السودان: بعد المعارك الأخيرة كيف يعيش سكان مدينة أم روابة؟
تاريخ النشر: 13th, May 2024 GMT
بحسب مصادر «التغيير» فإن الحياة داخل المدينة منذ معارك السابع من مايو الجاري شبه متوقفة حيث باتت مثل سجن كبير لسكانها بسبب سيطرة قوات الدعم السريع عليها.
الأبيض: التغيير
تعيش مدينة أم روابة الواقعة بولاية شمال كردفان وسط السودان أوضاعا إنسانية سيئة للغاية عقب المعارك الأخيرة التي كانت قد دارت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع خلال الأسبوع الماضي.
وقالت مصادر لـ «التغيير» إن الحياة داخل المدينة منذ معارك السابع من مايو الجاري شبه متوقفة حيث باتت مثل سجن كبير لسكانها بسبب سيطرة قوات الدعم السريع عليها.
وأضافت المصادر أن سوق المدينة توقف بشكل كامل إلى جانب توقف المواصلات الداخلية والخارجية بين القرى والمدن المؤدية من وإلى المدينة.
وذكرت المصادر أن قوات الدعم السريع ما زالت تعمل على ترويع المدنيين عبر إطلاق الرصاص ليلا إلى جانب حملات الاعتقالات العشوائية واقتحامها لمنازل المواطنين داخل أحياء المدينة.
وقال مواطنون إن المدينة تعاني من شح في المواد الغذائية إلى جانب توقف الكثير من المخابز عن العمل بسبب أعمال النهب المتكررة إلى جانب انتهاء مخزون الدقيق في بعض المخابز.
وذكر شهود عيان لـ «التغيير» أن المواطنين ظلوا يعتمدون على متاجر الأحياء التي تتعرض لأعمال الابتزاز من قبل قوات الدعم السريع عبر أخذ أموالهم.
وكانت قد انقطعت خدمات شركة زين للاتصالات بالمدينة إلى جانب عمل خدمات شركة سوداني بصورة ضعيفة منذ معارك السابع من مايو الجاري.
وفي المقابل اندلع حريق مساء أمس داخل محطة كهرباء أم روابة التحويلية وبحسب مصادر « التغيير» لم تتأثر المحولات بالحريق سواء الكيبولات الخارجية للمحطة.
وتبلغ مساحة مدينة أم روابة حوالي 24 ألف و610 كيلومتر مربع وتحدها من الجنوب مدينتي رشاد والدلنج ومن الشمال الغربي مدينتي الأبيض وبارا ومن الغرب مدينة الرهد.
وبعد شهور من القتال الدائر في البلاد كانت قد شهدت المدينة وما حولها معارك طاحنة دارت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي فرضت سيطرتها عليها مؤخرا.
ومنذ أغسطس من العام الماضي ظلت قوات الدعم السريع تفرض السيطرة الكاملة على المدينة وما حولها من قرى ومناطق أخرى.
الوسومآثار الحرب في السودان أم روابة حرب الجيش والدعم السريع ولاية شمال كردفانالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان أم روابة حرب الجيش والدعم السريع ولاية شمال كردفان قوات الدعم السریع أم روابة إلى جانب
إقرأ أيضاً:
تعرف على خيارات قوات الدعم السريع بعد خسارتها وسط السودان؟
منذ تحوله من الدفاع إلى الهجوم قبل 6 أشهر، استمر الجيش السوداني في تقدم ميداني على حساب قوات الدعم السريع واستعاد السيطرة على وسط البلاد وجنوبها الشرقي واقترب من تحرير الخرطوم.
ويتوقع مراقبون تركيز قيادة الدعم السريع على إقليمي دارفور وكردفان لضمان وجودها العسكري والسياسي في أي تسوية محتملة، واستمرار الدعم من قوى إقليمية وتجنب الانهيار.
ومنذ الأيام الأولى لاندلاع الحرب، في منتصف أبريل/نيسان 2023، ظلت قوات الدعم السريع تسيطر على غالب ولاية الخرطوم، قبل أن تتمدد في 4 من ولايات دارفور الخمس، وولايتي الجزيرة وسنار ومواقع في ولاية النيل الأزرق وشمال ولاية النيل الأبيض.
هجوم شامل
وظل الجيش، نحو 17 شهرا، في حالة دفاع عن مواقعه العسكرية الرئيسية، وتدريب قوات جديدة واستنفار المتطوعين والحصول على أسلحة نوعية بعد تعزير علاقاته مع قوى إقليمية ودولية، مما مكنه من إعادة بناء قدراته العسكرية.
ومند 26 سبتمبر/أيلول الماضي، تحول الجيش من الدفاع إلى الهجوم الشامل، وأطلق عملية الجسور بعبوره جسور النيل الأبيض والفتيحاب والحلفاية التي تربط أم درمان مع الخرطوم والخرطوم بحري، واستعاد السيطرة على مواقع إستراتيجية في العاصمة.
وكانت معركة جبل موية في ولاية سنار، التي حولته قوات الدعم السريع إلى قاعدة لوجيستية، نقطة تحول للجيش وفتحت الباب أمام إعادة السيطرة على ولايتي الجزيرة وسنار، وأطراف ولاية النيل الأزرق، ثم شمال النيل الأبيض.
وفي ولاية الخرطوم خسرت الدعم السريع مصفاة الجيلي لتكرير النفط التي تحيط بها مقار عسكرية مهمة، وتبع ذلك تقهقرها من محليتي الخرطوم بحري وشرق النيل وغالب جسور العاصمة العشرة، وقبلها محلية أم درمان ومعظم محلية أم بدة.
