عربي21:
2024-11-22@17:05:25 GMT

المحامون التونسيون يرفضون دخول بيت الطاعة

تاريخ النشر: 13th, May 2024 GMT

تعيش تونس حاليا مواجهة مفتوحة بين السلطة والمحامين، فالهجوم المباشر الذي تعرضت له دار المحامي من قبل أمنيين ملثمين ليلة الأحد الماضي شكل النقطة التي أفاضت الكأس في العلاقة المتوترة بين الطرفين منذ أشهر عديدة على الأقل. إذ صدرت بطاقة جلب للمحامية سنية الدهماني بناء على تعليق إعلامي اعتبرته السلطة "جريمة خطيرة" يجب أن تحاسب عليه وفق المرسوم 54.

من جهتها رفضت المحامية الاستسلام، وهي تتمتع باحترام المتابعين لتعليقاتها، واستنجدت بزملائها من أجل التنسيق معهم ووضع خطة جماعية للدفاع؛ ليس عن نفسها فقط ولكن أيضا عن حرية الكلمة التي اعتبرتها مهددة أكثر من أي وقت مضى.

ولم تنكر سنية الدهماني كونها "متمردة" ورافضة تنفيذ القرار القضائي، لأنه حسب اعتقادها هو "قرار سياسي" يهدف إلى إخضاع المحاماة مثلما حصل من قبل مع القضاة، وتحجيم دور المحامين. بذلك توفرت عناصر الاشتباك بين هذا القطاع الحيوي في تونس وبين السلطة القائمة، فتحولت المسألة إلى أزمة مفتوحة سيكون لها ما بعدها.

لم يجد المحامون أنفسهم وحدهم في هذه المعركة، إذ سرعان ما دعمتهم منظمات وجمعيات وازنة في تونس؛ مثل الاتحاد العام التونسي للشغل الذي أدان بشدة الاقتحام الأمني واعتبره "غير مسبوق"، مؤكدا بالخصوص على أنه يسجل "تصاعد موجة خنق الحريات العامة والخاصة"، الأسلوب العنيف الذي اعتمدته السلطة جعل القضية تتجاوز نطاق الحادثة الفردية التي كان بالإمكان تسويتها بطريقة ما، لتصبح معركة متعددة الجبهات تشمل قطاعات واسعة من المجتمع المدني، خاصة بعد مطالبة المحامين الرئيس قيس سعيد بـ"الرحيل" وتأكيد النقابيين على مساندتهم لجميع الأشكال النضالية التي يتخذها المحامونويدعو إلى التصدي لها. كذلك أصدرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ونقابة الصحافيين التونسيين وجمعية النساء الديمقراطيات بيانات مماثلة؛ تؤكد دعمها للمحاماة التي تتعرض حسب اعتقادهم إلى مظلمة.

ولا شك في أن الأسلوب العنيف الذي اعتمدته السلطة جعل القضية تتجاوز نطاق الحادثة الفردية التي كان بالإمكان تسويتها بطريقة ما، لتصبح معركة متعددة الجبهات تشمل قطاعات واسعة من المجتمع المدني، خاصة بعد مطالبة المحامين الرئيس قيس سعيد بـ"الرحيل" وتأكيد النقابيين على مساندتهم لجميع الأشكال النضالية التي يتخذها المحامون.

في هذا السياق تبرز مسألتان مهمتان لفهم ما يجري في تونس":

تتعلق المسألة الأولي بأن "المشروع السياسي" الذي يدافع عنه الرئيس سعيد منذ اندلاع الثورة لا يقر بشرعية الهياكل الوسيطة التي يطلق بالمجتمع المدني، لهذا عمل بعد انفراده بالسلطة في الخامس والعشرين من تموز/ يوليو على تحجيم الأحزاب والجمعيات. ورفض أن تكون هذه الهياكل مستقلة عن الدولة، أو أن تكون لها أدوار ونفوذ بعيدا عن السياسات الرسمية. وما يجري اليوم يندرج ضمن هذه الرؤية، وكما فعل مع القضاء الذي اعتبره وظيفة تابعة للدولة وحرم القضاة من أن يكونوا سلطة مستقلة، يعمل حاليا على إخضاع المحاماة، وتطويع المحامين، وعدم السماح لهم بما يعتبره تطاولا على الدولة. فأي شكل من أشكال التمرد سيواجه بقوة الدولة مهما كانت الأدوات والوسائل.

مفهوم الحرية عندهم يختلف جوهريا عن مفهوم الرئيس لها؛ فهو مع تمسكه بقيمة الحرية لكن بشرط ألا تتحول إلى فوضى وتفتيت للدولة وتمييع للقانون، في حين تتمسك بقية الأطراف المناهضة بأن الحريات هي منظومة متكاملة، من شأنها أن تحد من سلطة الدولة وتقيد صلاحيات رئيس السلطة التنفيذية، وتضفي الشرعية على الحق في انتقاده والاختلاف معه والتصدي لتجاوزاته دون خوف
أما المسألة الثانية فهي تتعلق بالحريات التي يتمسك بها خصوم الرئيس سعيد، ويعتبرونها المكسب الرئيسي الذي تحصلوا عليه بعد الثورة، وغير مستعدين للتفريط فيه مهما كان حجم الثمن الذي سيدفعونه. فمفهوم الحرية عندهم يختلف جوهريا عن مفهوم الرئيس لها؛ فهو مع تمسكه بقيمة الحرية لكن بشرط ألا تتحول إلى فوضى وتفتيت للدولة وتمييع للقانون، في حين تتمسك بقية الأطراف المناهضة بأن الحريات هي منظومة متكاملة، من شأنها أن تحد من سلطة الدولة وتقيد صلاحيات رئيس السلطة التنفيذية، وتضفي الشرعية على الحق في انتقاده والاختلاف معه والتصدي لتجاوزاته دون خوف.

