المحامون التونسيون يرفضون دخول بيت الطاعة
تاريخ النشر: 13th, May 2024 GMT
تعيش تونس حاليا مواجهة مفتوحة بين السلطة والمحامين، فالهجوم المباشر الذي تعرضت له دار المحامي من قبل أمنيين ملثمين ليلة الأحد الماضي شكل النقطة التي أفاضت الكأس في العلاقة المتوترة بين الطرفين منذ أشهر عديدة على الأقل. إذ صدرت بطاقة جلب للمحامية سنية الدهماني بناء على تعليق إعلامي اعتبرته السلطة "جريمة خطيرة" يجب أن تحاسب عليه وفق المرسوم 54.
ولم تنكر سنية الدهماني كونها "متمردة" ورافضة تنفيذ القرار القضائي، لأنه حسب اعتقادها هو "قرار سياسي" يهدف إلى إخضاع المحاماة مثلما حصل من قبل مع القضاة، وتحجيم دور المحامين. بذلك توفرت عناصر الاشتباك بين هذا القطاع الحيوي في تونس وبين السلطة القائمة، فتحولت المسألة إلى أزمة مفتوحة سيكون لها ما بعدها.
لم يجد المحامون أنفسهم وحدهم في هذه المعركة، إذ سرعان ما دعمتهم منظمات وجمعيات وازنة في تونس؛ مثل الاتحاد العام التونسي للشغل الذي أدان بشدة الاقتحام الأمني واعتبره "غير مسبوق"، مؤكدا بالخصوص على أنه يسجل "تصاعد موجة خنق الحريات العامة والخاصة"، الأسلوب العنيف الذي اعتمدته السلطة جعل القضية تتجاوز نطاق الحادثة الفردية التي كان بالإمكان تسويتها بطريقة ما، لتصبح معركة متعددة الجبهات تشمل قطاعات واسعة من المجتمع المدني، خاصة بعد مطالبة المحامين الرئيس قيس سعيد بـ"الرحيل" وتأكيد النقابيين على مساندتهم لجميع الأشكال النضالية التي يتخذها المحامونويدعو إلى التصدي لها. كذلك أصدرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ونقابة الصحافيين التونسيين وجمعية النساء الديمقراطيات بيانات مماثلة؛ تؤكد دعمها للمحاماة التي تتعرض حسب اعتقادهم إلى مظلمة.
ولا شك في أن الأسلوب العنيف الذي اعتمدته السلطة جعل القضية تتجاوز نطاق الحادثة الفردية التي كان بالإمكان تسويتها بطريقة ما، لتصبح معركة متعددة الجبهات تشمل قطاعات واسعة من المجتمع المدني، خاصة بعد مطالبة المحامين الرئيس قيس سعيد بـ"الرحيل" وتأكيد النقابيين على مساندتهم لجميع الأشكال النضالية التي يتخذها المحامون.
في هذا السياق تبرز مسألتان مهمتان لفهم ما يجري في تونس":
تتعلق المسألة الأولي بأن "المشروع السياسي" الذي يدافع عنه الرئيس سعيد منذ اندلاع الثورة لا يقر بشرعية الهياكل الوسيطة التي يطلق بالمجتمع المدني، لهذا عمل بعد انفراده بالسلطة في الخامس والعشرين من تموز/ يوليو على تحجيم الأحزاب والجمعيات. ورفض أن تكون هذه الهياكل مستقلة عن الدولة، أو أن تكون لها أدوار ونفوذ بعيدا عن السياسات الرسمية. وما يجري اليوم يندرج ضمن هذه الرؤية، وكما فعل مع القضاء الذي اعتبره وظيفة تابعة للدولة وحرم القضاة من أن يكونوا سلطة مستقلة، يعمل حاليا على إخضاع المحاماة، وتطويع المحامين، وعدم السماح لهم بما يعتبره تطاولا على الدولة. فأي شكل من أشكال التمرد سيواجه بقوة الدولة مهما كانت الأدوات والوسائل.
