ناجي ظاهر لا أدري بالضبط- مائة بالمائة، ما الذي يدفعني بقوة منذ أيام، للكتابة عن الكاتب المفكر الانجليزي ذائع الصيت برناد شو، أهو الاوضاع المتوتّرة التي عاشتها وتعيشها حياتنا العربية عامة والمحلية خاصة، أم هي رغبتي الكامنة في ظهور صوت جهوري، جرئ، شجاع وساخر.. صوت يُمكنه أن يؤثّر على آخرين بثقابة عقله، شجاعته في المواجهة وجرأته في قول كلمة الحق.

. ربّما كمن الدافع في هذا السبب أو ذاك.. وربّما احتاج للإجابة عليه أو على غيره من الاسئلة الدائرة في فلكه، لتقليب صفحاتِ بعضٍ من أفكار، آراء وتوجّهات هذا الكاتب المتميّز.. في كلّ ما كتبه تقريبًا، من مقالات، مسرحيات وآثار أدبية حظيت باهتمام الدارسين والباحثين في معظم لغات العالم وأصقاعه المختلفة. من أجل الاجابة. سأتوقف فيما يلي عند ثلاث محطّات ميّزت برنارد شو كاتبًا جريئًا ومفكرًا شجاعًا وساخرًا حدّ العبث. المحطة الاولى، الشجاعة: لم يتردّد برناد شو كما يظهر من كتاباته و”قفشاته”، التي يعرفها أو يعرف بعضها العالم أجمع تقريبًا، في توجيه النقد إلى ما رآه خاطئًا وفي غير مصلحة مجتمعه وأبناء جلدته، وهو ما يُذكّر بنقد شاعر العربية أبي الطيب المتنبي عندما انتقد أهله وأبناء جلدته في شطره الشعري المشهور ” يا أمةً ضحكت من جهلها الأمم”. فقد وجّه نقده اللاذع إلى كلّ ما رآه غير مقبول، غير محبّذ وغير مناسب. ومما أُحب أن أذكره في هذا السياق توجيهه/ شو، النقد إلى حكومة بلاده عندما أعلنت أنها ستشدّد القبضة على الخارجين عن القانون، وسوف تخفّف اليد على حبل المشنقة ليضيق على أعناقهم. فيقول إنكم إذا ما اتخذتم هذه الخطوة، أو الاجراء، سيكون من الصعب عليكم القاء القبض على الكثيرين من المقصودين وسوف يصيبكم ما أصاب ذلك الذي تحفّز أكثر من المطلوب وقفز.. فوجد نفسه في الناحية المقابلة. المحطة الثانية، الجرأة: تطلعنا كتابات برناد شو وآراؤه التي تضمّنتها كتاباتُه ومؤلفاته الغزيرة، إضافة إلى كتابي المفكرين العربيين المصريين عنه سلامة موسى وعلي الراعي، تطلعنا على جرأة نادرة في القول والفعل، فها هو يقول إن الشعب الانجليزي- شعبه- شعب جاهل، لا يفهمك إلا عندما تجعل منه طالبًا كسولًا يضع معلّمه الآراء والافكار في فمه، بل ها هو يجيب سائلًا عابرًا عن الفرق بين الشيوعية، علمًا أنه كان من الشيوعيين الفابيين في بلاده، والرأسمالية التي كان دائم النقد لها، يجيب مشيرًا إلى لحيته وصلعته الكثيفة قائلًا:” غزارة في الانتاج وسوء في التوزيع”. هل يذكّرنا هذا بأدباء عرب قدماء أمثال الجاحظ والحطيئة.. عندما سخروا من أنفسهم؟ ربّما. أما ذروة جرأته العملية فقد تمثّلت في رفضه جائزة نوبل الادبية التي يتمنّاها جلّ مبدعي العالم.. عندما منحت له عام 1925 فرفضها، مرفقًا رفضَه لها بقوله: “إنها اشبه ما تكون بطوق نجاة يُلقى بها إلى رجلٍ وصلَ فعلًا إلى برّ الأمان، ولم يعد عليه هناك من خطر، إنني أكتب لمن يقرأ لا لأنال جائزة”. صحيح أنه رجع وقبل الجائزة، غير انه وزّع مقابلها المالي على أصحاب النصيب. المحطة الثالثة، السخرية: عرف عن برنارد شو أنه كان ساخرًا لوذعيًا، وهناك العشرات من الاقوال التي يردّدها الناس في مختلف انحاء العالم وفي شتى أصقاعه، بما فيها بلادنا، مثل قوله عن الزواج:” إنه قفص مَن يقف خارجه يتمنّى أن يدخل إليه ومَن يسترخي داخله يودّ لو يخرج منه و.. يغادره إلى لا رجعة”. وممّا يصوّر سخريته وعمق رأيه ورؤيته أنه قال عن الشعب الامريكي، إنه شعب سطحيّ يشاهد مسرحياتي ويقلب على ظهره من الضحك ويخرج من قاعة العرض وهو يتساءل هل هذه مسرحية؟ نحن لا نريد أن تنوجد بين ظهرانينا نسخة اخرى من برنارد شو، بقدر ما نريد كاتبًا مفكرًا، شجاعًا وجريئًا يرفع لواء الحق ويقول كلمته دون تردّد.. فهل سيكون لنا ما أردنا، لنكتب عنه بمناسبة وبدون مناسبة.. مثلما نفعل الآن بكتابتِنا هذه..

