العُمانية: أفردت وكالة الأنباء ووسائل الإعلام والصحف الكويتية الصادرة اليوم مساحات واسعة في افتتاحياتها وعناوينها لتؤكد على حجم الترحيب الكبير بزيارة الـ«دولة»، التي يقوم بها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - إلى دولة الكويت الشقيقة.

وجاءت عناوين الصحف وافتتاحياتها لتؤكد على المواقف التاريخية لسلطنة عُمان خلال العقود الثلاثة الماضية والعلاقات الأخوية الثنائية بين حكومتي وشعبي البلدين الشقيقين التي ترتكز على جذور راسخة من المحبة المتبادلة والمصير والأهداف الاستراتيجية المشتركة تحت قيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم وأخيه حضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح - حفظهما الله ورعاهما.

وفي هذا السياق ومن خلال تقرير إخباري نقلته الصحف وأعدته وكالة الأنباء الكويتية أكدت فيه على أنه «بعد الزيارة التاريخية لحضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت إلى سلطنة عُمان في السادس من فبراير الماضي تأتي زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم إلى دولة الكويت تأكيدًا على حرص قيادتي البلدين الشقيقين على تعزيز علاقاتهما التاريخية وترسيخ أواصرها، لافتة إلى أن زيارة سمو أمير دولة الكويت إلى مسقط دشنت مرحلة جديدة من العلاقات الوثيقة بين البلدين الشقيقين حيث عقد محادثات مع حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم سادها جو ودي عكس روح الأخوة والرغبة المشتركة في المزيد من التعاون والتنسيق على كل الصعد».

وتطرق التقرير إلى المحادثات بين البلدين الشقيقين ومسيرة العلاقات الأخوية الوثيقة التي تربطهما ومختلف جوانب التعاون الثنائي بما يدعم ويعزز تلك العلاقات ويحقق مزيدًا من تطلعاتهما المشتركة نحو الازدهار والتطور والرخاء، إضافة إلى السعي نحو مزيد من الشراكة لتوسعة أطر العمل لدعم وتعزيز مسيرة الأشقّاء في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وأكد على الاحتفاء الرسمي والشعبي بزيارة سمو الشيخ أمير دولة الكويت وما جسّده من استقبال جلالة السلطان المعظم أخاه الذي قلّد سموه «وسام آل سعيد» وهو من أرفع الأوسمة العُمانية تقديرًا واعتزازًا بعمق أواصر الأخوة والصداقة المتينة التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين.

كما قلّد حضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم قلادة «مبارك الكبير» تقديرًا لجلالته وما يبذله من إنجازات وجهود.

ويرتبط تاريخ العلاقات الكويتية - العُمانية بتاريخ وجود الشعبين الشقيقين قبل قرون عديدة كل في أرضه ودياره ولا سيما ما يتصل بالعلاقات التجارية البحرية التي جمعت بين تجار البلدين طوال القرون الماضية.

وأضاف: إن تلك العلاقات التاريخية أسست لعلاقات سياسية واقتصادية وتجارية وثقافية وعلمية، وتشهد تطورًا مستمرًّا بفضل توجيهات القيادتين الحكيمتين في البلدين الشقيقين.

وبيّن أن مواقف سلطنة عُمان المبدئية والمشرّفة تجلّت تجاه قضايا الكويت بأعلى صورها إبّان محنتها عام 1990 خلال غزو النظام العراقي حينما وقفت سلطنة عُمان مع الحقّ الكويتي وأسهمت في تحرير الكويت في فبراير 1991 واستضافت عددًا كبيرًا من مواطنيها أثناء فترة الاحتلال وقدمت لهم كل التسهيلات.

وعلى الصعيد السياسي، تطرق إلى ما شهدته العقود الثلاثة الماضية من تطور مطرد في العلاقات الثنائية وتعزيز للصلات التاريخية القديمة والتعاون المشترك في القضايا الإقليمية والعالمية وتوّجت ذلك كله الزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين؛ حيث زار الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح سلطنة عُمان في 18 سبتمبر عام 1991، والتقى خلالها السلطان قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراهما- حيث قدّم شكر الكويت لسلطنة عُمان على مواقفها المؤيدة للحق الكويتي خلال محنة الغزو العراقي، وفي 23 ديسمبر عام 1991 زار السلطان قابوس بن سعيد الكويت للمشاركة في القمة الخليجية الـ12 لدول مجلس التعاون الخليجي والتقى خلالها الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، وفي 20 مايو عام 2002 زار السلطان قابوس بن سعيد الكويت والتقى الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح للاطمئنان عليه وعلى صحته بعد أن منّ الله تعالى عليه بالشفاء وعودته سالمًا معافى إلى الكويت.

