فعاليات متنوعة وحضور جماهيري في أسبوع زاد الراكب للفروسية بإبراء
تاريخ النشر: 13th, May 2024 GMT
شهد أسبوع زاد الراكب للفروسية بولاية إبراء والذي نظم بالتعاون مع مكتب محافظ شمال الشرقية نجاحات مختلفة والذي أقيم على مدار 7 أيام متواصلة وتنوعت فيه الأنشطة والبرامج ما بين الندوات وسباقات العرضة والمعرض التراثي والأمسية الشعرية وسباق (الزمط) الإثارة والتحدي بمشاركة واسعة من أبناء الولاية والولايات المجاورة، كما شهد حضورا جماهيريا كبيرا من مختلف محافظات سلطنة عمان بالإضافة إلى الزوار والمقيمين من مختلف الجنسيات والأعمار مؤكدا أهمية مثل هذه الأنشطة والفعاليات التراثية التي تجد الاهتمام والرعاية من أفراد المجتمع بالإضافة إلى الدعم والمساندة من الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة كما أنها أسهمت في تجمع أفراد الأسرة وأوجدت حراكا سياحيا واقتصاديا جيدا لأبناء الولاية.
مهرجان خاص بالمحافظة
أكد سعادة محمود بن يحيى الذهلي محافظ شمال الشرقية بأن التفكير قائم على إقامة مهرجان كبير وشامل للخيل والهجن والتراث بإحدى ولايات محافظة شمال الشرقية خلال الفترة المقبلة بمشاركة جميع محافظات سلطنة عمان، بالإضافة إلى أن هناك دراسة ليشمل مشاركة خليجية وعربية في المستقبل. جاء ذلك خلال حديثه بعد ختام فعاليات أسبوع زاد الراكب للفروسية بولاية إبراء.
وأوضح سعادته أن كل المقومات موجودة لإنجاح هذا المهرجان الكبير نظرا لما تمتلكه سلطنة عمان من موروث كبير في هذا الجانب وقدرتها على تنظيم المهرجانات والسباقات، خاصة سباقات العرضة التي تتميز بها عُمان عن مختلف دول العالم الأخرى وهو إثراء عماني أصيل توارثته الأجيال جيلا بعد جيل.
وأشار سعادة محافظ شمال الشرقية إلى أن المحافظة هي من المحافظات التي تتميز بوجود أعداد كبيرة من الخيل والهجن والتي أصبحت تمثل بعدا اقتصاديا جيدا للمواطنين والأسرة بشكل عام ولذلك سيتم تعزيز هذا التميز الذي يمثل أيضا بعدا اقتصاديا وسياحيا للمحافظة وتقديم الدعم والمساندة ليشمل جميع ولايات شمال الشرقية.
وأشار إلى أن مهرجان الخيل والهجن والتراث لا يزال تحت الدراسة وسوف يتم الإعلان عن كافة التفاصيل الخاصة به في وقته والدول الخليجية التي ستشارك فيه والذي نأمل أن يمتد لأبعد من ذلك لتكون هناك مشاركة عربية أيضا. أما عن مهرجان أسبوع الخيل بإبراء فقال: سعدنا بما شاهدناه من تنوع في الفعاليات وبالمشاركة الواسعة من أبناء المجتمع، حيث فتحت رياضة الخيل أبوابا ومجالات مختلفة ولم تقتصر كمورد رياضي فقط بل كمورد استثماري متعدد للجميع سواء لرواد الأعمال أو كمتنفس للعائلات.
وقدم سعادة محمود بن يحيى الذهلي محافظ شمال الشرقية في نهاية حديثه التهنئة للجنة زاد الراكب للفروسية بولاية إبراء على نجاح الفعاليات المتنوعة لأن هذا الأمر أصبح ليس رياضيا فحسب بل اقتصاديا واجتماعيا وكذلك متنفسا للأسر ومحبي رياضة الخيل ورواد الأعمال، ونحن ندعمه للاستمرار والتكرار خلال الفترة القادمة ونأمل أن نرى هذه الرياضات في معظم محافظات سلطنة عمان لذلك نبارك لكل من خطط وأدار وأخرج ونفذ هذا الحدث المميز.
