خطوة يراها البعض "متوقعة" ويصفها آخرون بـ"المفاجئة"، حالة من الجدل صاحبت إقالة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لوزير دفاعه، سيرغي شويغو، في خضم الحرب بأوكرانيا، فما أسباب الإقالة؟، وما سر توقيتها؟.

مساء الأحد، أقال بوتين، وزير دفاعه شويغو الذي كان يشغل المنصب منذ عام 2012، وذلك في تغيير كبير للقيادة العسكرية بعد أيام قليلة على تنصيبه لولاية رئاسية خامسة وبعد أكثر من عامين على الحرب في أوكرانيا.

خطوة غير متوقعة؟

وتولى شويغو (68 عاما) منصب وزير الدفاع في روسيا منذ عام 2012، وجسد استقرار الحكومات المختلفة في عهد بوتين، تماما مثل، سيرغي لافروف، الذي يحتفظ بمنصبه وزيرا للخارجية. 

ورغم سلسلة الانتكاسات العسكرية التي منيت بها روسيا، بما في ذلك الفشل في السيطرة على العاصمة الأوكرانية كييف والانسحاب من مناطق شمال شرق خاركيف وجنوب خيرسون، إلا أن بوتين حافظ على ثقته في شويغو حتى الآن.

وشمل ذلك تمرد قائد مجموعة فاغنر المسلحة، يفغيني بريغوجين، العام الماضي للمطالبة بإقالة شويغو.

لكن رغم ذلك يؤكد الخبير المختص بالشأن الروسي، نبيل رشوان، أن "الإقالة متوقعة"، بعد اتهامات طالت نائب وزير الدفاع، تيمور إيفانوف، في قضايا "فساد".

وتم توقيف إيفانوف بعد الاشتباه بأنه ارتكب جرما استنادا إلى الفقرة السادسة من المادة 290 من قانون العقوبات، أي قبول رشوة.

ولم يستطع وزير الدفاع تحقيق "إنجازات عسكرية كبيرة" خلال الحرب في أوكرانيا وتلقت قواته "خسائر بشرية عالية" رغم "حجم الإنفاق العسكري الضخم"، وفق حديث رشوان لموقع "الحرة".

وفيما يتعلق بتعيين شويغو أمينا عاما جديدا لمجلس الأمن القومي، يقول رشوان إن الرئيس الروسي "يعطي الشخص فرصة للتراجع التدريجي عما كان عليه".

ويمنح هذا التغيير شويغو منصبا يعد نظريا أعلى من دوره في وزارة الدفاع، "مما يضمن استمراره وحفظ ماء وجهه"، حسبما يوضح الخبير بالشأن الروسي.

ومن موسكو يتحدث المحلل السياسي الروسي، رولاند بيجاموف، عن "تغيير متوقع" في ظل تعديلات حكومية، لكنها "ليست إقالة" بسبب انتقال شويغو لمنصب أعلى.

ولا علاقة للأمر بخسائر عسكرية كبيرة في أوكرانيا ولا بوجود شبهات فساد تطال شويغو، لكنها "تعديلات متوقعة"، وتم اختيار "موقع مناسب لعمل وزير الدفاع السابق" بهدف تطوير الصناعات العسكرية، وفق حديثه لموقع "الحرة".

وفي سياق متصل، يشير المحلل السياسي الروسي، تيمور دويدار، إلى أن "شويغو شخص مقرب من بوتين ولكنه يشغل الآن منصبا ليس له "أي تأثير بالحياة السياسية أو الاقتصادية".

 وفيما يتعلق باتهامات الفساد الموجهة لنائب وزير الدفاع، فلا شيء "يطال شويغو" ولم يتم اتهامه من قبل مكتب النائب العام، وفق حديث المحلل السياسي الروسي لموقع "الحرة".

وبالفعل تم القبض على نائب وزير الدفاع وهو متهم بقضية فساد ويقال "قضايا أخرى متعلقة بالأمن القومي"، لكن دون أن تطال الاتهامات شويغو نفسه، حسبما يضيف دويدار.

ويرى أن ما حدث هو "تحريك يهدف لزيادة كفاءة المنظومة العسكرية في الوقت الحالي والمستقبل".