وجاءت صحيفة السياسة الكويتية في افتتاحيتها بعنوان «مرحبًا بسلطان المستقبل العُماني الزاهر» للكاتب أحمد الجار الله قال فيها: لعُمان في وجدان الكويتيين الكثير من الودّ؛ لأن العلاقات قامت منذ القدم على كل معاني الأخوة الصادقة، ولهذا فإن زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم لأخيه حضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد أمير دولة الكويت، تأتي ضمن تاريخ طويل من العلاقات الأخوية بين الشعبين والبلدين، فإذا كانت الكويت بلد الإنسانية التي فتحت قلبها قبل ذراعيها للجميع، فإن عُمان دولة الإخاء التي تحفظ بكل أمانة وعرفان التعاضد ومعاني الأخوة الصادقة.

وأضاف: «لقد أثبتت مسقط خلال العقود الماضية قدرتها في التغلب على المصاعب كافة من أجل حجز موقع لها في مصاف الدول المتقدمة، وأنها قادرة على النهضة وفق رؤية مدروسة، كان عمادها ما رسمه الراحل الكبير السلطان قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراه-، والتي سار عليها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه -، فخلال الأعوام الأربعة الماضية من حكمه عمل بفكره النيّر على وضع الأسس الحديثة للدولة».

وأكد أن (كل هذا لم يكن ممكنًا لولا السمات الشخصية التي يتمتع بها سلطانها المثقف صاحب التجربة الرفيعة في العمل العام، المتبحر في العلوم الإنسانية، القادر على المواءمة بين الحديث والتراث لصقل تجربة فريدة من نوعها في الإقليم، كما أنه لا يمكن لدولة أن تنهض من دون استلهام التاريخ والبناء عليه، لهذا فإن سلطنة عمان اليوم مستمرة في مواكبة متطلبات العصر، وتحافظ في الوقت نفسه على قيمها، وتعمل على بنية أساسية تضاهي الدول المتقدمة، بل وأكثر منها، فيما ارتكزت على نظام تعليمي متقدم يحض الفرد على خدمة وطنه من أي موقع كان ضمن «رؤية عُمان 2040» التي وضع أسسها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، لتكون استكمالًا لنهضة ممتدة منذ عام 1970 حتى اليوم، ومنذ تولي جلالته زمام الحكم في عام 2020 تسير بلاده في طريق التقدم والرخاء، وتنعم بالكثير من المشروعات التنموية، وكذلك تعمل على تأسيس شراكات اقتصادية مهمة في الإقليم والعالم أساسها العمل من دون ضجيج، وتأمين فرص العمل للعُمانيين الذين انخرطوا في كل المجالات، ومن دون تكلف، لأنهم يعملون على بناء دولتهم بسواعدهم ويعتمدون على أنفسهم، تماشيًا مع الخطط التنموية ضمن الرؤية التي أطلقها السلطان هيثم بن طارق في عام 2021، ولهذا فإن عُمان اليوم تعد أرضًا واعدة للاستثمار، ومثالًا على ما يمكن أن تعمل عليه الدول النامية من أجل التقدم الاقتصادي والاجتماعي).

وفي صحيفة النهار الكويتية وتحت عنوان «حللتم أهلًا.. ونزلتم سهلًا» للكاتب جواد أبو خمسين وقال فيه: يحلّ اليوم ضيفًا على حضرة صاحب السمو أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح - حفظه الله ورعاه - حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه -، في زيارة «دولة» تأتي ترسيخًا لعلاقات الأخوة وأواصر التعاون الممتدة بين الكويت ومسقط على الصعيدين الرسمي والشعبي والمؤكد أن جلالة السلطان المعظم عندما يصل إلى الكويت يكون قد انتقل من بلده إلى بلده ومن وطنه إلى وطنه، فليست الكويت إلا امتداد لعُمان، وليست عُمان إلا امتداد للكويت أما الشعبان الشقيقان فلهما القدر ذاته من العراقة والتاريخ المجيد، إضافة إلى النظرة المتطابقة للوقائع والأحداث في المنطقة والعالم.