انعكاس رياضي وسياحي
من جانبه أكد سعادة الشيخ حمد بن خليفة العبري والي إبراء أن التفاعل والتناغم ما بين أهالي الولاية كان له دور فاعل ومشهود وواضح للعيان من خلال الحضور الجماهيري الكبير وهو تشجيع لهذا النشاط الرياضي التقليدي العريق بمحافظة شمال الشرقية وولايات المحافظة السبع، وكلها زاخرة بنشاط الخيل والتراث. وأبدى سعادته بالتنظيم والإقبال والدعم الكبير الذي حققه، آملا بأن يتطور هذا المهرجان للأفضل خلال السنوات المقبلة خاصة وأن هناك توجها لتطوير المهرجان السنوي، وهذا الأسبوع انبثق من المهرجان الرئيسي الذي أقيم بولاية بدية خلال الفترة الماضية، ونأمل بأن يكون المهرجان القادم على مستوى المحافظة وأن يكتسب رؤية جديدة وتطوير السياحة الداخلية للمحافظة مبينا أن ولاية إبراء من الولايات المشهود لها بالتاريخ والإرث الحضاري والحارات الأثرية القديمة والأماكن السياحية الجميلة خاصة بعدما تم إنشاء سدين بالولاية بعد فيضان هذه السدود، وأصبحت هناك مواقع سياحية جميلة في الولاية سوف تستقطب نشاطا سياحيا كبيرا سينعكس على ولايات المحافظة الأخرى لأن السياحة أصبحت تمثل موردا اقتصاديا مهما. وختم حديثه بالقول: هناك توجها من مكتب سعادة محافظ شمال الشرقية في تشكيل لجنة خاصة بهذه المهرجانات والفعاليات والتي لا تنحصر فقط على الخيل والإبل وما شابة ذلك وإنما تنطوي على الموروثات التراثية والتي يمكن أن تستقطب مشاركين حتى من أبناء ولايات المحافظات.
مشاركة واسعة
بينما قال ناصر بن سعيد اليزيدي رئيس لجنة زاد الراكب للفروسية بإبراء: الملتقى جاء في إطار الفعاليات السنوية التي تنفذها اللجنة التي تشرف عليها وزارة الثقافة والرياضة والشباب، ويعد الملتقى -الذي اشتمل على فعاليات رياضية وثقافية وفنية واجتماعية استهدفت المجتمع المحلي بمحافظة شمال الشرقية- تظاهرة مجتمعية شاملة سعت إلى تشجيع رياضات الخيل التقليدية والتراثية وإشراك فئات المجتمع بهذه الفعاليات من خلال الأمسيات الشعرية وتنظيم الأسواق التراثية الاجتماعية، فضلا عن إقامة رياضات الخيل التقليدية وركضة العرضة التي تستقطب عددا كبيرا من المشاركين من مختلف محافظات سلطنة عمان.
كما شملت فعاليات الملتقى إقامة ندوة علمية بعنوان استخدام الخيل في علاج ذوي الإعاقة بمشاركة عدد من المختصين والمعنيين في تربية واستخدام الخيل، بالإضافة إلى فعاليات عرضة الخيل التقليدية ومهارات الفروسية بمشاركة أكثر من 100 مشارك من مختلف محافظات سلطنة عمان، وأمسية شعرية بالتعاون مع لجنة الكتاب والأدباء بالمحافظة. وتضمن الملتقى تنفيذ عدد من البرامج والدورات التدريبية المتخصصة في مجال الخيل وتربيتها والاعتناء بها، إلى جانب إقامة سباق التحدي والإثارة، وافتتاح السوق التقليدي القديم والجولات السياحية بقرية المنزفة الأثرية.
