آخر تحديث: 13 ماي 2024 - 10:27 صبقلم: أدهم إبراهيم بعد احتلالها العراقَ حاولت الولايات المتحدة تطبيق الديمقراطية الانتقائية على هذا البلد العريق بما يحقق مصالحها الحيوية، أكثر من رغبتها في تحقيق الديمقراطية الشاملة التي تلبي طموحات الشعب بالتمثيل النزيه، وقد حرص كاتب الدستور على تقسيم الشعب العراقي إلى مكونات شيعية وسنية وكردية.

فانقلبت الديمقراطية إلى محاصصة ابتزازية للأحزاب، مع تمثيل شكلي لهذه المكونات. وبعد مرور أكثر من عقدين على الغزو الأميركي أصبح من الواضح أن الجهود الرامية إلى جلب الديمقراطية إلى العراق قد فشلت نتيجة الانتكاسات الكبيرة التي واجهت هذه التجربة، حتى أضحت العملية الانتخابية لا تلبي إرادة الشعب الفعلية.إن البرلمان الذي صوت لرئيس الوزراء الحالي هو ليس الذي تم انتخابه؛ حيث فاز التيار الصدري بأغلبية الأصوات في عام 2021، وبعد انسحاب جميع ممثليه من البرلمان تم ملء الشواغر بأعضاء غير منتخبين من الإطار التنسيقي، وتسبب ذلك في انعدام الثقة في المؤسسات السياسية. يجري التساؤل كثيرا حول جدوى الحكم الديمقراطي في البلاد مع هذا الكم الهائل من الخروقات الدستورية والأمنية والفساد المستشري. العراق لم يصل بعد إلى ما يشير إليه علم السياسة بـ“الديمقراطية الراسخة”؛ حيث أصبح التلاعب بنتائج الانتخابات أمرا مألوفا. ولا يزال هذا الخطر قائما نظرا لانتشار الميليشيات المسلحة والأحزاب التي تستخدم العنف أو التهديد لترهيب المرشحين والناخبين. والمشكلة الأخرى تكمن في نظام المحاصصة الذي تم تبنيه عمليا، ما شجع الفساد وتقاسم الغنائم بين الكتل والأحزاب، وعمّق الاختلاف العرقي والديني على حساب الهوية الوطنية العراقية.وإذا أردنا كشف التعقيدات التي رافقت التجربة الديمقراطية نجد أن هناك عوامل عديدة ساعدت على فشل هذه التجربة في العراق لعل أهمها: أولا، الحضّ على الطائفية والانقسامات العرقية: العراق بلد متنوع من المجموعات الدينية والعرقية، يضم العرب والكرد والتركمان والآشوريين من بين آخرين، ثم جرى تقسيم العرب إلى شيعة وسنة.ولسوء الحظ كثيرا ما استغل القادة السياسيون هذا الطيف المتنوع لتعزيز أجنداتهم الخاصة، حتى أدى إلى الاستقطاب العرقي والطائفي بدلاً من تعزيز الوحدة الوطنية. ثانيا، انتشار الفساد: لا يزال الفساد يشكل تحديا كبيرا في العراق، ما يؤدي باستمرار إلى تآكل الثقة في الحكومة وإعاقة التقدم الديمقراطي.وقد تسبب الافتقار إلى الشفافية والمساءلة في إدامة ثقافة الرشوة والمحسوبية واختلاس الأموال العامة.كما ابتليت المؤسسات الحكومية بالفساد والتدخلات الحزبية. وفي غياب مؤسسات قوية لدعم سيادة القانون وحماية الحقوق الفردية، تظل الديمقراطية بعيدة المنال. ثالثا، التدخلات الخارجية: أصبح العراق ساحة معركة للقوى الإقليمية والدولية التي تتنافس على النفوذ والسيطرة على منابع الثروات.