جولة الرئيس الصيني في أوروبا.. خطى ثابتة للسلام والاستقرار العالمي
تاريخ النشر: 13th, May 2024 GMT
تشو شيوان **
شهدتْ الدبلوماسيَّة الصينية تطورات مهمة خلال الأيام القليلة الماضية؛ حيث زار الرئيس الصيني شي جين بينج عدة دول من أوروبا -الزيارة الأولى له كانت منذ خمس سنوات- فخلال الزيارة زار الرئيس شي كلًّا من: فرنسا وصربيا والمجر، كما حضر القمة الثلاثية بين الصين وفرنسا والاتحاد الأوروبي، وقد استغرقت الزيارة ستة أيام، مُحقِّقة سلسلة من النتائج المثمرة؛ أهمها: تعزيز العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي، وضخ عوامل استقرار جديدة للعالم، خصوصًا وأن الصين بثقلها وتأثيرها الاقتصادي والسياسي العالمي بات له وزن وقيمة أكبر، ونحن نتحدث هنا عن زيارة الرئيس شي الذي بات حضوره محط أنظار العالم.
الرحلة إلى أوروبا هذه المرة هي أول زيارة خارجية للرئيس شي جين بينغ هذا العام، وهي أيضًا زيارته الثالثة إلى فرنسا، والزيارة الثانية إلى صربيا، والزيارة الأولى إلى المجر، واختيار الدول المستهدفة يعكس خصائص دبلوماسية القوى الكبرى الناضجة، والتخطيط الشامل للعلاقات التاريخية الثنائية والتعاون العملي بين الصين والدول الأوروبية، وحضوره القمة الثلاثية يؤكد أن تحركات الرئيس شي وزياراته مدروسة وضع أساسًا صلبًا لعلاقات الصين الخارجية.
ومن ناحية أخرى، أجد أن رحلة الرئيس شي تتزامن مع مساعي كبرى لإعادة تنظيم هيكل القوة السياسية والاقتصادية العالمية، وعلى هذه الخلفية، يمكن اعتبار زيارة الرئيس شي إلى أوروبا بمثابة زيارة عودة لعلاقات الصين الرسمية مع الدول الأوروبية الكبرى وكبار الشخصيات في الاتحاد الأوروبي، وتظهر أنَّ الصين والاتحاد الأوروبي؛ باعتبارهما من القوى السياسية والاقتصادية الرئيسية في العالم قد توصَّلا إلى درجة عالية من التوافق بشأن البحث عن أرضية مشتركة للتفاهم فيما بينهم، وتنحية الخلافات جانبًا، والسعي إلى التنمية المشتركة وتقاسم المسؤولية لبث روح الاستقرار العالمي؛ سواءً الاقتصادي والسياسي، وأجد أن الصين والدول الأوروبية لديهم كافة الفرص للمضي قدمًا في تطوير علاقتيهما ببعضهم البعض على كافة الأصعدة.
إنَّ زيارة الرئيس شي إلى فرنسا هي أمرٌ طبيعي، ويصادف هذا العام الذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وفرنسا، وليست فرنسا أول دولة غربية كبرى تقيم علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية فحسب، بل هي أيضًا قوة أوروبية تنتهج دائمًا الدبلوماسية المستقلة، ونجد أن الصين قد اهتمت اهتمامًا بالغا بتطوير العلاقات الثنائية مع فرنسا، حيث قام الرئيس شي بزيارة فرنسا خلال الذكرى الخمسين والذكرى الخمسة والخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وفرنسا، وخلال هذه الزيارة، تم توقيع الجانبين 4 بيانات مشتركة و18 اتفاقية تعاون، من أجل توسيع وتعميق علاقات التعاون الثنائي وآفاق التنمية بشكل شامل. واستنادًا لعلاقات دولية ومفاهيم دبلوماسية مماثلة، حافظتْ الصين وفرنسا دائمًا على تفاهم ضِمني بشأن العديد من القضايا الدولية الساخنة، وبشأن الأزمة الروسية الأوكرانية، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والقضية النووية الإيرانية، فتدعو الصين وفرنسا بشكل مشترك إلى وقف عالمي لإطلاق النار خلال دورة الألعاب الأولمبية في باريس، وتحقيق وقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، وبين الفلسطينيين والإسرائيليين في أسرع وقت ممكن.
لا تقتصر أهمية زيارة الرئيس شي إلى فرنسا على العلاقات الثنائية، بل أيضا على دعم القمة الثلاثية بين الصين وفرنسا والاتحاد الأوروبي؛ حيث التقى الرئيس شي مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، وتمَّ إجراء تبادلات ودية وتفاعلات صريحة بين القادة الثلاثة حول العلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي. ومن الواضح أن فون دير لاين خفَّضت لهجتها وأعطت تأكيدًا إيجابيًا على تطوُّر العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والصين، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يستطيع "فك الارتباط وقطعه" مع الصين، ناهيك عن خسارة عملية صنع القرار الإستراتيجي في الصين.