وفي كلمة ألقاها نيابة عن إدارة زاد الراكب للفروسية بولاية إبراء، قدم محمد بن خميس اليزيدي شكره وتقديره لكل من ساهم في إنجاح الفعالية التراثية وهو نتاج عمل منظومة كبيرة ومتكاملة ظهر فيها التعاون بين الأفراد والمؤسسات متجهين إلى طريق النجاح وتحقيق الأهداف المرسومة بشكل مستمر ومتنام لخدمة قطاع الخيل في سلطنة عمان. وفي الختام جرى تكريم المساهمين والمشاركين في إنجاح الفعالية واشتملت على الفقرات المتنوعة ما بين الموسيقية التي قدمتها فرقة الكشافة والقصائد الشعرية والفلم الوثائقي الذي وثق كل لحظات أسبوع زاد الراكب للفروسية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: محافظ شمال الشرقیة محافظات سلطنة عمان بالإضافة إلى من مختلف
إقرأ أيضاً:
سلطنة عمان تؤكد مكانتها العالمية كراعية للسلام وحل الخلافات الشائكة
عوض باقوير: الدبلوماسية العمانية تخفّض من درجة التصعيد
د. نورة المجيم: العالم يثمّن الأصوات العاقلة رغم الانقسامات العالمية
د. محمد العريمي: عودة المفاوضات خطوة نحو كسر الجمود وبناء الثقة بين الطرفين
خميس القطيطي: عمان رصيد كبير في تقريب وجهات النظر على الساحة الدولية
تؤكد عودة المباحثات الأمريكية الإيرانية فـي مسقط مكانة سلطنة عمان البارزة على الساحة الدولية كطرف محايد وصوت للعقل والحكمة، حيث يلجأ إليها العالم كلما تصاعدت التوترات الإقليمية والعالمية، وظهرت تهديدات الحرب فـي الأفق. ومع استئناف المباحثات بين واشنطن وطهران فـي مسقط حول الملف النووي الإيراني، تحقق الدبلوماسية العمانية مجددا نجاحا جديدا فـي تعزيز التفاهم وإبعاد شبح الحرب عن المنطقة والعالم، مما أسهم فـي تهدئة الأوضاع ومنح العالم بارقة أمل فـي الحلول السلمية. وقد رحب المجتمع الدولي بالدور العماني الفاعل فـي قيادة المرحلة الأولى من المفاوضات بنجاح، وهو ما شهدت عليه كافة الدول. وعندما توجهت الأنظار إلى مسقط يوم السبت الماضي، تراجعت التهديدات العسكرية وحلّ الهدوء الحذر فـي المنطقة، مع الأمل فـي تعزيز أوجه التقارب بين الطرفـين خلال الجولة القادمة من المفاوضات، والمقرر عقدها فـي مسقط السبت المقبل. وقد أشار محللون سياسيون إلى أن استئناف المباحثات الأمريكية الإيرانية بعد انقطاع دام نحو عشر سنوات، فـي وقت شهد تصاعدا ملحوظا فـي التوترات بين الجانبين، يمثل إنجازا كبيرا للدور التاريخي الذي تقوم به سلطنة عمان فـي تقريب وجهات النظر، وتغليب صوت العقل فـي النزاعات الدولية، واستخدام دبلوماسية الحوار كوسيلة رئيسية لحل الأزمات.
خفضت درجات التصعيد
قال المحلل السياسي المكرم عوض بن سعيد باقوير عضو مجلس الدولة: إن الجولة الأولى من المفاوضات التي جرت فـي سلطنة عمان بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية تعد ذات أهمية سياسية كبيرة، خاصة فـي ظل التوترات المستمرة وشبح الحرب بين واشنطن وطهران. وأكد أن الدبلوماسية العمانية أدت دورا محوريا فـي خفض درجة التصعيد، حيث أظهرت الجولة الأولى نتائج إيجابية تمثلت فـي تبادل الحوار بين الطرفـين الإيراني والأمريكي لبضع دقائق، مما يعد مؤشرا إيجابيا على أن بداية المفاوضات كانت واعدة.
وأضاف باقوير: إن سلطنة عمان قد تصدرت المشهد السياسي والإعلامي، مما أضفى بُعدا إيجابيا على دورها البارز فـي ضرورة وقف التصعيد فـي المنطقة، والدعوة إلى اعتماد الحوار والدبلوماسية كوسيلة أساسية لحل النزاعات. ولفت إلى أن تلك المفاوضات الصعبة، التي عقدت فـي سلطنة عمان، كانت لحظة فارقة للعالم، خاصة أن سلطنة عمان تمتلك خبرة تراكمية واسعة فـي التعامل مع الملف النووي الإيراني، حيث سبق لها أن أسهمت فـي المفاوضات بين طهران وواشنطن فـي السنوات الماضية، وصولا إلى توقيع الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، بعد جولات مكوكية من التفاوض فـي عدة عواصم عالمية، بما فـي ذلك مسقط التي احتضنت الجولة قبل الأخيرة.
