دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يمثّل كل من الاحتفاء بجمال ثقافة السود والاحتجاج على "التدهور البيئي" من أجل مستقبل نظيف خال من النفايات، رؤية النّحات النيجيري والفنان البصري الحائز على جوائز، دوتون بوبولا.

وقد صنع بوبولا مكانةً لنفسه من خلال تطويع الخردة المعدنية وتحويلها إلى منحوتات ملوّنة للحيوانات والأشخاص، لمعالجة قضايا تشمل إدارة النفايات وأهمية إعادة التدوير.

على عكس أعمال العديد من فناني الخردة المعدنية الآخرين، تتميز منحوتات بوبولا باستخدامها الحيوي للألوان.Credit: DOTUN POPOOLA STUDIOS

وقال بوبولا لـ CNN إن "فني متجذّر في استخدام المواد المهملة مثل خزانات الدراجات النارية، ووسادات الفرامل، ودعامات السيارات، والمسامير، والصواميل، وأجزاء المولدات الكهربائية، وكلها ترمز إلى العلامات الواضحة لتدهور البنية التحتية في نيجيريا".

الفنان النيجيري دوتون بوبولا يصنع منحوتات متعددة الألوان من الخردةCredit: Dotun Popoola Studios

وتتمثل أحدث منحوتة لبوبولا في قطعة يبلغ طولها 12 قدمًا ووزنها حوالي 400 كيلوغرام تصوّر رأس ورقبة امرأة إفريقية مزخرفة، مستوحاة من زوجته. أطلق عليها اسم "Irinkemi Asake"، وتُترجم إلى "المعادن عززت حياتي" بلغة اليوروبا - وعرضت مؤخرًا كجزء من مهرجان Artmiabo الدولي للفنون في مدينة لاغوس.

ويتكون التمثال من أكثر من 4 آلاف قطعة معدنية صغيرة على شكل فراشة، مقطّعة يدويًا، وهو مصنوع من المعدن المهمل، والأنابيب المجلفنة، وقطع غيار السيارات، والفولاذ المقاوم للصدأ، والحديد المطاوع، ومغطى بطبقة نهائية مضادة للصدأ.

وقال بوبولا عن القطعة التي بدأ العمل عليها في عام 2022: "يستعرض العمل جمال النساء السود في جميع أنحاء العالم".

يشير دوتون بوبولا إلى أن المنحوتة مستوحاة من زوجته أديولا، التي تظهر في الصورةCredit: Dotun Popoola Studios.

وأشار بوبولا إلى أنه "للوهلة الأولى، سترى منحنياتها، وجمالها الخام، وقوتها الفطريّة. ولكنه (التمثال) يجسّد أيضًا الألم الذي مرت به النساء السود. وتحكي كل قطعة من القصاصات والفراشات المجزأة قصة كفاح المرأة، وانتصاراتها، والصعوبات التي تحمّلتها، والحواجز التي تغلبت عليها".

وخلال أقل من 24 ساعة من الكشف عن التمثال على منصة "إنستغرام" في وقت سابق من هذا العام، حصل بوبولا على أكثر من 50 ألف متابع من جميع أنحاء العالم.

وقال: "لقد تلقيت رسالة جميلة من نعومي كامبل. حجم الدعم الذي أبدته النساء في جميع أنحاء العالم جعلني أذرف دموع الفرح في الاستوديو الخاص بي. كنت أعلم أنني قد فهمت الأمر بشكل صحيح".

الفنان النيجيري يجلس إلى جانب منحوتته التي تتخذ شكل كبشCredit: DOTUN POPOOLA STUDIOS

وفي يوم الكشف عن المنحوتة، تلقى بوبولا رسالة من تيرا دوفيرناي، وهي نائب مدير متحف التراث في مدينة مونتغومري بولاية ألاباما. وييختص المتحف بسرد قصة العبودية في أمريكا وإرثها.

وقال بوبولا: "أخبرتني تيرا عن مدى حبها لهذا التمثال وأرادت أن تعرف كيف يمكنها نقله إلى متحفها في ألاباما".

غالبًا ما تكون منحوتات بوبولا لحيوانات، مثل منحوتة الحصان في الصورة التي عرضها خلال فعاليات معرض إكسبو 2020 دبي في عام 2021.Credit: DOTUN POPOOLA STUDIOS

وقد عرض بوبولا أعماله الفنية في دبي، وقطر، والهند وجميع أنحاء العالم، ولكن لم يسبق له أن عرض أي منها داخل متحف. 