كما جَذَبت زيارة الرئيس شي إلى صربيا الكثير من الاهتمام، وخلال هذه الزيارة وقَّعت الصين وصربيا بيانًا مشتركًا حول تعميق وتعزيز الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين، وبناء مصير مشترك بين الصين وصربيا في العصر الجديد، إضافة إلى توقيع 28 وثيقة تعاون. وخلال عملية البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق -التي استمرَّت 10 سنوات- قدَّمتْ صربيا نموذجًا للعلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي في التنمية متبادلة المنفعة. ومن المؤكد أنَّ هذا التفاعل التاريخي سيلعب دورا قياديا أفضل في تعميق التعاون بينهما (الصين وأوروبا).
تَتَزامن زيارة الرئيس شي الأولى إلى المجر مع الذكرى الخمسة والسبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. ولم تكن المجر واحدة من أوائل الدول الأوروبية التي اعترفت بجمهورية الصين الشعبية في أكتوبر 1949 فحسب؛ بل كانت أيضًا أول دولة أوروبية توقع اتفاقية البناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق مع الصين، حتى إنَّ رئيس وزراء المجر أوربان فيكتور شارك في "منتدى الحزام والطريق" للتعاون الدولي 3 مرات. وتتمتع الصين والمجر بتبادلات متكررة رفيعة المستوى وتعاون عملي قوي وتبادلات ثقافية غنية، مما يجعل المجر محورًا لآلية التعاون "17+1" بين الصين ودول وسط وشرق أوروبا. وفي أول زيارة للرئيس الصيني منذ 20 عاما، استقبلته المجر أيضا استقبالا رفيع المستوى، وتم ترقية العلاقات الثنائية إلى مستوى شراكة إستراتيجية شاملة في كل الأحوال في العصر الجديد، إضافة لتوقيع 18 اتفاقية تعاون.
وختاما.. يُمكننا القول إنَّه وفي هذه الفترة الخاصة من الأحداث والاضطرابات العالمية المتشابكة، وضعت رحلة الرئيس شي إلى أوروبا نقطة انطلاق جديدة للعلاقات بين الصين والاتحاد الأوروبي للوصول إلى مستوى أعلى؛ مما يوفر جوًّا جديدًا مشرقًا لدبلوماسية الصين تجاه الدول الأوروبية.
*** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية-العربية
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سيف بن زايد يبحث مع عددٍ من نظرائه تعزيز الأمن والاستقرار
التقى الفريق سموّ الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، على هامش الدورة الثانية والأربعين لمجلس وزراء الداخلية العرب، التي عقدت في تونس، مازن الفراية، وزير الداخلية في المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة وبحثا العلاقات المتميزة بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها بما يحقق مصلحة البلدين وشعبيهما، وأكدا خلال اللقاء، أهمية تعزيز العمل العربي المشترك المبني على الأسس والقيم والمصالح المشتركة والمصير الواحد، وضرورة توحيد الكلمة والتعاون من أجل تعزيز الأمن والاستقرار للمجتمعات.
وقال سموّه «سررت بلقاء وزير الداخلية في المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، حيث استعرضنا الروابط الأخوية الراسخة بين بلدينا الشقيقين، وبحثنا آفاق تعزيز التعاون الأمني والشرطي، كما ناقشنا مستجدات الأوضاع في الشرق الأوسط وآثارها في البيئة الأمنية في المنطقة العربية، مؤكدين أهمية العمل المشترك لتعزيز الأمن والسلام، بما يسهم في استقرار المنطقة وازدهار شعوبها».
والتقى سموّه، محمد آيت وعلي، سفير مملكة المغرب لدى جمهورية مصر العربية، والمندوب الدائم للمملكة المغربية الشقيقة لدى جامعة الدول العربية ورئيس وفدها إلى الاجتماعات، وبحثا تعزيز العلاقات المتميزة بين البلدين الشقيقين وسبل الارتقاء بها، كما استعرضا عدداً من الموضوعات المتعلقة بتعزيز التعاون العربي لمواجهة التحديات الأمنية.
وقال سموّه «سعدت بلقاء سعادة محمد آيت وعلي، حيث استعرضنا علاقات الصداقة والأخوّة التاريخية المتينة بين بلدينا الشقيقين وناقشنا سبل تعزيز وتطوير مجالات التعاون، كما بحثنا المستجدات الإقليمية وأهمية العمل المشترك لتعزيز أمن منطقتنا العربية واستقرارها، لترسيخ بيئة آمنة يسودها السلام، تكون الأساس الذي تنهض عليه مسارات التنمية والرخاء لمجتمعاتنا ومستقبل أجيالنا.