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

ناجي الشهابي: مصر تلعب دورًا حاسمًا في تحقيق الاستقرار الإقليمي

أكد ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي، أن كافة القوى السياسية في مصر، سواء الحكومة أو المعارضة، أيدت موقف الرئيس السيسي، وهو ما انعكس في دعمه خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، حيث كان موقفه من القضية الفلسطينية أحد العوامل الحاسمة في نيل تأييد الشعب المصري. 

برلماني: ابتزاز إعلام الاحتلال لن يغير موقف مصر الرافض لتصفية القضية الفلسطينيةرئيس الحركة الوطنية: موقف مصر ثابت تجاه القضية الفلسطينية


وأوضح خلال مشاركته في برنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، أن مصر لعبت دورًا محوريًا في الدفاع عن القضية الفلسطينية، مستشهدًا باللقاء الذي جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي بوزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، حيث كشف للعالم خلال مؤتمر صحفي الهدف الحقيقي من الحرب على غزة، وهو تصفية القضية الفلسطينية وتهديد الأمن القومي المصري.


وأشار الشهابي إلى أن هذا الموقف المصري الحاسم كان الأساس الذي بُني عليه موقف الأردن والفلسطينيين، ثم تبلور ليشمل الموقف العربي بالكامل.


وأضاف أن الحرب الوحشية التي تُشن على الفلسطينيين جاءت في توقيت حساس، حيث كانت بعض الدول العربية تتجه نحو التطبيع، وكأنها تمهّد لهذا المخطط، إلا أن مصر بموقفها القوي والشفاف نجحت في إعادة توجيه الرأي العام العربي نحو دعم القضية الفلسطينية.


استطرد: مصر والأردن يقفان بحزم ضد أي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، مشددًا على أن هذا الموقف لم يتغير منذ السابع من أكتوبر الماضي، بل يزداد صلابة مع مرور الوقت.

مقالات مشابهة

  • انطلاق الأوكازيون الشتوي 2025.. ننشر ضوابط وشروط الاشتراك في موسم التخفيضات.. وخبراء: فرصة مناسبة للشراء
  • بيرم: أهل الجنوب يصنعون المعادلة التي تحمي الوطن
  • المستشار خالد القاضي: صوفي أبو طالب صاحب موقف شجاع في فترة صعبة من تاريخ مصر
  • محافظ القليوبية: التوسع في إقامة معارض أهلا رمضان خلال الفترة المقبلة
  • ناقد رياضي: صفقات الأهلي والزمالك إرضاء للجمهور وبدون معايير
  • ترامب.. الوقاحة أعيت من يداويها
  • مصانع العقول: الجامعات التي تغير العالم – الحلقة 2
  • تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم
  • هذا الكاتب أكل في أفخم مطاعم العالم وهذه أفضل الوجبات التي تذوقها
  • ناجي الشهابي: مصر تلعب دورًا حاسمًا في تحقيق الاستقرار الإقليمي