ظهر مصطلح صناعة الإبداع أو الصناعة الإبداعية بعدما انتشر مصطلح صناعة الثقافة والاستثمار الثقافى مع بدايات الألفية الثانية وتبنت منظمة الثقافة العالمية اليونسكو هذين التعبيرين وأفردت مساحات لتحديد المفهوم والمعنى والمغزى من تحويل الثقافة والإبداع إلى صناعة واستثمار وكأن الإبداع الفكرى والفنى والأدبى ما هو إلا سلعة تحتاج إلى مؤسسات اقتصادية تضع لها دراسات جدوى وإستراتيجيات وأيضًا إلى عمل يحولها إلى صناعة تدر الربح والمال وتدخل ضمن آليات السوق فى العرض والطلب ولا مانع من أن تضيف إلى الناتج القومى والدخل القومى ولا تقف الثقافة والإبداع عند حدود الفرد وإنما الكل أو المجموع من أجل الاستثمار الصناعى والاقتصادى.
ومن هنا نجد أن العلوم الإنسانية من أدب وفنون بصرية وسمعية وإعلامية يجب أن تتداخل مع علوم الاقتصاد والأعمال وأيضًا علوم البرمجيات والحاسبات والذكاء الاصطناعى فى مناهج جديدة وتخصصات مبدعة علميًا وفكريًا خارج كل الأنظمة التقليدية المتعارف عليها، وإن كانت المناهج والدراسة هى البداية إلا أن الدولة عليها دور كما للقطاع الخاص أيضًا فى تبنى هذه الافكار الجديدة عن أهمية وحتمية تحويل الثقافة والإبداع والفنون إلى الاستثمار دون الإخلال بالمعنى والمضمون ولا يجب ان تنحرف الأمور نحو عبارة «السوق عايز كده» أو «الجمهور عاوز كده» لان الثقافة والابداع ينقسم إلى محاور عدة أهمها:
١- الثقافة والتراث الشفاهى والمكتوب سواء تراثا أدبيًا أو إبداعيًا أو شعبيًا فجميع هذه الأشكال ما هى إلا إبداعات علينا الحفاظ عليها وإعادة صناعتها لتناسب الحاضر دون المساس بأصولها وبفروعها وإنما علينا التركيز على مقومات هذا التراث الفكرى من أدب وفن وحلى وملابس وطقوس وفن تشكيلى ورسم وموسيقى وحتى الإيقاع الراقص والسير الشعبية وكل ما يحدد الهوية الثقافية.
٢- الفنون والآداب الإبداعية من روايات ومسرح وشعر وسينما وموسيقى وغناء وتصميم وديكور وعمارة وإعلام ودراما كل هذا من الممكن ان يتحول إلى صناعة حقيقية لكن دون ان نهدر من قيمة المعنى وأهمية المضمون وضرورة الرسالة فى كل إبداع وكل فن وكل إعلام حيث يجتمع الابداع الفردى والموهبة والعلم مع التكييف الصناعى لهذا الإبداع وفق آليات السوق والعرض والطلب والأخذ فى الاعتبار الإرتقاء بالذوق والوجدان والفكر ومزج المتعة بالفكر والترفيه بالرسالة، وعدم تفضيل المكسب على المضمون الإبداعى، ومساعدة المبدعين الصغار والمبتدئين فى كافة المجالات من تسويق وإعلان وترويج وتحفيز ونشر وغيرها من أدوات الإقتصاد والصناعة.
٣- الألعاب الإلكترونية والبرامج الترفيهية والمنصات الجديدة ما يطرح ويعرض من خلالها يعد من الفنون الإعلامية الإبداعية التى تستخدم التكنولوجيا استخدامًا قد يكون ضارًا ومؤثرًا بالسلب مع أنه يحقق أرباحًا تتخطى الملايين إلى المليارات خاصة فى الألعاب الالكترونية والتى تستخدم الفنون والتراث والشخوص التاريخية فى سياقات تحوى الكثير من العنف وتحرض على سلوكيات مرفوضة وترسخ مفاهيم مغلوطة ضد العادات والتقاليد والدين، بالرغم من أنها تحقق المكاسب فهى تدمر المجتمع والفرد.. هى صناعة تعتمد على الإبداع المدمر وليس الإبداعى البناء. إنها الثورة الثقافية الجديدة التى نحتاج إليها فى أن يتبنى المفكرون والمثقفون والعلماء تلك القضية التى أصبحت قضية حيوية حيث الإبداع والثقافة يعانيان من الإهمال حيث مازالت جهود الإبداع فردية ولا توجد مؤسسات جادة تحول الثقافة إلى اقتصاد وصناعة تحمى المبدع وتفيد الجمهور وتثرى المجتمع… العلوم الإنسانية والفنون والموهبة والإبداع هم ذلك الجانب المضىء فى تاريخ الإنسانية والحضارة.
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
وفد من الشارقة يناقش قضايا التعليم والثقافة والتراث في عُمان
الشارقة - «الخليج»
اختتم وفد رسمي من إمارة الشارقة، برئاسة دائرة العلاقات الحكومية، زيارة إلى سلطنة عمان استمرت من 28 إلى 30 يناير الماضي، بهدف تعزيز التعاون الدولي الثقافي والإنساني بين الجهات الثقافية والتراثية في السلطنة، والمكاتب الإقليمية للمنظمات الدولية في الشارقة، ومناقشة قضايا التراث الثقافي والتعليم، وتبادل الخبرات في حفظ وصون التراث.
ترأس الوفد الشيخ فاهم القاسمي، رئيس دائرة العلاقات الحكومية، وضم مديري عدد من المكاتب الإقليمية للمنظمات الدولية التي تتخذ من إمارة الشارقة مقرات لها وهم: أيمن عثمان الباروت، الأمين العام للبرلمان العربي للطفل، وسالم عمر سالم، مدير المكتب الإقليمي للإيسيسكو في الشارقة، وناصر عبد الكريم الدرمكي، نائب المدير الإقليمي لمركز إيكروم الإقليمي بالشارقة. وشملت الزيارة لقاءات مع مسؤولين عمانيين وزيارات ميدانية. وشهدت الزيارة تسليط الضوء على دور المكاتب الإقليمية للمنظمات الدولية في الشارقة، كما بحث الوفد تحديات التعليم، والتراث، والتنمية الثقافية، مع استعراض أفضل الممارسات العالمية. وقال الشيخ فاهم القاسمي: «عكست اللقاءات التي أجريناها مع المسؤولين في سلطنة عُمان مدى تطابق رؤانا حول أهمية التعاون الإقليمي في مختلف القضايا التنموية». استهل وفد الشارقة زيارته إلى سلطنة عمان بلقاء مع سعيد بن سلطان البوسعيدي، وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب، حيث ناقش الطرفان أوجه التعاون الثقافي والرياضي بين الإمارة والسلطنة.
وتضمنت الزيارة محطة في المتحف الوطني بمسقط، وفي جامعة السلطان قابوس، عقد الوفد اجتماعاً مع الدكتورة منى بنت فهد آل سعيد، مساعدة رئيس الجامعة للتعاون الدولي. كما زار الوفد بيت الزبير، المتحف التراثي العماني الواقع في قلب مسقط. وزار وفد الشارقة النادي الثقافي في مسقط. كما تضمنت الجولة زيارة إلى وزارة الإعلام، التقى خلالها الوفد بمحمد البلوشي، وكيل الوزارة، لمناقشة دور الإعلام في توثيق التراث.
واختتمت الزيارة بجولات شملت وزارة التربية والتعليم، ودار الأوبرا السلطانية، ومتحف «عمان عبر الزمان».