وأضاف: "قلت لنفسي إن الأمر لا يتعلق بكسب المال، بل يتعلق بحقيقة أن التمثال سيذهب إلى أفضل مكان ممكن".

وسيتم نقل التمثال إلى المتحف بالتزامن مع حفل يوم الحرية، أو كما يُعرف باسم Juneteenth، وسيكشف النقاب عنه في متنزه Freedom Monument Sculpture Park الذي تبلغ مساحته 17 فدانًا كاحتفال بشجاعة السود وصمودهم.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: عبودية لاغوس أنحاء العالم

إقرأ أيضاً:

عبد الله مشنون يكتب..إستفحال مظاهر العنصرية في الجزائر ضد ذوي البشرة السمراء

عبد الله مشنون
كاتب صحفي مقيم بايطاليا

تُعاني الجزائر من تفشٍّ واضح للعنصرية ضد ذوي البشرة السمراء، سواء كانوا من أبناء الجنوب الجزائري أو من المهاجرين الأفارقة. رغم الخطاب الرسمي الذي يُنادي بالمساواة ومناهضة التمييز، إلا أن الواقع يُظهر أن هذه الفئة ما زالت تواجه العديد من مظاهر الإقصاء، سواء في الحياة السياسية أو الاجتماعية، مما يطرح تساؤلات حول الأسباب العميقة لهذه الظاهرة وتأثيراتها على تماسك المجتمع الجزائري.

في المؤسسات الرسمية، لا يزال حضور الجزائريين ذوي البشرة السمراء في المناصب العليا محدودًا. فرغم تعيين شخصيات بارزة من هذه الفئة، مثل عبد القادر مساهل ونور الدين بدوي، إلا أن ذلك يبقى استثناءً وليس القاعدة. كما أثار تعيين حسن دردوري ردود فعل عنصرية، ليس بسبب مؤهلاته، ولكن بسبب لون بشرته، ما يعكس استمرار النظرة الدونية تجاه أبناء الجنوب. أما في المؤسسة العسكرية، التي تُعد من أكثر المؤسسات نفوذًا في البلاد، فيندر أن نجد تمثيلًا لهذه الفئة، مما يعمق الشعور بالتهميش لدى الجزائريين السود ويؤكد أن الفرص ليست متساوية للجميع.

إلى جانب الإقصاء السياسي والمؤسسي، يواجه أبناء الجنوب الجزائري مظاهر تمييز صارخة عند انتقالهم إلى مدن الشمال. كثيرون يعانون من مضايقات يومية، وأحيانًا إساءات لفظية بسبب لون بشرتهم ولهجتهم المختلفة. حتى في الجامعات، طُلب من بعض الطلاب القادمين من الجنوب الخضوع لفحوصات طبية قبل استلامهم غرفهم في الإقامات الجامعية، في إجراء لم يُفرض على غيرهم، وهو ما يعكس وجود تمييز مؤسساتي قائم على أساس العرق والانتماء الجغرافي. هذه الممارسات جعلت الكثير من أبناء الجنوب يترددون في الاستقرار في الشمال، خوفًا من مواجهة معاملة غير عادلة أو شعور دائم بالغربة داخل وطنهم.

في الإعلام، لا يختلف الوضع كثيرًا، حيث يبدو أن الوجوه ذات البشرة السمراء غائبة إلى حد كبير عن البرامج التلفزيونية، وكأنها لا تمثل جزءًا من الهوية الجزائرية. حادثة عارضة الأزياء والمؤثرة الجزائرية بركة مزراية تُجسد هذا التهميش، حيث تعرضت لتعليقات عنصرية مؤلمة جعلتها تبكي بحرقة، ما كشف عن حجم التنمر الذي يواجهه الجزائريون السود في الفضاء العام. غياب التمثيل العادل في وسائل الإعلام يعزز الصورة النمطية السلبية عن هذه الفئة، ويُكرّس فكرة أنها ليست جزءًا من النسيج الوطني، رغم أنها من أقدم المكونات السكانية في الجزائر.