مفهوم الحرية عندهم يختلف جوهريا عن مفهوم الرئيس لها؛ فهو مع تمسكه بقيمة الحرية لكن بشرط ألا تتحول إلى فوضى وتفتيت للدولة وتمييع للقانون، في حين تتمسك بقية الأطراف المناهضة بأن الحريات هي منظومة متكاملة، من شأنها أن تحد من سلطة الدولة وتقيد صلاحيات رئيس السلطة التنفيذية، وتضفي الشرعية على الحق في انتقاده والاختلاف معه والتصدي لتجاوزاته دون خوف
أما المسألة الثانية فهي تتعلق بالحريات التي يتمسك بها خصوم الرئيس سعيد، ويعتبرونها المكسب الرئيسي الذي تحصلوا عليه بعد الثورة، وغير مستعدين للتفريط فيه مهما كان حجم الثمن الذي سيدفعونه. فمفهوم الحرية عندهم يختلف جوهريا عن مفهوم الرئيس لها؛ فهو مع تمسكه بقيمة الحرية لكن بشرط ألا تتحول إلى فوضى وتفتيت للدولة وتمييع للقانون، في حين تتمسك بقية الأطراف المناهضة بأن الحريات هي منظومة متكاملة، من شأنها أن تحد من سلطة الدولة وتقيد صلاحيات رئيس السلطة التنفيذية، وتضفي الشرعية على الحق في انتقاده والاختلاف معه والتصدي لتجاوزاته دون خوف.
في هذا المنعطف بالذات يتنزل الحدث الراهن في تونس، فللمحامين تاريخ طويل في النضال ضد مختلف الحكومات التي تعاقبت منذ الاستقلال إلى اللحظة الراهنة، وحاولت التحكم فيهم. هم يشكلون قوة دافعة ضمن منظومة المجتمع المدني المتمسك بدوره واستقلاليته ومكاسبه، لهذا السبب بالذات تفاعلت بقية أجزاء ومكونات هذا المجتمع المدني الذي رغم الضربات التي تلقاها إجرائيا وتنظيميا، ورغم ما يتعرض له من حملات تشكيك في وجوده ومصداقيته ووطنيته، واتهامه بالعمالة وعدم النزاهة، لا يزال حيا وصامدا وقادرا على المواجهة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تونس الحريات المجتمع المدني قيس سعيد تونس حريات المجتمع المدني نقابات قيس سعيد سياسة سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المجتمع المدنی فی تونس
إقرأ أيضاً:
لحظة طرد زيلينسكي.. من هو الرئيس الأوكراني الذي أثار استياء ترامب؟
بعد اشتباكه مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب ونائب الرئيس جيه.دي فانس في وقت سابق الجمعة، وبعدما عبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عن امتنانه للشعب الأمريكي، عاد وعلّق ثانية.
أعلن الرجل أنه لن يعود للبيت الأبيض، مشدداً على أنه لا يدين بأي اعتذار لترامب، خصوصا وأنه لم يرتكب أي خطأ يدعوه لذلك.
وأضاف لشبكة "فوكس نيوز"، أنه يحترم الرئيس والشعب الأمريكي، وأن بلاده لا تستطيع الصمود لولا دعمهما.
واعتبر أنّ علاقة كييف بالولايات المتحدة يمكن بالطبع إنقاذها، خصوصاً أنها علاقات تتجاوز حدود الرئيسَين، لأنها علاقات قوية وتاريخية بين الشعبين.
وأضاف أنه لا يريد أن يخسر الولايات المتحدة كشريك، وأنه يريد أن يكون ترامب "أكثر إلى جانبه" في المفاوضات لإنهاء النزاع.
رغم هذا، أكد أن أوكرانيا لن تدخل في محادثات سلام مع روسيا حتى تحصل على ضمانات أمنية بعدم التعرض لهجوم آخر.
كما شدد على أن أوكرانيا تريد السلام، لذلك عليها أن تكون قوية على طاولة المفاوضات.
من جانبه، أكد رئيس الوزراء الأوكراني، دنيش شميجال، الجمعة، أن "السلام من دون ضمانات مستحيل".
كذلك رأى رئيس البرلمان رسلان ستيفانتشوك أنه لا يحق لأحد أن ينسى أن روسيا هي المعتدية في هذه الحرب وأن أوكرانيا هي ضحية العدوان، وفق تعبيره.
وقال وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيها إن الرئيس فولوديمير زيلينسكي "يملك الشجاعة والقوة للدفاع عن الحق".
أيضاً عبر قائد الجيش الأوكراني أوليكساندر سيرسكي عن دعمه للرئيس فولوديمير زيلينسكي، وقال في منشور على فيسبوك "القوات المسلحة - مع أوكرانيا، ومع الشعب، ومع القائد الأعلى. قوتنا في الوحدة".