وأشاد باقوير بالدور البارز الذي تؤديه سلطنة عمان على الصعيدين السياسي والدبلوماسي، مؤكدا أن العالم يقدر جهود سلطنة عمان وقيادتها الحكيمة فـي إيجاد حلول ومقاربات سياسية، ليس فقط فـي الملف النووي الإيراني، بل فـي العديد من القضايا المعقدة الأخرى.
وأشار باقوير إلى أن البيانات السياسية الصادرة عن عواصم صنع القرار والدول العربية التي تشيد بجهود سلطنة عمان تنعكس بشكل إيجابي على المكانة المرموقة لبلادنا ودورها المحوري فـي تقديم حلول واقعية للفرقاء فـي عدد من القضايا الصعبة. وأضاف: إن هذا الإنجاز الدبلوماسي المهم، الذي تصدَّر نشرات الأخبار العالمية ووكالات الأنباء الدولية والصحف الكبرى، يعزز من مكانة سلطنة عمان ويعكس مصداقيتها واعتمادها على الحوار كوسيلة مثلى لحل القضايا والخلافات فـي المنطقة وعلى مستوى العالم.
عمان صوت العقل
من جهتها أكدت الدكتورة نورة صالح المجيم، المحللة السياسية والباحثة فـي الشؤون الآسيوية من دولة الكويت، أن عودة المباحثات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران فـي سلطنة عمان تمثل تطورا بالغ الأهمية على أكثر من صعيد، خاصة فـي ظل التوتر المتصاعد فـي المنطقة واحتمالية اندلاع مواجهات عسكرية فـي أي لحظة.
وأوضحت المجيم أن أهمية استئناف المباحثات تتجلى فـي عدة زوايا، أولها التهدئة وتجنب التصعيد، مشيرة إلى أن المفاوضات تعكس رغبة الطرفـين فـي تجنب المواجهة العسكرية والبحث عن حلول دبلوماسية للأزمات المتراكمة، مثل البرنامج النووي الإيراني، والأمن الإقليمي، بالإضافة إلى ملفات سوريا والعراق واليمن. ولفتت إلى أن مجرد الجلوس على طاولة واحدة يمثل إشارة واضحة إلى أن النوايا لا تقتصر على التصعيد.
وتناولت المجيم البُعد الإقليمي، حيث أكدت أن المنطقة تشهد تصعيدا مستمرا، خاصة فـي ظل تداعيات الحرب فـي غزة، وتوترات البحر الأحمر، والتمدد الإيراني. وأشارت إلى أن عودة المفاوضات قد تسهم فـي تهدئة الجبهات الساخنة، وإرسال رسائل طمأنة لحلفاء واشنطن فـي الخليج.
وأضافت الباحثة الكويتية: إن هذه المباحثات بالنسبة للولايات المتحدة قد تكون جزءا من استراتيجية احتواء إيران دون الانجرار إلى حرب. وفـي المقابل، فإن الوضع الداخلي فـي إيران يشهد اضطرابات، والعقوبات خانقة، مما يدفعها للبحث عن منفذ لتخفـيف الضغوط الاقتصادية والسياسية، بينما تحاول الحفاظ على مكاسبها الإقليمية.
وعن الترحيب الإقليمي والعالمي بدور سلطنة عمان فـي استضافة المباحثات، قالت المجيم: «إن هذا الترحيب يمنح جهود سلطنة عمان زخما ومشروعية، ويؤكد أن العالم، رغم الانقسامات، لا يزال يثمّن الأصوات العاقلة، ويبحث عن منافذ للحوار عبر دول تجمع ولا تفرّق». وأضافت أن هذا الترحيب يعكس تقديرا كبيرا للدور العماني المتزن، ويُضفـي على وساطتها بعدا سياسيا ومعنويا مهما.