وأضاف: إن سلطنة عُمان مثلها مثل الكويت، حققت بنهجها القويم وبسياستها الهادئة نجاحات هائلة داخليًّا وخارجيًّا، ففي الداخل نهضة كبرى، وعمران يفوق الخيال، وإنجازات متعددة تبعث في النفوس الثقة بالحاضر والثقة بالمستقبل، من منطلق أن الإنسان العُماني الذي تحدّى الصعاب، وقهر العقبات ووصل ببلاده إلى ما وصلت إليه من عزٍّ ورفعة وتقدّم قادر على مواصلة الطريق، والاستمرار في البناء، والإضافة إلى ما هو كائن وموجود.

أما على المستوى الخارجي فمكانة سلطنة عمان ومنزلة السلطان واضحتان لكل ذي عينين وكلمتها مسموعة، ورايتها مرفوعة في كل المؤسسات والهيئات الدولية، وجهودها ساطعة وبارزة في التقريب بين الفرقاء، وفي إنهاء الأزمات والخلافات لا على المستوى العربي بل على المستوى العالمي.

وبيّن الكاتب أنه لما بين الكويت وعُمان من الاتفاقات ومذكرات التفاهم بين البلدين وحدهما تشمل كل الأوجه، وتتناول جميع الميادين، إيمانًا منهما بأن التكامل يصنع النجاح، ويفتح آفاقًا جديدة لمزيد من الرفاهية والرخاء.

وغير بعيد عن ذلك كله، أخذت العلاقات الكويتية-العمانية مزيدًا من الزخم بعد المباحثات المثمرة التي جمعت بين حضرة صاحب السمو أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد وحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم خلال الزيارة التي قام بها صاحب السمو مطلع فبراير الماضي إلى العاصمة مسقط في ثاني زيارة خارجية لسموه منذ أن تولى مقاليد الحكم.

وإذا ذهبنا إلى لغة الإحصاءات والأرقام فستكون الرؤية أكثر وضوحًا وأشد نصاعة، وهو ما يعكس التطور الكبير في العلاقات بين البلدين عمومًا، وفي العلاقات الاقتصادية على وجه الخصوص، وتكفي الإشارة إلى أن حجم الاستثمارات الكويتية في سلطنة عمان يتزايد سنويًّا حتى بلغ قرابة المليار ريال عماني، فيما تضاعف حجم التبادل التجاري 300% خلال السنوات الأخيرة.

واختتم الكاتب بالقول «إن الكويتيين والعمانيين على حد سواء ينظرون إلى اللقاءات المتبادلة بين صاحب السمو وجلالة السلطان على أنها توطئة للمزيد من التعاون الخليجي والعربي عامة وليس بين الكويت وعُمان وحدهما، فالكبار وحدهم هم الذين يصنعون التاريخ ويكتبون سطوره، ويحدّدون مساره بما منّ الله به عليهم من الحكمة والنظرة الثاقبة والرأي الرشيد فتحيّة واجبة إلى جلالة السلطان هيثم بن طارق، وتحيّة واجبة إلى شعبه العظيم في عموم أرجاء سلطنة عُمان وأهلًا وسهلًا بكل عُماني بين أهله الكويتيين.

من جانبه قالت الكاتبة والأديبة عواطف أحمد الحوطي في مقالها بجريدة الجريدة تحت عنوان «عُمان... سلطنة النور وسليلة الدُّر»: مرحبًا بصاحب الرفعة جلالة سلطان عُمان المفدى هيثم بن طارق. مرحبًا بمن تقلّد إرث تاريخ سلطنة عُمان الحديث الذي رسمه جلالة السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-. مرحبًا بمن حمل قناديل الوطن المتّقدة للعمل على إتمام الأمانة، وبمن حمل الصحائف البيضاء المضيئة لحنايا الوطن، والتي تركها وديعة للصون والإنجاز. تلك الوديعة التي نشأت عليها الأجيال، وديعة ذات بصمات راسخة على جبين الجبال والصخور والقِفار وموجات البحر وأشرعة السفن العملاقة التي رفرفت عبر التاريخ، وترفرف بين دفّات الرياح.

