يميل الإنسان بطبيعته وفطرته إلى الحرية بكل ما تحمل الكلمة من مفردات بديعة، ولما تحتويه من علو وفخامة واستحقاق وذكاء ورفض لأي نوع من أنواع الإهانة والسيطرة بكل أنواعها من الآخرين سواء كانت سيطرة مادية أو معنوية أو فكرية، ورفض الخوف المنبثق من عدم إمتلاك أى شخص للحرية.
فالحرية هو المفهوم الأساسي الذى يترجم قدرة الشخص على اتخاذ القرار والتصرف بكل حكمة ومسئولية في شتى أمور الحياة، ويستطيع ممارسة حقوقه دون قمع وقيود من أي شخص آخر، فالإنسان الذى يستمتع بالحرية ويمتلك زمام أموره مسئول عن تصرفاته وقرارته يمتلك الحياة، ويمتلك شفاء نفسه من جميع العلل الجسدية والنفسية.
وورد فى مخيلتي سؤال يجب أن نفهمه جيداً، هل سنبقى نغني للحرية دون أن نعيشها في كل وقت بالطريقة المثلى؟، وهل نعطي مزيد من الوقت لنعلم أولادنا معنى الحرية الحقيقي؟.
نجد أن الحرية لها أهمية وقيمة عظيمة، ومن أولى بالحرية أهمية، هو الشرع الحنيف فى تبيان مقاصدها وفروعها فى سياقات مختلفة ومعاني متعددة، حيث أسس التشريع على مبدأ الحرية والاختيار، فقال الله عزوجل «لا إكراه في الدين»، وهذا من منطلق الحرية في أبهى صورها، حيث لايجوز إكراه البشر على الدين ويجب أن يمارس الفرد الشعائر الدينية في جو من الحرية وترسخ في ذهنه حرية العبودية التى يرتبط بها الإنسان.
كما أن المولى عز وجل قد وجه رسوله الكريم «صلى الله عليه وسلم» في تعامله مع الناس وأتباعه، حيث قال تعالى «أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين»، وترك الإسلام حرية العقيدة إلى منتهاها لقول الله عزوجل « وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر».
وجاءت المقولة المشهورة لسيدنا عمر بن الخطاب - رضى الله عنه-) متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهانهم أحراراً، فيكون الإسلام بذلك هو أكبر حامٍ وداعم للحرية.
فكانت الحرية على مر العصور مرتبطة بكرامة الشخص أو الجماعة، فكل جماعة أو عرق بشرى تعرض للذل أو العبودية ناضل وحارب من أجل الحصول على حريته وكرامته، فالسعى منا دائماً على حماية الأفكار والمعتقدات والأهداف وحرية أخذ القرار من أولويات الحياة.
ولكن السعى بالعلم والعمل والإرادة والتغيير المستمر للأفضل وعدم الجهل والحفاظ دائماً على تنوير العقول، فكل إنارة لنا بالفهم على الوجه الأمثل لحقوقنا وواجباتنا هو سلاح نتسلح به لمواجهة كل تفاصيل الحياة وإدارتها على الوجه السليم.
ونجد فى الحياة الشخصية الكثير من التنازلات والتفريط فى حق أنفسنا وأبنائنا بالجهل بقيمة الحرية وعدم التمسك بها.
ولأن الحرية أساس الحياة وجب علينا أن نعززها فى أبنائنا منذ الصغر بالاهتمام بالآتى:
تعزيز حرية التعبير منذ الصغر دون خوف ليصبح شخص قادر عن التعبير عن أفكاره وأحلامه مهما كانت ومناقشتها مع الآخرين وفى العلن وتقبل أخطائه والتعلم من الخطأ وتصحيحه هو أكبر نجاح يمكن أن يحصل عليه الشخص ليحيا حياة كريمة ومستقلة.
تعزيز حرية العبادة والمعتقدات الدينية، فنجد فى هذا العنصر أن بعضا من شعوب الأرض تعرضت إلى الظلم والاضطهاد بسبب معتقداتهم، وأكثر من أصيب بهذا الظلم الأنبياء والمرسلين، فكما نعلم أن سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، تعرض لمختلف أنواع الأذى من قومه عندما نادى بوحدانية الله تبارك وتعالى، وأجبر على ترك موطنه والهجرة، فحرية العبادة والمعتقدات الدينية عندما يمتلكها الشخص بالعلم والمعرفة والتدبر الحقيقى يصبح أكثر الأشخاص لطف وإعتدال ووسطية وتقبل للآخرين.