والتقى سموّه، مارغاريدا بلاسكو، وزيرة الشؤون الداخلية في الجمهورية البرتغالية، وبحثا عدداً من الموضوعات المتعلقة بتعزيز التعاون بين الإمارات والبرتغال في المجالات الأمنية والشرطية، وتبادلا وجهات النظر وأكدا أهمية العلاقات العربية الأوروبية وسبل تطويرها في مجالات مكافحة الجرائم بأشكالها كافة، وضرورة تعزيز تبادل الخبرات والمعارف من أجل مجتمعات أكثر أمناً.
وقال سموّه «سعدت بلقاء مارغريدا بلاسكو، حيث تبادلنا وجهات النظر في تعزيز التعاون الأمني وتطوير الشراكات في المجالات الأمنية والشرطية، بما يسهم في دعم بيئة الأمن والاستقرار، كما أكدنا أهمية مواصلة التنسيق لمواجهة التحديات المشتركة وتعزيز السلام الإقليمي والدولي».
والتقى سموّه، الشيخ عبدالله علي الصباح، وزير الدفاع بدولة الكويت، وبحثا عدداً من الموضوعات المتعلقة بتعزيز العلاقات القائمة بين البلدين الشقيقين وسبل دعم العمل العربي المشترك، وتبادلا وجهات النظر في تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة، وآثارها في البيئة الأمنية للمنطقة العربية وأبرز التحديات الأمنية.
وقال سموّه «سعدت بلقاء الأخ الشيخ عبدالله علي عبدالله الصباح، حيث استعرضنا عمق العلاقات الأخوية الراسخة بين بلدينا الشقيقين، وبحثنا تعزيز آفاق التعاون بما يسهم في تطوير الأمن المشترك، كما ناقشنا المستجدات الإقليمية وأهمية تكثيف الجهود لترسيخ أسس السلام والاستقرار، تحقيقاً لتطلعات شعوبنا في مستقبلٍ أكثر أماناً وازدهاراً».
كما التقى سموّه، اللواء محمود توفيق، وزير الداخلية بجمهورية مصر العربية، وبحثا العلاقات المتميزة بين البلدين الشقيقين، وسبل تعزيز التنسيق والعمل العربي التكاملي المشترك بما يسهم في تعزيز الأمن العربي والإقليمي، وأكدا ضرورة مواصلة مسيرة التعاون العربي لمواجهة التحديات التي تفرضها الأوضاع الراهنة بالمنطقة.
وقال «سررت بلقاء اللواء محمود توفيق، حيث استعرضنا العلاقات الأخوية الراسخة، وأكدنا أهمية تعزيز جسور التعاون الأمني بين بلدينا الشقيقين، كما تباحثنا في المستجدات الإقليمية وأهمية تطوير المنظومة الأمنية العربية لمواكبة التحديات المتسارعة، بما يرسّخ الاستقرار ويحفظ أمن مجتمعاتنا العربية».
والتقى سموّه، الفريق أول الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، وزير الداخلية في مملكة البحرين. وبحثا العلاقات المتميزة بين البلدين الشقيقين وسبل تعزيزها. كما تبادلا وجهات النظر في التنسيق والعمل العربي المشترك، وأهمية تعزيزه لتحقيق المصالح العربية، ودعم مسيرة النمو المستدام، وتحقق الازدهار للبلدان والشعوب العربية.
وقال سموّه «في رحاب تونس الخضراء، سعدت بلقاء أخي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، حيث أكدنا عمق الروابط الأخوية التي تجمعنا، والتزام قيادتينا الراسخ بدعم جهود السلام وبيئة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وناقشنا سبل تعزيز وتطوير التعاون الأمني والشرطي بين بلدينا، وتبادلنا الرؤى في مواجهة التحديات الأمنية المشتركة، إدراكاً لأهمية التكامل والعمل المشترك في بناء مستقبلٍ أكثر ازدهاراً وأماناً لمجتمعاتنا وبلداننا».
كما التقى سموّه، اللواء عماد الطرابلسي، وزير الداخلية الليبي المكلف. وبحثا سبل تعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين، كما جرى التطرق إلى عدد من المواضيع المتعلقة بتعزيز التعاون الأمني العربي، والعمل المشترك من أجل أمن المجتمعات.
وقال «سررت بلقاء اللواء عماد مصطفى الطرابلسي، حيث تناولنا، سبل تعزيز التعاون الأمني والشرطي في إطار الحرص المشترك على ترسيخ أسس الأمن والاستقرار في ليبيا. كما ناقشنا أهمية التنسيق وتوحيد الجهود العربية لمواجهة التحديات الراهنة، بما يسهم في بناء مستقبلٍ أكثر استقراراً وازدهاراً لمجتمعاتنا، انطلاقاً من قناعة راسخة بأن الأمن هو الركيزة الأساسية للتنمية والتقدم». (وام)