ونقل الجيش عملياته مؤخرا من الشرق إلى غرب النيل ونزع قوات الدعم السريع من القصر الجمهوري ومجمع الوزارات والمؤسسات والمصارف، والسوق العربي أكبر أسواق العاصمة وأعرقها، ومنطقة الخرطوم المركزية بوسط العاصمة ومنطقة مقرن النيلين وجزيرة توتي.
وفي غرب وسط البلاد، استعاد الجيش السيطرة على مدينتي أم روابة والرهد بولاية شمال كردفان، وفك الحصار عن الأبيض حاضرة الولاية، ويزحف لتحرير شمالها الذي لا تزال تنتشر فيه قوات الدعم السريع.
خسائر فادحة
وبإقليم دارفور صمد الجيش، والقوات المشتركة للحركات المسلحة التي تقاتل إلى جانبه، أمام أكثر من 180 هجوما لقوات الدعم السريع على الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وكبدها خسائر فادحة في محور الصحراء ودمر قاعدة الزرق الإستراتيجية، وضيق الخناق على الإمداد العسكري الذي يعبر عبر الأراضي الليبية.
وكشفت مصادر عسكرية للجزيرة نت أن هذه القوات باتت على قناعة بأنها فقدت ولاية الخرطوم ولم يعد لديها ما تدافع عنه، لكنها تحاول تأخير سيطرة الجيش على ما تبقى من العاصمة لتقديرها أن القوات الكبيرة في وسط البلاد والخرطوم ستتفرغ للزحف غربا نحو إقليمي كردفان ودارفور لطردها من المواقع التي تنتشر فيها.
وقالت المصادر، التي طلبت عدم الإفصاح عن هويتها، إن قوات الدعم السريع كانت تخطط لإعلان الحكومة الموازية من داخل القصر الجمهوري، وبعث قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي" أحد مستشاريه مع مجموعة أخرى لهذا الغرض وظل يحرض قواته على القتال عن القصر ومنطقة المقرن بغرب الخرطوم في خطابه الأخير قبل 5 أيام من خسارته القصر.
وحسب المصادر ذاتها، فإن قيادة الدعم السريع تسعى إلى الدفاع عن مناطق سيطرتها في ولايات دارفور من خارج الإقليم عبر تعزيز وجودها العسكري في ولايتي غرب كردفان وشمالها، وتفعيل تحالفها مع قائد الحركة الشعبية -شمال عبد العزيز الحلو في جنوب كردفان، والسعي لإحداث فرقعة إعلامية عبر هجمات انتحارية في شمال البلاد انطلاقا من شمال دارفور.
من جانبه، قال فولكر بيرتس، المبعوث الأممي السابق إلى السودان، إن النجاحات العسكرية الأخيرة التي حققها الجيش السوداني سوف "ترغم قوات الدعم السريع على الانسحاب إلى معقلها في إقليم دارفور غرب البلاد". وأوضح في تصريح لوكالة أسوشيتد برس "لقد حقق الجيش نصرا مهما وكبيرا في الخرطوم، عسكريا وسياسيا، وسيقوم قريبا بتطهير العاصمة والمناطق المحيطة بها من الدعم السريع".
ولكن التقدم لا يعني نهاية الحرب حيث تسيطر هذه القوات على أراض في منطقة دارفور الغربية وأماكن أخرى.
وأضاف بيرتس "ستقتصر قوات الدعم السريع إلى حد كبير على دارفور. سنعود إلى أوائل العقد الأول من القرن الـ21″، في إشارة إلى الصراع بين الجماعات المتمردة وحكومة الخرطوم، في عهد الرئيس السابق عمر البشير.
كرّ وفرّ
بدوره، يرجح الباحث والخبير العسكري سالم عبد الله أن فقدان قوات الدعم السريع وسط السودان، سيدفعها إلى الاستماتة في الدفاع عن مواقعها في ولايات كردفان ودارفور لضمان بقائها في المشهد السياسي والعسكري، وخلق استقرار في مناطق سيطرتها لتشكيل حكومة موازية مع حلفائها الجدد يتيح لها تقديم نفسها في صورة جديدة بعد ما ارتكبته من انتهاكات في ولايات وسط البلاد.
ووفقا لحديث الخبير للجزيرة نت، فإن معلومات تفيد بأن هذه القوات "استقدمت خلال الأسابيع الماضية مقاتلين تابعين لها كانوا في اليمن وليبيا ومرتزقة جددا للزج بهم في الحرب للسيطرة على الفاشر".
وبرأيه، فإن الدعم السريع تسعى بهذه الخطوة إلى ضخ روح جديدة بعد تدمير قوتها الصلبة خلال معارك ولاية الخرطوم، وضمان استمرار الدعم العسكري الخارجي، وتجنيب قيادتها تحميلها مسؤولية أخطاء الفترة السابقة، و"دائما يدفع القادة ثمنا غاليا وربما يفقدون حياتهم في حال خسروا الحروب".
من جهته، يقول مسؤول في المكتب الإعلامي لقوات الدعم السريع للجزيرة نت إن "الحرب كر وفر، وإنهم خسروا معارك ولم يخسروا الحرب".
ويوضح المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أنهم لا يزالون يحتفظون بمكاسب عسكرية في وسط السودان وغربه وستكون هناك مفاجآت خلال الفترة المقبلة.