريين بالخارج.. اعرفها
  • شركة ذكاء اصطناعي فرنسية تطلق نموذجاً يركز على اللغة والثقافة العربية
  • الدكتورة موزة المنصوري لـ24: لغة الضاد أهم أعمدة بناء الشخصية العربية
  • وزيرة التضامن تلتقي رئيس مكتب منظمة الهجرة الدولية في مصر لبحث تعزيز سبل التعاون
  • وزيرة التضامن تلتقي رئيس مكتب منظمة الهجرة الدولية لبحث سبل التعاون
  • وزيرة التضامن تبحث مع رئيس مكتب «الهجرة الدولية» تقديم الدعم للعائدين