لماذا تم اختيار "اقتصادي" وزيرا للدفاع؟

اقترح بوتين الاقتصادي، أندريه بيلوسوف، ليحل محل شويغو، وفقا للائحة الترشيحات الوزارية التي نشرها مجلس الاتحاد، الغرفة العليا في البرلمان الروسي.

وليست لدى بيلوسوف البالغ 65 عاما، أي خلفية عسكرية، وقد كان النائب الأول لرئيس الحكومة الأخيرة منذ عام 2020 وأحد المستشارين الاقتصاديين الرئيسيين لبوتين في السنوات الأخيرة، وشغل لفترة وجيزة منصب وزير التنمية الاقتصادية بين مايو 2012 ويونيو 2013.

ويوضح دويدار، أن وزير الدفاع الجديد مختص بـ"إدارة الأزمات وقادر على التعامل مع العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا".

وتم استدعاء بيلوسوف لإدارة الموارد المالية وتنظيم الاقتصاد العسكري، وهو شخص "موضع ثقة" بالنسبة لبوتين، وفق المحلل السياسي الروسي.

وفي سياق متصل، يؤكد بيجاموف، أن الوزير الجديد له خبرات "سياسية واقتصادية كبيرة" وهو "متزن ودقيق".

وهذا ما يحتاج إليه بوتين حاليا لشغل منصب وزير الدفاع، في ظل زيادة الإنفاق العسكري الذي يصل إلى 6.8 في المئة من ميزانية روسيا، وفق المحلل السياسي الروسي.

وفي الحقبة السوفيتية، كانت نسبة الإنفاق العسكري تشابه الموجودة حاليا، ما تسبب في انهيار اقتصادي، وكان الأمر "القشة التي قصمت ظهر البعير"، ولذلك انهار الاتحاد السوفيتي، حسبما يشير بيجاموف.

ويوضح المحلل السياسي الروسي أن الدور الرئيس المنوط بوزير الدفاع الجديد يتعلق بـ"ترشيد الإنفاق والسيطرة على النفقات العسكرية" حتى لا تحدث "أضرار اقتصادية كبيرة".

ومن جانبه، يرى رشوان في اختيار اقتصادي كوزير جديد للدفاع، مؤشر على أن روسيا تريد تحسين الإدارة المالية للمجمع العسكري الصناعي الضخم والذي يتم الإنفاق عليه بسخاء.

والإنفاق العسكري لروسيا "يستنزف بشكل كبير اقتصاد البلاد"، وحل تلك المعضلة يتطلب "إدماج الاقتصاد العسكري باقتصاد البلاد"، ولذلك تم تعيين بيلوسوف صاحب الخبرات الاقتصادية الكبيرة، وفق رشوان.

ويشير التغيير الذي فاجأ بعض النخب في روسيا إلى أن بوتين يضاعف جهوده في الحرب الأوكرانية ويريد تسخير المزيد من قدرات الاقتصاد الروسي للحرب بعد أن سعى الغرب إلى إغراق الاقتصاد بالعقوبات.

ما التأثير على الحرب في أوكرانيا؟

تعد إقالة شويغو أحد أهم التغييرات التي أجراها بوتين للقيادة العسكرية منذ إرسال قوات إلى أوكرانيا في فبراير 2022 فيما أسماه عملية عسكرية خاصة.

ويأتي "التعديل الكبير" مع تقدم القوات الروسية في ساحة المعركة للمرة الأولى منذ أشهر، فهل سيكون لذلك تأثير على مسار الحرب؟

ويستبعد رشوان أن تؤثر إقالة شويغو على مسار الحرب في أوكرانيا لأن "رئاسة الأركان هي من تتولى فعليا العمل العسكري بشكل مباشر".

ورئيس الأركان الحالي، فاليري غيراسيموف، مستمر في منصبه، ولذلك فحدوث "تغييرات جوهرية "على الجبهات أو بالتكتيك العسكري هو أمر "غير متوقع"، وفق الخبير بالشأن الروسي.

ويتفق معه بيجاموف الذي يشير إلى أن شويغو لم يكن مسؤولا عن "المكون العسكري بالجيش الروسي".

ووزير الدفاع السابق "مدني لم يخدم في الجيش ليوم واحد"، وبالتالي لن تحدث تغييرات على مستوى العمليات العسكرية في أوكرانيا، وفق بيجاموف.