ولزرع المفهوم الصحيح للحرية عند الأبناء يحل بنزع أساليب القمع والتسلط والعنف وغياب الرحمة فى التربية منذ البداية لأنه يساهم بشكل كبير فى خلق إنسان ضعيف لا يستطيع أن يتحمل نتيجة قرارته وتصرفاته، فنقدم بكل آسف بهذا النموذج إنسان ضعيف بلاقيمة أو هدف مجرد آله تعمل دون إبداع ووعى سهل أن يقع فريسه لكل أشكال العنف والسيطرة من الآخرين.
غياب الحوار التربوى ودفئ الأسرة يصنع شخص غير قابل للإختلاف، متشدد فى أفكاره ومعتقداته متحجر الفكر والفؤاد.
غياب أهمية دور العلم والعمل فى إصلاح الأبناء يسهم فى نشأة جيل غير مسئول جاهل لا يستطيع الكفاح لمواجهة الحياة.
وفى الختام يجب أن نعلم أنه من أجل الحرية والتحرر من ذل الأشياء المادية تأتى الإستقلالية والكرامة والشعور بالرضا والسعادة الحقيقة، فقد سعد وإطمئن أى شخص إمتلك أثمن مافى الوجود الحرية فأنها شمس يجب أن تشرق فى كل نفس فمن عاش محروم منها عاش فى ظلام حالك، وطالما أن الحرية بلا قيود إلا أنها تقف عند حرية الآخر فتمتع بها بكل تفاصيلها، فلم يمنحك الله الحياة الدنيا إلا مرة واحدة فكن حراً مستقلاً.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الحرية تربية الأبناء
إقرأ أيضاً:
عضو بالعالمي للفتوى يكشف عن ممارسات تفسد أجر المسلم في رمضان
تحدث الشيخ إبراهيم حلس، عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى، عن بعض الممارسات التي قد تبدو بسيطة في نظر البعض لكنها تؤدي إلى فساد الصيام بالكامل.
وأشار إلى أن رمضان هو فرصة عظيمة للمسلمين للتقرب إلى الله، ولذلك يجب على كل مسلم أن يكون حريصًا على الحفاظ على صيامه وتجنب المفسدات التي قد تؤثر في أجره.
مفسدات الصيام الأساسيةوأوضح الشيخ إبراهيم في تصريحات لبرنامج صباح الخير يا مصر ، أن هناك مجموعة من الممارسات التي إذا قام بها المسلم في نهار رمضان، فإنها تفسد صيامه بشكل كامل من أبرز هذه الممارسات:
إدخال شيء إلى الجوف عمدًاإذا تعمد المسلم إدخال شيء إلى جوفه عن طريق الفم أو الأنف في نهار رمضان، سواء كان طعامًا أو شرابًا أو أي مادة أخرى، فإن ذلك يفسد الصيام. وذلك لأن الصيام يعني الامتناع عن تناول أي شيء في هذه الفترة، ويجب على المسلم أن يكون حريصًا في هذا الجانب.
تناول الأدوية أثناء الصيامتناول الأدوية سواء كانت عبر الفم أو الحقن في نهار رمضان، إذا كان الشخص متذكرًا أنه في فترة الصيام، يعتبر من المبطلات.
وقد يحدث هذا دون قصد في بعض الحالات، لذلك يجب على المسلم أن يتأكد من عدم تناول أي أدوية إلا في الحالات الضرورية، وإذا كان لا بد من تناولها، فمن الأفضل أن يتم ذلك بعد الإفطار أو قبل السحور.
الجماع في نهار رمضانالجماع بين الزوجين في نهار رمضان يُعتبر من أكبر مفسدات الصيام. حيث يؤدي إلى إفساد الصيام ويجب على الشخص الذي قام به القضاء والكفارة. من هنا تأتي أهمية تجنب الجماع في هذه الفترة.
نزول المني بشهوة في حالة اليقظةإذا نزل المني من الشخص في حالة اليقظة بسبب شهوة، فإن ذلك يفسد الصيام. كما أن الاستمناء يعد من الأمور التي تفسد الصيام أيضًا، لذلك يجب أن يكون المسلم حذرًا في هذا الجانب.
تعمد القيءإذا تعمد الشخص القيء أثناء نهار رمضان، فإن ذلك يؤدي إلى فساد صيامه. أما إذا كان القيء غير متعمد، مثل أن يقيأ الشخص بسبب مرض أو غيره، فلا يؤثر ذلك على الصيام، ولا يعتبر مفسدًا.
مفسدات الصيام عند النساءوأشار الشيخ حلس إلى أن هناك مفسدات خاصة بالنساء، وهي نزول دم الحيض أو النفاس. ففي حال حدوث ذلك، يُفسد صيام المرأة، وتُجبر على قضاء الأيام التي أفطرتها بعد انتهاء رمضان. وهذه من الأمور التي يجب على النساء الانتباه لها خلال شهر رمضان.