جاء هذا بعدما تحوّل اللقاء الذي استمر لـ50 دقيقة، بين الزعيمين إلى تلاسن حاد ومشّادة كلامية أمام الصحافيين وعدسات الكاميرات. إذ أخبر ترامب زيلينسكي أن تصريحاته تفتقر بشدة إلى الاحترام، متهماً إياه بأنه وضع نفسه في مأزق، وأنه لا يملك أي أوراق مساومة، قائلاً له "عليك أن تبدي الشكر".
وقال ترامب موجهاً كلامه بغضب لزيلينسكي: "أنت تقامر باندلاع حرب عالمية ثالثة"، وتابع "لا تخبرنا بما يجب أن نفعله... أنت ضعيف بلا الولايات المتحدة".
من هو الرئيس الأوكراني؟
يعد فولوديمير أوليكساندروفيتش زيلينسكي من (مواليد 25 يناير 1978) ويشغل منصب رئيس أوكرانيا منذ عام 2019.
حصل على اعتراف عالمي كزعيم لأوكرانيا في زمن الحرب خلال التدخل الروسي لأوكرانيا.
نشأ زيلينسكي في كريفي ريه، وهي منطقة ناطقة بالروسية في جنوب شرق أوكرانيا. قبل عمله في التمثيل، حصل زيلينسكي على شهادة في القانون من جامعة كييف الوطنية للاقتصاد ثم تابع الكوميديا وأنشأ شركة الإنتاج Kvartal 95، التي تنتج الأفلام والرسوم المتحركة والبرامج التلفزيونية بما في ذلك مسلسل خادم الشعب، والتي لعب فيها زيلينسكي دور رئيس أوكرانيا.
بُث المسلسل من عام 2015 إلى عام 2019 وكان يحظى بشعبية كبيرة.
أنشأ موظفو Kvartal 95 حزبًا سياسيًا يحمل نفس اسم المسلسل التلفزيوني - خادم الشعب-في مارس 2018.
أعلن زيلينسكي ترشحه للانتخابات الرئاسية الأوكرانية لعام 2019 مساء 31 ديسمبر 2018، إلى جانب خطاب ليلة رأس السنة للرئيس بترو بوروشنكو على قناة 1+1 التلفزيونية.
وكان قد أصبح بالفعل أحد المرشحين الأوائل في استطلاعات الرأي للانتخابات، وهو من خارج الوسط السياسي.
وفاز في الانتخابات بنسبة 73.2 في المائة من الأصوات في الجولة الثانية، متغلبا على بوروشنكو.
كرئيس، كان زيلينسكي من دعاة الحكومة الإلكترونية والوحدة بين الأجزاء الناطقة باللغة الأوكرانية والروسية من سكان البلاد. أسلوب التواصل الخاص به يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير، ولا سيما انستجرام.
حقق حزبه فوزًا ساحقًا في انتخابات تشريعية مبكرة أجريت بعد وقت قصير من تنصيبه رئيسًا.
خلال فترة إدارته، أشرف زيلينسكي على رفع الحصانة القانونية لأعضاء البرلمان الأوكراني، واستجابة البلاد لوباء كوفيد-19 وما تلاه من ركود اقتصادي، وبعض التقدم في التصدي للفساد.
وعد زيلينسكي بإنهاء الصراع الذي طال أمده مع روسيا كجزء من حملته الرئاسية، وحاول الدخول في حوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
واجهت إدارة زيلينسكي تصعيدا في التوترات مع روسيا في عام 2021، وبلغت ذروتها في إطلاق روسيا حملتها في فبراير 2022.
نشأة زيلينسكي
ولد فولوديمير أوليكساندروفيتش زيلينسكي لأبوين يهوديين في 25 يناير 1978 في كريفي ريه، حينها جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية.
يعد والده، أوليكسندر زيلينسكي، هو أستاذ ورئيس قسم علم التحكم والاتصال وأجهزة الحوسبة في معهد كريفي ريه للاقتصاد، ووالدته ريما زيلينسكا كانت تعمل مهندسة. أما جده، سيميون إيفانوفيتش زيلينسكي فخدم في الجيش الأحمر (في فرقة البنادق الآلية الحرس 57) خلال الحرب العالمية الثانية.
View this post on InstagramA post shared by Shams TV (@shamsnewstv)