ومن جانبه، يشير دويدار إلى أن قيادة الأركان سوف تستمر في تنفيذ مهامها العسكرية في أوكرانيا، لكن ربما دون الاستعانة بـ"وزير الدفاع فيما يختص بالشق العسكري من تخطيط العمليات وتنفيذها".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الحرب فی أوکرانیا الإنفاق العسکری وزیر الدفاع إلى أن

إقرأ أيضاً:

لماذا لن يحكم الجيش من جديد؟

هذا ليس نقاشاُ حول نشأة قوات دفاع السودان و ليس تتبعاً لعلاقة الجيش بااسلطة في السنوات منذ 1948م إلي يومنا هذا. منذ تلك الفنترة تكونت ثلاث حكومات إنقلابية قادها قادة الجيش السوداني: الفريق ابراهيم عبود من 1958م – 1964م و المشير جعفر نميري 1969-1985م و المشير عمر البشير 1989م-2019م هذا غير الشراكة في الفترات الإنتقالية 1985م -1986م و الفترة الحالية للفريق البرهان و الفريق غير الخريج من الكلية الحربية محمد حمدان دقلو قأئد مليشيا عرب دارفور و كردفان تحت مسميات الجنجويد و الدعم السريع و غيرهم، لا تنسوا أن في قيادة الدعم السريع ضباط منتدبون من الجيش و الأجهزة الأمنية.
الجديد في حرب 15 أبريل 2023م هو شموليتها لتقريبا جميع أقاليم السودان بدرجات متفاوتة من الفظاعة و التهديد لحياة المواطنين العزّل. حرب 15 أبريل يمكن أن نصفها بالحرب الشاملة و لقد تسبب في هذه الحرب مجموعة العسكريين التابعين للأخوان المسلمون تحت قيادة الترابي و علي عثمان و غيرهم إلي علي كرتي ممن هم في الجيش الآن. لم يعد خافيا علي أحد عمليات التجنيد الإنتقائي لضباط الجيش حيث غلب علي معظم جريجي الكلية الحربية منذ عام 1989م عناصر الأخوان المسلمين و لم يكتف الأخوان المسلمين بذلك، بل نتيجة لخوفهم من الجيش أسسوا عددا من المليشيات كان من ضمنها مليشيا بقيادة حميدتي و موسي هلال و علي كوشيب و غيرهم أطلق عليها عليها أخيرا قوات الدعم السريع و صدر قانون ينظم تبعيتها لجهاز الأمن أو لقيادة الجيش . بدأت إجراءات تنظيم و شرعنة وجود قوات السريع منذ عام 2013م إلي أن صدر قانون بشأنها من برلمان الأخوان المسلمين في 2017م.
حرب 15 أبريل تميّزت بالإنتهاكات الجسيمة التي ترقي لجرأئم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية و جرائم الإبادة الجماعية، و معلوم لدينا جميعا بالأدلة الدامغة تورط طرفا الحرب في هذه الإنتهاكات فكما أرتكبت الدعم أنتهاكات بدوية و بربرية متوحشة فعل الجيش مثلها و كأمثلة فقط علينا أن نتذكر التقارير الإخبارية عن مذابح ضد المدنين يركتهبا الطرف الذي يسيطر علي المدينة أو القرية التي ينسحب أو ينهزم فيها الطرف الآخر كما تم في الجنينة و في الجزيرة و أم روابة و الخرطوم.
شمولية الحرب تعني إتساع قاعدة الضحايا من المدنيين حيث تميزت الحرب بالكوارث الإنسانية القياسية في عدد القتلي و النازحين و اللاجئين و أعداد الجرحي و أعداد المغتصبات و ضحايا الإسترقاق الجنسي. أوصل الجيش السوداني و المليشيات التي صنعها رسالة قمع و وحشية و انتهاك إلي أي مواطن سوداني في أي قرية أو مدينة في عموم البلاد. لقد تجرع السودانيون سموم سيطرة الجيش علي السلطة فردا فردا.