وأدت التدخلات الأجنبية إلى زعزعة استقرار البلاد وأججت التوترات الطائفية والعرقية، إضافة إلى أن الدول المجاورة قد دعمت الكتل والجماعات الوكيلة داخل العراق، وخصوصا إيران، ما أدى إلى تقويض الجهود المبذولة لبناء دولة متماسكة موحدة، وأخل بالسيادة الوطنية، وزاد من تعقيدات انتقال البلد إلى الديمقراطية. رابعا، عدم الاستقرار السياسي: واجه العراق فوضى سياسية مستمرة وأعمال عنف، نتيجة لانتشار الميليشيات الحزبية والولائية. وأصبحت الأحزاب الدينية غولا لنشر القمع والاستبداد الذي طبع المجتمع العراقي.إن العودة إلى عسكرة العراق لا تخلو من مخاطر بالنسبة إلى عدد كبير من أبناء الشعب العراقي. وهذه الظاهرة عرقلت التحول إلى الديمقراطية بسبب استمرار النزعة الاستبدادية بين النخب السياسية وانعدام الثقة في العملية الديمقراطية. وينظر العديد من العراقيين إلى الديمقراطية على أنها مرادفة للفوضى وانعدام الأمن، ما يدفع البعض للتطلع إلى استقرار الماضي، على الرغم من طبيعته الاستبدادية. خامسا، تقييد منظمات المجتمع المدني: إن تطوير مجتمع مدني نابض بالحياة ومستقل أمر أساسي لديمقراطية قوية. وقد واجه المجتمع المدني في العراق تحديات عديدة، مثل حرية التعبير المحدودة، والقيود المفروضة على وسائل الإعلام، ونقص الموارد والدعم.ويواجه ممثلوه يوميّا العنف وتدخلات الأحزاب وقوى الدولة. ويتعرض أعضاء الجمعيات والنشطاء للمراقبة والاعتقال المتكرر، وهو ما تسبب في تعذر ترجمة أعمالهم إلى ثقافة مدنية حقيقية. وقد أعاق ذلك قدرة منظمات المجتمع المدني على لعب دور فعال في تعزيز القيم الديمقراطية ومحاسبة الحكومة. سادسا، التحديات الاقتصادية: تعرض الاقتصاد العراقي لضربة شديدة بسبب إهمال الصناعة والزراعة لسنوات طويلة، ما أعاق قدرته على توفير الخدمات الأساسية والفرص للمواطنين.إن ارتفاع معدلات البطالة والفقر وعدم المساواة يؤدي إلى تغذية السخط وتوفير أرض خصبة لترسيخ الأيديولوجيات المتطرفة.وبدون معالجة المظالم الاقتصادية الأساسية للسكان، فمن غير المرجح أن تزدهر الديمقراطية في أي بلد.واليوم لم يعد العراق أكثر سلاما أو ازدهارا مما كان عليه قبل عام 2003. ومازال العراق من أكثر الدول هشاشة على وجه الأرض. وعلى الرغم من هذه التحديات لا يزال هناك أمل في الديمقراطية في العراق. ويتطلب بناء نظام ديمقراطي مستدام معالجة الأسباب الجذرية لفشله.إن فشل الديمقراطية في العراق هو فشل بنيوي للنظام السياسي وعلاقته بالمجتمع التي وصفها صموئيل هنتنغتون بالانحلال أو التفسّخ السياسي.وسيتطلب ذلك بذل جهود حقيقية للتغيير الجذري من الجهات الفاعلة المحلية والدولية لتحقيق المصالحة وتعزيز المؤسسات ومكافحة الفساد وحصر السلاح بيد الدولة. وعند ذلك فقط يمكن التغلب على مشاكل العراق وتحقيق الديمقراطية وبناء مستقبله الزاهر.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: الدیمقراطیة فی فی العراق