في هذا المنعطف بالذات يتنزل الحدث الراهن في تونس، فللمحامين تاريخ طويل في النضال ضد مختلف الحكومات التي تعاقبت منذ الاستقلال إلى اللحظة الراهنة، وحاولت التحكم فيهم. هم يشكلون قوة دافعة ضمن منظومة المجتمع المدني المتمسك بدوره واستقلاليته ومكاسبه، لهذا السبب بالذات تفاعلت بقية أجزاء ومكونات هذا المجتمع المدني الذي رغم الضربات التي تلقاها إجرائيا وتنظيميا، ورغم ما يتعرض له من حملات تشكيك في وجوده ومصداقيته ووطنيته، واتهامه بالعمالة وعدم النزاهة، لا يزال حيا وصامدا وقادرا على المواجهة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تونس الحريات المجتمع المدني قيس سعيد تونس حريات المجتمع المدني نقابات قيس سعيد سياسة سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجتمع المدنی فی تونس

إقرأ أيضاً:

حسين الزناتي: مصر وتونس قواسم وتحديات مشتركة من الدولة الفاطمية حتى الربيع العربي

أكد حسين الزناتى وكيل نقابة الصحفيين، ورئيس لجنة الشؤون العربية، وجود الكثير من القواسم المشتركة بين مصر وتونس؛ فتاريخ الدولتان شهد انتقال عاصمة الفاطميين من المهدية التونسية إلى القاهرة، ومعها نُقلت الآثار الإسلامية والعمارة الفاطمية إليها، ومن جامع الزيتونة في تونس إلى الأزهر الشريف تواصل الفكر الإسلامي المعتدل والمستنير بين البلدين.

وقال "الزناتي" خلال الحوار المفتوح الذي أعدّته لجنة الشؤون العربية بالنقابة لسفير تونس بالقاهرة، ومندوبها الدائم بالجامعة العربية، محمد بن يوسف، اليوم، إن مصر كانت من أولى الدول التي دعمت الكفاح التونسي ضد الاستعمار الفرنسي، رغم أنها كانت تقع تحت الاستعمار البريطاني منذ 1882، لكنها ساندت الحركة الوطنية التونسية، وبعدها شهدت العلاقات بين مصر وتونس توافقًا منذ ثورة 23 يوليو 1952، ولعبت مصر دورًا واضحًا في دعم الحركة الوطنية التونسية، واستمرّت في مساندة كفاحها ضد الاحتلال، وتبنّت قضيتها في مجلس الأمن، وجامعة الدول العربية، وحركة عدم الانحياز، وكانت دائمًا معها، حتى حصلت تونس على استقلالها بموجب الاتفاقية التونسية الفرنسية في مارس 1956.

وتابع: “على الجانب الآخر، كان موقف تونس مؤيدًا تمامًا لقرار الحكومة المصرية بتأميم قناة السويس، كما وقفت تونس إلى جانب مصر أثناء العدوان الثلاثي عليها، بل وشاركت معها في حرب الاستنزاف على الجبهة المصرية، وأيضًا في حرب أكتوبر 1973”.

وأضاف وكيل نقابة الصحفيين: “كما جمعت هذه القواسم المشتركة بين البلدين في التاريخ الحديث، فقد واجهتا العديد من التحديات الصعبة، في التاريخ المعاصر؛ حيث شهدتا أولى أحداث ما سُمي بدول الربيع العربي، ومعها كانت تجربة اندلاع ثورتي الياسمين في تونس، ثم 25 يناير في مصر، وبالتزامن أيضًا شهدت الدولتين بعدها ظهور القوى الإسلامية على الساحة السياسية لهما ووصولها للسُلطة، ثم فشلها في الإدارة، مما أدّى برغبة شديدة لدى الشعبين في تغيير النظام، وهو ما حدث في تونس بإقامة انتخابات، وفي مصر بإندلاع ثورة 30 يونيه 2013.”.

واستكمل قائلًا: “أما الآن فمازالت تتسم العلاقات السياسية بين مصر وتونس بالقوة والمتانة، ويسودها التفاهم، ولا توجد عقبات تعترض مسار هذه العلاقات، وهو ما ينعكس في المواقف المتشابهة التي تتبناها الدولتان تجاه القضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وتطورات الأزمة الليبية، باعتبارهما دولتي جوار، والوضع في السودان، وغيرها من القضايا”.

مقالات مشابهة

  • تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
  • حسين الزناتي: مصر وتونس قواسم وتحديات مشتركة من الدولة الفاطمية حتى الربيع العربي
  • الزناتي: مصر وتونس تحديات مشتركة منذ الدولة الفاطمية حتى الربيع العربي
  • وزير الرياضة يشيد بالدعم الذي يقدمه الرئيس السيسي للرياضة والرياضيين والشباب
  • المحامون يقدمون مذكرة تعديلية لمشروع المسطرة المدنية
  • الرئيس جو بايدن يسجل رقما قياسيا.. وترامب يستعد لكسره
  • ولاية المتغلب.. بين صيانة الدماء وتمكين الاستبداد
  • الدفاع المدني بغزة: مراكز النزوح والإيواء في القطاع لا تصلح للحياة
  • قبائل صرواح يرفضون استلام جثة أحد ابنائهم حتى يتم تسليم القيادي ”الحمزي” الذي قتله للعدالة
  • افحيمة: الخلاف على شرعية رئاسة مجلس الدولة يعطل توحيد السلطة التنفيذية