لفهم هذا الأثر سأسرد حكاية كنت طرفا فيها. في السنوات من 1990م- إلي 1995م كنت في قيادة الجبهة الديمقراطية للطلاب السودانيين و كنت أيضا في قيادة الجبهة الديمقراطية بجامعة الخرطوم. في بداية التسعينات كنت أوصل رسالة القيادة لبعض كوادر الخطابة للكلام في أركان النقاش و كنت أنتظر في ركن النقاش لأتابع إيصال الزملاء المحددين للرسالة السياسية و التنظيمية. كان طلاب جامعة الخرطوم يضحكون مع الأخوان المسلمين ساخرين من أكاذيب الجبهة الديمقراطية حول بيوت الأشباح و التعذيب و القتل الذي طال القيادات الحزبية و النقابية من التنظيمات في معارضة لنظام حكم الأخوان. كان الطلّاب يسخرون. كان أن نظمت أدارة جامعة حفل تخريج للطلاب أستضافت فيه الربير محمد صالح لتشريف الإحتفال . هتف الطلاب ضد عساكر الجبهة الإسلامية حينها بالقول يا خرطوم إشتعلي إشتعلي خلي عساكر الجبهة تولي. يا خرطوم ثوري ثوري ضد الحكم الديكتاتوري و غيرها من الهتافات التي كنا نصوغها في نوعٍ من ورش الإبداع الخطابي و الدعائي. المهم أضطر جهاز أمن النظام لإعتقال أعداد مهولة من الطلاب تم أخذهم لمواقع التعذيب بالبصات السياحية. بعده إنتشرت أخبار التعذيب و التنكيل بالخصوم السياسيين في عموم الوطن ناهيك عن الجامعات السودانية. كنت كثيرا ما أقول تلك الأيام "اللهم لا تدخلنا في التجربة" لكن فيما يبدو أننا كسودانيين نحتاج للتجارب في لحمنا و دمنا و كل عزيز لدينا و في ممتلكاتنا لنفهم الكارثة التي تحيق بأخوتنا في الوطن. لأنه فيما يبدو لم تكن التقايرير الواردة بكثافة عن إنتهاكات الجيش و جرائمه في مناطق النزاعات المسلحة في الجنوب، في جنوب كردفان، في دارفورو جنوب النيل الأزرق كافية لتكوين درجة من الوعي ترفض وجود الجيش في السلطة أو مشاركته فيها و الدليل شراكة قحت لعساكر الأخوان المسلمون المجرمين كما تم في الفترة الإنتقالية الأخيرة.
بعد هذه الرسالة الفاجعة من الجيش لا أظن أن عاقلا سيقبل بوجود الجيش في حياتنا السياسة و لا سيقبل بسيطرة الجيش الأمنية و المليشيات علي إقتصاد الوطن. من هنا أعبّر عن تضامني غير المحدود مع كل من تمت شفشفة بيته و بيع سيارته المدمرة خردة عن طريق وزير المالية في بوتسودان ، و مع كل من أٌغتٌصٍبت قريبته و مع كل تم هدم بيته و مع كل فقد ممتلكاته. كامل التضامن مع مع ضحايا حرب الجيش المختطف عن طريق الإسلاميين و المليشات التي صعنها و ما زال يفعل.
طه جعفر الخليفة
اونتاريو- كندا
5 أبريل 2025م

taha.e.taha@gmail.com

   

مقالات مشابهة

  • محلل سياسي: وجود القوات الأوروبية بـ أوكرانيا يهدد الأمن القومي الروسي
  • 19 شخصًا.. ارتفاع حصيلة قتلى الهجوم الروسي على وسط أوكرانيا
  • لماذا لن يحكم الجيش من جديد؟
  • جنرال أمريكي يقارن بين عدد قوات الجيش الروسي حاليا وبداية غزو أوكرانيا وخسائره
  • الخارجية الأمريكية: ترامب بدأ يفقد صبره مع بوتين
  • الناتو : الكرة حاليا في الملعب الروسي بشأن وقف إطلاق النار بأوكرانيا
  • الأمن الروسي يحبط مخططاً إرهابياً أوكرانياً في موسكو
  • بريطانيا وفرنسا تتهمان بوتين بتعطيل جهود السلام في أوكرانيا وتطالبانه برد فوري
  • ممثل بوتين: حققنا تقدما ملحوظا مع واشنطن بشأن أوكرانيا
  • واشنطن تنتظر رد بوتين على نتائج زيارة المبعوث الروسي