وتؤكد الكاتبة على أنّ التاريخ لَيُحفر في أعماق الشعوب بأيدي الكرماء وشرف مواقفهم وإخلاص جهودهم. مرحبًا بك صاحب الرفعة جلالة السلطان هيثم بن طارق، يا منْ سرتَ على نهج سلفك، حافظًا الذكرى، مكمّلًا البشرى لهذا الشعب الأصيل، لتبقى سلطنة عُمان ذات حاضرٍ مشرقٍ في مصافّ شعوب الأرض كما أرادها، وكما عمل عليها في سنين عهده الممتد خمسين عامًا أمضاها كالشمس تضيء العتمة لإتمام الأمانة فيُقلّدها أعناق الشرفاء. مرحبًا بحامل الإرث القديم الضارب في التاريخ.

وتعبّر الكاتبة عن ترحيبها بجلالة السلطان هيثم بن طارق في بلده الثاني الكويت، شامخًا بتاريخك وأهلك وما تركه السلطان قابوس -طيّب الله ثراه-. وهنيئًا لإرثه معك، حيث الأبناء رجالًا والأطفال رجالًا، والفتيات أنجمًا متلألئات.

دمت عتادًا للفخر... ولك ملء الكون من الدعوات.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الشیخ مشعل الأحمد الجابر الصباح البلدین الشقیقین أمیر دولة الکویت حفظه الله ورعاه بین البلدین البلدین ا ع مان ا على أن مرحب ا

إقرأ أيضاً:

بن علوي يعتقد

 

 

علي بن سالم كفيتان

في ديسمبر الماضي كتبتُ مقالًا بعنوان "بن علوي ما زال صائمًا"، تعليقًا على حديثه لقناة الجزيرة، وكيف خرجت مُقدِّمة ذلك البرنامج خالية الوفاض إلّا من بعض المعلومات عن الموز والنارجيل في مزرعة بن علوي، ونال ذلك المقال في حينها مُتابعة واسعة وتفاعلًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وأعتقدُ أن الرجل نوى الإفطار، لكنه لم يبدأ بالتمر والماء، كما هي عادة الصائم!

ربما يَحقُ له ذلك، لأن بن علوي ليس كغيره وله الحق تمامًا في الاعتقاد كيفما يشاء، لكن إذا وصل الاعتقاد إلى الجزم فهذا شأن آخر؛ فالرجل رغم خروجه من عالم السياسة في عام 2020 رسميًا، إلّا أنه يظل واجهة دبلوماسية يُثير تواجدها في أي محفل شغف المتابعة وفضول المعرفة، مهما كان الحديث. وفي الغالب حديث شخصيات من هذا العيار، يُسقط على الموقف الرسمي للبلد، ومن هنا يُمكننا الاختلاف مع بن علوي في بعض ما ذكر أثناء حديثه الرمضاني مع إذاعة "هلا إف إم"، وهذا لا يُفسد مطلقًا اتفاقنا ومحبتنا للرجل؛ كونه يعدُ أحد الفاعلين والمُقرَّبين من السُّلطان الراحل قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- وأحد الرموز العُمانية التي لا يُمكن تجاوزها.

وفي إطار هذا الحديث، هل يُمكننا اعتبار بن علوي أحد الصقور عندما كان في ثورة ظفار أم من الحمائم؟ وأنا هنا أعتقدُ أنه انتهج طريق الصقور لإحداث تغيير، وهذا أمر محمود لا شك في ذلك، ويُحسب له بكل المقاييس، ويتطابق تمامًا مع رغبة كل العُمانيين في تلك الحقبة الصعبة من تاريخ بلادنا. ولا أدرى كيف رأى سياسة الصقور في فلسطين أمرًا غير مُحبَّذٍ في ظل انغلاق أفق سياسة العقول، التي لم تجلب وطنًا للفلسطينيين؛ فالمفاوضات العبثية والاتفاقيات الوهمية مع الكيان الصهيوني، أعجزت عقول أعتى المفاوضين العرب وأكثرهم جَلدًا وصبرًا، وقادتهم الى أقبية مُعتمة وسراديب مُظلمة وتنازلات مُشينة. نعم هناك خسائر جسيمة نتفق مع ذلك، لكن القضية عادت إلى الواجهة بقوةٍ، ولكم أن تتخيلوا معي أنَّ الولايات المتحدة بجلالة قدرها تتفاوض اليوم مع حركة "حماس" لإخراج أسير صهيوني يحمل الجواز الأمريكي. هل كان ذلك مُمكنًا قبل السابع من أكتوبر؟