العنصرية لم تقتصر على أبناء الجنوب، بل امتدت أيضًا إلى المهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء، الذين يُنظر إليهم أحيانًا على أنهم عبء أو تهديد ديموغرافي. كثير منهم يعملون في ظروف صعبة دون أي حماية قانونية، ويواجهون رفضًا اجتماعيًا واضحًا. في بعض الحالات، تعرض هؤلاء المهاجرون لاعتداءات عنيفة وحوادث قتل وخطاب كراهية متصاعد، دون أن يكون هناك رد فعل رسمي حازم لحمايتهم أو الحد من هذه الظاهرة.

حتى في الخارج، حمل بعض الجزائريين معهم هذه النزعات العنصرية، كما ظهر مؤخرًا في حادثة جزائرية في باريس قامت بتصوير الجناح المغربي في معرض الفلاحة، ووصفت المشاركين فيه بأنهم “مجموعة من السود”، في مشهد يعكس كيف تسربت هذه العقلية إلى بعض فئات المجتمع الجزائري حتى خارج حدوده. هذه التصرفات لا تسيء فقط إلى صورة الجزائر على المستوى الدولي، بل تعكس مشكلة عميقة تتعلق بالهوية والتقبل الاجتماعي.

على الجانب الآخر، يبدو أن المغرب الجار يقدّم نموذجًا أكثر انفتاحًا وتسامحًا فيما يتعلق بالتنوع العرقي. لا تشهد المملكة نفس الحدة من الممارسات العنصرية، حيث تتعامل الثقافة المغربية بشكل أكثر طبيعية مع التنوع العرقي واللغوي. هذا الاختلاف لا يعود إلى عوامل اقتصادية أو جغرافية، بل إلى سياسات اجتماعية وثقافية عززت التعددية والتعايش بشكل أكثر فاعلية.

تاريخيًا، تعود جذور العنصرية في الجزائر إلى الحقبة الاستعمارية، حيث سعى المستعمر الفرنسي إلى تطبيق نموذج فصل عنصري يشبه ما حدث في جنوب أفريقيا. رغم الاستقلال، لم تختف هذه الذهنية بالكامل، بل استمرت في بعض مؤسسات الدولة والمجتمع، مما جعل التمييز العرقي أمرًا شائعًا وإن كان غير مُعلن بشكل رسمي. والمفارقة أن النظام الجزائري، الذي يدّعي الدفاع عن حقوق سكان جنوب المغرب، لم يُبدِ نفس الحرص تجاه سكان جنوب الجزائر أنفسهم، الذين يعانون من الإقصاء والتهميش المستمر. هذا التناقض يثير تساؤلات جدية حول مدى مصداقية الشعارات التي يرفعها النظام في قضايا حقوق الإنسان.

إن تفشي العنصرية في الجزائر يُشكل تحديًا كبيرًا أمام تحقيق مجتمع أكثر عدالة وانسجامًا. معالجة هذه الظاهرة تتطلب وعيًا جماعيًا، وإصلاحات قانونية تضمن المساواة الفعلية بين جميع المواطنين، وتجريم التمييز بكل أشكاله. من دون هذه الخطوات، ستبقى الفجوة قائمة، وسيستمر الجزائريون السود في مواجهة عراقيل غير مبررة داخل وطنهم، في تناقض صارخ مع المبادئ التي قامت عليها الثورة الجزائرية، والتي كان أحد أهدافها القضاء على كل أشكال الظلم والتمييز.

مقالات مشابهة

  • ترامب يكشف عن المواضيع التي سيناقشها مع بوتين
  • إشارة مرور.. تعرف على إجراءات الحصول على لوحة معدنية جديدة لتجنب سحبها بالطرق
  • كاتب أميركي: ترامب يقوض الديمقراطية محليا ودوليا
  • الإدارة الأمريكية تتوعد بإستهداف السفن الإيرانية التي تحاول تقديم الدعم للحوثيين
  • شتاء ظفار.. موسم سياحي يجذب الزوار من أنحاء العالم
  • عبد الله مشنون يكتب..إستفحال مظاهر العنصرية في الجزائر ضد ذوي البشرة السمراء
  • السودانية “أميرة النساء”
  • تركيا الأولى عالميا ضمن الدول التي يصعب فيها امتلاك منزل!
  • قبل العيد .. 3 طرق طبيعية لتفتيج البشرة
  • قلمة: رفض التوطين لا يعني استهداف أصحاب البشرة السمراء