إقرأ أيضاً:

بالون الساسة الشيعة الكسالى: بتأسيس دويلة “شيعية”على مقاساتهم !

بقلم : د. سمير عبيد ..

ملاحظة : اتكلم هنا بكل صدق، ودون شخصنة او استهداف لشخص بعينه ، ودون عقد نفسية وسياسية.فالمدوَّن في هذه السطور هو الحقيقة المؤلمة بعينها وللأسف الشديد فتعالوا إلى التفاصيل !
أولا: عندما نقول الساسة الشيعة العراقيين الكسالى فنحن نعني ٩٠٪؜ من الساسة الشيعة الذين أحتلوا المشهد السياسي الشيعي بمظلة دينية و بطريقة الاحتكار والانانية والديكتاتورية الجمعية والتبعية للخارج منذ عام ٢٠٠٣ وحتى الساعة .والذين قدسوا الشعارات التالية :-
١- واحد تافل بفم الثاني.. ” وطمطملي وأطمطملك”. واكذب اكذب حتى يصدقك الناس!
٢- ان لم تكن معي فأنت عدوي .ويجب تحطيمك سياسيا ،واغتيالك اجتماعياً ،وتسقيطك إعلاميا.وهذا جوهر الديموقراطية السياسية الشيعية في العراق!
٣-البكاء على المظلومية زوراً، وقيادة الدولة بالشعارات والعنتريات والحيل الدينية ،وهجر الدستور وفقط استعماله عند حاجتهم اليه، وعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات جميعها والذهاب إلى المحاصصة” تقسيم الكعكة” بشرط ان لا تكون هناك معارضة في البرلمان والدولة !
وبالتالي :-
فأن عبارة “الساسة الشيعة الكسالى” هي تعبير دبلوماسي محترم جداً فيما لو تذكرنا وعديّنا مناقبهم التي تخلو من الوطنية والحميّة وحب الوطن والشعب، وإنجازاتهم السيئة والمخزية ناهيك عن فسادهم ونهبهم لثروات واصول الدولة منذ عام ٢٠٠٣ وحتى الساعة . وتمسكهم بالإقطاع السياسي والديني كنهج حكم هجين ومقيت وفاسد وفاشل !
ثانيا :-نحن نعرف والملاييين من العراقيين يعرفون ان الشيعة الذين في صدارة المشهد السياسي في العراق لا علاقة لهم بالتشيع العربي العلوي الذي يحفظ وحدة الشعوب والأوطان .وولاء الأكثرية منهم ليس للعراق لان ولاءهم طائفي مصلحي عقدي يحركه العِرق الدساس .ف ٩٠٪؜ من الساسة العراقيين الذين أحتلوا المشهد السياسي الشيعي في العراق منذ عام ٢٠٠٣ وحتى الآن لا علاقة لهم بالتشيع العلوي العربي بل هم يكرهون العروبة ويوالون تشيّع آخر يؤمن بالتصدير والتشهير والتفريق . ومن خلال ال ٢١ سنة عرف الشيعة العرب في العراق ان ٩٠٪؜ من الساسة الشيعة الذي خطفوا القرار الشيعي في العراق لا يتوفر لديهم ولاء وطني ولا حب لهذا الشعب إلا بنسبة ١٠٪؜ منهم .اما الباقين فهم بيادق شطرنج ♟️ تحركها دول وجهات خارجية واولها ايران لخدمتها مقابل ضمان بقاءهم في السلطة وضمان حصصهم ومصالحهم الشخصية والحزبية والعائلية .وبسبب ذلك تهشمت الوحدة الشيعية في العراق ثم تهشمت الوحدة العراقية . وانعدمت بل تبخرت الوحدة بين ابناء الطائفة الشيعية في العراق . وتم اغراق اجيالهم في الجهل والتخلف والخرافة والمخدرات وعبادة الأصنام وسوقهم نحن البطالة والضياع الثقافي والعلمي …. الخ . وحرمانهم من ابسط حقوقهم !
ثالثا:وعندما فشلت جميع حيلهم السياسية. وفشل مشروعهم الطائفي المقيت في العراق. وفشلت سياستهم اي سياسة إغراق شيعة العراق في الجهل والخرافة والصنمية والاستعباد وتكسير هيبة ونفسية المواطن الشيعي العراقي . وفشل مشروع توريث ابناءهم واصهارهم .وفشل مشروع تفريس شيعة العراق والسبب لان من يقرر ولازال يقرر عن الشيعة العرب العراقيين هم احفاد وجذور ( قائد الجيوش البابلية آنذاك جوبارو الذي خان فاسقط بابل لصالح الجيش الاخميني الفارسي بقيادة كورش الأكبر /فالتاريخ يعيد نفسه)وفي وقتها حاول الأخمينيون مسح العروبة والثقافة العربية وتحويل اللغة العربية إلى لغة فارسية لشعب العراق ” شعب بابل” ولكن مالذي حصل ؟ الذي حصل خرج الاخمينيون وهم يتكلمون العربية ويطبخون طبخات الشعب العراقي البابلي ( فالتاريخ يعيد نفسه ولكن بادوات اخرى ) !. وهنا لسنا بصدد العنصرية او العقدية ” فنحن نعترف ان الحضارة الفارسية ضاربة في العمق اسوة بحضارة وادي الرافدين ،وان الشعب الايراني شعب حضاري ، وهو جار تاريخي للشعب العراقي ” ولكن السياسات الإيرانية المغلفة بالدين والتشيّع زوراً في جوهرها نفس المشاريع الأخمينية والكورشية الاستعلائية الكارهة لبابل وشعب بابل ” الشعب العراقي” … الخ !