وأوضحت أن الترحيب الواسع الذي لقيته سلطنة عمان يعزز من مكانتها فـي المجتمع الدولي، حيث يُمنح غطاءً سياسيا ودبلوماسيا قويا للاستمرار فـي دورها كوسيط. كما أكدت أن البيئة الإقليمية تشهد استقطابا حادا، لكن دور سلطنة عمان المقبول من جميع الأطراف أسهم فـي كسر الثنائية التقليدية، وفتح الباب أمام حلول توافقية قائمة على الحوار، بدلا من الغلبة.
وأضافت المجيم: إن كل ترحيب بهذا الدور يُعتبر دعما لاستقرار الخليج والمنطقة الأوسع، حيث إن أي نجاح فـي التهدئة بين واشنطن وطهران سيخفف من الضغوط الأمنية والسياسية على دول الجوار، ويمنح الفرصة لتركيز الجهود على التنمية بدلا من المواجهة.
كما أكدت أن الترحيب العالمي يعكس اعترافا دوليا بأن سلطنة عمان ليست مجرد مضيف محايد، بل لاعب ذكي يُجيد إدارة الملفات الحساسة فـي أكثر القضايا تعقيدا. وذكرت أن هذا يعزز من مكانتها السياسية والدبلوماسية فـي المنظمات والمحافل الدولية، ويؤكد أن الحلول لا تأتي فقط عبر السلاح أو الاصطفافات الحادة، بل عبر الحوار والصبر والدبلوماسية.
وأشارت الدكتورة نورة إلى أن احتضان سلطنة عمان للمباحثات بين الجانبين الأمريكي والإيراني يحمل دلالات عميقة على المستوى الدولي، حيث يرى العالم فـي سلطنة عمان نموذجا للدبلوماسية الهادئة والذكية التي تؤثر فـي التوازنات العالمية. وأضافت: إن المجتمع الدولي، خاصة فـي أوروبا وآسيا، له مصلحة مباشرة فـي منع أي تصعيد عسكري بين واشنطن وطهران، لما سيترتب عليه من تهديد للممرات البحرية الحيوية، فضلا عن تأثيره على التفاهم بشأن القضايا المتراكمة مثل الملف النووي وأمن الخليج.
وأكدت المجيم أن الدور العماني فـي الوساطة بين واشنطن وطهران سيعزز النظرة العالمية إلى سلطنة عمان بشكل ملموس، ليس فقط من الناحية السياسية، بل على مستوى السمعة الدولية، والفرص الاقتصادية، والمكانة الجيوسياسية. كما قالت: «العالم بات ينظر إلى سلطنة عمان كـ«صوت عقل» فـي منطقة تموج بالتوترات والصراعات. حيادها وهدوؤها السياسي، وعدم انخراطها فـي المحاور، منحاها احتراما دوليا قلّ نظيره فـي الشرق الأوسط».
وختمت تصريحها، بأن عودة المباحثات بين الولايات المتحدة وإيران، وخاصة بوساطة سلطنة عمان، تمثل خطوة إيجابية نحو التهدئة، وتدل على وجود إرادة سياسية لدى الطرفـين لتفادي المواجهة المباشرة، ما يبعث برسالة طمأنة للعالم.
ثقة فـي الدور العماني
وقال الدكتور محمد بن مبارك العريمي كاتب وباحث فـي الشؤون السياحية: إن عودة المباحثات بين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية إيران الإسلامية فـي مسقط تُعد تطورًا استراتيجيًا وسياسيًا بالغ الأهمية، خاصة فـي ظل التوترات المتصاعدة بين طهران وواشنطن. وأضاف: إن هذه المباحثات تُعتبر كسرًا للجمود الثنائي بين الطرفـين، وأن اختيار مسقط تحديدًا لاستضافة هذه الاجتماعات يعكس ثقة متبادلة فـي الدور العماني والدبلوماسية العمانية كوسيط محايد ومؤتمن على سرية وخصوصية المحادثات.
وأشار العريمي إلى أن هذه المباحثات تأتي فـي لحظة بالغة الحساسية، حيث قد يؤدي أي انزلاق فـي المفاوضات إلى مواجهة عسكرية مدمرة، ليس فقط لإيران، بل للمنطقة بأسرها. وأضاف: إن وجود مسقط كمنصة حوار يعكس إرادة جزئية لتفادي الأسوأ، ويعكس رغبة الطرفـين فـي البحث عن حلول سياسية ودبلوماسية تراعي مصالح جميع الأطراف، خاصة إيران وأمريكا ودول المنطقة.