استدركَ بن علوي هذه المرة عندما تحدث محاورُه عن الفكر الشيوعي لثورة ظفار، وقال إنِّه ليس فكرا ًعامًا؛ بل نهج اختطه بعض الأفراد، فغالبًا ما كانت الشيوعية وصمة ضد الثورة لحشد التأييد في فترة انتقل فيها الرجل من صقر الثورة إلى حمامة الدولة؛ فأول مهمة كانت له- حسب حديثه الشائق- عضويته في وفد السلام إلى الدول العربية، بمعية مشايخ وشخصيات وازِنة من عُمان، فيما سبَّب بن علوي وجوده في الوفد؛ بأنه من ظفار. ولا شك أن بن علوي استطاع اللحاق بركب التغيير، وأوجد لنفسه مكانًا يحسده عليه الكثيرون؛ فالرجل نفَّذَ سياسة اختطها السلطان الراحل بكل إتقان طوال فترة توليه لمنصب الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية، ومارسها حتى أصبح أيقونة دبلوماسية عالمية، وكل ما يتحدث به اليوم سيُسقط بلا شك على عُمان، في الوقت الذي انتهج فيه خلفه معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي دعم صمود الشعب الفلسطيني، وصدح الموقف الديني من خلال الرسوخ الخالد للشيخ أحمد بن حمد الخليلي مع المُقاومة، وثبت الموقف الشعبي العُماني العارم مع حق المقاومة الفلسطينية في الدفاع عن دينها وأرضها وعرضها.

أعتقدُ أن بن علوي تأثَّر بالسياسة البرجماتية المُنتشِرة بعد تولِّي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سُدة الحكم في واشنطن، وهي السياسة التي تنتهجها بعض الأنظمة العربية اليوم بصمتٍ خوفًا من شعوبها؛ فتصريحات ترامب عرَّت التوجه الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية، وأوضحت أنَّه لا دولة فلسطينية وأن الشعب الفلسطيني يجب توزيعه على دول الجوار، وأن الكيان الصهيوني له الحق في التمدُّد كونه "صغيرًا جدًا" ويجب توسعته.

فهل ما زال هناك مجال لدبلوماسية العقول التي ذكرها بن علوي وقادها مع أعتى جيل من وزراء الخارجية العرب لأكثر من 50 عامًا ولم تُفضِ إلى نتيجة؟

الحقيقة أننا مهما سبحنا في مُحيط بن علوي لن نصل إلى مرافئ فكره الواسع وخياله الحاوي لمنطلقات السياسة العالمية المُعقَّدة ومماحكات الدهاليز العربية الفارغة، وسيظل يوسف بن علوي لغزًا كبيرًا، فكم رأينا حذره الشديد عندما سأله مُقدم البرنامج في إطار جلوسه الأول مع السلطان الراحل بعد العودة من النِّضال: "ماذا قال لك السلطان؟" توقف ثم رد: "لا أستطيع إجابتك؟".

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • مركز ميترو يثني على قرارات قضائية لتعزيز قانون الصحافة
  • Ooredoo تنظم إفطاراً على شرف الأسرة الإعلامية الوطنية وشركائها
  • تأجيل جديد يُطيل معاناة رائدي فضاء عالقين منذ 9 أشهر
  • إغلاق جزئي لشارع السلطان قابوس بعد دوار الزلفى
  • بن علوي يعتقد
  • حكومة كوردستان تقرر توزيع رواتب الإقليم غداً.. وتتخذ جملة من القرارات المهمة
  • الصحافة الإيطالية تشيد بالطبيبة الكويتية أسماء الكندري
  • أيندهوفن يهدد أرسنال بـ «رد الاعتبار» في «المهمة المستحيلة»!
  • مجلس عمداء جامعة كفر الشيخ يناقش عددًا من الملفات المهمة| تفاصيل
  • الداخلية تجري تغييرات في عدد من المناصب المهمة