رابعا:- وعندما تعالت نغمة التغيير السياسي في العراق أخيراً والتي لها ترحيب واسع في داخل العراق بسبب طغيان وظلم وفشل الطبقة السياسية في العراق والتي تشكل رأسها الطبقة السياسية الشيعية التي تحتكم للأوامر والتعليمات الإيرانية (وموضوع التغيير السياسي القادم في العراق هو حقيقة وليس امنية ..وفي مرحلة الاعداد النهائي) لتخليص العراق من القبضة الإيرانية ومن الكولنيالية الإيرانية وتخليص العراقيين من القبضة الطائفية والإقطاعية ومن قبضة القراصنة الذين خطفوا العراق والعراقيين منذ ٢١ سنة . فكر هؤلاء الاغبياء بمشروع الاقليم الشيعي للهروب من مشروع التغيير والتشبث بالبقاء في السلطة ولكن !
خامسا : غباء الساسة الشيعة في العراق !
١- الحاقاً ب” رابعاً” فبدلا من النزول من بروجهم العاجية اي الساسة الشيعة وحلفاءهم ، ومحاولة الاعتذار للشعب العراقي عن اخطائهم وعن فسادهم وعن ظلمهم وعن تدميرهم للعراق وللوحدة الشيعية ، وتغيير تعاطيهم مع الناس و إلمجتمع ، والاعتراف بالفشل والذنوب والفساد وتخريب وتدمير الدولة والمجتمع . راحوا يكرسون سطوتهم ونقمتهم ويستعدون لنفس طريقة وقانون الانتخابات بغاية إنتاجهم من جديد ولسنوات قادمة ( فيا للعزلة التي هم فيها عن العالم، ويا للغباء السياسي المستفحل )!
٢- وآخر صيحة او بالون ويبدو أمرتهم به مرضعتهم إيران وهو ( إعلان الاقليم الشيعي في العراق ) وهو ذنب عظيم أضافوه لذنوبهم الكبيرة في آخر ايامهم . ويتوقعون ان الشيعة العرب في العراق سوف يهرولون لمباركة هذا المشروع الطائفي البغيض الذي يريد ذبح العراق وذبح المجتمع وذبح اللحمة الوطنية والاندماج مع إيران فيما بعد ( فكم ظلمة هؤلاء، وكم فيهم من الحقد على العراق وعلى العراقيين وعلى الشيعة العرب العراقيين وعلى وحدة العراق ووحدة العراقيين …ودون خجل يُذكر يحملون معاولهم لتدمير وحدة العراق والعراقيين. وكم في نفوسهم وعقولهم عشق للسلطة أنساهم مافعلوه بالشيعة وبالعراقيين ! ) …
٣- يريدون تأسيس اقليم شيعي ( دويلة شيعية ) على مقاساتهم ومقاسات جمهورهم الضئيل المعزول وهم قادتها وصراكيلها وناهبيها لكي يُهجّرون فيما بعد “الشيعة العرب العراقيين” من هذا الاقليم الشيعي المزعوم ويستقدمون بدلا عنهم الإيرانيين و الباكستانيين وسكان هيرات الافغانية وغيرهم ليكونوا مواطنين في الاقليم الشيعي المزعوم …خسئتم أنتم ومن وراءكم . وان هذا المشروع البغيض ازاد في ذنوبكم امام الشعب العراقي ولن ينجيكم من مشروع التغيير القادم باذن الله والذي ستفتح بعله ملفات محاسبتكم جميعا عن الفساد والطغيان والانتهاك والازمات والخراب ونزيف الدم ،ومحاسبة جميع حلفائكم باثر رجعي وفي ميادين القضاء والمحاكم الخاصة !
الخلاصة :-سيعود للعراق شامخاً قوياً وتقودهُ رجالات دولة من الطراز الاول ، وليس رجالات خراعة خضرة ولاءهم للخارج خانعين متنازلين عن حقوق العراق والشعب لوثوا تراب وسمعة وتاريخ العراق وشيعة العراق . وطوبى للوطنيين والأحرار من شيعة العراق وان وحدة العراق وعروبة العراق بشواربهم. وطوبى للعراقيين الاحرار جميعا بثباتهم على وحدة وطنهم ومجتمعهم !
سمير عبيد
١٨ اذار ٢٠٢٥

سمير عبيد

مقالات مشابهة

  • ‏ضمن البرنامج الحكومي وتوجيهات نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط .. شركة تعبئة وخدمات الغاز : ارتفاع أعداد المركبات التي تعمل بوقود الغاز
  • المال العراقي بين الفساد والتهريب.. البرلمان يتحرك لكشف المستور
  • العراق يدين القصف الإسرائيلي على غزة
  • النزاهة: زعماء الإطار وفصائل الحشد والأحزاب المتنفذة غير مشمولين في مكافحة الفساد
  • العراق يدرس عقبات استرداد الأموال وتسليم المطلوبين
  • بالون الساسة الشيعة الكسالى: بتأسيس دويلة “شيعية”على مقاساتهم !
  • العراق والـ(UNDP) يؤكدان أهمية الإفادة من التحول الرقمي في التحقيق بقضايا الفساد وملاحقة مرتكبيه
  • توجه العراق نحو الليبرالية الجديدة - السيطرة على المواطن
  • ما الذي قاله وزير الدفاع الأمريكي لرئيس الوزراء العراقي خلال اتصال بينهما؟
  • الخميس المقبل ..مباراة المنتخب العراقي ونظيره الياباني في كرة القدم الشاطئية