وأكد العريمي أن احتضان سلطنة عمان لهذه المباحثات يبعث برسالة واضحة للعالم مفادها أن الحوار لا يزال ممكنًا بين واشنطن وطهران، بالرعاية العمانية النزيهة، رغم حدة الاستقطاب الذي شهدناه فـي الفترة الأخيرة، والذي لا يزال قائمًا. كما أضاف أن هذا الدور العماني يُظهر أهمية وجود أطراف إقليمية مثل سلطنة عمان، التي تمتلك حكمة سياسية ونظرة ثاقبة، فضلا عن النفوذ الهادئ المتزن والعقلاني، مما يجعلها مؤهلة للقيام بدور جسر التواصل بين المتنازعين.
وأشار العريمي إلى أن الترحيب الواسع بالدور العماني يعكس اعترافًا دوليًا متزايدًا بنهج سلطنة عمان القائم على الحياد الإيجابي والبناء فـي منطقة تعاني من انقسامات حادة واستقطابات خطيرة. وقال: «سلطنة عمان تُظهر للعالم أنها صوت عقلاني رزين قادر على تقريب وجهات النظر، فـي وقت يحتاج فـيه العالم إلى مسارات دبلوماسية حقيقية».
وفـي سياق الحديث عن أهمية هذه المباحثات، أوضح العريمي أن نزع فتيل التوتر بين واشنطن وطهران له أهمية استراتيجية بالغة، حيث إن أي تصعيد عسكري بينهما لن يبقى محصورًا بينهما، بل سينعكس سلبًا على الأمن الإقليمي والدولي، خاصة فـي ظل الاعتماد العالمي على موارد النفط والغاز فـي دول الخليج. وأكد أن الشعوب فـي إيران ودول الجوار، وكذلك الغرب، ستدفع ثمنا باهظًا إذا نشبت حرب فـي المنطقة، وبالتالي فإن أي تقدم فـي الحوار يعني خطوات نحو الاستقرار وحماية الأرواح والموارد الطبيعية. وتابع العريمي قائلا: «من هنا، ومن خلال هذه المنطلقات، نرى الدبلوماسية العمانية حاضرة لتقديم ما يمكن تقديمه من أجل تفادي الانزلاق إلى حرب وصدام مباشر بين إيران وأمريكا».
وفـي حديثه عن الاختلافات بين المباحثات التي جرت فـي سلطنة عمان فـي عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما عام 2015 والمفاوضات الحالية تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب، قال العريمي: «الفارق بين المباحثات فـي عهد أوباما عام 2015 وما يحدث فـي عهد ترامب اليوم كبير فـي الشكل والمضمون».
وأوضح العريمي أن المباحثات فـي عام 2015 كانت جزءًا من مسار دبلوماسي منسق بدعم دولي، وأدت إلى توقيع الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية. وأضاف: إن إدارة أوباما أبدت انفتاحًا وجدية كبيرة فـي التفاوض مع حرص على إبقاء القنوات الدبلوماسية مفتوحة وسرية لضمان نجاح المسار.
أما فـي عهد ترامب، فإن الوضع كان مغايرًا تمامًا، حيث تبنت الإدارة سياسة «الضغط الأقصى» على إيران، وانسحب ترامب من الاتفاق النووي فـي عام 2018، مما أدى إلى تصعيد حاد فـي التوترات. وأشار إلى أن ترامب أبدى رغبة مبدئية فـي التفاوض، لكنه فرض شروطًا متشددة، مما جعل المباحثات فـي عهد ترامب تقتصر على محاولات لتقريب وجهات النظر، ولم تتبلور فـي مسار تفاوضي منتظم.
وأكد العريمي أن المباحثات فـي 2015 كانت مفاوضات مباشرة ومثمرة، بينما كانت محاولات التقارب فـي عهد ترامب محدودة وغير مؤسسية، وقد أجهضتها المواقف المتصلبة من الجانبين فـي تلك الفترة.
طرف موثوق
فـيما أكد الباحث والمحلل السياسي خميس القطيطي أن سلطنة عمان قد عادت مجددًا إلى الواجهة السياسية والإعلامية الدولية باستضافتها للمحادثات بين جمهورية إيران الإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية. وأشار إلى أن هذه المحادثات تأتي فـي وقت حساس، حيث شهدت الأيام التي سبقتها تصاعدًا فـي التصريحات بين الطرفـين، وتزامنت مع تحريك حاملات طائرات وقطع حربية أمريكية باتجاه مياه الخليج والشرق الأوسط، فـي محاولة للضغط على إيران بخصوص برنامجها النووي. من جانبها، كان الرد الإيراني قويا، معبرًا عن حالة الردع التي تمتلكها طهران، مؤكدًا قدرتها على حماية أمنها القومي ومصالحها وقدراتها، خاصة فـيما يتعلق ببرنامجها النووي وبرامج الصواريخ الموجهة التي تمتلكها. وأوضح القطيطي أن رفع لغة التهديد من كلا الطرفـين يُفهم بشكل جيد، حيث يدرك كل منهما خطورة تصاعد المواجهة، وأن كلا الطرفـين سيتضرر، بل إن المنطقة بالكامل ستتأثر بشدة فـي حال اشتعلت المواجهة. كما أشار إلى أن هذه التطورات قد تدفع إيران إلى تسريع برنامجها النووي بشكل تصاعدي فـي حال تصاعدت الأمور نحو التصعيد العسكري. من هنا، فإن قرار الطرفـين بإجراء محادثات فـي مسقط بوساطة عمانية يشير إلى إرادة مشتركة للبحث عن حلول سياسية ودبلوماسية، على غرار ما حدث فـي عام 2015 عندما تم توقيع الاتفاق النووي، والذي انسحبت منه الولايات المتحدة لاحقًا فـي عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وأشار القطيطي إلى أن اختيار سلطنة عمان كوسيط لهذه المفاوضات يعكس رصيدها الكبير فـي تقريب وجهات النظر بين الأطراف المختلفة فـي قضايا دولية متعددة. وأوضح أن السياسة العمانية تقوم على مبادئ إنسانية واضحة، تتمثل فـي عدم التدخل فـي شؤون الآخرين والحياد الإيجابي، وهو ما جعل عمان طرفًا موثوقًا يتمتع بمصداقية عالية فـي العلاقات الدولية. وأكد القطيطي أن عمان تجيد التعامل مع هذه اللقاءات السياسية بمزيد من الصبر والهدوء والحنكة، دون الحاجة إلى ضوضاء أو تصعيد إعلامي، ما جعلها منارة للسلام ومحطة لقاء بين الفرقاء. وأضاف أن مسقط أصبحت قبلة السلام، نظرًا لما تحمله سلطنة عمان من دور محوري فـي تعزيز الأمن والسلم الدوليين، بما يتماشى مع مبادئ الأمم المتحدة. وتابع القطيطي قائلًا: «لقد أدت سلطنة عمان دورًا محوريًا فـي تجنب المنطقة ويلات الحروب وتخفـيف حدة التوترات والصراعات، والآن تعود مجددًا إلى الساحة الدولية كعنوان للمحبة والسلام والاستقرار». وأعرب القطيطي عن أمله فـي أن تتمكن الأطراف من التوصل إلى اتفاق جديد فـي الملف النووي الإيراني، بما يسهم فـي تقليص شبح التصعيد العسكري والحد من التوترات. وأكد أن أي نجاح يُحرز فـي هذا المسار التفاوضي سيكون له انعكاسات إيجابية على العديد من القضايا الإقليمية والدولية الأخرى، خاصة فـي ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والعدوان المستمر على قطاع غزة والأزمة الإنسانية المتدهورة. وأشار إلى أن التوجه الدولي نحو الحوار يسهم فـي كبح جماح التصعيد فـي ملفات إقليمية ودولية متعددة، ويُسهم فـي تجنب الحروب المدمرة. وقال: «الحوار هو السبيل الأمثل لإعادة صياغة العلاقات الدولية، بحيث يسودها الاحترام المتبادل، ويُمكن للدول أن تستفـيد من التعاون الدولي والتبادل التجاري والانفتاح على معالجة القضايا العالمية بما يحقق تطلعات الشعوب».